صفحة الكاتب : السيد يوسف البيومي

الرد القويم على: صلب المسيح وقيامته من خلال آيات القرآن الكريم ج4
السيد يوسف البيومي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لقد وصل بنا الرد إلى المقطع التالي حيث قال حضرة الأب حنا اسكندر:

(وكل هذه دلائل على بيئة القرآن المسيحيّة. فما غير المسيحيّين يستعمل كلمة صليب أو صلب للتعبير عن الألم والعذاب، وكلّنا يعلم المثل اللبناني الدارج: أنت صليبي، أي أنت سبب ألم وعذاب لي. إذا بما أنّ القرآن الكريم استعمل كلمة صلب للتعبير عن العذاب للمفسدين في الأرض أو لسحرة فرعون، يعني أنّ هذه التعابير هي محض مسيحيّة. ويوسف عندما فسّر الحلم لخادمي فرعون: إنّ فرعون سيصلب أحدهم هو تعبير محض مسيحي. فكتاب التوراة، حيث رويت القصّة، يذكر أنّ رئيس الخبازين سيُعلَّق: וְתָלָ֥ה (اتلاه= يعلقك)  على خشبة. עֵ֑ץ (عيتص = شجرة أو خشبة) لكن لم يذكر الصلب، فالصلب لم يكن معروفا بعد. لذا هذا دليل أنّ جذور المسلمين الأوائل هي مسيحيّة، فكانوا يقرأون كتاب أعمال الرسل حيث يستعمل كلمة عُلِّق على خشبة بدل من صُلِب. ويسمعون الترنيمة: المسيح عُلِّق أو رُفِع على خشبة حسب الصلوات السريانية، وحسب الترانيم البيزنطية والتي ترنمها، حاليًّا، فيروز: اليوم عُلِّق على خشبة، ما هي الا  للتعبير عن حدث صَلْب المسيح. لذلك تبنّى القرآن الكريم كلمة صلب بدل التعليق على خشبة، ليفهم سامعيه المعنى المقصود. وبالنتيجة بيئة القرآن كانت تعرف الصليب جيّدًا).

نقول:

أولاً: لقد بينا سابقاً من خلال تفصيل الآيات وبيانها أن كلمة "الصليب" لم يتم ذكرها في القرآن الكريم، وما ذكر هو فعل الصلب بمعنى التعذيب والآلم كما قال حضرة الأب الكريم، ولكن ما هو ثابت من الدلائل و القرائن أن الصلب كان بمعنى التعليق وشد الوثاق.

ثانياً: لقد حاول حضرة الأب ومن خلال الاستدلال بالآيات الكريمة أن فعل الصلب الذي ذكر في القرآن الكريم هو بنفس الطريقة التي كان يستعملها الرومان حسب رأيه وهي تسمير اليدين والرجلين إلى خشبة، ولكن إن الحضارة الفرعونية كانت تعلق المصلوب على النخل وهذا خلاف الصلب على الشكل المصلب. وكذلك جزاء المفسدين في الأرض هو التعليق وليس التسمير، وبهذه الطريقة تكون الدلالات لا تخدم حضرة الأب في ما أراد أن يثبته.

ثالثاً: لقد زعم حضرة الأب أن بيئة القرآن مسيحية حيث أن المسيحيون هم من يستعملون كلمة "صليب" وصلب بمعنى العذاب والألم، وهنا أيضاً فإن حضرة الأب لم يفلح بما أراد أن يسوقه وذلك لعدة أمور منها:

أ ـ لم يأتي القرآن الكريم على ذكر كلمة "الصليب" وقد بينا ذلك، إنما هو ذكر هو فعل الصلب.

ب ـ إن الصلب وكما هو ظاهر يحكي عن حضارات مختلفة وبطرق مختلفة فإنه بهذا لا يمثل عقيدة وبيئة المسيحيين على الإطلاق، فلم يكن المسيحييون متواجدون بعد في زمن الفراعنة وإنما اليهود فقط، فما معنى أن تكون بيئة القرآن مسيحية، وإن قبلنا معه جدلاً فعليه أن يقول بيئة فرعونية ـ يهودية مع أن القرآن الكريم كان ينقل أحداث كانت قد حصلت مع أنصار الأنبياء (عليهم السلام).

ج ـ لقد عاصر المسلمون الأولون بعض من المسيحيين ولكن المسيحيون الذين كانوا في ذلك العصر من الغنوصية والنسطورية واليعاقبة، لم تعترف الكنيسة الأم أنهم كان مسيحييون وتقول عنهم أن لديهم عقائد تخالف المسيحية وديانتهم ولا تم للعقيدة المسيحية بأية صلة، وقد ازدهر أيضاً فيما بين العرب عدد لا بأس به من الشيع المسيحية التي كانت تنكر عقيدة أو أكثر من قانون ايماني مسيحي رسمي لذلك هم ليسوا بـ "مسيحيين"(1). وبذلك أقول كما يقال في المثل:"من فمك أدينك"، فإن القرآن كان ابن بيئته العربية ولذلك كان باللغة العربية وإلا لنزل بالسريانية أو العبرية أو اللاتينية ولكنه نزل قرآناً عربياً، ولم يتأثر بأحد وإلا لما كان يخاطب أهل الكتاب ويدعوهم لترك ما يعبدون والدخول في الإسلام، وكل ما ذكر من قصص الأنبياء هي لكي يدل على إعجاز القرآن الكريم وعلى أن فيه كل ما عند اليهود والمسيحيون، والدليل على ذلك نقله لأحداث حصلت مع الأنبياء (عليهم السلام) الذين يعرفهم اليهود والمسيحيون أو النصارى كما عبر عنهم القرآن الكريم.

د ـ إن الكلمات العبرية التي استخدمها حضرة الأب كدليل للصلب إنما أفادت التعليق كما اللغة العربية، ولا يمكن أن نقلب المعنى إلى التسمير فحتى التوارة فأنها تحكي عن ما حدث ضمن الحضارة الفرعونية، وهذا يدل على أن المعنى هو التعليق لا غيره من الصلب بتسمير القدمين واليدين، ولا يعنينا أصلاً عن طرق الرومان المتبعة في التعذيب لسببين:

الأول: إن حضرة الأب يحاول إثبات أن الصلب في اللغة العربية هو تسمير القدمين واليدين، وقد تم تبيان خلاف ذلك كما قلنا سابقاً من خلال شرح الآيات والحضارات التي تروي ما حصل مع أنصار الأنبياء (عليهم السلام) حينها. وحتى اللغة العبرية اظهرت كما قال هو أنه التعليق.

الثاني: حتى ولو كان الصلب عند الرومان هو تسمير اليدين والقدمين فإنه لا يعنينا لأن القرآن قد نفى الصلب عن شخص المسيح (عليه السلام) وسوف نبين ذلك في محله بإذن الله تعالى.

وأخيراً، وحتى لا أطيل على القارئ أنتظروني في الجزء المقبل من الرد القويم...

أخوكم في الله..

العبد الفقير إلى الله..

السيد يوسف البيومي..

__________________

(1) دراسة لكتاب "المسيحية العربية وتطوراتها"، الأب مارون اللحام، ص1. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد يوسف البيومي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/16



كتابة تعليق لموضوع : الرد القويم على: صلب المسيح وقيامته من خلال آيات القرآن الكريم ج4
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : د. بهجت عبد الرضا ، في 2013/06/17 .

بسم الله الرحمن الرحيم. بارك الله جهودكم وصبركم وتأنيكم
وتوخيكم الدقة في جمع وتحليل المعلومات وهذه هي الأمانة العلمية.
تحياتي

• (2) - كتب : مهند ، في 2013/06/16 .

سيدي الكريم لله درك فقد اوضحت للاب حنا ما كان خافيا
جزاكم الله كل خير في شوق للجزء الثاني




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net