صفحة الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري

الثبات على المبادئ في زمن اللا مبادئ
عبد الكاظم حسن الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

 إن مبدئية الشخص وثباته على منهجه وبما يلتزم به من مجموعة قيم وموروثات نبيلة لهي بالحق عنوان عريض للشخصية المثالية والنموذج الانساني القيم .
وإن المبادئ ومنابعها تنشأ من صراع قوى الخير والشر في داخل الانسان , فالنفس بطبيعتها التكوينية تألف الصفات والاخلاق الحميدة في حين يعارضها الهوى الذي يميل باتجاه ملذات الدنيا ومفاتنها .
وعلى مر التأريخ لاحظنا جدلية صراع مبادئ الخير والشر على وجه الارض ولاحظنا الخلود والذكر الاعظم لأولئك الذين روضوا انفسهم لحمل القيم والمبادئ النبيلة ولعل اعظم الخالدين هم الانبياء والرسل واوصيائهم وتابعيهم , وقد خلد كثيرون لأجل مبادئهم الانسانية وقيمهم الفكرية في تحرر الانسان من براثن العبودية والتبعية , وكان اثر المفكرين والمنظرين الثوريين واضح المعالم من خلال تأثيره في هذه المسيرة الحياتية , فقد خلد الكثير ممن تمسك بالقيم النبيلة والآراء الرامية لتحرير الانسان وتخليصة من تبيعة قوى الشر كأمثال تشي جيفارا والمهاتما غاندي واخرين ممن تحلو بقيم ومبادئ انسانية نبيلة .
وفي العراق وابان الحكم العفلقي حاول هذا الحزب وسلطته المتمثلة بصدام ان ينقلوا المجتمع العراقي نقله متدنية ومنحطة في القيم والاخلاق والمبادئ فزرعوا بذرة التملق والنفاق ورعوها ايما رعاية حتى صار الاب يسلم ابنه للإعدام والمرأة تفعل نفس الشئ بزوجها وسار الانحلال الاخلاقي والاجتماعي بأبشع الصور في طريقه للفتك بقيم المجتمع الفاضلة .
وبعد التخلص من صدام وحزبه المشؤوم ظن الناس بان هذا التغيير سيعيد المُثِلْ والقيم الى سابق عهدها المعهود ولكن هيهات لما ظنوا , فالأمر ليس بالهين والمتيسر بل انه تشابك وتشوشت الصورة في ظل فوضى ادارية وسياسية واجتماعيه , فالانتهازيين والنفعيين والمتملقين والمتلونين إلتفوا تحت عباءة الاحزاب القادمة من خلف الحدود وصارت مكاتب الاحزاب مأوى وملاذ امن لكثير من البعثيين ومنتسبي الاجهزة القمعية وخصوصا اولئك الذين كانوا ينتمون لجهات امنية متخفيه كمنتسبي المخابرات والاستخبارات وجهاز الامن . ولكون اغلب الاحزاب والتيارات القادمة ذات طابع ديني سواء كانت الشيعية او السنية تجلبب هؤلاء القوم بجلباب الدين فصاروا وكأنهم من كثر خشوعهم تفيض اعينهم دمعا حتى بمجرد السلام . ولعمري كم وكم راينا من هذه الحالات .
ولكون النفعيين هم اناس متملقين عادة ومتلون ويقبلون حتى المساس بكرامتهم من اجل الوصول الى غاياتهم الخبيثة كخبث انفسهم لذا نراهم تصدوا وتصدروا قوائم المرشحين للانتخابات في كل انتخابات جرت على مستوى القطر سواء كانت برلمانية او محلية , وكان نتاج هذا الترشح ما نراه من ترهل مؤسساتي وسوء ادارة على مستوى مفاصل الدولة وبجميع سلطاتها .
وفي خضم هذه الاجواء لابد وان يكون للخير صلاح وصدى وصوت فلا يجوز ان نعمم ونعطي النظرة السوداوية القاتمة للمجتمع وخصوصا ان المجتمع العراقي بطبيعته ينبع من مدرسة محمد المصطفى واله عليهم السلام اجمعين . فراينا هناك الكثير والكثير ممن ركب نهج المبادئ الحقه ولم تغيرهم المناصب وزخارفها بل اثروا الاستقالة حينما رأوا المصلحة في ذلك كما فعل نائب رئيس الجمهورية الدكتور عادل عبد المهدي حينما استقال من اعلى منصب في الدولة .
وفي الانتخابات الاخيرة برزت عدة شخصيات يشار لها بالبنان بالالتزام بتلك المبادئ ولم ينجرفوا وراء المصالح والمكاسب فما معنى ان يرفض رئيس مجلس محافظة السيارة الفارهة ويعرضها في المزاد لأجل ان تضاف اموالها الى خزينة المحافظة الا خير دليل على التمسك بهذا النهج الاخلاقي والمبدئي .
ولعلني في هذا الصدد اشير الى شخصيتين محليتين عايشتهما من خلال مواقفها ولابد من الاشادة بهما رغم ما عرض عليهم من مكاسب ومنافع تكفيهم وعوائلهم لآخر العمر فهنا تقف النخلة الشامخة العلوية منى الغرابي عضو كتلة المواطن في مجلس محافظة ذي قار تقف بكل عنفوان مطلقة صرخة التمسك بمبادئها في زمن ضُيِعَت فيه ملامح الاخلاق حتى لتعلن بعد ان عرض عليها مفاوض الطرف الاخر من دولة القانون المناصب والمنافع قائلة لهم "عذرا لو اعطيتموني الناصرية بجميعها لما تركت خطي ولا تركت قائمتي وال الحكيم " كذلك الموقف الرائع لعضو الائتلاف الوطني الديمقراطي عن الحزب الشيوعي الاستاذ  السيد شهيد الغالبي نقيب معلمي قضاء الشطرة حينما عرض عليه مفاوض دولة القانون ان يكون في مصافهم قبالة ائتلاف الموطن والاحرار على ان يستلم منصب المحافظ او اي منصب يرغب به لكنه اعتذر وانسحب من جلسة التصويت قائلاً كلمة رائعة " انا وقعت مع ائتلاف المواطن والاحرار وهذه كلمتي وانا رجل احترم كلمتي" . 
فلكل رجل او امرأة يحترم ذاته ويحترم مبادئه واخلاقه الف تحية وسلام 
عبد الكاظم حسن الجابري
2/7/2013
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الكاظم حسن الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/03



كتابة تعليق لموضوع : الثبات على المبادئ في زمن اللا مبادئ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net