صفحة الكاتب : جمال الهنداوي

سيدي رئيس مجلس النواب..لم تكن موفقا
جمال الهنداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

قد لا يجد المتابعون صعوبة في وضع الاحاديث التي تخللت المؤتمر الصحفي الاخير للسيد اسامة النجيفي, وخصوصا فيما يتعلق بتعليقاته حول الصدامات المسلحة الاخيرة التي شهدتها الحدود العراقية السورية, على انها اسوأ ما يمكن ان يصدر عن شخص, أي شخص, مكلف بمهمة رسمية ويشغل منصبا تحت مسمى ضخم وكبير , وبالتأكيد انها لن تصدر عن موظف بدرجة رئيس مجلس النواب..

فمن العسير على الفهم-وحتى الهضم-ان لا يرى رئيس السلطة التشريعية في ذلك الحادث الاجرامي التصعيدي الذي يستهدف قواتنا المسلحة وعلى الارض العراقية الا على انه خرق لحياد العراق في الصراع الناشب على الارض السورية, والاكثر صعوبة هو تخيل المدى الذي يمكن ان يصل اليه المرء في الانغماس في تناقضاته السياسية حد التقاطع مع رمز الدولة وعنوان سيادتها وعزتها وشرفها..وان يردد مع اكثر الدوائر عداء للشعب العراقي وامدها غيظا ونفورا من عمليته السياسية حملات التشكيك والتنفير في الخطاب الرسمي للجهد الامني الوطني استنادا الى ان" هناك روايات تقول العكس".

اعترف باني اعدت قراءة تصريحات السيد رئيس مجلس النواب عدة مرات حاملا فانوس التمهل بحثا عن طيف ادانة او استنكار للهجمات المسلحة التي طالت قوافل الجيش العراقي التي كانت تنفذ واجبها بابعاد الجنود السوريين الى خارج الاراضي العراقية,ولكني لم اوفق في تبين الا محاولة ينقصها الاتقان لالقاء اللوم على القوات العراقية اكثر منها توجيه الاتهام الى الجهات"المعلومة"التي تستبيح ارض العراق وامن مواطنيه الذين يتحمل السيد النجيفي مسؤولية وشرف تمثيلهم والتعبير عن مصالحهم واحلامهم وتطلعاتهم.

لا جدال في وجود حالة من الاختلاف المنهجي والتقاطع السياسي الحاد بين القوى السياسية العراقية, ولا خلاف في مفصلية هذه الفترة الحرجة الممهدة لمرحلة ينظر اليها ,وعلى نطاق واسع,كنقطة تحول حتمية في تاريخ العراق والمنطقة..فالاختلاف السياسي ليس اجتهادا..ولا بدعة..بل هو في صميم العملية السياسية التي تتخذ من التعددية اسلوبا للتداولية السلمية للسلطة..بل قد يكون من ضرورات ترصين الحراك السياسي وادارة التنوع الفكري والعقائدي للمنظومات المجتمعية الانسانية, وهذا ما نجد ان السيد رئيس السلطة التشريعية لم يكن موفقا في التعبير عنه..

نجرؤ على القول ان استغلال هذا الاسترخاص المجرم للدم العراقي الطاهر كفرصة للانتقاص والتسقيط السياسي لا يعد من الحقوق الدستورية السوية وليس من التقاليد المرعية في الانظمة الديمقراطية بشئ..ولا يرتقي الى ادنى مستوى من القيم الاخلاقية والروحية التي تدعو لها الديانات السماوية السمحة والتي تتكئ على تجذرها في الذات العراقية بعض الرموز والقوى السياسية المتصدية للشأن السياسي..

وقد يكون من المثير للريبة الاندفاع المتسرع الروتيني لبعض القوى المشاركة في الحكم الى توجيه دفة الغضب الجماهيري المكلوم والمترتب عن الاسراف في الولوغ في امن وامان العراقيين الى الهجوم والانتقاص من القوى الامنية الوطنية ومن ثم الحكومة والعملية السياسية برمتها, والى استثمار العمليات الارهابية لاعادة طلاء بعض الوجوه التي صدئت علاقتها مع الشعب الصابر والمجاهد ولسحب البساط من تحت اقدام الدولة والمقامرة بالاخلال بسير العملية السياسية والاضرار بتوقيتاتها الدستورية مقابل تحقيق مكاسب سياسية  قد لا تثق تلك القوى من امكانية تحقيقها طبيعيا في ظل الانكشاف المخزي لشعاراتها بعد تجربة الاداء النيابي الهزيل لعناوينها ورموزها السياسية..

ان الخلاف في المنطلقات الفكرية والعقائدية وفي وجهات النظر تجاه القضايا السياسية ..حتى ما يمكن ان يصل لمستوى الازمات يجب ان لا يصل الى حد التناغم مع القوى الاقليمية المعادية للشعب العراقي والمشككة في ولاء وانتماء قوات جيشنا الباسل ومنظومته الوطنية.. والى استصغار الانجازات الامنية الكبرى التي تحققت بسواعد ابناء العراق البررة الشرفاء المخلصين الذين حموا الوطن بدمائهم وارواحهم من الانزلاق في اتون التشرذم الطائفي والاثني المقيت من خلال التصدي للارهاب المتوحش القادم من خلف اسوار الوطن ليعيث في الارض فسادا..ويجب ان لا تكون الرغبة في التموضع على الخارطة السياسية العراقية في مدياتها العليا مبررا لنكأ جراح الشعب ووأد نضالاته وتضحياته الكبرى على مذبح الحرية والتقدم والنماء ..

كما ان محاولة استدراج الدعم الشعبي يكون من خلال طرح البرامج الانتخابية الواقعية والمتماسكة والمدعومة بسجل من الاداء السياسي المطمئن والمتمتع بالمصداقية والواعد بالمزيد من الشفافية والادارة الحكيمة لموارد الشعب وثرواته..وليس من خلال النيل المتشفي القادح بالمنجز الحضاري والامني والذي دفع الشعب ثمنه فادحا من ارواحه ودمائه ومقدراته وثرواته الوطنية.. والشعب العراقي سيستمر بالنظر الى الامام غير آبه بقوى التخلف التي تنشد اعادة عقارب الساعة الى الوراء.ولكن هذا الشعب لن ينسى او يغفر لمن يرقص على آلامه ودمائه وشظايا عظامه المتناثرة على ارصفة الشوارع المحترقة..

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمال الهنداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/07



كتابة تعليق لموضوع : سيدي رئيس مجلس النواب..لم تكن موفقا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net