صفحة الكاتب : احمد محمد نعمان مرشد

لِلْحِوَارِ آدَابٌ وَأخْلَاقٌ 1-1
احمد محمد نعمان مرشد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

طالما والمتحاورون ما زالوا يؤدون دورهم في فرق العمل المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل ولشدة حبي للحوار واحترامي للمتحاورين أحببت أن اذكرهم بمجموعة من آداب الحوار وأخلاقياته التي تساعدهم على النجاح في حوارهم والرقي بمؤتمرهم نحو السمو والرفعة والتوصل إلى حلول عاجلة في جميع القضايا المطروحة أمامهم وبين أيديهم وفي جدول أعمالهم . فالحوار خلق كريم وظاهرة أزلية وجدت  مع وجود الإنسانية ومرتبطة بالعقل ووحيه وإلهامه ولما كان الإنسان حريص كل الحرص على توضيح أهدافه وتبيين أفكاره والدفاع عنها كان عليه لزاما أن يعرضها  على الآخرين وفي حالة معارضته من قبلهم أو مخالفته الرأي استجمع أفكاره وقدمها بشكل حوار يبعث للعقول معلومات جديدة بعد إشغال الذهن وإعمال الفكر . ولا بد للحوار أن يبقى عذبا بعيدا عن المهاترة والتشكيك والصراع الحزبي وهنا يلزمنا التحلي بمجموعة من الآداب الفاضلة والأخلاق النبيلة ومن أهمها :(عفة اللسان والقلم ) وذلك بان لا يتجاوز المتحاور في مدح ولا يسرف في ذم لان المبالغة في الذم طريق الشر والرذيلة كما أن  الإسراف في المدح والثناء ملق ومهانة فقد قيل لرسول الله صلى الله وعليه وسلم يا رسول الله ادعوا على المشركين ..قال:( إني لم ابعث لعانا وإنما بعثت رحمة ) كما قال( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) وتراثنا الإسلامي مليء بالآداب الرآئعة بين المتحاورين في أدق القضايا وأحكام الإسلام ويدرك ذلك المتتبع للتاريخ الإسلامي ومن ابرز ذلك الحوار الجميل الذي دار بين الخليفة الثاني(عمر بن الخطاب) رضي الله وعنه وعدد من الصحابة حول توزيع الأراضي بين المقاتلين فقد كان  الحوار منصبا حول تفسير عدد  من آيات القران الكريم ومع ذلك لم يتحمس عمر في كلمته ولم يسيء إلى احد في عبارة وإنما تبادل مع الآخرين الحجة بالحجة والرأي بالرأي وفي نهاية المطاف اقتنع الجميع برأيه وقالوا عن طيب نفس ( نعم ما قلت وما رأيت ) كما أن من النماذج الحوارية الرائعة حوار مكتوب تم تبادله بين عالمين جليلين هما إمام دار الهجرة ( مالك بن انس ) رحمه الله  وإمام مصر وعالمها الكبير ( الليث  ابن سعد ) رحمه الله يقول الإمام مالك رحمه الله : واعلم رحمك الله – بلغني انك تفتي الناس بأشياء مختلفة لما عليه الناس عندنا وبلدنا الذي نحن فيه وأنت في أمانتك وفضلك ومنزلتك من أهل بلدك وحاجة من قبلك إليك, حقيق بان تخاف على نفسك .. فانظر رحمك الله فيما كتبتُ إليك , واعلم أني أرجو أن لا يكون قد دعاني إلى ما كتبتُ به إليك إلا النصيحة لله وحده والنظر لك , فانزل كتابي منزلته فانك تعلم ( أني لم آلك نصحاً ) ويجيب الإمام الليث  عن هذه الألفاظ والمعاني الطيبه بمثلها قائلا قد أصبتَ بالذي كتبت به من ذلك , ووقع مني بالموقع الذي تحب .. ثم يقول : وقد بلغنا عنكم شيئا من الفتيا , وقد كنتُ كتبتُ إليك في بعضها فلم تجبني , فتخوفت أن تكون قد استثقلت ذلك فتركت الكتاب إليك في شيء مما أنكرت ... ثم يبين الإمام الليث انه ثابت على رأيه مخالفٌ في ذلك رأي الإمام مالك في العديد من المسائل والآراء دون مجاملة أو مداراة على حساب الحق ’ ثم يختم كتابه بقوله : وأنا أحب توفيق الله إياك وطول بقائك لما أرجو للناس في ذلك من المنفعة , وان نأت الديار فهذه منزلتك عندي ورأيك فيه فاستيقنه , ولا تترك الكتابة إليّ بخبرك وحالك وحال ولدك واهلك وحاجة إن كانت لك أو لأحد يوصل بك فاني أُسَرُّ بذلك . فهذه نماذج حوارية رائعة تدعو الناس إلى الرجوع إلى آداب الإسلام وأخلاقه في الحوار بدلا من تنصيب بعض الناس أنفسهم أوصياء على غيرهم وعلى العقول والتفكير فيتهمون هذا ويسيئون إلى ذاك ويشيعون الخوف من المشاركة في الحوار وإبداء الرأي وهذا السلوك يؤثر سلبا على إنجاح الحوار الوطني ويفتح أبواب الصراع والشغب والمشاجرة  .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد محمد نعمان مرشد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/05/05



كتابة تعليق لموضوع : لِلْحِوَارِ آدَابٌ وَأخْلَاقٌ 1-1
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net