صفحة الكاتب : فالح الإمارة

(هذه رسل القوم اليكم) فماذا انتم فاعلون؟
فالح الإمارة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قبل قرابة اربعة عشر قرنا وقف رجلُ في منتصف الخمسينات من عمره خالط شعره البياض وظهرت خصلات من تحت عمامته كخيوط النور على غرة مضيئة. وقف ليكتب صفحةً وِترا في تاريخ الانسانية و الرجولة لم يكتبها احد قبله ولن يكتبها احد بعده. وقف بين ثلة قليلة من انصاره واهل بيته أمام رحله ونسائه واطفاله. احاطت به الجيوش المدججة من كل جانب ولم يخف ولم يرتعد ولم يخرج عن طوره! كان ثابت الجنان نافذ البصيرة يغدق النصيحة لأعدائه وينهاهم عن المنكر ويدعوهم الى الخير. كان موادعا مسالما يكره الشر بكل صوره. كيف لا وهو سليل رسول الله وابن علي وفاطمة وكريم بني هاشم لا ينازعه في الشرف منازع ولا يضارع مقامه مضارع. رجل عرفه عدوه قبل صديقه فهو ابن الهدى وثمرته وقد خرج الناس من الضلاله الى الهدى على يد جده وابيه. لكنهم مالبثوا أن عادوا اكثر ضلاله بعدما تلفعوا بجلباب دين جده لباسا ورفعوا آياته شعارا. تقدموا يريدون رأسه وهم يكبرون ويهللون. وقف ولم ينكُص ولم يستسلم، ولما لم ير بدا من السيف استله وترك الموادعة وهب ليثا غاضبا وقال قولته الشهيره "هيهات منا الذلة" التي بقيت تدوي في الآفاق وستبقى الى ما شاء الله وما بقي الوجود. قتلوا انصاره واهل بيته وحتى طفله الرضيع امام ناظريه فلم يثنه ذلك عن المبدأ وجاهد الى ان دفع مهجته الشريفة قربانا، وكان لهم ما ارادوا... واحتزوا رأسه وهم يكبرون بتكبيرة جده: 
ويكبرون بان قُتلت وانما قتلوا بقتلك التكبير والتهليلا 
لن ينسى من احب الحسين أو الإنسانية التي يجسدها ذلك اليوم الاسود في تاريخ من يدعون انهم بشر ولكنهم واقعا ضباع قفار وعسلان فلوات غادرة مفترسة انقضت على من اراد لها الهدايه لتعود الى جاهليتها، وكم باضت وأصفرت وفرخت على صفحات سوداء من التاريخ. كان يصدق لهم النصح فيرمونه بالسهام! فالتفتَ الى اصحابه بعد ان استيقن نيتهم واستيئس من هدايتهم وقال (هذه رسل القوم اليكم، فقوموا الى الموت الذي لا بد منه، يرحمكم الله). 
عادت رسل القوم تلك من جديد مرارا وتكرارا عبر القرون والأحقاب وهي نفسها تتجدد في كل حين. فقبل أسابيع أحيا أحد أحفاد هند بنت عتبة (ام معاوية) سنتها وهي التي أخرجت كبد حمزة لتأكله فاستخرج هو قلب جندي سوري من أبناء بلده ليمضغه أمام الناس. وقبل أيام هجمت جيوش طاغية جديد لتحيي سنة اجدادها وتقتل رجلاً اسمه حسن شحاته لا ذنب له الا حب سيرة الحسين والاقتداء به ورفض سيرة اعدائه وقاتليه. وقتل حسن شحاته بطريقه وحشية مقززة كما قتل مَثلهُ الاعلى من قبل، ولكن لم يكن بيده سيف ولا رمح ليذب بهما عن نفسه واهله. كان أعزلا من كل سلاح سوى الايمان وقتل اخوته واصحابه معه ومُثل باجسادهم وسُحلوا على الارض بحبال الاسلام الجديد, بحبال مرسي والقرضاوي وعرعور والعريفي وامثالهم من الرويبضات، وتعالت صيحات التكبير بالانتصار العظيم الذي حققوه وأحرقوا (بيوت الظالمين) كما احرق أسلافهم بيوت الحسين من قبل. فما أشبه اليوم بالبارحة؟ 
لست هنا بمعرض سرد قصة مكررة عرفها القاصي والداني والمحب والمبغض لكني اريد ان اقول لكل من يدعي انه من اتباع الحسين من الحكام والشعوب (هذه رسل القوم اليكم) فهل فيكم من يقف مثل الحسين ليدافع عن المبدأ؟ من منكم سيقول هيهات منا الذلة ومن سيواجه الضلالة الجديدة القديمة؟ لقد انتظرت اياما كي أرى أو أسمع رد قادتنا السياسيين ومراجعنا واصحاب الحل والعقد فينا. لم اسمع غير بيانات الاستنكار الخجولة الممجوجة التي اسمعها بعد كل تفجير وجريمة يذبح فيها ابناء الحسين. اقول لقادتنا ان الذين قتلوا حسن شحاته في طريقهم لقتلكم جميعا وسوف يأتونكم بعجلات ومدرعات تعمل بالنفط العراقي الذي اهديتموه (للشقيقة) مصر كي ينعتكم رئيسها (بالأنجاس الأرجاس) بعد أيام من ذلك. لقد أُكلتم في الواقع يوم أُكل الثور الأبيض! 
الجميع منا مطالبون بوقفة في وجه الشر وما حياة ذليلة بافضل من ميتة كريمة مثل ميتة حسن شحاتة، وان عظمت وحشيتها وبشاعتها. كفانا مداهنة واسترضاء لمن يكفرنا في ديننا ويشنع علينا بالقول والفعل. كفانا مآتم ومجالس عزاء تفننا في صناعتها قرونا فحسن شحاته ليس بحاجة لها، وذرفنا دموعاً تكفي لاغراق الاهرام التي سالت قربها دماء حسن شحاتة الذي لم يُقتل لشخصه بل قتل لان المبدا الذي آمن به يقض مضاجع الظالمين والمتسلطين. 
ان اول اجراء ملح الآن هو قطع امدادات النفط واخراج العمالة المصرية من البلاد فورا والتحوط من الشر القادم حتى يقضي الله امرا كان مفعولاً. 
ولمن لا يعرف اين وقف الحسين ليكتب التاريخ اقول له انه لم يقف بعيدا... وقف في ارض جرداء قرب الفرات تحولت بفضل قبره اليوم الى حاضرة اسمها كربلاء، يزهو ساكنيها باسمها ويتباهون انهم من هناك ويتعالى جهالها على غيرهم من أبناء البلاد لانهم من اهل تلك الديار، فهل من معتبر؟   
 
سلام على الحسين وعلى من سار بهديه ورحم الله حسن شحاته والمستشهدين معه

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فالح الإمارة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/28



كتابة تعليق لموضوع : (هذه رسل القوم اليكم) فماذا انتم فاعلون؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net