صفحة الكاتب : د . مسلم بديري

سُورةُ الطًّف ... نصٌ مسرحي
د . مسلم بديري

  من المسرح الحسيني الحديث                            

  قالت و قد رسم الدمع على تضاريس وجهها أروع ابتسامة  :
                      
                          إنهم  كالعنقاء
                                  يُقتلون 
                                        ُيحرقون 
                                     ولكنهم  لن
                                   يكونوا
                                     رمادا
 
على سبيل المحبة 
الحسين قضية الكون الاولى , تلك القضية الممتدة على امتداد افق الزمان , قبل وبعد ولادته أو وفاته , انه لم يمت وهذا هو حال الثوار لذا فهو اليوم بيننا ولسنا سوى مجاميع مبحرة في سماء وفي اللا سماء وهو المقال لكل مقام, لذا فحين نفكر في تناول قضية الحسين بعمل أدبي فني علينا ان نأخذ بعين الاعتبار , الابعاد  التاريخية للحدث الجلل فنحن نريد الحسين بيننا في فعلنا وقولنا وصمتنا في حركتنا وسكنتنا , ومن هذا المنحى يكون التجريب والاسقاطات المعاصرة  على تلك القضية  شيئا بالغ الاهمية , 
وعلى سبيل الاقتراح :
- الإضاءة وانعكاسات الضوء وتدرجات الظل شيء بالغ الاهمية في هذا النص, وقد تمت الاشارة لبعض المفاصل المهمة بالنسبة لها ,فيما عدا ذلك فما تبقى فللمخرج حرية الاختيار ..
- للمخرج حرية اختيار موسيقى العمل بشكل عام حسب رؤيته الخاصة وقراءته للنص الا فيما وردت الاشارة له من موسيقى ضمن النص
- الايقاع الحركي المتباطئ تارة والتصاعدي تارة أخرى ولغة الجسد عنصر يجب الانتباه له في اضفاء الانفعالات والاختلاجات التي وردت في النص , ومما الى ذلك من حركات ايمائية وبانتو مايم تعبيري  ,
- الشاشة الخلفية للمسرح تكون معدة لعرض المواد الفيديوية  والصور التي أُشير لها في سياق النص , تكون الشاشة كبيرة في عمق المسرح 
                                                       ومن الله التوفيق 
 
                                      الشخصيات حسب الظهور
1- المخرج  ( مخرج مسرحي وصحفي)
2- المرأة     ( أخت المخرج الصحفي )
3- الرجل العليل( شخصية صامتة     )
4- الابن       ( ابن اخت المخرج    )
5- صوت المذياع
6- الشاب        ( البشير من الابن    )
7- الحسين بن علي (ع)
8- آدم 
9- الملقّن المسرحي ( يزيد بن معاوية)
10- الكاهن
11- الفارس
 
الفصل الأول 
((المشهد الأول))
المنظر : في فناء منزلٍ متواضع جدا , حيث تبدو ملامح الفقر جلّية , فالمنزل رطبٌ وباردٌ, الجدران شبه عارية إلا من بقع الرطوبة التي تشكل اشكالا مختلفة تبدو للناظر أنها ذات مغزى فمن ينظر اليها يبدو وكأنه ينظر إلى رموز تنتمي لعصور مختلفة , وعلى تلك الجدران تُرسم لوحات تمثل التعاقب الزمني الذي مرّ على هذا المنزل ,
وكما توجد ساعة كبيرة وظاهرة تتحرك أميالها بلا ترتيب ..
ويوجد في الركن الأيمن من المسرح مكتب متواضع تتناثر فوقه مجموعة أوراق على غير ترتيب وخلفه كرسي موضوع بالوضعية المقلوبة , 
 وفي أرضية الفناء : صرر  ملابس , صور قديمة مكسرة الأطر , ملابس عسكرية , زهور ذابلة, سيوف مكسرة , بنادق خربة  ..
حين تُفتَح الستارة :
 ظلام تام يسبح في المسرح , بقعة ضوء دائرية تتسع "تدريجيا" يتغير لون البقعة تدريجيا إلى ثلاثة ألوان هي : الأبيض , تدريج من الأسود مع قليل من الأحمر , ثم الأخضر  على الترتيب كومضات سريعة , تكبر البقعة الضوئية وهي تجوب المسرح كمن يبحث عن شيء, ثم تستقر على رجلٍ مُسن يجلس القرفصاء , هزيل , بلا شعر يغطي رأسه , تبدو عليه علامات المرض , وحالما تسقط عليه بقعة الضوء يبدأ بحركات عشوائية مضطربة كمن يعاني , ثم يتمدد على الأرض ويبدأ بالتكور ببطء , – ومع موسيقى حالمة – يبدأ بالانبساط التدريجي البطيء , ثم يتحرك حركات انسيابية وبمرونة عالية كحركات الجنين حين يولد , ثم يجلس مرة أخرى –ومع صوت طلقات نارية -  تستحيل مرونته الى تيبس تام , - ومع صوت صهيل خيول وصليل سيوف – تأخذه حركات لنوبة الصرع المعروفة , حيث يبدأ جسمه بالتقلص والرجفان واهتزاز عنيف ينتاب جسمه, ثم – مع صوت ناي حزين- يبدأ جسمه بالفتور وكأنه يمر بمرحلة الهرم توً, 
حين يضاء المسرح يظهر المخرج المسرحي يرتدي بنطالا أسودا وقميصا أبيضا وربطة عنق مفتوحة تتدلى على صدره , ملابسه توحي على الفقر والضجر , وكما تظهر" المرأة " وهي امرأة كبيرة في السن ولكنها قوية وعلى شيء من الترتيب , ترتدي الأسود الكامل 
 المرأة :   (تقترب من الرجل المريض الجالس القرفصاء) العالم كله وفي كل   يوم وفي كل لحظة يرى معاناتنا ولا جديد يحصل إطلاقا 
المخرج :   ظننت أنه سيموت ..!
المرأة :    حتى أنا في بادئ الأمر كنت مثلك ولكن تعودت على فقدان   الراحة
           أو مجرد التفكير بها
المخرج :  كنت فيما مضى خالي التفكير أحاول أن أشغله بالراحة , أما اليوم فقد توصلت
          إلى أمر مختلف تماما 
المرأة :    صمت
المخرج:   عليّ ومن اللحظة أن أبحث عن السر 
المرأة :    سر المرض ؟
المخرج :  (بفتور) لا
المرأة :    الجوع ؟
المخرج :   لا فهذا لا يفرق  عن ذاك كثيرا ....
المرأة :    (بضجر ) سر اليتم ؟ الترمل ؟ غياب الأبناء ؟ أي سر منها تبحث عنه ؟
 
المخرج :   ربما يكون ما ذكرتِه صحيحا ولكنها أشياء جزئية 
المرأة :    ( بيأس) عجزت !!
المخرج :   من يعرف العجز لا يمكنه يوما الوصول لسرٍ ما في دنيا الغموض , من يعرف
            اليأس لا يقلق ومن لا يقلق لا يغيّر ومن لا يغيّر لا يمكن له ان يرتاح
المرأة   :    وعليه ؟
المخرج :    أتعلمين كم يصادف هذا اليوم من الشهر ؟
المرأة :      العاشر من عاشوراء ولكنك لم تجبني عن سرّك, وتهربت بالسؤال عن التاريخ 
المخرج :    لم اتهرب, فهذا فحوى إجابتي وحين نبتدأ اجابة السؤال بسؤال فهذا اقرب
             للحقيقة ,البحث الدائم في الليالي يقربنا جدا من خيوط الفجر
المرأة:       صمت
المخرج:    العاشر من محرم أي بمعنى آخر اليوم الذي تم اختياره ليكون يوم اليتيم
            العالمي,  واليوم العالمي للشهيد , واليوم العالمي للمرأة 
المرأة :     (تضع ساعديها أمام صدرها)
المخرج:    ان الموضوع يحمل سرا كبيرا , ذلك السر الذي أعيا كلكامش لابد وانه الخلود
المرأة :     وما السر في ذلك ؟!
المخرج :   الأمر لا يمكن أن يكون عاديا إطلاقا , إنه يثير فيّ آلاف الأسئلة 
المرأة:      أكاد أقسم أنني  لتوي ربما أحسست بنفس ما يدور في ذهنك
المخرج:    (يتحرك صوب المكتب ويقلب بالأوراق ) في الحقيقة , الأمر مُحير , هل انهم
            أضافوا لهذا اليوم شيئا أم انهم استغلوه ليضفوا شيئا على مسمياتهم
المرأة :    ولكن هذا لا يمنع أن تفكر فيما يُوجد حلا لما نحن به 
المخرج:   عليّ أن أجد حلا لما أنا فيه أولا , فهذا يسهّل عليّ ايجاد الحلول 
           الأخرى 
المرأة :    متى كانت آخر مرة بكيت فيها .؟
المخرج:   يَصْعُب عليّ تحديد ذلك , فبكائي سلسة متصلة تفصلها ابتسامات
المرأة:     أوشكت على أن أقسم أنك تفكر بطريقة مادية ..
المخرج :   لو كان ما تقولين صحيحا لكنت الآن في معجم نوبل 
المرأة :    لا يمكنني ان اتحدث عن مادّية نوبل ولكن أعرف انك بخير فيما يخص العمل 
المخرج :   ليس كما ينبغي فكل أعمالي المسرحية وتحقيقاتي الصحفية لا يمكن أن تعد
            خالدة , حتى ولو أنزلنا ثمن الخلود إلى عشر سنوات !!
المرأة :     ولكنك غالبا ما تناقش قضايا حساسة ومهمة 
المخرج :   نعم هذا صحيح .. أمر مؤلم ولكنه يبعث في نفسي الرغبة في معرفة اللغز
            ,فخُذي على سبيل المثال مسرحيتي " رجل من زمن آخر " ومسرحيتي " أوطان
            منفية " كانت مهمة ولكنها لم تخلد حسب مفهومي الخاص للخلود , حتى
             تحقيقي الصحفي عن تلك المرأة التي قطعت لحمها لتطعم صغارها لم يأخذ
             نصيبا غير البكاء 
 
المرأة :     لماذا لا تكتب وتُخرج عنا , عن المرض عن الغربة عن الترمل ...
المخرج :   في الحقيقة , تناولت في أعمالي شيئا مما ذكرتي ولكنها ليست الخلود 
المرأة :     هي هوامش ربما تقلك الى الضفة 
المخرج :   (وهو جالس خلف المكتب وكمن أثارت في نفسه كلمة هوامش شيئا ما)
            هوامش.. هوامش ( يفتح كتابا بعد أن يستخرجه من درج المكتب) ربما سأصل
             للضفة بعد أن انهي تقريري الصحفي وعملي المسرحي
المرأة :     أيّ تقرير ؟
المخرج :     أنا مكلف بإعداد تقرير عن يوم عاشوراء وعن سر الخلود , ذلك السر الذي
              جعل المنظمات الإنسانية تتسابق لتجعل منه يوما لمسمياتها 
(في هذه الأثناء يدخل الأبن وهو شاب في مقتبل العمر تبدو ملامحه على شيء من الطيبة وحسن الصنيعة والأناقة , يرتدي الزي العسكري  الكامل, وشعره محلوق بطريقة النظام العسكري في حلق الشعور)
 
الابن :      ( يمشي تجاه المخرج ويسلم عليه وبعد عناق حار يودعه, ثم يسير 
             صوب الأم )
 الخلفية ,  سيُعرض فيها مشاهد فيديو للسائرين إلى كربلاء مشيا على الأقدام ومواكبهم  على امتداد الافق
 
الأم   :     (( وهي تنظر  لولدها بنظرة حزينة ))  يبدو أنك عزمت الرحيل .؟
الابن :      وهل في ذلك شك ؟
الأم    :     ولكن ( تدور الابن دوره كاملة) أخشى عليك ..
الابن  :     ألسنا على حق ,؟ أي خوف ذلك ؟ 
الأم      :   أي حق ذلك , لم تذكر الباطل , أليس له وجود , يبدو أن عالمكم الطيب لا
              يعرف له وجودا  , ألباطل ((تدور حول الابن)) الباطل يا ولدي لا يعرف
              معنى أني أم  , لا يعرف معنى أني أفقد كل يوم ألف رضيع ((تجثو عند
              قدمي الابن)) ألف شبيه بجده , ألف كهل ,  أخسر كل يوم , الزمن الممتد
              لا يفصل القضية  على امتداده ندفع آلاف القرابين   ,  والعطش عطش
              ..الجوع  جوع , الخوف  خوف 
الابن :        ((بنبرة جدية))  نجوع , نعطش لا يهم ستُروى القضية من دمنا , وسيروي
               الزمن ذلك للأجيال, حلقات القضية لم تخلص سنواصلها 
الأم        :    ((تبكي)) 
الابن      :    لا بد من اللحاق بهم , جعفر ,(( تمر من خلفهم جثة مقطوعة الأيدي ))
                 يوسف ((تمر خلفهم جثه بلباس قديم وعليها آثار الطين والماء)) يحيى
                ((تمر خلفهم جثه بلا رأس ))  كلهم كانوا هنا , لقد مروا من هذا الطريق
                 لم يتوانوا لحظة 
 
الأم        :     دماء .... دماء ومازال الأرض عطشى
الابن      :     ولكن السماء ....
                 (( مؤثرات مطر ,من ثم هدوء ربيعي ))
الابن     :      (( تنهمر من عينه دمعة مع موسيقى حالمة )) لابد, لقد أزف الشروق 
                 أنا  ذاهب (( يقبل يد أمه ويذهب )) 
 
                                صوت بكاء طفولي ثم تعتيم
  
((المشهد الثاني)) 
نفس المنظر السابق ولكن الساعة توقفت تماما
المخرج :        (يبدو عليه الانهماك في العمل وأمامه مذياع يحاول ضبط الموجة )  
صوت المذياع : (وشوشات)
المخرج  :       تبا يبدو أن الامر يزداد تعقيدا , 
المرأة :          (تتحرك في المكان بقلق )
صوت المذياع :  (وقد قال شهود عيان كانوا متواجدين لحظة وقوع الانفجار أن سيارة
                  كانت مركونة قرب الكنيسة .... ينقطع الصوت)
المخرج :        ( يزفر بضجر ثم يقطع المكان جيئة وذهابا ) يبدو ان الأمر معقد نوعا
                ما كل ما متوفر لدي لإعداد التقرير والعرض المسرحي  مصدره التأريخ
               وانا حقيقة لا أؤمن بالتاريخ لسببين الأول هو: اني لا اثق بتاريخ يكتبه
               المنتصر والسبب الآخر هو اني لا اؤمن بالانتصار فهي مسميات !!
المرأة :        (تنظر صوب السماء ثم تجثو على ركبتيها ) يا الهي انا قلقة جدا 
المخرج :      ( يقف خلفها ) لا داعي للقلق 
المرأة :         لقد تأخر كثيرا 
صوت المذياع :   وقد قال أحد الخبراء العسكريين أن ما يحصل في الحقيقة هو امتداد
                   لحرب الالف عام وحوادث اليوم هي هوامش جزئية في صفحة طفوف
                   معاصرة
المخرج :         (يضع يديه خلف ضهره ويسير ثم يتوقف ) الأمر يزداد تعقيدا كنت
                  مكلفا بكتابة تقرير عن يوم واحد , ها انا أجد نفسي أمام عصور ممتدة 
 المرأة :          أنا قلقةٌ كثيرا لقد تأخر
المخرج :        ( يتحرك صوب الساعة المتوقفة ) لا أعرف اذا كنت قد تأخرت في
                  اعداد التقرير 
المرأة :           أحس أن مكروها أصابه
المخرج :         لا أعرف ما داعي القلق اظن انه لم يتأخر
المرأة :           لقد تأخر
المخرج :        افتراض 
المرأة :          ( تصيح ) تأخر
المخرج :        ( يحاول تهدئتها ) حسن لنفرض انه تأخر كيف يمكن لنا البت بذلك؟(
                  يمسك الساعة وينظر نحو الأعلى بزاوية جانبية ) 
المرأة :          إحساسي بفقدانه مبينا على شعور بتأخره وليس على هذه الساعة
المخرج :        ( يهمهم ) في الحقيقة منذ أن توقفت الساعة أصبحنا هوامش على زيف
                  الظنون نبحث عن حقيقة واحدة....
 
المرأة :        عليك أن تجد حلا 
المخرج :      علي ّ أن اعرف هل تأخرت عن تقريري أم لا ؟
المرأة :        عليك الاحساس بالانتماء 
المخرج :      كنا ننتمي للزمن ولكنه كما تريّن ( يشير إلى عقارب الساعة المتوقفة)
المرأة :        لا يغيّر ذلك في شيء فإحساسي  لا يخضع لقاعدة الزمن 
صوت المذياع :  وبمناسبة اليوم العالمي لليتيم قال متحدث رسمي ان اعداد اليتامى بلغت
                  حدا كبيرا  محطمة أرقام قياسية 
المرأة :       لقد أصبحت يتيمة
المخرج :     وما الجديد في ذلك ؟ 
صوت المذياع : وقد ربط خبراء مرموقون ظاهرة توقف الزمن استنادا على النصوص
                 التاريخية بقرب ظهور منقذ البشرية ومطالبته بالثأر لقتلى حرب الطف
                 وكما تنبؤا بوضع حد لكل الظواهر الناتجة عن تلك الحرب الممتدة , 
المخرج :        كلام جميل ..(يتنهد )
المرأة :          أرجو ان يجدوا حلا لمشاكلي على هامش حلولهم
صوت المذياع :  في حرب العصور كل شيء ممكن , فقد لوحظ ان الزمن بدأ بالتراجع
                 بطريقة عكسية , وقال خبير فلكي انه في لحظة وأخرى ستحين الساعة
                 التي تتحد فيها كل العصور وعلى جميع ما يحمل الاتحاد من معنى ,
المخرج :       (بفرح) هذا هو المطلوب , نعم سأكون شاهدا على ما حصل ولن يكون
                تقريري محض قراءات تاريخية وسأبني نصا مسرحيا أقرب للحقيقة لا بل
               هو الحقيقة عينها..
 (( تسلط اضاءة بلون الشمس على الرجل المريض الذي يبدو الآن نائما ثم شيء فشيء يبدأ بالتحرك التدريجي البطيء , ثم يتحسس المكان كمن يبحث عن شيء يتحرك حركات موجية كمن يعوم ))
يدخل – بعد ان تخفت الاضاءة من على الرجل المريض- شاب آخر يشبه الى حد ما الابن , عليه آثار الدماء والحرب , مقطوع الكف..
 
المخرج :      ( يتجه صوب الشاب , يتحسسه , بينما تراقب الأم المشهد ) يبدو انك من
               زمن آخر 
 
الأم :          زمن آخر فيما لو قورن بأي زمن ؟
الشاب :       ( يدور في المكان ) يبدو انني لم أخطأ المكان , 
المخرج :       أي مكان تقصد ؟
الشاب :        انه هو , (يفكر) تماما كما وصفه لي ( يتجه صوب الأم ) وانتِ أيضا
                تماما كما حدثني 
             
(يخاطب المخرج ) وانت ما زلت تبحث في حرب الطفوف , حرب النيران مع
              بقايا الربيع 
الأم :        ( تخاطب المخرج) ألا تحس بشيء ؟
المخرج :     ( بشرود) أعتقد انني بدأت اقترب من الحلول 
الأم :         (بفرح مصطنع) أحس ومن متابعتي لكلامه  , انه بشير منه 
المخرج :     (بتودد) أرجو ان ترتاح قليلا ثم تحكي لنا عن جهة قدومك أيها البشير (يفخم
               كلمة البشير )
الشاب :       ( يجلس ) أحس بالعطش , 
             (( تظهر في الخلفية صورة لنهر بعمق السماء يجري نحو الغروب الدامي ))
المخرج :      ( للأم ) عليك بالماء 
الشاب :       ( يصيبه الذعر حالما يسمع كلمة ماء وتأخذه نوبه من الاضطراب
                الحركي) لا .. لا .. أبعدوا عني هذا السيل المتدفق نحو العطش ( يحرك
                يديه كمن يغترف ماء) لا يمكن ذلك , كيف أصبحتَ سرابا امام سبط
                الحقيقة ( يقرب يديه من فمه ) وكيف صرت وردا لدواب الموت 
المخرج :       ( بعد ان كان يراقب المشهد , يتجه صوب المكتب ويأخذ قلما ويبدأ
                بالكتابة )
المرأة :         ( تتجه صوب الشاب ) بالله عليك ألا تعرف شيئا عنه؟  ألم ترَه ؟ ألم
                تسمع عنه شيئا ؟
الشاب :        لقد سمعت همسا عجبا .. هناك حيث تتلى سورة الطف بفصولها السبعين
                وبسمتها المذبوحة فوق مقاصل الحرية , ( يجلس على ركبتيه ) يا ناس
                إن لم يكن لكم دين فكونوا أحرارا في دنياكم ..
المخرج :       ( بصوت منخفض ) انه مشهد متكامل .! كل شيء جميل وممكن 
الشاب :        ( يصيح ) ماااااااء , العطش 
المرأة  :        ( تحضر له ماءً , تعطيه إياه فيرمقه ثم يسكبه بغضب) 
الشاب :        أهذا هو الماء ؟ أمنه كل شيء حي ؟ آه لو تعلمون كم ساق هذا الماء 
                من موت ٍ ..؟
المخرج :      ( يقرأ ) ﴿وجعلنا من الماء كل شيء حي ﴾ في الوقت الذي يثير فيّ قولك
                تساؤلا يلمح في رأسي له جواب : ما كان موتا ما ساقه الماء إنها الحياة ..
                حياة الحياة في ذلك الموت , انه الخلود , انه الكمال
الأم :           ( تجلس بقرب الشاب) بالله عليك .. أي شيء عنه .. أي شيء منه 
الشاب :        ( يتنفس بعمق ثم يخرج من جيبه ورقة خضراء )
المخرج :       ( يأخذها ويتفحصها )
الأم     :       ( نظرة استغراب      )
الشاب   :      إنها وثيقة العبور لكل واحد منا وهذا ما كان عليّ ايصاله , 
المخرج   :     أعتقد انه الأوان لكل منا  ..(( تعتيم .. فاصل موسيقي قصير )) 
 
                          المشهد الثالث
يقسم المسرح الى قسمين بواسطة الظل والضوء .. القسم الأول من فناء المنزل سيكون منظر لمعركة الطف : جثث متناثرة سيوف واسلحة منتشرة 
أما القسم الثاني فسيكون منظر المكتب حيث يوجد رجلان أحدهما ابيض والآخر أسود ,كلاهما  أملس رشيق , كأنه معدني , على الجدار تعلق بدلة عسكرية وعصا 
يُضاء القسم الأول :
المخرج :         ( يمسك بيديه مثبت ورق وفوقه أوراق بيضاء لتدوين الملاحظات )
صوت الحسين :  ألا من ناصر ينصرنا .؟ ( يتخلل الصوت عزف ناي شديد وكأنه
                  الصور )
              (( تتساقط من أعلى المسرح أوراق خضراء مع مؤثرات ربيعية))
                تتحرك احدى الجثث ثم ينهض رجل يبدو على ملامحه القدم وهو( آدم
                     ) , يتلفت يمينا ويسارا كمن يبحث عن شيء , يروح ويجيء ثم
               يلتقي بالمخرج , 
المخرج :     ( يرجع القهقري وتبدو على ملامحه صور الخوف والترقب)
                 (حوار جانبي )
آدم   :         أسمعت النداء ؟
المخرج :       (بتوجس) نعم ولكن...
آدم  :          كان نداءً بحجم الازمان
المخرج :       نعم ولكن ..
آدم :           (صمت)
المخرج :       أتسمح لي بسؤال 
آدم  :          (ينظر صوب الجثث) كانت جوابا لكل الأسئلة ..
المخرج :       نعم يا سيدي ولكن .. من تكون ؟
آدم :           أنا .. الذي حملها يوم أبت ان تحملها الجبال ,
المخرج :       ولماذا تكلفت عناء ذلك
آدم :           لاني حين تلقيت الاسماء كانوا اهلا لكل شيء تعجز عنه الجبال والبحار 
المخرج :       ( يدوّن في الورق ويردد ) وهذا ما يبيّن التأصل التاريخي للقضية 
آدم :           لقد كانت بحق تجربة  تستحق أن اكون هنا , لأبيّن بابني ومن 
                معه أن الفردوس الأسمى هو لوحة ترسمها الدماء 
 
 يضاء القسم الآخر من المسرح حيث الرجل الأسود والأبيض وسيبقى الحوار مستمر ومعه التعبير الحركي للرجلين ....
 
المخرج :     (يدوّن ويردد) من الصراع الأزلي للنقيضين تنبثق إرادات وتخلد إرادات
             
               وتتلاشى أخرى
آدم :        ومن ولادة الرسالة كانت ثقلا كبيرا تناقلته بخوفي ولهفتي الى ضفة وأخرى 
             (يستلقي الرجل الأبيض فوق أرضية المسرح , ثم يكور جسمه ويبدأ بحركة
             تناغمية بطيئة نوعا ما ثم يدفع ساقيه شيء فشيء ثم يفتح ذراعيه مع
             صوت بكاء طفولي )
المخرج :     وكما تولد بوادر الخير , تولد بوادر الشر 
             ( يقوم الرجل الأسود بتقليد حركات الرجل الأبيض بإيقاع أسرع )
آدم :         ومازال الصراع بينهما قائم .. وعلى مر العصور....
             يقوم الرجلان , الأبيض والأسود بالتعبير الحركي :
            يحاول الرجل الأسود الوقوف خلف الأبيض والتخفي , يدور الأبيض حوله
            بحركة سريعة يطوقه , ينسل الاسود هاربا ويحاول صرع الأبيض ,( صوت
            تلاطم أمواج البحر  , ينفس الأبيض عميقا ثم يتحرك كمن يسبح 
آدم :       وكانت سفينة أقلتهم حيث المرسى , حيث كان البحر حاكم العدل , كما يحكم
            اليوم بحر الدم وجيل آخر يتناقلها 
المخرج :   حسنا (( يدون في الورقة ))
           يتصارع الرجلان من جديد , وبعد عراك طويل نسمع صوت رياح عاتية يسقط
           بعدها الاسود
آدم :       وما بين نمرود يتربص بها وبين فأس حطمت النمرود , صار النمرود شظايا
            من ذئاب تغتال الجَمال تحت طي الخديعة 
            وما بين صليب وصليب ها انت ترى اليوم أولادي وهم يذودون عنها , 
المخرج :   عفوا يا سيدي – لا تعتبره تطفلا- ولكن ما دام الامر معلوما ألا يمكن التريّث
             قليلا 
آدم :       الزمن مقصلة البوح وما دام الله يريد فما أهنئ من سابق ..
المخرج :    جدلية الصراع كما هي بتجريب حقيقي , وجوه تلبس وجوها , القفى يساوي
             الأمام 
            تعتم أنوار المسرح بينما يعرض في الشاشة قبر غريب  والحسين  يجلس
            عند القبر
الحسين :    أين أنت يا رسول الله ؟! .. هلمّ لتشاهد ما يفعل طلقاؤك .. في 
             مدينتك .. أين أنت يا جداه ...
             (موسيقى ناي حزين)
                يا جدّاه ، إنهم يريدون مني شيئاً عظيماً .. تكاد له السماوات يتفطّرن وتنشقّ
            الأرض . يريدون لقمم الجبال أن تغادر أماكنها الشماء إلى الهاوية ، وللسحب
            أن تدع السماء ، وللنخيل أن تنحني ... إنهم يريدون للحسين أن يبايع .. يبايع
             يزيد
           ( مؤثرات بهدوء حالم)
  
            لا حاجة بي إلى الدنيا فخذني إليك يا أبتي .
آدم :          ( يتدخل مع الحوار)     والشهادة يا بني .. الدنيا كلها تحتاج شهادتك .
المخرج :      (يدوّن ) ان هذه العبارة حسب المصادر التي بين يدي قيلت على لسان جده النبي 
آدم :            مثلما صار الحسين دين لكل انسان وانسان لكل الأديان , فلا غرابة ان تكون النبوة
                بعصورها حضنا للبدر
المخرج :     ( يدوّن ) ولكن الغريب انهم لا يريدون ما يريد
آدم  :         تبدو الحرب الأولى من هذا النوع
المخرج :     نعم هذا صحيح
آدم :         هم يريدون الخلافة والحكم وهو يريد الحرية ,
المخرج :     ((بتصنع)) وما الضير .؟
آدم  :         الحرية , يتنهد , لان الحرية ستجعل الأنسان عبدا لله 
المخرج :      صمت
آدم :        هم يريدون الدنيا وهو يريد الشهادة وحكم الدنيا ينتهي بالموت بينما سلطة الشهيد
              وحكمه يبدآن بموته !
             تعرض في الخلفية ( مشاهد من كربلاء) يتقدم الحسين :
             الهي ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى
آدم :        ليس للحرية من معنى آخر أجمل من أن تمتثل لإرادة الله 
الحسين :       تركت الخلق طرا في هواك      وايتمت العيال لكي اراك
                  فلو قطعت في الحب اربا           لما مال الفؤاد الى سواك
المخرج :       من أجمل صور تجلي الحب حين يقدم المحب ما يقدم لأجل لقاء معشوقه 
                 ((يأخذ الحسين دم الرضيع ويرميه صوب السماء فلا يعود منه شيء))
المخرج :       أعتقد ان هذا يخالف قانون الجذب , أين نيوتن ليرى 
آدم  :            ما كان للسماء عائد اليها 
المخرج :        أحيانا أشعر انهم في السماء
آدم :             أو ان السماء كانت تحتضن الارض وتعبق بأريج الدماء , هذه الدماء التي 
           
                 انطلقت الى كبد السماء هناك حيث ترد القيامة فاطم حيث يكون القميص شاهدا 
المخرج :      تماما مثلما كان قميص يوسف دليل على حياته وبراءة الذئب 
آدم   :         قميص يبرء ذئبا ويعلن حياة وقميص يعلن موت اعداء الحرية 
المخرج :       لو لا اني رأيت  لكنت مع التاريخ ,  فئة قليلة تهز الكون 
آدم :            وسيسير الدرب بهم صالح بعد صالح  حتى يرثها الصالحون
 
تعتيم
 
الفصل الثاني
نفس المنظر في المشهد الأول ولكن المخرج يبدو أكبر سنا قليلا , حين يضاء المسرح يظهر وهو جالس خلف المكتب يقلب الأوراق ..((الكرسي يوضع بالوضع الصحيح))
المخرج :    ( وهو يقرئ) نعم كانت رحلة ممتعة ومؤلمة في آن واحد ( ينهض) أن تقرأ شيء
              وان تكون شاهد حال شيء , الأمر مختلف تماما (يسير خطوة واحدة) كل شيء
              مختلف ولكن حقيقة واحدة تبقى مدوّية ( خطوة واخرى) فتية آمنوا بربهم فصلتهم
               السيوف ليأمنوا الناس معمعانها ( يدور حول نفسه ) وها انا اجد في ما رأيت تاريخا
              جديدا سيقف يوما ما وهو براء مما الصق بكل حرف من حروف كلمة تاريخ ( يمسك
             بيده ورقة ويضمها الى صدره) سورة الطف ما أجمل هذه التسمية لأطلقها على
              تقريري وعرضي المسرحي  فلقد كانت بحق سورة كربلائية مدنية بآياتها السبعين
             ,وصلت الى حقيقة أخرى فبقدر  ما تلزمنا الشمس نرى ان النور لا يلزم غير
              المبصرين
ألام :        ( تدخل) هل وجدت لي حلا ؟ أين هو بعد رحلتك التي وعدتني انها ستحل كل
               مشاكلي 
المخرج :     ما كان للسماء عائد اليه , لقد  عرفت بان تموت عليلا  لتحيي جيلا سليما افضل من
                 ان تحيا سليما وانت تموت الف مرة في كل سكنة لسان
               (( في الخلفية تعرض صورة لمنارة الأمام الحسين عليه السلام وهي تطاول
                 السماء))
                واني لأرى الشمس تستمد من هذه القباب لونا لها , ألا ليت لوني يبيض من نورها 
المرأة :       ولكنني فقدت 
المخرج :     لو كان الفقدان كما يطلق على ما قدمت زينب يوم الطفوف لكان الكون يرتدي
                 ثياب الخزي تقصيرا عما قدم
المرأة :       ( تبكي ) 
المخرج :     لا تبكي 
 
المرأة :       ( تنحب)
المخرج :     ( يجفف دموعها )
                 انهم يقتلون , يحرقون , ولكنهم كالعنقاء لن يكونوا رمادا
                 يدخل المسرح  رجلان أحدهم يرتدي زي الكهان والآخر يرتدي زي الفرسان
                العرب يدفعهم الملقن المسرحي الذي يرتدي بنطلونا ضيقا وقميص بأكمام ملفوفة,
                 له بطن كبيرة , قصير القامة , وفوق رأسه سدارة يلبسها ويدعي بذلك انه
                 مسرحي 
الملقن :      (للمخرج) استاذ رغم منعي لهم من الدخول الا انهم اصروا على مقابلتك 
المخرج :      نعم ؟
الرجلان سوية :   نحن آسفان استاذ , لقد تأخرنا
المخرج :       عظيم جدا ,
الرجلان :       نادمان 
المخرج :       عذر أقبح من الفعل   
الكاهن :          لكن دورنا يأتي متأخرا يا سيدي 
الفارس :         وليس جريرة ان تأخرنا بعض الشيء 
المخرج :         الزمن لا يرحم ,
الكاهن :           سيصلح الامر 
المخرج :          لقد تم العرض وانتهى كل شيء ,
الفارس :          سيدي لقد عشت الحال أيام وليالي , وعانيت الامرين الى درجة اني نقمت على
                     الجعفي  , فلقد قاسيت الندم وليتني لم أكون 
الكاهن :         ( كمن وجد ضالته ) نعم يا سيدي فبقدر ما كنت في ليالي بطرس لقد كرهته فلم
                    اجد ما هو أمر من الندم 
المخرج :          خطايا الرجال , لا تختبئ خلف ندم زائف
الفارس :         ( للكاهن ) ونحن من كنا  نطمع ان يغير لنا دورنا , فنجد ولو للحظات دورا
                     يليق بتاريخنا
 
المخرج :          التاريخ تهدمه لحظة تخاذل 
الملقنّ :           احمدا الله على كل شيء فحتى انا الذي كنت موعود بدور لم احض بشيء 
المخرج :         ( للملّقن ) لا بد انك نادم ايضا
الملقّن :           يا سيدي رغم ان الدور كان شخصية ليزيد الا اني احب المسرح
المخرج :         انت طيب ولن تجيد الدور 
الملقّن  :           وهذه صعوبة أخرى , انا احلم بالوقوف على هذه الخشبة من سنين وحين
                     يتسنى للناس رؤيتي يروني بدور يزيد , ودور لا اجيده تماما , والله انها مأساة 
المخرج :         ولربما تأخذ الحماسة أحد من الجمهور ويفجر رأسك 
الملقّن :          ( بتودد) استاذ , دمك خفيف (يقترب منه) استاذ بالله عليك امنحهم فرصه أخرى
المخرج :        ( بخبث) لا بد وانك متشوق للتمثيل 
الملقّن :          انا افنيت عمري أحرك الابطال والقنهم كالقدر ولا يراني جمهورا
المخرج :         الرجال هم من يصنعون الاقدار
                   ( يصيح للجميع حسنا سنبدأ العرض)
المخرج :       (( للملقّن )) انت ستمثل دور يزيد التائه , المتخبط 
الملقّن :          والله يا استاذ كبرنا على الخمر والنساء
المخرج :       (( للفارس ))  وانت عبد الله بن الحر
الفارس :       أرجوك يا سيدي لا احب ان اعيش التاريخ مرتين  
المخرج :       (( للكاهن )) وانت القديس بطرس  
الكاهن :         أمرنا لله 
المخرج         )) ينادي الأم التي خرجت بعد دخول الرجال)) ستقومين بالشكوى على يزيد
                    ومطالبته بتحمل المسؤولية والدعوة لنيل العقاب على ما اقترفه بحق الانسانية أي
                    بمعنى انك ستقومين بدور رمزي لكل الفاقدات 
المرأة :           يؤلمني فراقه جدا
المخرج :         لهذا السبب اخترتك لتضفين على عرضنا الصدق
                     وانا سأقوم بدور الحاكم 
                  
                 (( يقومون بإعداد ديكور المشهد : بوضع المكتب في منتصف المسرح وترتيب 
                   الأوراق بما يشابه المحكمة ))
الكاهن :           ( يدخل من جانب المسرح  ويتلفت يمينا وشمالا كمن يبحث عن شيء )
                     آه يا لك حسرة , لقد صدقوا حين قالوا , بان الرجال تصنع الاقدار لا تهرب
                    منها (يجلس على الارض) أين مني كربلاء ( يأخذ حفنة تراب ويعفر وجهه بها
                     ) لقد قالوا انهم هنا , الشمس تأفل نحو غروب دامي 
                     والقمر النوري في صخب  السكون تغتاله الكلمات 
الفارس :           (( يدخل من الجانب الآخر يتلفت ثم يسير مذعورا بحذر))
                   يا لك حسرة ما دمت حيا    تردد بين حلقي والتراقي
                   ( يلتقي بالكاهن ) أيها الرجل أراك غريبا ؟ وانا مثلك غريب ومن مثلي نسيب
                   لمن مثلك 
الكاهن :         غربتي من صنع يدّي
الفارس :      وهذا ما يذيقني المرار , لقد كنت على شفى قلب من الحب وها انا اليوم في
                 صحراء لا تطئها القلوب
 
الكاهن :         (ينهض) يبدو انك تفقد نفسا ؟
الفارس :         انا افقد نفسي , لقد ضلّت يوم كنت أخشى 
الكاهن :           رويدك 
الفارس :         دعنا نعرف نفوسنا لبعضها فما دام يجمعها هذا العطش
الكاهن :          أنا بطرس 
الفارس :        وانا عبد الله بن الحر , ولكن ما اتى بك الى هنا 
الكاهن :         جئت ابحث عن الحسين لأنصره
الفارس :        يبكي 
الكاهن :          لقد خذلت المسيح من قبل واليوم تعلقت بخيط رجاء 
الفارس :         كما ترى لا خيوط الا ما وهن العنكبوت 
 
الكاهن :          لقد قال عيسى : من يدرك منكم ايامه فلينصره 
الفارس :          (( يبكي )) انا ادركت انفاسه وهي تعزف الحان الخلود
المخرج :         (( يصيح )) نادي على القضية 
                    شخص من الجمهور : يزيد بن معاوية 
                   (( تتقدم الام والملقّن ))
المخرج  :        ما هي دعوتك ايتها السيدة ؟
الأم :              انا احمله مسؤولية تيتمي وترملي وفقدان ابنائي على مر العصور 
الملقّن (يزيد) :  لا يا سيدي فانا بريء (( يبحث في جيوبه يستخرج زجاجة خمر , 
                    ويحاول الشرب , تعلو في اذنه اصوات بكاء ونحيب )) 
صوت :          يصلي ثملا
صوت :          قاتل 
صوت :          أحمق 
المرأة :          تبكي 
الملقّن (يزيد) :  لست مسؤولا عن بكائها ولا عن سبيِّها انها تحاول تجريدي من اخلاق الفرسان  
صوت :          جبان
المخرج :      (( وهو يحمل الاوراق المكتوب عليها سورة الطف , يخاطب الجمهور )) التاريخ
                هنا ( يشير الى الاوراق) لا شيء سواه سيحكم فيهم قاتلهم ونادمهم ومقتولهم  
                  ....التاريخ الحقيقي .. سورة الطف , (( تعرض مشاهد من الحرم الحسيني
                 والجموع تطوف كانها الحجيج )) 
((للملقّن ))    يا يزيد (( يشير صوب الجموع )) هذا هو التاريخ والمستقبل
صوت :        فو الله لن تمحو ذكرنا 
                  فو الله لن تمحو ذكرنا 
                  فو الله لن تمحو ذكرنا
 
 
ستــــــار
******
تمت والحمد لله
 
        
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مسلم بديري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/03



كتابة تعليق لموضوع : سُورةُ الطًّف ... نصٌ مسرحي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net