صفحة الكاتب : السيد يوسف البيومي

من كان بيته من زجاج
السيد يوسف البيومي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أذكر حادثة حصلت معي أيام الدراسة حين كنت أنتقل في حافلات النقل العام من مدينتي إلى مدينة أخرى حيث الجامعة، وفي أحد الأيام وأنا ركبت أحدى الحافلات عائداً إلى البيت وقد جلست على المقعد الأخير في الحافلة، حيث لا يحب الكثيرون الجلوس في هذا المكان لأنه بعيد، وحين جلست صادف وجود شابين على المقعد الذي أمامي لكي أستمع لحوار بين هذان الشابان اللذين كانا يتبادلا أطراف الحديث ولكي أستمع إليهم مجبراً لأن صوتهما كان مرتفع بعض الشيء، وكان على هيئتهما أنهما من أتباع المذهب الوهابي ومن خلال لبسهما أيضاً..
فكان أحدهما يقرأ من ورقة يقرأ فيها هذا الإشكال:
 "من يتأمل الشيعة يجد كثرة الانقسامات في مذهبهم، وكثرة تنازعهم، وتكفير بعضهم بعضاً في وقت متقارب، ومن أوضح الأمثلة على ذلك: أن شيخهم أحمد الأحسائي أنشأ فرقة عرفت فيما بعد بالشيخيَّة، ثم جاء تلميذه كاظم الرشتي فأنشأ فرقة الكشفية، ثم أنشأ تلميذه محمد كريم خان فرقة الكريمخانية، وأنشأت تلميذته الأخرى قرة العين فرقة عرفت باسم القرتية، وأنشأ ميرزا علي الشيرازي فرقة البابية، وأنشأ ميرزا حسين علي فرقة البهائية. 
فانظر كيف نبغت كل هذه الفرق من الشيعة في عصر واحد، وفي وقتٍ متقارب، وصدق الله العظيم القائل: ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام:153]".
إلا أن الفضول دفعني لكي أتدخل قائلاً:"هل يزعجك لو أنني تدخلت في موضوع الإشكال"؟!
فكان الجواب منهما:"بكل سرور"..
فأجبت:
لكي نجيب على هذا التساؤل أو الإشكال يجب أن نفصل الجواب إلى عدة أقسام:
 
 
 
أولاً: لا يعتبر الإنقسام فيما بين المذاهب أو بين المذهب دليل يمكن الاعتماد عليه لكي نقوم بإبطال مذهب ما، وكما جاء في موضوع الإشكال أو الدعوى التي قرأتها وإلا لكان الدين الإسلامي هو أشد الأديان بطلاناً من الديانات السماوية الأخرى أعني (اليهودية والمسيحية)، وسبب في ذلك أن الإسلام قد انقسموا إلى ثلاث وسبعين فرقة، ومنهم فرقة ناجية والباقي الفرق كلها في النار، بينما انقسم اليهود إلى أحدى وسبعين، وانقسم المسيحيون إلى اثنين وسبعين فرقة..
ثانياً: في النظر إلى مذهب أهل السنة بالخصوص فهم مختلفون فيما بينهم أيضاً، وقد يكون الخلاف بينهم أشد من اختلاف الذي طرأ على الفرق الشيعية، فإن الوهابية تخالف الأشاعرة، والسلفية، والمعتزلة، والماتردية، والمرجئة، والخوارج، والأزارقة، والبهيسية، هذا بالنسبة للمذاهب العقائدية..
أما عن المذاهب الفقهية فهي أخرى متعددة ومختلفة، فهناك المذهب الحنبلي، والمالكي، والشافعي، والحنفي، والظاهري، ومذهب الأوزاعي، والثوري، وابن عينية وغيرهم الكثير الكثير..
ثالثاً: يجب ملاحظة أن أتباع "الوهابية" قد كفِّروا كل من يخالفهم من أتباع الفرق الأخرى، كما أن الوهابية قد أخرجت أهل الاعتزال من مذهب أهل السنة، والخوارج لم يتركوا أحداً لم يحكموا بكفره واهدروا دماء جميع المسلمين من الذين خالفوهم، ولائحة الأمثلة تطول ما..
 فلو كان تكفير المخالف لا يصلح دليلاً على بطلان مذهب المخالف، فإن الخلاف فيما بين هذه الفرق التي تنتمي إلى مذاهب أهل السنة لهو أوضح وأجلى. ولا بمكن إنكار ذلك، لأنه مكتوب ومدون في كتب العقائد لهذه الفرق.. أما عن الشيعة وخصوصاً الأثنا عشرية فإنهم لا يكفِّرون أهل السنة، ولا غيرهم من الفرق التي تنطوي تحت شجرة هذا المذهب..
رابعاً: يجب أن يكون معلوماً لدى الجميع أن طريق النجاة هو عبر الإسلام لا شيء آخر، فمن سلكه نجا ومن أخطأه هلك، ومن اتبع الطرق الأخرى مثل البابية والبهائية وغيرها هلك وضل وهوى.
وأخيراً: المطلوب من الجميع البحث الجدي والتحري للوصول إلى الحق والحقيقة، ولا يمكن ذلك إلا من خلال الدليل الواضح، الذي أظهره رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عدة مواقف وعلى رؤوس الأشهاد، وللمتقفي المنصف لا بد أن يصل إلى الحقيقة، وهي الآتي: الثقلان اللذان من تمسك بهما لن يضل أبداً، وهما لن يفترقا إلى يوم القيامة.. وهما كتاب الله، وعترة أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الذين هم في هذه الأمة كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هوى..
والنتيجة أن الذي أخذ دينه من هذا النبع فهذا السبيل إلى الله، وأخذ الإسلام من مصدره الصحيح. وإن الشيعة الأثنا عشرية يصرحون أنهم أخذوا دينهم من هذا النبع الصافي.. فماذا عن غيرهم؟! ومن أين أستقى دينه؟! ومن كان بيته من الزجاج فلا يراشق الناس بالحجارة..
فما كان من هذين الشابين إلا أن انتفضا منزعجين من مكانهما وبدلوا مكان جلوسهما..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد يوسف البيومي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/05/28



كتابة تعليق لموضوع : من كان بيته من زجاج
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net