صفحة الكاتب : د . محمد تقي جون

المنامة الحادية والستون ثورة على (الجديم)
د . محمد تقي جون
" ودارت الأيام وجاءت الانتخابات.. وبدت مظاهر الحرية المنفلتة، والديمقراطية السطحية.. بعض المرشحين يشتري الذمم بدراهم معدودة، وتزيد وعوده الخيِّرة، وتكثر زياراته الميدانية المعدومة قبلاً، وبعض المنتخبين يبيع صوته بلقمة تملأ فمه أو فرحة رخيصة تهدهد قلبه. وستبدأ لعبة (المحيبس) و(الزغل).. وبالتالي لا رغبة للناخب ولا حياة للانتخابات". 
قالها ابن سيَّا وهو يتجول بين الإعلانات واللافتات للمرشحين: المنتمين والمستقلين. كانت الصور المطرزة بالعبارات المحفوظة الملفوظة ذاتها باهتة لا بريق إغراء فيها، ولا رونق أو ماء، ولا يمتّ كثير منها إلى الناس بصلة. وكثيرا ما مزق الناس هذا الكثير، أو علقوا تعليقات ساخرة، هي ثورة كسيحة وانتفاضة مشلولة ، ولكنها سؤر وبقايا كأس لما تجرع سابقاً.... 
أليس بعد كذا دورة لم يفز الشعب؟ بل فاز أفراد وأحزاب أثروا فأفحشوا، وأفقروا الشعب وأوحشوا، وقطّروا الأماني للناس قطرات غير مبللات... ويظل الناس يحلمون بحكومة لا تضطرهم إلى اتهام أنفسهم أمام الله بأنهم يجازون بسوء أعمالهم التي لا يتذكرونها، وأحلامهم البسيطة جداً لا يستجيب الله لها أو لبعضها وهو واسع الكرم يعطي بغير حساب. أو يتهمون جيرانهم والذين حولهم بأنهم يضربونهم دائماً بعين محرقة، و(بلاويهم) بسبب ذلك، وحتماً سيقول جيرانهم والذين حولهم بحقهم المقولة ذاتها. في حين يتمتع سكان الغرب بسعادة غامرة وحياة مثالية ولا يظلمون فتيلا وهم أكثر سخطاً لله وذنوبهم الفادحة لدينا يفتخرون بها، ولا يتهم أحدهم جاره والمحيط به بأنه يضربه بعين محرقة دائماً وهو سبب (بلاويه)، ولا هو يتهم بذلك من جاره والمحيط به ، مع أنهم أصحاب عيون زرق، والعيون الزرق معروفة بالحسد!! 
وعلى هذا الأساس لم يتغير الشيء الكثير، وبهكذا تطبيق ستكون الديمقراطية بديلة تماماً من الدكتاتورية، وكفيلة باستمرار الوضع القديم في الجديد فهي وضع (جديد – قديم) أو (جديم)!! وحتماً العيب ليس في (النظام الديمقراطي) لأنه ناجح ناجع في دول أخرى، وأسّه صحيح ومقاله فصيح. بل العيب فينا لأننا لم نستوعب الديمقراطية سلوكاً ففوَّتنا على أنفسنا فرصة أن نعيشها واقعاً... فانتخاباتنا غير (انتخاباتهم)؛ هم ينتخبون من يُكسِبهم أولا وآخرا، ونحن ننتخب من يكتسب هو أولا وآخراً!!
اذاً لابدَّ من وعي انتخابي ديمقراطي، ما دامت الانتخابات الطريق الامثل والاسلم لظهور قادة جدد، وبيد المنتخبين اختيار الاكفأ والاحسن والاكسب، وعلينا الحفاظ على الديمقراطية بشرط ان تكون منضبطة لا منفلتة، وثابتة الطول والعرض لا مطاطية الاتجاهات. ويجب ان ينتخِب الشعب جميعاً بوعي وشجاعة، فانسحاب واحد يؤمن بالعراق وطناً وموطنة هو إضاعة فرصة مواتية لفوز العراق والشعب.
ولكن (بحساب عرب) لماذا المصاعب والمصائب لا تزال حتى الآن في كلّ جانب؟ ولماذا السعادة ليس لها وفادة ولا عيادة؟ والمحن والإحن كلها وأنواعها وتفريعاتها تعشش وتعرّش في وطننا الغالي وشعبنا الطيب منذئذ للآنئذٍ؟
" الحل هو أن تقرر ما تهربت وهربت منه منذ أمسك الطويل وهو الثورة أيها الشعب الخائف المتردد" واستطرد " الثورة على نفسك أولاً، ثم على واقعك، بأن تمارس بشجاعة فائقة ودراية صادقة الديمقراطية الممنوحة لك". إنها دعوة لابدِّية إلى الثورة على (النظام الجديم) أو المظاهر الديمقراطية المزيفة أو الدكتاتورية المقنعة. وإذا حققت الديمقراطية الحقة، ستتحقق للجميع السعادة المفقودة، والمودة الموءودة، والحرية المقصودة، وتختفي كل مظاهر السوء الموجودة..
وأطلقها ملهبة شائظة مجهنمة:
كن كبيراً كما عرفتَ كبيرا لا صغيراً كما تراد صغيرا
أيها الشعبُ كم تئنُّ وتبقى لا توعَّى، ولا تروز الامورا
سامكَ اليومُ، مثلما سامك الأمسُ، بجـــــــورٍ فهل تعوّدتَ جورا
كان آباؤك الكــــــرام أباة      كيف أصبحتَ في الهوان صبورا
يا خضمَّاً، يا مزبداً.. أيها البحر غضوباً طغـــــــــى فطمّ البحورا
ليس بدعاً في أن تثور ولكن   كلُّ بدعٍ في أنه لن تثـــــــــورا
إنَّ أرضاً سقيتها بدماءٍ       أرضُ خصبٍ وليس أرضــاً بورا
فزكت مغرساً، وعمّت نماءً   وانتشت طيبة، وفاضت عبيـــرا
أنت بَرٌّ فلا توالي عقوقاً      إذ توالي من الأعادي نصـــــــيرا
أنت باني حضارة منحت كلَّ الحضارات عينها والنــــــــــورا
كنت سيف (الكرار) يعلو بصفينٍ فيَشفي للمؤمنين الصـــدورا
و(صلاح) المغوار منك.. بحطينٍ يسقّي الطغاة نصراً مبيـــــرا
(أنا آتٍ) قلها فقد ضجر الحق انتظاراً، أما ضجرت أسيـــــــرا
هزهز الكونَ لا تذرْ منه شبرا   وهو منك لا يُرى مستجيـــرا
املأ الأرض والسماءِ ضجيجاً   وعلى الخافقين دُكّ الطـــورا
صرخة تملأ النفوس وجوداً    والعراق الباكي منىً وحبـورا
وتدوّي مثل القيامة عصفاً      فتقيمُ الموتى وتذرو القبـورا
فانصهر في أتّونها مستكيناً       ليس يقوى، تعد قوياً قديرا
لبِّ داعي العراق.. ثرْ وانتخبْه   واعطِ صوتاً لمن تراه جديرا

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد تقي جون
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/15



كتابة تعليق لموضوع : المنامة الحادية والستون ثورة على (الجديم)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net