صفحة الكاتب : ابو فاطمة العذاري

وقفات بين يدي الامام الحسن العسكري ( ع ) .... الحلقة السادسة
ابو فاطمة العذاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الهادي عليه السلام: ((ابو محمد ابني أنصح ال محمد غريزة وأوثقهم حجة)) . 

من الظواهر المهمة في تاريخ الامام العسكري ( ع ) هو تمسك ابناء الأمة بالامام و محبته في نفوسهم وقد ظهر ذلك في عدة مواقف ومن أبرزها حينما اشخص العسكري مع أبيه عليهما السلام بأمر المتوكل من مدينة النبي صلى الله عليه و اله إلي عاصمة الدولة انذاك سامراء ، فقد روى المورخون عن يحيى بن هرثمة - المكلف بإشخاصهم - أنه قال : « فذهبت إلي المدينة ، فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ماسمع الناس بمثله...وقامت الدنيا علي ساق... » 
وموقف اخر حينما نعاه الناعي عند شهادته « صارت سامراء ضجة واحدة : مات ابن الرضا...وعطلت الأسواق ، و ركب سائرالناس إلى جنازته ، فكانت سامراء يومئذ شبيها بالقيامة » 
ان حب جماهير الامة للامام عليه السلام وادواره الفعالة في نهضتها الاسلامية جعل حتى أعداءه من رجال الدولة يذعنون بفضله ومنهم وزير المعتمد عبيد الله بن خاقان حيث قال لابنه أحمد عامل الخراج والضياع في قم في كلامه عن الامام العسكري عليه السلام : « يابني لوزالت الامامةعن خلفائنابني العباس ما استحقهااحدمن بني هاشم غيره لفضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل اخلاقه وصلاحه » 
من هنا يحظى الامام العسكري عليه السلام بهيبة فرضت نفسها على معظم الناس قال القطب الراوندي في صفة الحسن العسكري : 
« ...له بسالة تذل لها الملوك ، وله هيبة تسخر له الحيوانات كما سخرت لابائه عليه السلام بتسخير الله لهم اياها ، دلالة وعلامة علي حجج الله ، وله هيئة حسنة ، تعظمه الخاصة والعامة اضطرارا ، ويبجلونه ويقدرونه لفضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وصلاحه واصلاحه... » .
وليس البشر فقط بل حتى الحيوانات فقد وصف احد خدم الامام عليه عند ركوبه عليه السلام الي دار الخلافة في كل اثنين وخميس ، بان الشارع كان يغص بالدواب والبغال والحمير ، بحيث لا يكون لاحد موضع قدم ، ولا يستطيع احد ان يدخل بينهم ، فاذا جاء الامام عليه السلام هدات الاصوات وسكنت الضجة وتفرقت البهائم وتوسع له الطريق حين دخوله وخروجه .
نقل ابن ابي الحديد عن ابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت255هـ) في صفاته وصفات ابائه المعصومين عليهم السلام قوله : « من الذي يعد من قريش او من غيرهم ما يعده الطالبيون عشرة في نسق؛كل واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاك؟فمنهم خلفاء ، ومنهم مرشحون : ابن ابن ابن ابن ، هكذا الي عشرة ، وهم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام ، وهذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب ولا من بيوت العجم » .
وكان الامام العسكري عليه السلام اعلم اهل زمانه منذ حداثة سنه ، فقد روي المؤرخون« انه راه بهلول وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون ، فظن انه يتحسر علي ما في ايديهم ، فقال : اشتري لك ما تلعب به؟ فقال : ما للعب خلقنا. فقال له : فلماذا خلقنا؟ قال : للعلم والعبادة. فقال له : من اين لك هذا؟ قال : من قوله تعالي : ((افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون)) ثم وعظه بابيات من الشعر حتي خر مغشيا عليه » .
وكان مراس الامام العسكري عليه السلام التوجه الى الله تعالي والانقطاع لبارئه في مختلف الظروف فقد كان يحيي الايام التي امضاها في السجن بالصيام والصلاة وتلاوة القران علي رغم التضييق عليه قال الموكلون به في سجن صالح بن وصيف : « انه يصوم النهار ويقوم الليل كله لايتكلم ولايتشاغل بغير العبادة » .
ومن لطائف ذلك انه عليه السلام كان معروفا بطول السجود ، فقد روي عن احد خدمه وهو محمد الشاكري : « كان استاذي اصلح من رايت من العلويين والهاشميين...كان يجلس في المحراب ويسجد ، فانام وانتبه وانام وهو ساجد » .
وكان عليه السلام مثالا للزهد والبعد عن زخارف الدنيا قال كامل بن ابراهيم المدني ، وهو احد اصحابه عليه السلام : 
« لما دخلت علي سيدي ابي محمد عليه السلام نظرت الي ثياب بياض ناعمة عليه ، فقلت في نفسي : ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ، ويامرنا نحم بمواساة الاخوان وينهانا عن لبس مثله؟ فقال : متبسما : يا كامل ـ وحسر عن ذراعية ، فاذا مسح اسود خشن علي جلده ـ هذا الله وهذا لكم... » .
وجاء في روايه عن خادمه محمد الشاكري« انه عليه السلام كان قليل الاكل ، وكان يحضره التين والعنب والخوخ وما شاكله ، فياكل منه الواحدة والثنتين ، ويقول : شل هذا يا محمد الي صبيانك ، فاقول : هذا كله ؟ فيقول : خذه » .
وقال الشيخ الطوسي : « كان عليه السلام مع امامته من اكرم الناس واجودهم » .
حتى انه عليه السلام يحث اصحابه على المعروف ، فقد روي ابوهاشم الجعفري عنه عليه السلام انه قال : 
« ان في الجنة بابا يقال له المعروف ، لا يدخله الا اهل المعروف ، قال : فحمدت الله تعالي في نفسي وفرحت بما اتكلف به من حوائج الناس ، فنظرالي ابو محمد عليه السلام فقال : نعم فدم علي ما انت عليه ، فان اهل المعروف في الدنياهم اهل المعروف في الاخرة ، جعلك الله منهم يا اباهاشم ورحمك » . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو فاطمة العذاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/14



كتابة تعليق لموضوع : وقفات بين يدي الامام الحسن العسكري ( ع ) .... الحلقة السادسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net