صفحة الكاتب : ماء السماء الكندي

مبدأ الدكتاتورية أجهض الحرية
ماء السماء الكندي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن الحرب العالمية الأولى التي دارت بين إمبراطورية النمسا ومملكة صربيا عام 1914 لم تكُ حرباً استعمارية أو حرب لوجستية بل نشبت  نتيجة اغتيال ولي عهد النمسا وزوجته على يد طالب صربي لأسباب باتت تـُخط لها حكايات من قبل الدول الحليفة والمضادة .
 
خلـّف اغتيال ولي عهد النمسا (فرانز فرديناند) أزمة دبلوماسية متشنجة أومأت للدول الموالية والمناوئة للطرفين لبدء التحشيد العسكري واللوجستي  والتأهب لخوض مضمار الحرب الدامية، استغرقت المعركة الطاحنة أربع سنوات ، تم استخدام أسلحة كيميائية محرمة دوليا لفرض القوة المفرطة وإعلان الانتصار الساحق ،نتج عن الحرب سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين والعسكريين كما وساهمت الحرب على سحق الارستقراطيات الأوربية إضافة إلى تأجيجها للثورة البلشفية تحت أمرة الروسي فلاديمير لينن والذي سعى  لإسقاط الحكومة المؤقتة المشكلة عام 1917 والتي أودت بالبلاد إلى الهاوية نتيجة شل البلد اقتصاديا، كما وان مد الدمار الذي خلفته الحرب قد أوشك على إطلاق صافرة النزاع الأكبر بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والذي يعرف بالحرب الباردة.
 
تلك المعركة الطاحنة التي أججتها القوى الأوربية المتمثلة بصربيا و النمسا و فرنسا و المانيا وروسيا وغيرها من الدول، ساهمت وبشكل كبير على إسقاط سلالات أوربا الحاكمة التي يعود أصلها الى الحملات الصليبية وهذا التدمير السياسي والاقتصادي والمدني غير خارطة أوربا جملة وتفصيلا.
    
قعقعة العساكر ودويّ الانفجارات لم يحتسب له زمناً محدد لإعلان الهدوء او الهدنة المرتقبة ، إلا أن معاهدة فرساي أوقفت الحرب بالكامل بعد أن وقــّع الحلفاء المنتصرون بعض الاتفاقيات مع خصومهم الذين لاحقتهم الهزيمة،وهنا اعترفت المانيا بأنها المسؤولة عن نشوب الحرب حيث ترتب عليها بند شبيه بقانون العقوبات والذي يقتضي تعويض جميع الأطراف المتضررة مالياً على حساب المانيا حيث خسرت بسبب هذه المعاهدة بعض مستعمراتها وأراضيها كما وخسرت الدولة العثمانية أيضا أراض واسعة في أوربا واسيا ما جعلها تصبح إمبراطورية محدودة.
 .
 كي لا ينتج اختلاج عسكري أخر أو أطروحة استعمارية جديدة ، تم تأسيس منظمة متفق عليها دوليا تعرف بـ "عصبة الأمم "  تأسست عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919  ، حيث وضعت في دستورها رأب الصدع الدولي وصد الانخراط العسكري لوقف أي حرب بين الدول.
بعد أن تراجعت أوضاع أوروبا تم انعقاد مؤتمر طهران عام 1943 لمناقشة وضع عصبة الأمم وماهيتها خصوصا وان مقرها ظل شاغراً طلية ست سنوات إلى أن توصل الحلفاء لقرار يقتضي إنشاء هيئة الأمم المتحدة لتحل بديلاً عن العصبة.
تبين لدى المؤرخين والمحللين السياسيين إن النفوذ و اللوجستية التي اتسمت بها تلك الخصوم أدت إلى تدمير جميع القائمين على الحرب، وكانت المانيا قد دفعت ثمن تلك الحرب حيث تم تدميرها  صناعياً وزراعياً بل ودمرت بناها التحتية وتم اغتصاب بعض حقوقها حين استلبت أراضيها  بواقع  25 ألف ميل مربع وضمها إلى الدنمارك وبولندا وتشيكوسلوفاكيا  كما وقد نصت البنود على تقيد المانيا بمائة ألف جندي فقط وإلغاء التجنيد الإلزامي وتم منعها من إنشاء قوة جوية إضافة إلى الكثير من العقوبات التي همشت المانيا ودمرتها بالكامل ، هذه الحرب النفسية المريرة عكست معاهدة فرساي بسبب إفراطها المبالغ فيه من ناحية ترتيب العقوبات على المانيا ما جعل، العسكري المحنك أدولف هتلر، يوقد فتيل الحرب العالمية الثانية لتخليص المانيا من قيود العقوبات واستعادة هيبتها.
تلك الحروب المدمرة لم تسعى لها الشعوب البتة ولم يرحب أي مدني بأي تكور عسكري ولأن الشعوب تحاول الارتقاء بواقعها المزري الا ان القيادات الحاكمة لها رؤيا مغايرة لشعوبها وهنا اختلف الواقع و تشظى المنطق واخذ البلد بالسير الى ما لا تشتهيه نفوس الماكثين فيه بل بما يشتهي القائد المتربع على عرش الحكم ، بما ان اختلاف المواقف والتحركات في تلك الحقب الماضية والفترة الحالية لا يعد ناتجاً  قصي بل هو ناتج محرف يأخذ انطباعاً واحداً وهو التسلط والدكتاتورية ، ولان هتلر زعم بان اليهود هم امساخ مقيتة ومن شأنه ان يسحقهم الا انه اتسم بالدكتاتورية والظلم المشهود في سبيل تخليص بلده من مأزق العقوبات وما النتيجة ؟ فقد اصبح دكتاتوراً يسعى للحرية على حساب تدمير العالم  ، وهنا نشير للقائمين على شؤون البلاد ان يعوا ويستنتجوا من تلك التجارب أمثلة مفيدة لإنعاش المجتمع وان يعوا ان الشعب يرفض رفضاً قاطعاً أي سياسة من شأنها أن تقتلع حضارته الزاخرة او طمرها تحت ركام المغالطات السياسية والجهل الإداري.  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماء السماء الكندي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/20



كتابة تعليق لموضوع : مبدأ الدكتاتورية أجهض الحرية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net