صفحة الكاتب : احمد الشيخ ماجد

قصة الفساد في العراق
احمد الشيخ ماجد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الفساد مستشري بشكل غريب في العراق وفي جميع مفاصل الدولة وسلطاتها (التنفيذية, والتشريعية, والقضائية) وقد وقع الكثير في مستنقعه واغرائه الذي يتم من خلال الاموال والسيارات ذات الالوان الفاقعة, فالذي يرى الاموال الطائلة والسيارات الجميلة  يصاب بالتخدير والذهول, ولايعرف الفساد في العراق كبيراً او صغيراً فاغلب الذين بعملون في الدولة ودوائرها مشتركون فيه, من الموظف الصغير الذي يأخذ الرشوة الى الكبير الذي يلهم مال الله وعباده , وقد استخدمت الكثير من المصطلحات للتغطية عن هذه الجريمة وتبريرها, فسميت بأسماء تحللها, هدية , مساعدة , ريوكـَ, وماشابه, واكاد اجزم إن اكثر المشاكل ايذائاً بالشعب العراقي هو الفساد, وقد كتب عنه الكثير, فمنهم من اشبع الموضوع وكتب عنه بشكل رائع ومنهم من كتب عنه ولم يشاهد بأم عينه بل يسمع من الناس فقط ولذلك لم يفي بالغرض .. وقد قرأت مؤخراً كتاب صدر حديثاً للكاتب والسياسي موسى فرج الذي كان يشغل منصب مدير هيئة النزاهة في العراق, وكان عنوان الكتاب(قصة الفساد في العراق). من خلال هذا الكتاب أخي القارئ تستطيع ان تتطلع على حجم الفساد في العراق بشكل واضح وجلي, خصوصاً وان كاتبه كان شاهداً ورأى مئات الجرائم بعينه... يتسم الكتاب باسلوب رائع وجذاب, فتارةً تجد الاسلوب الاكاديمي, ومرةً تجد الاسلوب الساخر, الذي تتجلى بكلماته كل معاني الحرقة والالم على الناس الفقره.. يطرح الكاتب قصة الفساد الذي نخر جسد المجتمع العراقي ويصفه مع الارهاب وجهان لعملة واحدة, ويجعله سبباً باكثر المصائب والاوضاع المزرية التي حلت بالشعب العراقي, فـغياب الخدمات وكثرة الجرائم وعدم وجود الامن والامان وتفشي الفقر وكثرة البطالة بسببه, كيف لا وهو يقول ان راتب رئيس وزراء العراق يعادل راتب الرئيس الصيني لمدة 16 سنة, وينقل الكاتب حادثة عن الرئيس الالماني كريستيان فوفلف .. انه اجبر على تقديم الاعتذار وطلب الصفح من الشعب فيتـساءل الكاتب..ماهي جريرته ..؟زوجة صديقه الثري حصلت له على قرض بفائدة مخفضه من بنك ليس حكومياً وانما يملكها زوجها الثري ليبني به الرئيس مسكنه ..في حين ان الالماني العادي لايحصل على قرض من ذلك البنك بفوائد مخفظه ..وفي نفس الوقت رئيسنا العظيم اخذ مليوني دولار مصروف جيـب عند ايفاده لحضور اجتماع الامم المتحدة وعندما سأله واعترض عليه بعض المثقفون في امريكا بشكل مباشر او غير مباشر قائلين . هناك في نيويورك ..كلمن قهوته من كيسو لو على حساب المنظمة الدولية ..؟ظحك مطولاً ورد عليهم : غير لجّه انتم العراقيين ..يابه هاكم خرده زادت بجيبي نص مليون دولار واسكتوا...إن من يقرأ الكتاب بتأني يجزم بأن الفساد لاينتهي بسهولة في العراق وخصوصاً ان كبير القوم متميز بالفساد فـكيف بالتابعين ؟! او كما يستشهد الكاتب موسى فرج ببيت لاحد الشعراء :

اذا كان رب البيت في الدف ناقراً . فشيمة اهل البيت كلهم الرقص ...ان ملف الفساد في العراق شائك ومعقد فـيعرض الكاتب كل هذه التعقيدات التي واجهته اثناء مساره في مكافحة الفساد, وخصوصاً ان يداً واحدة لاتصفق, حيث تجد جلُ اصحاب المناصب مشتركين بالفساد والكل يحتفظ بملفاً ساعة العازة, اتذكر اني سمعت رئيس الوزراء يقول (اننا لدينا ملفات ضخمة من يحرك ساكناً ضدنا نخرجها بوجهه ونسكته). ان هذه السياسية الفاسدة التي يتكلم الكاتب عنها من ضمن قصة الفساد في العراق حيث يقول: ينشر الغسيل الوسخ لهذه الحكومة , لكن سرعان مايخفت ويخبو هذا الضجيج , ثم يندثر ويتوارى في طيات النسيان , بفعل التستر وكم الافواه ومبدأ الدولة الحديثة  الذي اتخذته منهجاً لممارستها النتنة في (شيلني وشيلك) (واسكت عني واسكت عنك) . ان هذا الاسلوب النتن كما يسميه موسى فرج عانا منه الشعب اشد معاناة حيث انه سيساعد الذي يحتفظ بـملفاً ان يعيث في العراق فساداً لانه لايستطيع ابن امرأة ان يمسه بشعرة, لاسيما وإن الكل يخافون على منصبهم وسمعتهم... وكذلك يطرح الكاتب قضايا حساسة جداً ونستشعرها يومياً فـهو يتساءل عن المثقفون في العراق ويقول هل ان وضع المثقفون عندنا سليم ..لا..لماذا؟ لان الذي يسمم وعي الناس بالتطاحن الشيعي السني هذا ليس مثقفاً ..ثم يقول , المثقف لايقر بغير المواطن هوية للعراق والمثقف هو النزيه والمواجه للفساد حقاً وليس رياء ..حيث يجعل الكاتب موقف المثقف ليس بحفظ النظريات والتشدق بقضايا تلوث فكر الناس, ولكن ينبغي على المثقف ان يكون شاهداً على وضع المجتمع الذي يدور حوله ومحارباً للفساد المتفشي في وطنه ...ان كتاب قصة الفساد في العراق حقاً جدير بالاحترام وامنيتي ان يقرأه كل عراقي شريف حتى يرى المدعين للوطنية والدين, كيف ساعدوا بخراب هذا الوطن وقتل امال واحلام الناس المساكين او كما يقول موسى فرج حتى لايفخر احفادهم بين احفادنا غداً ويقولون ان اباءنا كذا وكذا فأكيد ان هؤلاء الناس المساكين سيقفون بوجوههم ويقولون لهم هؤلاء اباءكم وهذه ملفات فسادهم .. ان مايجعلك تحب الكتاب وتتمسك به سهولة التعبير وحلاوة التلوين, وبسطاته البعيدة عن التزويق والزخرفة اللفظية..والقاءه الضوء على الافة الخطيرة, وحث الغيورين وكل ابناء العراق الشرفاء على وأد الفساد الذي ارجعنا مئات الاعوام وجعلنا نتمنى ان نكون في مصاف الدول التي كانت تتمنى ان يكون لديها عشر مالدينا, وفي اعتقادي ان مهمة تنقية العراق من الفساد مهمة شاقة وطويلة وتتطلب جهود كثيرة وحازمة الا انها ليست مستحيلة مادام هناك مواطنون شرفاء من امثال موسى فرج قادرون على تسليط الاضواء عليها وحث الشعب على محاربتها فهذا الكتاب الذي ألفه موسى فرج سيكون نافذة الى عوالم الفساد في العراق لمن يريد الاستقصاء عن هذا المرض الذي أخذ الشعب العراقي الى الهاوية, وحقاً نقول ان كاتبه متميز بنباهة اجتماعية ووطنية قل نظيرها .. ونحن لم ننقل لكم كل القضايا التي تكلم عنها موسى فرج لأن الكتاب طويل جداً بـ 560 صفحة, من الورق الكبير ,فنقلنا المواضع الحساسة التي تكلم عنها الكاتب ولو تكلمنا عن كل مفاصل الكتاب لطال المقام بنا, وراح انتعبكم اخواني القراء . واخيراً اقول ان الكتاب تناول في طياته مرض عراقي قد عانينا منه اشد معاناة فندعو الى قراءته كي يتسنى لنا مواجهة الفساد والاستفادة من تجارب الاخرين في محاربة هذا المرض المتفاقم.  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد الشيخ ماجد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/11



كتابة تعليق لموضوع : قصة الفساد في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net