شعيرة المشاية .... الأجر والثواب والعزة والإباء

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منذ أيام خلت بدا الزحف المليوني لأتباع آل البيت (ع) من كل مكان مشيا على الأقدام باتجاه مدينة كربلاء الإباء لتجديد العهد والولاء لسيد الشهداء في ذكرى الأربعين .
مسيرة الأحرار بدأت من أقصى جنوب العراق من محافظة البصرة في مواكب مهيبة ضمت الكبار والصغار والرجال والنساء والشيوخ والأطفال في تقليد سنوي دأب عليه عشاق الحسين (ع)من اجل إظهار المظلومية الكبيرة التي تعرض لها الإمام الحسين (ع) وأهل بيته في واقعة طف كربلاء عندما خذله المتشبثون عبثا بلباس الإسلام في ذلك الوقت من خلال آلاف الكتب التي أرسلت إليه وتدعوه للمجئ إلى العراق ومحاربة جيش الطاغية يزيد بن معاوية (لع) ... وبعد مجئ الإمام (ع) غدر به الغادرون وخاض تلك المعركة الكبيرة بمفرده وقلة قليلة من أهل بيته وأنصاره الذين ذابوا عشقا بين يديه وكانوا يستأنسون بالمنية كاستئناس الرضيع بمحالب أمه ، وبمجرد استذكار تلك اللحظات ينتاب القلب شعور اللوعة والأسى عندما وقف ابن بنت رسول الله على باب خيمته وهو على مرأى ومسمع الأعداء ينادي هل من ناصر فينصرنا هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله ! وسط صمت مطبق أصاب الأمة التي ختم الله على قلوبهم واختاروا سوء العاقبة على الجنة التي كانت في متناول اليد .
وبعد أكثر من ألف عام على تلك الواقعة لبى أحباب الحسين ذلك النداء وهرعوا من كل حدب وصوب باتجاه قبلة العاشقين ... وباتجاه ذلك الصوت الذي طالما علا في كربلاء دون أن يلقى صدا في آذان من تحجرت قلوبهم قبل آذانهم وحالت بينهم وبين نصرة الحسين تلك العقيدة الفاسدة التي كانت تنصاع دائما لملذات الدنيا ونعيمها الزائف واختاروا ذلة الحياة على عز الآخرة ونعيمها اللامتناهي .
شعيرة المشي على الأقدام تمثل بحد ذاتها ثورة على الطغاة ونهضة الحق في سبيل الحرية المنشودة  والتي من اجلها ضحى سيد الشهداء... لذلك ترى هذه الشعير حوربت منذ زمن مضى وكادت أن تختفي آثارها من ارض العراق ، لكنها عادت بقوة (أي شعيرة المشي على الأقدام) بعد إن ولى من وقف في طريقها حجر عثرة وأصبحت السمة الأبرز التي تميز أنصار الحسين (ع) التواقين حبا لسيد الشهداء في كل زمان وفي كل مكان .
وعلى الرغم من إن قضية الإمام الحسين (ع) لم تختزل في زمان وفي مكان ، لكن الله شرف هذه البقعة الطاهرة من ارض العراق ، والتي احتوت بين طيات ترابها الجسد الطاهر وتعطرت بدماء الحسين (ع) فأصبحت قبلة الأحرار في كل مكان واليها تهفو قلوب الملايين في كل عام .
وتتميز شعيرة المشي على الأقدام  لزيارة الإمام الحسين (ع) بجوانب إنسانية واجتماعية وضاءة لايعرف معانيها إلا من عايشها عن قرب...  ومن ابرز مايميز هذه الشعيرة أنها ألغت الفوارق الطبقية بين مكونات المجتمع وجمعت الجميع تحت اسم الحسين (ع) ، ففيها المثقف والواعي والجاهل وكل طبقات المجتمع والكل يأكل من طبق واحد وينام في مكان الواحد ... وهذا ما أكد عليه الإمام الحسين (ع) وثار من اجله ... فهو أول من سعى إلى إلغاء الفوارق الطبقية وتذويب المسميات العنصرية تحت اسم الإنسانية التي من اجلها ومن اجل عزتها وكرامتها ضحى الإمام الحسين بكل مايمكلك ، وطبق الإمام الحسين هذا عمليا عندما وضع خده على خد جون وقام بحمل وهب النصراني ووضعه مع قتلى أهل البيت عليهم السلام .
ولم تكن شعيرة المشي على الأقدام لزيارة الإمام الحسين (ع) بدعة ، على الرغم من كل الصعاب المحيطة بها وإنما جاءت الأحاديث الشريفة والنصوص المروية عن أهل البيت تؤكد أهمية هذه الشعيرة وثواب من قام بها فضلا عن الكم الكبير من الأحاديث الشريفة والنصوص المروية والتي تبين وتؤكد فضل زيارة الإمام الحسين (ع) والثواب الكبير الذي يلحق بزوار سيد الشهداء (ع)  فقد قال الرسول الكريم محمد (ص) لابن عباس \"يبن عباس من زار الحسين عارفا بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمره \" وقال الإمام الصادق (ع) \"من خرج من منزله يريد زيارة قبر الإمام الحسين بن علي (ع) إن كان ماشيا كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحا عنه سيئة\" وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (ع) قال \"من أتى قبر الحسين ماشيا كتب الله له بكل خطو ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة ورفع له ألف درجة\" ... والكثير الكثير من الاحادث التي تبين فضل هذه الزيارة وعظمتها .
وبطبيعة الحال فان هذه الشعيرة أخذت بالازدياد والتوسع ولم تقتصر على العراقيين فحسب بل الكثير من أتباع أهل البيت من الدول المجاورة والبعيدة جاءوا هذا العام إلى البصرة والتحقوا بركب الأحرار وتوجهوا مشيا إلى كربلاء وسط حفاوة كبيرة من أصحاب المواكب والخدمة الحسينية الذين انتشروا على طول الطريق المؤدي إلى كربلاء من البصرة مرورا بباقي المحافظات الأخرى ...  دعاؤنا لهذه الملايين بالصحة والسلامة والنعمة والأمان عليهم وعلى عراقنا الحبيب 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/18



كتابة تعليق لموضوع : شعيرة المشاية .... الأجر والثواب والعزة والإباء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net