صفحة الكاتب : ماء السماء الكندي

الدين افيون الشعوب / هل أخطأ ماركس؟
ماء السماء الكندي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مقولة اطلقها كارل ماركس مؤسس الفلسفة الماركسية ، كان لابد من الاشارة الى ان الدين هو المخدر العام للشعب والذي يقيد النضوج والتقدم لارتقاء النفس والتماشي مع عجلة المستقبل ، اصبحت هذه المقولة محط اشكال ونزاع بين الطبقتين الاسلامية والعلمانية لان الاشارة الى الدين من انه مخدر للشعوب يعتبر طعن من قبل ماركس وقد غاص المؤلفون في ذلك المنطلق الى ان وقفوا على المعنى الدقيق لما اباحه ماركس وتفسير جملته التي ذاع صيتها جميع اصقاع الارض من انها فكرة ملتوية لجعل الدين آخر ما يفكر فيه الفرد بعد انتعاشه اقتصاديا، حيث اعتبر ماركس ان الدين من شأنه ان يبقى المجتمع عالقا في افكار رجعية يفصلها التردد وعدم عصيان المواثيق المنزلة .

كل امرء يتخيل العالم وفق خياله ولو نظر الفرد الى نفسهة وهو يلعب دور القائد والحاكم فماذا سيفعل ، بديهي وبلا تردد سيشيد فكرة جبارة لانعاش الطبقات الفقيرة ، لان حلم خدمة المجتمع لا يولد من رحم الترف اطلاقا بسبب التفاوت الطبقي بين الفئات المدنية ، لان البرجوازيين ينظرون الى البروليتاريين ( الطبقة العاملة / الفقيرة ) بطريقة السلالم المنحدرة من الاعلى وهذا الفرق من شأنه ان يحدث لدى الطبقة المرتقاة ذاتية نوعا من التجبر العفوي نظرا للظروف التي تحيط بها ، ولأن ماركس امضى حياته في دراسة الرأسمالية وسعى جاهداً لتغيير مسار المجتمع وانعاش الطبقة الفقيرة  لمقارنتها مع الطبقة البرجوازية ، كخطوة بناءة لطمر عنصر الفقر والتعامل مسبقا على اسس الفيض السلعي ، وبهذا يحقق ماركس نظريته الشهيرة ( الرأسمالية ) لتوحيد صفوف المجتمع دون تسيد او ظلم او استفزاز .

يعتبر مبدأ التساوي ماديا امراً لا يمكن اتمامه البتة ، لان الاسس التي بنيت عليها سجية الفرد تكون محط اشكال لدى الطبقتين ، وهذا الحال لا يختلف عن باقي القضايا المتعلقة بمحيط البشر ، التساوي يعني التوقف عن العمل او الانجاز سواء على الصعيد التجاري الاستهلاكي او التصنيع المباح المتواضع بين يدي الجميع ، نعم قد تكون تلك احدى سمات الانبياء وهي انصاف المجتمع كي لا يولد التسلط والتجبر الا ان التساوي يعد استحالة نظرا لهيمنة الرأسماليين ونفوذهم الذي تمركز في جميع انحاء العالم ، كما وان ماركس قد اخطأ حين وثق الرأسمالية كفكرة منه وهو نفسه الذي صور العالم على انه عبارة عن بضائع ، لذا الفيضان السلعي ناتج لامحال لان الرأسمالية تعني كل ما يطلب ينتج ، وهذا ما احدث الفيضان السلعي الذي  تسبب بنمو الازمة المالية .

ولكي يرتبط الدين مع الرأسمالية وحسب مقولة ماركس (الدين افيون الشعوب)  لنرى ان النظام الشرعي لدى العقيدة الاسلامية قد اجاز عملية اندماج الشركات دون مخالفة القواعد الاسلامية كـ سعر الفائدة للإقراض او اي منتج استثماري، وهذا مالجأ اليه الغربيون بعد التقييم العام للدول المتضرر بسبب مد الازمة المالية لنرى اندماج المصارف والشركات للحيلولة دون وقعها او تهاوي النظام الاقتصادي.

جميل ما خلفه الفلاسفة من اطروحات سارت عليها الشعوب لذا يبقى السبيل الديني اوجه السبل واكثرها نظارة اذا ما شوب بأفكار رجعية او اجتهادية تودي به الى القتل والسلب والتهميش وطمر المجتمع وترويضه بسياط العبودية لاقتضاء الاوامر المصاغة وفق نهج الحاكم .

ان ما مرت به البلدان الغربية كان خاليا من الصراع الطائفي او التصوف المذهبي وهذا عكس ما تمر به البلدان الاسلامية العربية ، والفرق ان للغرب نهجٌ واسع الافق يستنبط ما يتماشى مع انعاشه ولا يتعذر عليه الشروط المتوقفة على هذا المعتقد او ذك ، لتراهم اسمى تكنولوجيا وأمناً وثقافة اضافة الى تمتعهم بالقوة المفرطة ماجعلهم متغلغلين بين العرب واصبحوا المرشد الاول في حل نزاعات الدول العربية والمسيطر الوحيد على مصائر الشعوب دون مراوغة او حيلة .

وهنا نعود الى مقولة ماركس ( الدين افيون الشعوب ) لنسأل مراراً هل كان ماركس قد اشار بتلك المقولة الى العالم أجمع ام انه على علمٍ مسبق من ان الاسلام مهدد بالانفصال لينتهج نهج الطبقة البرجوازية والبروليتارية ويصبح الاسلام فريقين بعد ان بذل الانبياء حياتهم وجهودهم في سبيل توحيد المسلمين تحت راية واحدة ، من هم اصحاب النفوذ ومن هم الفقراء، واذا ما طبقت نظرية ماركس هل سيساهم هذا الحدث في رصف صفوف المسلمين ، اذا فالقضية لا تبارح موضع المادة فالكل يريد ان ينتعش ماديا ، والسبل المتاحة باتت اسهل من اطروحة ماركس لان الارهابيين والتكفيريين والسلفيين والوهابيين قد استخدموا طاقاتهم لافاضة البلدان بالدماء بدل السلع ، وقد اندمجت الدول في هذا الامر للإطاحة بأنظمة الدول الاخرى والمفاجئة الكبرى ان الصراع عربي بحت لا يمت بصلة الى الغربيين اطلاقا، اهذا ما اشار اليه ماركس حين سعى الى تساوي المجتمع لانعاشه مادياً حتى لا يولد عنده فراغ يسعى لاتراعه بكل الطرق سواء كانت سلمية او وحشية؟.   


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماء السماء الكندي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/24



كتابة تعليق لموضوع : الدين افيون الشعوب / هل أخطأ ماركس؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net