صفحة الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري

الصدوقيون وحربهم على الشيعة الناصرية
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لمحة من تاريخ الذبح على الهوية. 

لعله من أشد مايُثير الحزن أنك ترى فتاة كاثوليكية بعمر الورد تحاول انقاذ حبيبها البروتستانتي من الذبح بأن تشد على ساعده الوشاح الأبيض ، ولكن حبيبها يسحبه بلطف مفضلا الموت على ترك مذهبه . 

لعله من أشد ما يواجهه الانسان في هذه الحياة هو صعوبة التغيير ومن هنا فإن الديانات اكدت على أن هذا التغيير يبدأ من النفس كخطوة أولى نحو البناء الجديد ،وخصوصا فيما يتعلق بالموروث الذي استمر بناءه قرون طويلة حتى أصبح جزء من حياة الناس استقر في الإعماق البعيدة من اللاوعي ولذلك كان طلب التغيير من هذه النقطة ((النفس)) .

دعوة الأنبياء والمصلحين اصطدمت بهذا الجدار الذي سرعان ما يتحول إلى صراع بعد وفاتهم يقسم العقيدة قسمين . قسمٌ يبقى على الموروث وإن تظاهر بالإيمان بالدين الجديد ولكنه يبقى ينطوي على موروث مقيت من العادات والقيم الزائفة التي يأبى أن يتخلى عنها على الرغم من بشاعتها، وقسمٌ يحمل القيم الجديدة ويُدافع عنه بكل غال ونفيس فهو اخلص مع النبي او المصلح ويبقى كذلك حتى بعد وفاته ولكنهم دائما يكونوا القلة أمام الأكثرية التي تأبى التغيير. 

لدى بحثي في كتب الأديان ضمن اختصاصي وجدت أن كل هذه الديانات تعاني من ذلك حيث يكون الانقسام في بدايته شعبتين ثم يتطور ويتوسع إلى أن يصبح عدد الفرق بالعشرات. ولكن مع ذلك تبقى هاتين الفرقتين تُمثلان الحق والباطل، الخطأ والصواب ، وإذا جاز لنا ان نقول : الجنة والنار.

ففي اليهودية كان الصراع محتدما بين الصدوقيون والفريسيون. وفي المسيحية كان الصراع محتدما ايضا بين الصدوقيون والناصريون الذين هم في الواقع الأكثرية من الفريسيين الذين تبعوا عيسى وآمنوا بالدين الجديد . وسوف نأتي على ذلك . 

وفي المسيحية كان الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت قد أتى على الأخضر واليابس في حرب طائفية استخدم كل طرف فيها القتل على الهوية وكانت المحنة العظمى هي محنة حرب الثلاثين عاما والتي استخدمت فيها الجيوش الجنود المرتزقة على نطاق واسع، وتم تدمير مناطق بأكملها تركت جرداء من نهب الجيوش. وانتشرت خلالها المجاعات والأمراض وهلاك الملايين من السكان و قد دمَّر الجيش السويدي لوحده 2000 القلاع و 18000 قرية و 1500 مدينة في ألمانيا، أي ثلث عدد جميع المدن الألمانية. ويصف لنا ضراوة هذه الحرب الطائفية ول ديورانت

في موسوعة قصة الحضارة تحت عنوان: إعادة تنظيم ألمانيا هبطت حرب الثلاثين بسكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر مليونا، وكان هناك وفرة في النساء وندرة في الرجال. وعالج الأمراء الظافرون هذه الأزمة البيولوجية بالعودة إلى تعدد الزوجات كما ورد في مؤتمر فرنكونيا المنعقد في فبراير 1650 بمدينة نورنبيرغ. وبلغ عدد القتلى من كل الأطراف ثلاث عشر مليونا طيلة ثلاثين عاما.

وهكذا نرى الحرب الطائفية دائرة وبشراسة منذ قرون بين مذاهب البوذية ماهاسانغيكا والستافيرا وبين اهم تيارين في البوذية تيرافادا و ماهايانا . وهكذا بين السيك والهندوس من الداخل والخارج 

وها هي بوادر الحرب الطائفية تعود مرة أخرى ولكن بين الشعوب الإسلامية وبين العرب الاخوة انفسهم ولكنها هذه المرة أعنف لأن كل تجارب الحرب المذهبية الأوربية يتم تطبيقها على أرض الواقع في العالم الإسلامي ومع الأسف فهناك من يستجيب وبشراسة بالغة فيُنكل بالطرف الآخر من دون رحمة بينما الطرف الآخر يدعوا للحوار والتهدئة وعدم الرد. وهذا ما نراه على أرض الواقع حتى لو لم يعجب البعض هذا الكلام ولكنه واقع نحن لا نضحك على عقول الناس . 

ففي كل ديانة يوجد ما يشابه الشيعة والسنة ولكن بتسميات مختلفة. 

فنحن عندنا كما يُطلق علينا أهل الكتاب ايضا هذا الصراع ويوجد أيضا شيعة لفلان وشيعة لفلان 

ففي سفر أعمال الرسل 24 :14 جاء (( وجدنا هذا الرجل مفسدا ومُهيج فتنة بين جميع اليهود الذين في المسكونة، وهو ، مقدام شيعة الناصريين)) (1) ولكن مقدام شيعة الناصريين قال : ((لايستطيعون أن يُثبتوا ما يشتكون به الآن عليّ. لأني حسب الطريق الذي يقولون لهُ شيعة هكذا أعبد الإله مؤمنا بكل ما مكتوب في الناموس والأنبياء ولي رجاء بالله أنا أيضا أدرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرةٍ من نحو الله والناس )) 

لقد كانت حجة مرجع الشيعة الناصرية أي اتباع يسوع المسيح الناصري قوية خلصته من يد القيصر . ولكن من هم الشيعة الذين اتهموه باطلا وحاولوا قتله ؟ أنهم فئة الباطل التي لم تؤمن بالمسيح ورفضت تعاليمه ووصيه من بعده وحاربت تعاليم النبي الجديدة وكل ما جاء به النبي إنهم الشيعة الصدوقيون كما جاء في سفر أعمال الرسل 5: ((فقام رئيس الكهنة وجميع الذين معه الذين هم شيعة الصدوقيين ، وقد امتلأوا غيرة فألقوا أيديهم على الرسل ـــ شيعة الناصري ــ ووضعوهم في حبس العامة ــ وكان ذنب هؤلاء الشيعة الوحيد هو انهم قالوا ــ : ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس )).

وهكذا بمجرد أن رحل موسى حتى انبثق شيعة صفوراء بنت يثرون الكاهن كما في سفر الخروج 2: 21 فارتضى موسى أن يسكن مع الرجل فاعطى موسى صفورة ابنته. ووقف شيعتها ورائها صفا في محاربة وصي موسى يشوع فشنوا عليه حربا ضروس وهي تحرض الناس من هودجها وتدفع بهم للقتل.

فشيعة الصدوقيين رفضوا التغيير وبقوا يكتمون الموروث الجاهلي في انفسهم وظهر ما كان كامنا بعد رحيل يسوع المسيح فصبوا جام غضبهم على شيعة الناصري المخلصين الذين تمسكوا بوصي نبيهم من بعده الذي وضع عليه الأيادي وباركه من الرب وبأمر الرب . فأقصوه وحاربوه حربا ضروس أتت على جوهر الدين إلى أن قتلوه وهو يُصلي في محراب كنيسته في قبرص ولكنه اخفى امانة النبي باخلاص. 

1 - مصدر تفسير كلمة ((شيعة الناصري)) شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القس انطونيوس فكري أعمال الرسل 24 - تفسير سفر أعمال الرسل حيث يقول : شيعة الناصريين= فيها استهزاء. ونلاحظ أن اليهود هنا يسمون المسيحية أنها شيعة أي بدعة وضح هنا التلفيق والكذب .واما في تفسير مفردة شيعة الناصري فيقول عنها القمص تادرس : (( هكذا قلبوا الحقيقة)) شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص تادرس يعقوب ملطي أعمال الرسل 24 - تفسير سفر أعمال الرسل


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


إيزابيل بنيامين ماما اشوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/07



كتابة تعليق لموضوع : الصدوقيون وحربهم على الشيعة الناصرية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : عدي العبادي .....19/9/2013 ، في 2013/09/19 .

تحياتي واعتزازي واحترامي للسيده الفاضله والمعلمه الطيبه ( ايزابيل بنيامين ) التي لطالما اسدتنا ونرتنا ببحوثها القيمه التي تبعث في النفس الراحه تذهل العقول بمعلوماتها القيمه النافعه المظهره للحقائق وبشجاعه فائقه وتحدي لا ينثني فلها مني الف سلام والف تحيه واني لانحني اجلالا واحتراما لهذه السيده التي اعجز عن وصفها والله ان لها في قلوبنا حب اخوي واعتزاز لا مثيل له لانها عمله نادره فقد وضع الله في قلبها الايمان والحب والشجاعه والطيبه وروح النكته وقد جمعة كل الصفاة الرائعه والتي يحلم كل انسان ان يحصل على بعض منها ... فيا رب يا كريم احفظها لنا ولا تحرمنا منها ومن علومها وارزقها الصحه والعافيه والسعاده وكل ما تتمناه ....خادمك عدي العبادي

• (2) - كتب : علي محسن محمد ، في 2013/07/07 .

السلام عليكم انا علي من العراق من اشد المعجبين بكتاباتك واحييك على شجاعتك وايمانك ..فيما يخص الموضوع انا اعتقد ان من الشجاعهان يتسمك المرء بعقيدت ليس كما في العراق فعندما تكون مصلحته العراق مع الشيعه يكون شيعي او مع السنه يكون سني ولو تطلب ان يكون يهودي لاصبح يهودي فانا اعرف جيران كانو يقولون اننا سنه من تكريت ايام النظام البائد والان يقولون اننا شيعه موسويه من نسل الامام الكاظم .. (ع) وانا شيعي اعتز بعقيدتي ولن اغيرها ولو بقتلي





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net