فتوى دينية تفرض "حظر تدوال" على البضائع الإيرانية

 الفتوى التي أصدرها مفتي الديار العراقية الشيخ رافع الرفاعي أمس بتحريم التعامل مع البضائع الإيرانية ليست الأولى من نوعها، فقد سبق لرجال دين في المحافظات العراقية ذات الغالبية السنية أن أصدروا فتاوى مشابهة جعلت تداول المنتجات الإيرانية في تلك المحافظات أمراً محظوراً. وفي الوقت الذي تشهد فيه محافظات الوسط والجنوب كميات هائلة من البضائع والمنتجات الإيرانية، تعتمد المحافظات الغربية على البضائع ذات المناشئ التركية والأردنية والسورية والآسيوية، وإن أدخلت إليها بضائع إيرانية، فإنها تدخل بشكل سري وتزال العلامات المسجلة منها قبل عرضها للبيع وتوضع عليها علامات دول أخرى، في خطوة يريد بها المستوردون والبائعون الحفاظ على حياتهم من أن تهدر. ومع أن رجال الدين لم يحلوا في فتاواهم قتل من يتداول البضائع الإيرانية، إلا أن أهالي تلك المحافظات يخشون من أن يستغل المتطرفون تلك الفتاوى ليمارسوا أعمال قتل بحق من يخالفها، في تفسير خاطئ للفتاوى بشكل مقصود أو غير مقصود. ويعتقد أهل المكون السني في العراق أن ايران تقف وراء معظم الاغتيالات التي طالت أبناءهم، الأمر الذي دعاهم الى مقاطعتها اقتصادياً بغية الضغط عليها لإيقاف ممارساتها ضدهم. وقال الشيخ الرفاعي لوكالة انباء المستقبل إن إصدار فتوى تحريم التعامل مع البضائع الإيرانية هي "دعوة لجميع التجار وأصحاب المحال والمدنيين لمنع شراء وتداول البضائع الإيرانية بسبب النهج والعمل السلبي لطهران وتدخلاتها السافرة بشؤون العراق الداخلية والخارجية". وأضاف ان "الفتوى تشمل جميع أبناء البلد وندعو التجار والشركات لمقاطعة البضائع الإيرانية وعدم استيرادها للعراق بشكل نهائي"، مؤكداً "نحن لا نريد الضرر بالشعب الإيراني كونهم أناسا أبرياء ولا علاقة لهم بتصرفات حكومتهم". وبين الرفاعي ان "إيران دولة عملت على تدمير العراق عبر تدخلها في شؤونه وإرسال الميليشيات لاستهداف العراقيين ونفذت جرائم ضد ضباط الجيش السابق واغتيالهم مع الكفاءات العلمية والرموز الوطنية إضافة الى أعمال أخرى عديدة قامت بها". وقد لا تشكل هذه الفتوى تهديداً بالغاً للاقتصاد الإيراني الذي يعتمد على السوق العراقية بشكل كبير اذا ما طبقت في المحافظات السنية فقط، إذ أن مقاطعة البضائع الإيرانية في تلك المحافظات جارية منذ فترة لكنها لم تمنع بلوغ معدل التبادل التجاري بين العراق وإيران 11 مليار دولار، والذي من المتوقع له ان يصل بنهاية العام الحالي 2013 إلى 18 مليار دولار. وتدخل البضائع الإيرانية عبر بوابة منطقة كردستان العراق ومنافذ العراق الحدودية المشتركة مع إيران، وتتمثل اغلب البضائع الإيرانية التي يستقبلها العراق بالمواد الغذائية المعلبة والمشروبات الغازية واللحوم والزيوت النباتية والأجبان، إضافة إلى المواد المنزلية والأجهزة الكهربائية والسيارات. ويقول المحلل الاقتصادي جمال عبيد من محافظة الانبار لـ"المستقبل العراقي" ان "الوضع الاقتصادي والمعيشي في الانبار مترد بسبب إهمال المنتج المحلي وغياب الدور الرقابي في متابعة البضائع المستوردة والتي قسم كبير منها دون المستوى المطلوب". ويضيف عبيد ان "الأسواق المحلية وشركات الجملة التي توزع البضائع والسلع في عموم مدن الانبار ليس فيها منتجات إيرانية بسبب إصدار فتوى من علماء الدين قبل عام تقريباً"، مشيراً الى أن أصحاب المحال "يتخوفون من ترويج تلك المنتجات خوفاً من استهدافهم من قبل المجاميع المسلحة التي منعت هي الأخرى وجود المنتجات الإيرانية قبل سنوات". وبين ان "المنتجات التي يتم تداولها في الانبار هي أردنية وتركية وآسيوية وسورية ويتم إدخالها عبر الأردن الى العراق، إضافة إلى بضائع سعودية وأجنبية متنوعة". ويرى مراقبون أن إيران ليست الوحيدة التي تتدخل في الشؤون العراقية، وإذا كان الحديث عن المقاطعة، فيجب مقاطعة منتجات جميع الدول "المتدخلة". غير أن العراق لا يستطيع مقاطعة دولا عدة اقتصادياً لأن حجم الإنتاج فيه يكاد يكون معدوماً ولا يكفي لسد حاجته المحلية حتى على مستوى الخضراوات والفواكه، إذ يعمد إلى استيراد كميات كبيرة منها من دول الجوار. ويقول جاسم الراوي، صاحب شركة استيراد للبضائع الغذائية في الرمادي، لوكالة انباء المستقبل ان "الحركة التجارية والوضع الاقتصادي مترديان في المدينة بسبب الوضع الأمني غير المستقر في عموم مدن الانبار وإغلاق منفذ القائم بين العراق وسوريا التي كانت من اهم الدول التي نستورد منها بضائع متنوعة". ويؤكد الراوي ان "ترويج البضائع الإيرانية قليل جداً في الانبار، وهناك عمليات سرية يتم بها ادخال السلع الإيرانية الى المحافظة، حيث نقوم برفع العلامات التجارية الإيرانية لنروجها ونصرفها باسم دول أخرى حفاظا على أنفسنا من القتل". ويتابع "هناك كساد تجاري ودمار اقتصادي في الانبار بسبب إهمال الحكومة في تشجيع المنتجات المحلية ورفد السوق العراقية بسلع جيدة حتى تكون هناك درجات متقاربة مع السلع المستوردة التي قسم كبير منها لا يطابق المواصفات العالمية". ( انتهى )  عمر الفلوجي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/19



كتابة تعليق لموضوع : فتوى دينية تفرض "حظر تدوال" على البضائع الإيرانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net