صفحة الكاتب : هيثم الغريباوي

بيان اللا طائفيين.. وشاعرية الارهاب
هيثم الغريباوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قبل ايام قليلة اطل علينا الكاتب والشاعر المرموق الاستاذ احمد عبدالحسين تالياً بياناً نيابة عن شريحة من العراقيين ينوؤون فيه بأنفسهم من الاحتدام الطائفي الناشب على ارض العراق منذ عصور بأطوار شتى، وطالبين بحماية ما لم يحددوا كيفيتها ومن الذي سيوفرها تقيهم من دورة العنف التي حصدت وما زالت ارواح العامة من العراقيين من طرف متخصص بالقتل يميناً وشمالاً. ففي الوقت الذي يعبّر البيان عن اماني غالبية العراقيين، خصّ اخوة السيد عبدالحسين انفسهم بأنهم لا طائفة لهم، وانهم لا شأن لهم بهذا الجنون لا من قريب ولا من بعيد.
ومع فهمنا لمرامي البيان الوطنية والاخلاقية والادبية، لم يجرؤ على تحديد مصادر الشر وتوجيه اصبع الغضب العراقي الى الجهات العابثة بحياة العراق، فوضع الخطاب كل الاطراف وكأنها تقف على صعيد واحد من الجريمة. هذا الخطاب لا يختلف البتة عن الخطاب التهويمي للاطراف السياسية وبخاصة في الحكومة والبرلمان الذي طالما جنح لاسترضاء الارهاب ورموزه وتوفير عبء مواجهته واستئصاله عبر تنازلات هيئة المصالحة الوطنية وقرارات العفو المتكررة، بينما فهمها الارهاب بشكل صحيح على انه وهن من طرف الحكومة يجب انتهازه بالضرب تحت الحزام.
يتفق معي العزيز احمد عبدالحسين واغلب العراقيين بأن ما يمرّ به العراق وما يعانيه ليس نتاج هذه المرحلة، بل هو منهج وثقافة وتراث سياسي واجتماعي تليد جمد عليها عود اجيال متتالية وها هي اليوم تنفعل بالضد من التغيير الذي عصف بكل محرماتها التي وجدت آباءها عليها. ما اود ان اخلص اليه هو ان الاطراف العراقية لم تنجح الى اليوم في اجتراح معايير صارمة تحتكم اليها في طريق بناء الدولة، معايير عملية لا تتسع للمجاملات او المساومات او المصالح او المكرمات، معايير لا مذهب لها ولا دين بل تقرها كل الاديان والاعراف والفلسفات، وعلى رأس تلك المعايير ان المجتمع ينتصف للمقتول من القاتل، وللخراب من المخرِّب، وللمظلوم من الظالم. وثاني المعايير، الاحتفاء بالتضحيات والفداء والإيثار الوطني وتشريف اصحابها.
ان المرحلة التي يمر بها العراق بأمس الحاجة الى شاعر بوزن ابراهام لنكن (لنكولن كما يدرج بين العراقيين) الذي قاد جيشه نحو الجنوب لمحاربة اخوته وبني جلدته لتحرير الافارقة من ربق العبودية وتحرير بني جلدته من ربقة الاستعباد، رغم التكلفة البالغة المتمثلة بـ"حرب الاخوة" كما يسميها الامريكان. وحقيقة اخرى اعرضها امام اللا طائفيين – وهم اعلم بها – ان الارهابيين لا شعر لهم ولا شعور ولن يُحدث البيان حتى مجرد خدش في جدار قلوبهم الأشد قسوة من الحجارة، وان لا سبيل لحماية اللا طائفيين - وهم اغلب العراقيين - وحفظ ارواحهم الا باستئصال الارهابيين الذين احتشدوا في ساحات حرب وحرقوا مطالب ظالمة ورفعوا شعارات الويل والثبور والوعيد بقطع النحور. اعلنوا نواياهم بإسقاط الحكومة والدستور والقانون، ولم يعلنوا البديل لأنهم افترضوا اننا نعرفه وطالما خبرناه في شباطهم الاسود وتموزهم الابيض. فمطلبهم اليوم اما كل العراق او يفلتوا ببعضه في اقليم مأجور لعقابيل الخليج.
ان بيان الاخوة اللا طائفيين في معادلة العراق اليوم هو محاولة للانسحاب من ساحة المواجهة الى منطقة القتل. وان الارهابيين لن يقنعوا منهم بالحياد، بل سيدفعون بهم الى السخرة كل بحسب مواهبه وطاقاته، وليست تجربة الامس منا ببعيد، فهل سنحزم امتعتنا ايذاناً بهجرة جديدة بحثاً عن رمق من حياة؟
يقول الامام علي عليه السلام "اذا كان الخرقُ رفقاً، كان الرفق خُرقاً".

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هيثم الغريباوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/05/03



كتابة تعليق لموضوع : بيان اللا طائفيين.. وشاعرية الارهاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net