صفحة الكاتب : صفاء سامي الخاقاني

رجال الحديث بين القبول العلمي والتعنت السياسي
صفاء سامي الخاقاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

رغم وجود العديد من الروايات في مصادر أهل العامة تثبت عقائد الشيعة الامامية، نلاحظ الكثير لا يلتزم بهذه العقائد مع انبثاقها من روايات واردة في كتبهم وهذا يعود الى اسباب منها ضياع هذه الروايات بين ركام من الروايات والأحاديث الأخرى فلم تعد في متناول يد الجميع بالإضافة الى وجود وضّاع الحديث الذين سخّروا أنفسهم لخدمة أصحاب القوّة والنفوذ، فصَعُب بذلك التمييز وتعقد الأمر، وفي حال نقلت مثل هذه الروايات فإنّها تنقل مع تأويل وتحريف لمعناها. وحتى لو وجد عالم من كبار علماء أهل السنة نقل ما يثبت من خلاله عقائد الشيعة الاثني عشرية فإن مثل هذا العالم يواجه بمختلف الاساليب ليصل الامر الى نفي مذهبه والطعن في اعتناقه مذهب أهل السنة والجماعة فيشككون في مصداقيته ومن الامثلة: القندوزي، حيث تعرض للطعن بسنيته لأنه نقل في كتابه ما لا يستسيغه البعض ممن يختلف في عقيدته مع الشيعة ولا يروق له نقل مثل هذه الروايات.

لهذا وغيره علينا كمسلمين تحمل مسؤولية توضيح المعاني الصحيحة ودلالاتها الواقعية لتتبين بذلك معالم طريق الإسلام بجلاء. وهنا سنثبت أن الشيخ سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي صاحب كتاب (ينابيع المودة لذوى القربى) هو من كبار علماء أهل السنة، ولكن ما خلفه كتابه ينابيع المودة من اشكالية عند البعض المخالف حمله للتشكيك بصحة انتساب هذا العالم لمذهب أهل السنة والجماعة.

وهذا التشكيك أو الادعاء ليس في محله لأن العلماء الكبار المحقّقون والمعاصرون للقندوزي كانوا يحتجّون بكتاب ينابيع الموّدة على أهل السنّة وتقبل احتجاجاتهم ولم يعترض عليها بان صاحب هذا الكتاب شيعي مثلا، ولو كان من الشيعة لما صحّ لهم الاحتجاج به عليهم.

وفي كتاب المراجعات احتج السيد عبد الحسين شرف الدين على شيخ الازهر في زمانه الشيخ سليم البشري المالكي ولم يعترض عليه، فقد ذكر في المراجعة (26)- 17 ذي الحجة سنة 1329هـ 

وبعد أن ذكر موضوع "عشر فضائل لعلي(عليه السلام) ليست لأحد غيره ذكر له مصادر هذا النص في روايات العامة منها: "مستدرك الصحيحين للحاكم ج 3 ص 132 ..، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 34"

كما أن من يقرأ هذا الكتاب بإمعان يتيقّن كون مؤلفه سنّياً، فهو يحاول فيه إثبات أنّ أهل السنّة يحبّون أهل البيت(عليهم السلام) وليسوا جميعاً نواصب، ولأجل هذا الغرض ألّف هذا الكتاب، وذكر فيه فضائل أهل البيت عن كثير من الكتب، وهذا ما جعل البعض يظنه شيعياً.

وفي جواب على سؤال قدم لمركز الفتوى بالشبكة الإسلامية (إسلام ويب) وهو عبارة عن هيئة شرعية بإشراف إدارة الدعوة والإرشاد الديني بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر، يثبتون أن القندوزي عالم سني وليس شيعيا.

وكان السؤال عن الرواية التي ذكرت في كتاب ( ينابيع المودة ) للقندوزي الحنفي (الباب 94) وفي كتاب (فرائد السمطين) للحمويني الشافعي بخصوص تحديد النبي (صلى الله عليه آله وسلم) لأئمة المسلمين من بعده.

فجاء في الجواب:

".. ويرويها القندوزي المتوفى سنة 1294هـ أو أبو إسحاق الحمويني المتوفى سنة 722هـ وكل منهما يرويها في كتاب له يُشَك في نسبته إليه لا سيما وأنهما سنيان.. " رقم الفتوى: 52163 تحت تصنيف مذاهب أخرى بتاريخ: الثلاثاء 1 رجب 1425 - 17-8-2004 .

ومحل الشاهد عبارة (وهما سنيان) حيث أثبتوا أن القندوزي والحمويني سنيان.

ومع التسليم بتشيعه فهذا لا ينفي صحة ما كتب وذكر في كتابه لأنه جاء بالأحاديث مع ذكر مصادرها بالأسماء وهي كتب سنية معروفة، وبالتالي فهو يعد واسطة في النقل فقط، فيصح الاحتجاج بالروايات التي ذكرها ولا عذر للفرار من ذلك.

وهنا مسألة غاية في الأهمية ينبغي الالتفات اليها وهي جواز احتجاج أهل السنة برجال الحديث من الشيعة ولا يوجد محذور في ذلك حتى يأتي من يأتي ويطالبنا بإثبات عقائدنا من كتب الآخرين وإلا فعقائدنا غير صحيحة!!

لا يوجد هكذا فكر عند علماء الاسلام كما تشير المصادر الاسلامية وبالتحديد السنية منها، فهناك الكثير من علماء أهل السنة احتجوا برجال الحديث من أهل الشيعة وهذا ما شهدت به نصوص أهل السنة رغم معرفتهم بتشيعهم ومع هذا احتجوا بهم، ومنهم:

أبو سعيد أبان بن تغلب بن رباح البكري الجريري الكندي (ت. 141 هـ)، ترجمه الذهبي في ميزانه فقال : ـ أبان بن تغلب ـ الكوفي شيعي جلد ، لكنه صدوق، فلنا صدقه، وعليه بدعته. (قال): وقد وثقه أحمد بن حنبل؛ وابن معين، وأبو حاتم. 

وغيره الكثير الكثير ممن نقل عنهم الحديث لثقتهم وبالتالي فلا مجال لمن يدعي اقتصار الاحتجاج على صحيحي مسلم والبخاري مثلا لإثبات مسألة وعقيدة ما،  فيتضح بأنه لا مانع لأهل السنة من الاحتجاج بثقات الشيعة ولم يبق للسني مانعا من الاحتجاج بأخيه الشيعي إذا كان ثقة، والاعتراض على ذلك تعنت ومماحكة.

فيتضح في النتيجة عدم لزوم الاحتجاج برجال الحديث من أهل السنة فقط وفقط بل يمكن الاحتجاج برجال الحديث الثقاة من الشيعة وهذا ما سار عليه علماء الحديث من أهل السنة واشارت اليه كتبهم كما بينا، فلا معنى للخلاف والصراع لأن هذه غاية أهل السياسة وإنما من عدل عن درب الصلاح وخالف هذا المنهج القويم هم ساسة وقادة الامة فأولوا النصوص وعملوا على تأييد هذا المبدأ بكل قوة والقضاء على كل ما يخالفه فتجافوا عن هذا الطريق لغاياتهم الخبيثة في تفريق الأمة.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صفاء سامي الخاقاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/11



كتابة تعليق لموضوع : رجال الحديث بين القبول العلمي والتعنت السياسي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net