صفحة الكاتب : احمد الشيخ ماجد

عيد الأم ومعاناة الام العراقية
احمد الشيخ ماجد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كتب صديقي الكاتب كريم السيد في صفحات التواصل الاجتماعي كلمة بمناسبة عيد الام قال فيها : (نعزي الامهات العراقيات بمناسبة عيد الام). انها كلمة رائعة بحق, وذات دلالة كبيرة, حيث جائت في ظل انفجارات عديدة زامنت مناسبة عيد الام, وكانت صور الامهات الفاقدات لاولادهن, في الانفجارات تفصح عن حزن يشيب له الولدان، وأود في مناسبة عيد الام ان اتكلم عن معاناة الام العراقية, في كل المنعطفات التي مر بها العراق ..
سواءٌ السياسية ام الدينية ام الاجتماعية كانت الام هي من ينالها اكبر الاذى بالدرجة الاساس, لأن العراق مر بحقب يصعب على الانسانية ان تمر بمثلها, فمـرت الام العراقية بسنوات حزن ودمار وسجون وقتل وحروب وحصار وفقر وجوع وحرمان وتشرد وماتستطيع الاقلام ان تكتبه, وسأتكلم لكم عن مأساة الام الجنوبية ومعانتها, كوني انتمي لهذه  الطبقة (المكَرودة).. مايميز الام الجنوبية هو نواحها الدائم بسبب او دون سبب وتوشحها المستمر بالسواد, اتذكر منذ ان فتحت عيني على هذه الدنيا وجدت جدتي متلفعة بالسواد ، تنعى ابنها الذي هرب من بطش السلطة الحاكمة فـكانت ذي صوت شجي ونبرة حزينة تعبر عن الالم المكنون في داخلها ( يامه كعدنه بيج يادار, كَمرة وتشبه للنهار, طكَهة الدهر سواهة طشار, شيجيب طبتكم عليه). جدتي التي اتكلم عليها تحمل حنين لا اعتقد يحمله انسان في هذا الكون, وخصوصاً على اولادها, وهي نموذج واضح من الامهات الجنوبيات التي لم تبقى معاناة الا ولصقت بها منذ حرب الثمانينيات حتى حرب الكويت الى احداث نهاية التسعينيات الى مجيء الامريكان بصحبة الارهاب والعصابات المتأسلمة،كذلك ام جاسم نموذج رائع للمرأة الجنوبية, فقدت ابنها في احد الانفجارات الارهابية, فتحولت عبارة عن كتلة مفعمة بالحزن لا تعرف الفرح اين يكون فكنت اراها واسلم عليها, شلونج خالة ام جاسم فترد : شلوني بفراكَـ الاحباب, هكذا هي امهاتنا اخي القارئ, حزن سرمدي في ارض عراقية بقيت تأخذ اولادهن واحداً واحداً وكما يصفها الشاعر محمد جبار الخطاط وصف رائع (جاحدة ٌوـ ابنة كلب ـ هي الأرض . مذ كنا غرّين ولوث فضاضتها . يقتلنا الواحد تلو الآخر . بل والعشرة تلو العشرة..). لم يترك العراق شيء الا والقاه على هذه الام المسكينة حيث تجد ام واحدة فقدت اثنان من اولادها او ثلاثة رغم ان هذه النساء عشقن العراق بشدة .رغم العشق لقين اشد المعاناة في هذا البلد المعشوق الذي بخل عليهن حتى بالفرح ! تعرف المرأة الجنوبية انها لاتضحك كثيراً, تجد وجهها ممتقع لفقد ولدها او زوجها او ماشاكل, فلا تظن ان هذا مبالغة اخي القارئ فاغلب النساء الجنوبيات فقدن عزيز بسبب الحروب التي اكلت ما اكلت منهن, فلذلك تجد اكثر النساء الجنوبيات لديهن صنعة او مهنة ، كي لايحتاج اطفالها الى شيء فاغلب النساء تعمل بشكل يبعث على الدهشة, كانت جيراننا ام علي التي فقدت زوجها في احد الحروب, تخرج في وقت الفجر وي طكَة «البريج»  كي تبيع الخضروات والفواكه وترجع ليلاً جالبة معها الطعام لاطفالها الايتام الذين تريد ان توصلهم الى الجامعة كما تقول : فهذه الامهات يتميزن بعزيمة قل نظيرها عند النساء الاخريات, وخصوصاً ان هذه العزيمة آتية من رحم المعاناة, حيث لا سبيل لها الا ان تعمل وتكدح وتشوف الضيم! هكذا هي امهاتنا قضيت اعمارهن في معاناة والم وخوف وفقر وبؤس, ولم ترى واحدة منهن الراحة قط, حيث اننا في هذه الايام على الرغم من استذكارنا مناسبة عيد الام, لكننا نعزيهن لحدوث 13 انفجار القت بظلالها على العراقيين فكثير من هذه النساء كانت تنتظر من ابنها التهنئة بعيد الام, لكن عصابات الموت لم تترك فرحة لهذه الامهات المنكوبات ..فقدرُ هذه الامهات ان تعيش في بلد لايعرف الامان ولايعرف الفرح, قد اكون متشائماً في قولي هذا ، لكن في اعتقادي ان هذا واقع نعيشه ، خصوصاً بعد رؤيتنا الانفجارات الاخيرة .. ففي صورة ظهرت لاحد الامهات تقلب بساق ابنها المقطوع, اترون هذا يدعو للتفائل؟ والسؤال الذي وددت طرحه ايضاً, هل تبقى امهاتنا متلفعات بالسواد ونبرة الحزن متغلبة عليهن؟ فـجدتي مازالت تنعى وتبكي ولكنها في نفس الوقت تغدق علينا بفيض دعائها القدسي الذي يقول اللهم احفظ امة محمد واحرس الناس ولاتسلط عليهم ظالم بجاه العباس ابو فاضل.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد الشيخ ماجد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/26



كتابة تعليق لموضوع : عيد الأم ومعاناة الام العراقية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net