صفحة الكاتب : علي البحراني

مصر الانتصار
علي البحراني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لثمانية عشر يوما تسمر العالم أجمع والعربي بالخصوص أمام شاشات التلفزة، مراقبين شباب مصر يعيشون زحمة الحشود في ميدان الحرية والانتصار في قاهرة المعز، بين التفاؤل والأمل وبين البقاء على الاحباط والتشاؤم. لكني كنت عكس التيار العام الذي كان غير متفائل بما يحدث. ففي بيئة يملؤها الاحباط كنت كلما تصرف النظام المصري البائد تصرفا أهوج أحمق، ازداد التفاؤل لدي، وايقنت أن هذا الحمق هو الشاحذ لهمم الشباب الواعي، كما كنت وجلا جدا أن يكون النظام عاقلا يلبي بعض المطالب بنعومة، ليستوعب الثورة ويخمدها، لكن الحمق كان عاملا مساعدا لتجديد جذوة التحشيد والاصرار على المضي قدما نحو تحقيق الأهداف المرجوة. 

ومع كل خطاب عنجهي متغطرس ينم عن عقلية الاستكبار والسلطة الفاسدة، كان يدب في نفسي اليقين بحماس الشباب وإصرارهم. عشنا لحظة بلحظة ميدان التحرير، نبكي معهم ونفرح لفرحهم، نصفق معهم ونرفع أيدينا هاتفين بسقوط النظام، مع كل تلك الملايين من الأيدي التي رفعت بالهتاف، كانت طفلتي ذات الست سنوات تهتف بشكل تلقائي (ارحل يعني امشي يمكن ما بيفهمشي)، (الشعب يريد اسقاط النظام)، وكانت تسألني بشكل يومي اسئلة استوعبت منها، أن الشباب المصري الثائر حتما قد سألها في صغره، مثل لماذا يريدون اسقاط الحاكم؟ لماذا هم غاضبون منه؟ هل هو فقير مثلهم؟ لماذا سرقهم؟ وماذا سرق منهم؟ لماذا لا يريد الرحيل عنهم؟ وعندما ترى صورة رئيسهم تقول: هل هذا هو الشرير الذي يريد أن يقتلهم؟ اي ثقافة عاشها اطفالنا في هذه المرحلة منذ ثورة تونس، وحتى انتصار شباب مصر الأبي. وهل رسخت في اذهانهم ثقافة نبذ الظلم والاستبداد والاستكبار؟ وهل نما عندهم حس الإباء والحرية والنصر والإرادة والصمود؟ هذا ما يخص الأطفال، فكيف بما يخص الشباب؟ علينا جميعا لحفظ أوطاننا في بقاع العالم أن نستوعب هؤلاء الشباب بتحقيق آمالهم في عيش كريم معز، علينا أن نعي جيدا أن حالة القبلية والطائفية والمناطقية هي مفاهيم لا يعيها الجيل الصاعد ولا يحبها ولا يستسيغها، لأنه يقرأ من التويتر ويتابع الفيس بوك ويستقبل في بريده الإلكتروني كما هائلا من المعلومات والأخبار، التي تنمي ثقافته بعيدا عن رقابتنا وبعيدا عما نعتقد اننا مسيطرون عليه. 
لقد أثبتت تجربتا تونس ومصر أن حالة التهديد بالقمع والتعذيب لم تعد لغة تؤثر على مفاهيم التوق للحرية وانتزاع الحقوق. فهل تتسابق الحكومات العربية لتحقيق النظم التي تكفل كرامتهم، وما تتوق إليه انفسهم من عيش كما يحلمون به، وفق دساتير ديمقراطية تحقق طموح جيل، يرى أن حياته ضمن الأنظمة الحالية، عليه فرض تغييرها. هذا ما انبأت عنه أحداث تونس ومصر وما ستنبئ عنه الأحداث في المستقبل! 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي البحراني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/14



كتابة تعليق لموضوع : مصر الانتصار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net