صفحة الكاتب : علاء كرم الله

العراق – أمريكا من خسر من؟
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

الكثير من المحللين والسياسيين يلقون بالائمة على الحكومة العراقية بأنها خسرت صداقة أمريكا بسبب سياستها غير المتوازنة تجاه أمريكا!، وعلى الحكومة والشعب العراقي تحمل نتيجة خسارة تلك الصداقة؟!،التي بدأت جفوتها واضحة في ولاية أوباما الثانية الذي ركن الملف العراقي جانبا!!، حسب ما يرى هؤلاء المراقبين، وفي الحقيقة ان أمريكا لم تركن الملف العراقي جانبا لأنه  يبقى الملف الأهم بل أوكلت مهمة ادارة ذلك الملف  الى حلفائها الستراتيجيين بالمنطقة ( السعودية- قطر- تركيا)!وهم يقومون بالمهمة على أحسن وجه؟!!. وللعودة الى أصل العلاقة بين أمريكا والعراق نذكر: بأن غالبية العراقيين أبان فترة النظام السابق كانوا يتمنون  أن يكف رئيسهم  (الأهوج) من أظهار العداوة لأمريكا وبريطانيا وباقي دول الغرب وشتمهم  بمناسبة ودون مناسبة في خطاباته المملة!!،ولأن العراقيين هم  من بين الشعوب التي  ذاقت  ويلات الحروب و طعم الموت والخوف والجوع والتشرد، ولأنهم كانوا على يقين تام بأن كل المصائب والويلات في العالم تأتي  من تحت وسادة امريكا وبريطانيا وأسرائيل وباقي دول الغرب، لذلك كانوا يحلمون !بأن يقيم رئيسهم علاقات طيبة مع أمريكا وبريطانيا ويتجنب شرورهم، وطالما رددوا مع انفسهم( نريد نعيش مثل باقي دول العالم وتحديدا مثل دول الخليج ألسنا نملك النفط، وكفانا حروب وسياسات غبية وخطابات (عنترية)، عمرها لم تقتل ذبابة!!)، ولكن عناد رئيسهم الأهوج ورعونته وتخبطه وتصوراته( الدونكيشوتية)! بأنه يقدر على  أمريكا التي صنعته ودربته وعلمته منذ ستينات القرن الماضي!!، وصنعت حزبه منذ أربعينات القرن نفسه!!. فكانت النهاية فأطاحت به وبنظامه برمشة عين!، وبعد ان ألقت القبض عليه وأخذت منه ماتريد من معلوات عبر جلسات أستماع سرية ، سلمته الى الحكومة العراقية التي أجرت له محاكمة عادلة لا يستحقها أبدا!! ثم علقته على حبل المشنقة منهية بذلك حقبة حكمه المزعج. فرح العراقيين بسقوط صدام وبعثه ومعهم فرح العرب وكل دول الأقليم والجوارالتي قدمت كل الدعم والمساعدة والتفاهمات لأمريكا!! لأزاحة نظام صدام وبعثه الذي كان يمثل تهديدا لأمن المنطقة، وأستبشرالعراقيين خيرا وتصوروا أن حلمهم سيتحقق وبأنهم سيصبحون مثل باقي دول الخليج وسينعمون بخير نفطهم الوفير وأنتهت أسطوانة الحروب والعداء لأمريكا وأسرائيل ودول الغرب، فأمريكا التي كانوا يحلمون أن تكون العلاقة طيبة معها هي التي تحكمهم الآن وماذا يريدون اكثرمن ذلك! ، ثم انها بالأكيد ستفي بكل الوعود التي وعدت بها العراقيين قبل الحرب وبأنها ستجعل الحصول على (فيزا) الدخول للعراق حلم صعب المنال!! هذا ما كانت تروج له وسائل الأعلام الأمريكية مع أستحضاراتها للحرب على العراق. وانطلقت حناجر العراقيين  بالدعاء لبوش وجنوده! لأنه خلصهم من صدام وحكمه الأسود وأحمرت أكفهم من كثرة وشدة التصفيق للجنود الأمريكان وتعالت الزغاريد من النسوة والكل تهتف بحياة بوش وجنوده(كود كود بوش)!! وخاصة سكان المناطق الفقيرة الذين يلوحون للجنود الأمريكان بأشارة النصر(v) ,ويقابلهم الجنود الأمريكان بأبتسامة البطل المنتصر. ولكن هذا المشهد التلاحمي اللاأرادي سرعان ما انقلب الى عداء ودماء فيما بعد!؟، ومعه أنتهى حلم العراقيين الجميل وأبتدأ همهم الثقيل وليلهم الطويل، فلم يهنؤا بسقوط صنمهم الذي أذاقهم مر العذاب والخوف والموت والجوع والويل على  مدى اربعة عقود،ذلك عندما أصدرحاكم العراق المدني السيء الذكر(بريمر) قراره الرهيب والمدمربحل الجيش العراقي؟!! جاعلا بذلك من حدود العراق ممرا سهلا وآمنا لقدوم الموت للعراق من قوى الشرمن تنظيمات القاعدة وغيرها من التنظيمات الأرهابية  ومن كل أعداء العراق الذين كانوا يتحينون هذه الفرصة التاريخية للأنتقام من العراق ومن شعبه!!؟ وكذلك فتح الأمريكان أبواب  دوائر الدولة وموؤسساتها على مصارعها للنهب والسرقة والحرق والخراب والدمار، وكانوا هم اول السارقين!! لكنوز العراق وتراثه الأثري والحضاري، والأهم سرقتهم لوثائق وأرشيف اليهود الذي يحتفظون به لحد الآن رغم مطالبة العراق بضروة اعادته لأكثر من مرة!!. أعقب قرار حل الجيش العراقي قرار آخر لايقل خطورة عنه وهو قرار أجتثاث البعث أو( المسائلة والعدالة) فيما بعد  المثير  للجدل! هذا القرار لم يصدره بريمر كرها بالبعث!، بل  صدر لتخريب العراق أداريا وموؤسساتيا  ولشق صفوف العراقيين، فهناك اكثر من (4) ملايين عراقي! بعثي من مختلف الشرائح والقوميات والمذاهب والديانات مسجلين في سجلات وقوائم حزب البعث، ولكن جلهم من المسجلين فقط لا حبا بصدام ولا لبعثه ولكن لدفع الأذى وكف الشرعن انفسهم وعوائلهم، وكذلك من أجل لقمة العيش، بعد ان وضع صدام وبعثه معادلة عجيبة وغريبة( رغيف الخبز مقابل الأنتماء للحزب)!!؟،فجاء قرار الأجتثاث ليشمل الجميع فضاع الملايين بجريرة بضعة ألاف من البعثيين العقائديين والصداميين ففرغت الكثيرمن موؤسسات الدولة ودوائرها  من الكوادرالممتازة من جراء  ذلك القرار أو خوفا من الأنتقام!!. وهكذا  انقلبت أفراح العراقيين بزوال نظام صدام وبعثه الى أحزان ومآسي، بعد ان أكتشف العراقيين أن أسقاط النظام السابق من قبل أمريكا  لم يكن حبا بالشعب العراقي بقدر مايحمل مخططات اكبر من ذلك؟!، وما  تحرير الشعب العراقي من جور ودكتاتورية صدام ألا كذبة كبيرة روجتها امريكا من أجل أحتلال العراق!وتنفيذ أطماعها ومخططها لتدمير العراق باأثارة الفتن الطائفية والحروب الأهلية كما جرى وما يهدده الآن!!. فأمريكا لا تريد صداقة العراق ولا صداقة شعبه، كما انها لم تكن حريصة على أعادة بنائه! ولو كانت تريد ذلك فعلا لفعلت بالعراق كما فعلت بألمانيا واليابان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ( مشروع مارشال الكبيرلأعادة بناء الأقتصاد وأعادة أعمارهما، في العراق هي ضحكت على العراقيين بنكتة كبيرة ! فهي تريد أعادة بناء العراق بطابوق النظام السابق!!) كما أنها مزقت العراق بسياسات خاطئة! فتارة تجعل الملف العراقي بيد وزارة الخارجية وتارة بيد وزارة الدفاع (البنتاغون) وأخرى بيد (الكونغرس)! فضاعت الحسابات وكثرة الأخطاء وكانت النتائج وخيمة( من وجهة النظر الشخصية أقول انها كانت أخطاء مقصودة)!، فهي أعتمدت على مبدأ الفوضى الخلاقة في سياستها بالعراق منذ أحتلاله ولحد الآن!. فالولايات المتحدة هي التي سمحت منذ البداية بل شجعت!! دول الجوار والأقليم على التدخل بالشأن العراقي الداخلي ووقفت تتفرج عليه  حتى صار لقمة سائغة في فم أيران والسعودية والكويت وقطر وتركيا!!والأخطر انها جعلت من العراق ليس ساحة   للأقتتال الطائفي الداخلي حسب بل جعلت منه ساحة لتصفية الحسابات الأقليمية والدولية!!، وان ارادت أن تتدخل فترى التناقض واضحا في ذلك! ولغايات سياسية وحسب مقتضيات مصالحها  لاحبا بالعراق، فهي على سبيل المثال  تقيم الدنيا ولا تقعدها في حال وقوع تجاوز أيراني على الحدود البرية او البحرية مع العراق وخاصة المناطق النفطية المشتركة وتثير النخوة الطائفية والقومية لدى (السنة)!! بطريقة أو بأخرى على ذلك مما يعمق الخلافات  بين الأحزاب السياسية وفي قبة البرلمان ويزيد الأجواء السياسية أحتقانا وينعكس بالتالي على عموم الشارع العراقي. في حين انها  لن تبدي أية رأي وتلتزم جانب الصمت!! تجاه التجاوزات الكويتية والسعودية البرية(الحقول النفطية المشتركة) والبحرية  منذ  انتهاء حرب الكويت عام 1991  ولحد الآن تلك التجاوزات التي تنهب بالنفط العراقي، وأخرالتجاوزات المعروفة هو ميناء مبارك الكويتي المثير للجدل والذي سيخنق العراق بحريا مهما كانت التبريرات!!؟ ناهيك عن التجاوزات التركية على الحدود العراقية من قصف للكثير من القرى والقصبات بين آونة وأخرى  بحجة تواجد عناصر من حزب العمال الكردستاني (البككة)! وآخرها وأخطرها هو أتفاق الهدنة ووقف القتال بين حزب العمال (البككة) والحكومة التركية وأنسحاب مقاتلي الحزب الى داخل الأراضي  العراقية!! وبعيدا عن أنه يمثل تجاوزا واضحا ووقحا على السيادة العراقية فأن هذا الأمر يحمل في طياته الكثير من المخاطر على العراق ولا ندري ماهي الخطوة التي تلي ذلك؟!.أما موقف  أمريكا تجاه أشكالات الأزمة بين أقليم كوردستان وبين المركزفهو يميل لكفة حكومة الأقليم!! وطالما لمس المتابع للشان العراقي ذلك  ما دام الأمر يسبب المزيد من الضعف والتشتت والفوضى للحكومة  !!  كما أن أمريكا لم تساعد العراق بأخراجه من البند السابع، وهي التي وضعته تحت هذا البند!! بعد غزو صدام للكويت وتركت الأمر بيد الكويت التي تلاعبت بأعصاب العراقيين وبكل مقدراتهم منذ عشر سنين  ولحد الآن،فأضافة لما نهبته من الحقول المشتركة النفطية فقد أستقطعت  الكثيرمن المناطق والأراضي العراقية وضمتها الى حدودها!!، وقد أخذت  أكثر من حقوقها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها من جراء الغزو عام 1991 ودفع العراقيين ثمن الأخطاء الكارثية لرئيسهم المقبور من دمهم وخراب بلدهم وتأخر عمرانه وأعادة بنائه، وكل ذلك يحدث تحت نظر وعلم الأمريكان !!.وكذلك ان أمريكا لم تكن جادة بأعادة بناء الجيش العراقي الذي حلته! فهل يعقل ان العراق ومنذ عشر سنوات ولحد الآن لايمتلك طائرة نفاثة مقاتلة!! وهويعيش وسط كم هائل من التحديات الخارجية!! وأن اول طائرة مقاتلة نفاثة نوع (أف 16 ) سيتم استلامها في ايلول عام 2014 هذا اذا تم استلامها!!؟ الأمر الذي دعى العراق الأتجاه صوب روسيا لتسليح الجيش (موضوع الصفقة المثيرة للجدل )!!. أخيرا نقول للسياسيين والمحللين وكل متابعي الشأن العراقي الذين يلقون بالائمة على الحكومة العراقية بأنها خسرت صداقة أمريكا ولم تعرف كيف تكسب ود الأمريكان: نقول ان السياسة الأمريكية تجاه العراق منذ سقوط النظام السابق أتسمت بالغموض والضبابية والتذبذب وعدم الوضوح ولم تحمل أي شيء من المصداقية والخير للعراق ولا لشعبه، وهي ماضية لتنفيذ سياستها بتقسيم العراق ( مشروع بايدن) وتقسيم دول المنطقة الى دويلات عرقية ودينية وقبلية متناحرة ( مشروع برنارد لويس)، صاحب المشروع الأخطر لتفتيت العالم العربي!؟. والله المستعان على ما يخططون و ماسيفعلون.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/05/19



كتابة تعليق لموضوع : العراق – أمريكا من خسر من؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net