صفحة الكاتب : علاء كرم الله

لنرفع شيئا من الحزن عن بغداد
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في الأعراف والعادات الدينية ليس الأسلامية حسب بل حتى في المسيحية وباقي الأديان الأخرى أنه عندما يتوفى الشخص يقام له العزاء (مجلس الفاتحة) ولمدة ثلاثة أيام وينصب له السرادق أو (الجادر) وفي آحايين كثيرة يكون العزاء في المساجد والجوامع والحسينيات والكنائس عند الأخوة المسيحيين. وطبعا معها تكتب اللافتات السود التي تنعى المتوفي وتعلق بالقرب من مكان أقامة العزاء وأيضا تعلق اللافتات في أماكن رئيسية من المدينة عند مداخلها وساحتها المعروفة وحسب مكانة المتوفي أجتماعيا أي من ذوي الوجاهة ومن الوجوه المعروفة في المدينة، حيث يتباهى العراقييون في ذلك!! وكلما زادت اللافتات السود التي تنعي المتوفي وعلقت في اكثر من مكان كلما أعطت الهيبة لذوي المتوفي!!.، ولو أن الوفاة هي المحطة الأخيرة والنهائية التي يتساوى بها الجميع أن كانوا فقراء أم أغنياء أو ذو وجاهة أجتماعية أم أناس بسطاء وكما يقال هي في الأخير (متر في متر)!!.والملاحظ أنه حتى بعد أنتهاء العزاء ومراسيم الفاتحة تبقى هذه اللافتات والدلالات معلقة لأيام وأسابيع وأشهر وحتى بعد مرورعام بعد الوفاة!!. والكل يعرف كم أخذ الموت من العراقيين منذ الحرب العراقية الأيرانية ومن ثم حرب الكويت مرورا بالحصار الجائر الذي فرضته امريكا والأمم المتحدة على الشعب العراقي كعقوبة لأحتلال صدام الكويت ذلك الحصار الذي أذاق العراقيين المرارة والجوع وأصابهم بالضعف والهزال وسبب لهم الكثير من الأمراض بسبب قلة ورداءة الطعام وشحة الدواء ومن ثم أدى بهم الى الموت. ثم جاءت أصعب  فصول مسرحية الموت والدم العراقية بالأسوء والأفضع بعد سقوط النظام السابق وأشتعال الحرب الأهلية والطائفية بالعراق التي أنست العراقيين كل جولات وصولات الموت والدمار التي مرت عليهم، عندما صار يذبح الطفل الرضيع ويمثل أبشع تمثيل بالشيخ الكبيروالأمرأة العجوزبسبب من أنتماءات طائفية!!، ولا زالت ماكنة الموت تحصد بأرواح العراقيين بالسيارات المفخخة أوالعبوات اللاصقة أو كواتم الصوت التي ازهقت ارواح الكثير من العراقيين!،العراقيين باتوا يعلقون على ذلك بالقول بأن عزرائيل قد ترك كل العالم وسكن العراق!! حتى أصبح الموت ومنظره البشع أمرا طبيعيا لدى العراقيين حتى أن العراقيين واثناء حدة أشتداد الأقتتال الطائفي عام 2006 صاروا يحسدون من يتوفى بشكل طبيعي! بين أهله ووسط عائلته أو  من يعثر علة جثته في أحد المزابل دون تعذيب او تشويه أو قطع الرأس أو باقي الأعضاء!!، فهم من الطبيعي أفضل من شخص يموت بأنفجار سيارة مفخخة لاتبقي له أثر!! لا سيما أذا عرفنا أن الكثير من قتلوا في تلك الحرب الطائفية دفنوا في مقابر جماعية أو تم رميهم في الأنهر وضاع أي اثر لهم!!. كل هذه الأحداث والمصائب بقدرما أسكنت الخوف والحزن والألم في قلوب العراقيين نشرت صورة من مناظر السواد على عموم العاصمة بغداد وباقي المحافظات الأخرى حيث  ترى اللافتات معلقة في الساحات والمقتربات والشوارع والمناطق وحتى في الأزقة الضيقة، وزاد من منظر السواد هذا هو اللافتات  السود الكبيرة التي تحي ذكرى الأئمة الأطهار(ع) وعلى مدار السنة.حتى صار العراق بلد السواد الأعظم ليس لكثرة نخيله وزراعته! بل لكثرة أحزانه ولافتاته السود. الملفت للأنتباه أن الكثير من هذه اللافتات السود التي تنعي المتوفين مضى عليها فترة أكثر من سنة حتى اصابها التلف وتمزقت وضاعت عنها حتى معالم الكتابة وتبعثرت هنا وهناك، لا سيما وأن هذه اللافتات تحمل في مضمونها أسم الله عز وعلا وآيات من القرآن الكريم وأسماء الأئمة وصورهم!!!   . من الطبيعي أن مثل هذه اللافتات والمناظر السود زادت من حالة الألم النفسي لدى العراقيين وصارت بعض مناطق بغداد وخاصة المناطق ذات الأغلبية الشيعية!!عندما يصادف أن تمر بها وكأنك تمر بمقبرة بلا قبور من كثرة اللافتات السود!!. الذي نريد أن نقوله أن الحي أبقى من الميت ويجب أن نتطلع الى الحياة بشيء من الأمل ونعرف كيف نصنع الفرح. وأسال هنا : لماذا لا يصار الى رفع مثل هذه اللافتات السود بعد أنتهاء مراسيم الفاتحة والعزاء وحتى في المناسبات الدينية وليكن بعد أسبوعين وحتى شهر على اكثر تقدير ،وكلامي هذا دعوة لكل العوائل العراقية أن ترفع عنها مظاهر الحزن هذه وليبق الحزن في القلب والزمن كفيل بالنسيان لاسيما وان الله عز وعلا أعطى الأنسان نعمة النسيان. كما هي دعوة أيضا لأمانة بغداد أن تقوم بجولة لرفع كل هذه اللافتات السود القديمة التي تغطي الكثير من ساحات بغداد ومناطقها والتي علقت حتى على أسيجة المتنزهات والمشاتل. وهذه بقدرما هي دعوة ورجاء هي أمنية لكي نرفع شيء من الحزن عن بغداد ونتفائل بالخير القادم أن شاء الله وليبعد الله الحزن عن العراق وأهله وليرحمنا جميعا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/02



كتابة تعليق لموضوع : لنرفع شيئا من الحزن عن بغداد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net