صفحة الكاتب : محمود الربيعي

الأصالة في نهج ومنهج السيد الشهيد الصدر الأول
محمود الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد محمد باقر الصدر  قدس سره مفكراً ومجدداً
إعْتُبِرَ السيد الشهيد قدس سره مفكراً لامعاً ذلك لأنه لم يقتصر على الدراسة والبحث ولكنه وبإعتباره مجتهداً فاحصاً تمكن من الإنفتاح على الأفكار التي تعاصر وقته فتمكن من قراءئها والتمعن في تفاصيلها وتأثيرها على الجماهير ووجد نفسه مضطراً للإقتراب من الجماهير والتفاعل معها والأخذ بيدها فنظر في الفكر الرأسمالي والفكر الماركسي وقدم أطروحاته الفذة رغم قصر المدة التي عاشها وصعوبة النزول الى ساحة الصراع الفكري وقتذاك عندما كانت فئة بعيدة عن الإسلام إقصاية تتربع على عرش السلطة ولاتسمح للآخرين بالمنافسة خصوصاً أن الرجل الشهيد كان إسلامياً وشيعياً مما أغضب السلطة التي رأت فيه عنصراً مؤثراً وفاعلاً في صفوف الجماهير وطلبة الجامعات وطلاب الحوزة الدينية وقادة الأحزاب الإسلامية وقواعدها المنظمة في ظروف تنامت فيها الحركة الإسلامية في إيران فعرض قدس سره فلسفته الإجتماعية والإقتصادية والفكرية والثقافية التي لبت حاجة الجماهير الشعبية الوطنية وفي الوقت ذاته عارضت فيه الأحزاب التي تؤمن بالتبعية لأحد المعسكرين الرأسمالي والماركسي.
وقد أزعج فكر كل من السيدين محمد باقر الصدر وروح الله الموسوي الخميني السلطات في كل من إيران والعراق، كما أغضب نموهما أيضاً حكام الدول المرتبطة إما بالمعسكر الرأسمالي الذي كان يميل إليه الشاه أوالمعسكر الإشتراكي الذي يميل إليه حزب البعث في العراق، وأصبح الإسلام يخوف كل الأطراف التي حاولت إسكات الأصوات الإسلامية الصادرة عن قيادات قوية مثل قيادة السيد الشهيد الصدر وقيادة الإمام الخميني الراحل.
 
الفرق بين طرح الشهيد الصدر الأول وبين ماكان يطرحه بقية العلماء
لقد أحدث الشهيد الصدر الأول طفرة نوعية في عالم الفكر والسياسة والعقائد والإجتماع وكانت له قاعدة شعبية عريضة لذلك  أصبحت آرائه مثار جدل ودراسة من قبل مفكري الغرب والشرق عندما تناول في طروحاته النظرية الإقتصادية والمنهج الإقتصادي في الإسلام وأحدث بذلك قفزة علمية نوعية خصوصاً في عمل البنوك، واستوعب التطورات والتحديات العصرية عندما كان المسلمون غارقين في حالة الفقه الجامد والإنعزالية في عالم الإجتماع والسياسة والعقائد التي كانت قد دخلت في حياة الناس في عالم يعيش صراعات فكرية وعقائدية حادة بين المعسكرين الرأسمالي والإشتراكي اللذان يمتلكان جمهور واسع في كل مكان، بينما يعيش المسلمون حياة ركود سياسية وعقائدية تقليدية لم تستطع أن تنهض بحياتهم ومستقبلهم رغم محاولات بعض التنظيمات السعي الى تبني اسلوب عصري في مقاومة التيارات المضادة فكانت محاولات السيد الشهيد الأول محاولات فردية نادرة وقادرة على بعث الحياة في نفوس الجماهير، ونتج عن ذلك أتباع ومقلدون وحركات تنظيمية تبنت فكره وقبلت به كقائد وولي عصر زمانه رغم ضخامة المرجعيات التي عايشها والتي كانت ذات صيت وقدرات حوزية كبيرة إستطاعت أن تقود من خلاله عموم جماهير الشيعية في الوقت الذي كانت تحترم فيه قدرات السيد الشهيد وتراقب حركته الإنقلابية داخل المجتمع الشيعي والإسلامي.
 
بين الفكر الإسلامي للشهيد الصدر والفكر المادي للعالمين الرأسمالي والإشتراكي
إن علامات وخطوط التقاطع بين الفكر الإسلامي الذي إستلهمه الشهيد الصدر الأول من المصادر الأساسية للتشريع الإسلامي وبين ماكان يتباه العالمين الرأسمالي والإشتراكي كانت واضحة المعالم في الطرح الذي تبناه لما كان يحمل من قابلية في إحداث مقارنة واضحة في الأمور الأساسية التي تتناول علوم الإجتماع والإقتصاد والفلسفة لذلك فإن نظريات السيد الشهيد والمستنبطة من الكتب الدينية وتراث أهل البيت وقفت بشموخ أمام التحديات الكبرى التي لحقت بالمسلمين الذين كانوا يغطون في سبات داخل حوزاتهم بينما إنفتح هو على الجماهير واستطاع إستقطابها ووضع الثقافة الرائدة الأصيلة بين أيديها وتمكن يذلك من بث الروح العقائدية والسياسية بالشكل المتنامي والفاعل. 
 
وضوح مواقف الشهيد الصدر الأول
إن من أهم مميزات الشهيد الصدر الأول هي مواقفه السياسية والعقائدية الواضحة إذ لم يعرف المجاملات الفاسدة ولا المساومات الرخيصة فكان متجرداً في تفكيره، وخطه القيمي، والأخلاقي ولم يكن طائفياً بل كان موسوعياً، ولم يكن منغلقاً بل كان على أشد الإنفتاح على الفكر المادي يحاوره ويناقشه ويقف على آثاره ويتناول عُقَدَهُ بكل شفافية، ولو كان خصومه وأعداءه منصفين لأحاطوه بالعناية والرعاية كأحد عباقرة عصره الذين لو أتيحت لهم الفرصة الكافية لنشروا علومهم في الطول والعرض من البلاد ولتمسحوا بردائه وكان فيضاً صافياً ومصدراً نقياً ورحمة على من يشاء الله من عباده.
 
الجرأة عند السيد الشهيد الصدر الأول
إن من جرأة الشهيد الصدر هو تصديه لمواجهة الفكرين الرأسمالي والإشتراكي في وقت إنقادت في المجتمعات الى هذين الفكرين اللذين سادا أغلب الدول القائمة آنذاك وسيطرتا فيه على مقدرات الشعوب لكنه إنبرى وبشجاعة ليبين فساد كل منهما ورجاحة الفكر الإسلامي بتفاصيله.
كما أن من جرأته رضوان الله عليه هو مواقفه الصلبة من حزب البعث وصدام في الوقت الذي كان فيه هذا الحزب يستعبد الناس إستعباداً قل نظيره وكذلك فعل صدام حيث لم يكن لأحد أن يجرأ على إنتقاده وإنتقاد الحزب وفساد أفكاره.
 
ماذا لو كان السيد الشهيد محمد باقر الصدر حياً؟!
لقد خسر العالم الإسلامي شخصية عظيمة كشخصية السيد الصدر الأول التي رغم إعدامها لكنها تركت أعظم الآثار وأكبر التغييرات على الساحة السياسية بعد إستشهاده ولو كان رضوان الله عليه حياً لكان له الشأن العظيم في مسار الأمة.
 
الاهتمامات الفكرية للسيد الشهيد(قدس سره)
إن من أولى إهتمامات السيد الشهيد هو الإنسان الذي تدور حوله كل المفردات ومن جميع الإتجاهات ومنها الدولة وعلم الإجتماع وعلوم الإقتصاد وفلسفة الوجود ونظام الحياة، لذلك إهتم السيد الشهيد بتوفير الفكر له واسلوب نظام حياته الحركي.
ومن ناحية أخرى إهتم السيد الشهيد بتنظيم الشؤون العقائدية في المناطق وفي المحافظات وربط المدرسة والجامعة والمحلة والعمال والفلاحين بحركة العقيدة الإسلامية وبعدها السياسي الحركي.
 
الاصدارات النوعية لكتبه قدس سره الشريف
لو بحثنا في قائمة الكتب الإسلامية قبل وأثناء حياة السيد الشهيد للاحظنا قلة المصادر التي إهتمت  بشؤون السياسية والعقائد في العراق وغير العراق كمصر و الباكستان.
كما أننالم نجد عمقاً ستراتيجياً قوياً وواضحاً كما كان لفكر السيد الشهيد المتميز مهما إدعى الآخرون ذلك، لكن المنصفين هم وحدهم يعرفون مدى تميز فكر الشهيد وتأثيره القوي في مواجهة التحديات الأمر الذي أخاف حاسديه ومبغضيه عندما أحسوا بتنامي حركته الجهادية.
 
كتب ومناهج فكرية رائدة ومتميزة
لقد خط السيد الشهيد وبعمق كتبه النادرة المتميزة التي شغفت قلوب أساتذة الجامعات وعقليات المفكرين والساسة وسيطرت على قلوب الشباب الجامعي وشباب الحوزة الدينية في العراق وغير العراق.
 
موقفه من بعض الشخصيات كشخصية السيد حسن نصر الله وشخصية الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني
 
وليس أصعب من إعطاء وجهة النظر بشخصيات رائدة وفاعلة في المجتمعات خصوصاً بعض القادة السياسيين كالسيد الخميني والسيد حسن نصر الله فلقد كانت هذه الوجهة مُكْلِفَة قد تهز عروش دول وتطيح بأحزاب وتكتلات.
 
لماذا أعدمه صدام
لمّا وجد صدام أن شخصية السيد الصدر أصبحت تشكل خطراً على الأفكار التي يتبناها حزبه وأنه من الممكن أن يكون البديل والقائد لشعب العراق كما قاد السيد الخميني شعبه في إيران، ورأى أن القواعد الشعبية متعاطفه مع فكره وشخصه أصبحت هذه الشخصية إحدى العقد الكبيرة في حياة ومستقبل صدام ولم يكن أمامه وهو يفتقد الحكمة والعقل إلاّ أن أجهز عليه كما يجهز الوحش الضاري على فريسته ليرديه قتيلاً شهيداً وبذلك خسر العالم والمسلمون والعراق أعظم شخصية لامعة غطت عالم الفكر والحياة وتركت آثارها في عقول العلماء والقادة والمفكرين ونفوس مريديه وأتباعه، واليوم نشهد أن الكثير من الحركات الإسلامية في العراق تعشقه وتحاول أن تلصق وجودها بتاريخه العظيم ولا لوم لهم في ذلك لما للشهيد من مكانة عظيمة شهد لها القاصي والداني.
 
 
‏11‏/06‏/2013

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمود الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/12



كتابة تعليق لموضوع : الأصالة في نهج ومنهج السيد الشهيد الصدر الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net