صفحة الكاتب : السيد يوسف البيومي

لماذا الظلم؟!
السيد يوسف البيومي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سؤال لطالما دار في ذهني ولربما في ذهن الكثيرين من الناس، هذا السؤال هو:
 لماذا الظلم؟! من أين بدأ؟! وما سببه؟! ولماذا نظلم أنفسنا، أو نظلم بعضنا البعض؟!..
سؤال لطالما كدّر خاطري، وكنت في بعض الأحيان لا أسامح نفسي لأنني كنت أحار في الإجابة، هل أسأل أحد حتى يريح بالي؟! ويطمئن خاطري، أم أترك الأمور تسير على طبيعتها هكذا، ومن ثمَّ أكتشف  تلك الأمور رويداً رويداً؟!
فالمحسوم عندي أن الله عز وجل لا علاقة له بظلم، فإن من صفاته العدالة والعدالة المطلقة التي لا يمكن ولن يمكن أن يصدر عنها شيء من الظلم،  وكما وصف نفسه تعالى في قوله:{وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}. وكما جاء في الدعاء:"وَاِنَّما يَعْجَلُ مَنْ يَخافُ الْفَوْتَ، وَاِنَّما يَحْتاجُ اِلَى الظُّلْمِ الضَّعيفُ".
إذاً، يبقى في هذه المعادلة البشر، ويأتي السؤال هنا: هل يمكن للإنسان أن يظلم نفسه؟! فإن كان الجواب هو: "نعم". فإنه من غير مستبعد أن يظلم الإنسان أخيه الإنسان. وإن كان الجواب هو: "لا". فهل من الممكن أن يظلم الناس بعضهم بعضا؟!.
ما هو منشئ الظلم في النفس البشرية؟! ما هو الدافع للإنسان لكي يظلم غيره؟!.
إن الأديان السماوية جميعها قد نبذت الظلم بجميع أشكاله، وحتى الأديان غير السماوية عملت على هذا، لأنه من الأمور المسلمة بها عقلاً: "الظلم هو شيء قبيح"، ولا يمكن للعقل أن يستسيغ هذا الظلم لقبحه. ومع هذا فإن الظلم واقع على وجه هذه المعمورة، في كل ركن منها، هناك ظالم ومظلوم..
ما هو سبب في هذا الظلم؟!
من الأسباب الداعية للظلم:
أولاً: هو ضعف النفس البشرية، وبما أن الظالم يفتقد للكمالات الإنسانية الحسنة، ويسيطر عليه الشعور بالنقص، فإنه يلجأ لظلم كي يسد هذه الخلة في نفسه..
ثانياً: سيطرة الشهوات الحيوانية عليه، مما يؤدي إلى تضخم هذه الحاجات، فإن الله عز وجل خلق تلك الشهوات لخيره ولكي ينكامل بها لا لأن يتدانى ويصبح في المراتب الحيوانية، فلولا شهوة الطعام لمات الإنسان، ولولا الشهوة الجنسية لما حفظ النسل البشري. ولكن في حال تعدي هذه الشهوات لحدها الطبيعي فإنها تكون أحد الأسباب الرئيسية في هلاك الإنسان ووقوعه في الظلم.
ثالثاً: إن حب التسلط والسلطة لهي من أكبر مخاطر النفس البشرية، فالمصاب بهذا النوع من الأمراض سيحاول وبأي طريقة الوصول لها والحفاظ عليها، وحتى لو دعته نفسه إلى الفساد في الأرض من قتل وتشريد، معتقداً أن مثل هذه الأفعال تحافظ على منصبه، مع أن الأولى به أن يعمل العدل بين الناس فقد قيل:"العدل أساس الملك".
رابعاً: من الأمور التي تدفع الناس لظلم بعضها البعض هي اعتقاد السائد بين الناس أنهم هم وحدهم على صواب ورأيهم لا يحتمل الخطأ ويتشبثون بأراءهم، ويتبعون في ذلك أهواءهم، أو من زرع في رؤوسهم هذه الأفكار فالتابعية للأشخاص أو الأفكار الخاطئة قد يدفع هؤلاء إلى تجريد سيف الظلم بين عباد الله. ألم يسمعوا بهذا القول:" رأيي صواب يحتمل الخطأ،ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".
هل الظلم نيجته حسنة أم سيئة، فكما أسلفنا أن الظلم هو قبيح فلا يمكن للظلم أن يكون ذا نتيجة مرضية هذا من الناحية العقلية، ومن ناحية العملية فإن الظلم في النهاية سوف يعود إلى نفس الظالم، والسبب أن الظلم يبتدأ حينما يتنكر الإنسان للملكات الخير الموجودة في نفسه، وهذا التجاهل لهذه الحقائق سيرسل على الإنسان المصائب والويلات.
وهذه الحال كل ظالم والتاريخ أكبر شاهد على ذلك، فلا يكون أحدنا ظالم ولو بشيء بسيط، فإن الظلم ذا نتيجته سيئة، ولكن من باب أن كل شيء في الكون بمقدار ومتدرج، فإن تلك النتيجة قد تتأخر وقد تتقدم، كالسرطان الذي ينتشر في الجسم فإنه سيؤدي إلى هلاك صاحبه لكن وقته مرتبط بنوعية المرض وعدم محاولة العلاج وسائر الظروف الخاصة به.
وأختم بهذه الرواية عن الإمام علي (عليه السلام) يعرف بها الظلم:
"ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب.
 فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال الله تعالى:{ إن الله لا يغفر أن يشرك به}. 
وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات. وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد
بعضهم بعضاً".
10/4/2013 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد يوسف البيومي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/10



كتابة تعليق لموضوع : لماذا الظلم؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net