صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

أمريكا واحزاب السلطة في الشرق الاوسط
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
امريكا صاحبة المصلحة في دعم احزاب السلطة في المنطقة وموقفها في دعم حزب البعث في العراق خير مثال على ذلك
وربما أثار الموقف الأمريكي الأخير من مسالة اجتثاث المحسوبين على حزب البعث او المروجين لا فكاره الغرابة لكن المتتبع لتاريخ العلاقة بين حزب البعث وأمريكا لا يستغرب من هذا الموقف الذي يمتد تاريخه لبدايات سيطرة حزب البعث على الحكم في العراق بانقلاب عسكري . والموقف الاخير هذا جاء منسجما مع السياسات الأمريكية تجاه الشعوب والحكام في الشرق الأوسط ، ولنسأل أنفسنا أين تقف أمريكا عندما يتنازع شعب مع حكامه الظالمين عندما يكون هؤلاء الحكام يدورون في فلك أمريكا . هل ستقف الى صف هذا الشعب أم تقف مع الحاكم الظالم القاتل لشعبه الخانق للحريات والذي يحكم شعبه بالنار والحديد والدم لأنه في فلكها ، ولنسأل انفسنا اليوم اين تقف امريكا وحلفاؤها في المنطقة من الثورة الشعبية التونسية  التي خضبت بالدم ،هل انها تقف الى جانب الشعب التونسي ام تقف الى جانب رجالها وعملائها في تونس ؟ هذا الامر قد يكون خافيا على البعض من الناس ، وعلى بعض الشعوب المغلوبة على أمرها ، لكن عفوا الصحيح ان امريكا تتخيل ان هذه الشعوب غافلة عن سلوكها هذا مع الشعوب بل عن مصالحها التي بسببها تضطهد شعوب كثيرة في المنطقة بل يقتل الآلاف من هذه الشعوب وتصادر حرياتهم وكراماتهم على يد حكام مفروضين على شعوبهم ويدورون في فلك امريكا ،امثال صدام المقبور وزين العابدين بن علي ، ولايتخيل احد ان امريكا عندما هاجمت العراق وبدعم من حلفائها في المنطقة ، هاجمته عداوة لصدام ، بل هاجمت العراق لأنها ارادت استبدال وجه صدام ، بآخر جديد وحليف لها ، ولا يجلب الشبهة لها ، لكن ذلك لم يتيسر لها لان الشعب العراقي واحزابه المجاهدة ، ورجاله الاوفياء وقفوا لها بالمرصاد ، وافشلوا كثيرا من محاولاتها التي ارادت بها الالتفاف على الشعب العراقي ، ولا ينسى الشعب العراقي موقف امريكا وحليفاتها من دول المنطقة ، كيف ساعدت صدام للقضاء على الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ، عندما اسقطت الانتفاضة النظام الحاكم ، وقضت على مؤسسات حكمه في جميع انحاء العراق ، واخذت امريكا ومعها دول في المنطقة تخطط للابقاء على هيكلية النظام بل الابقاء على حزب البعث في الحكم مع تبديل بعض الوجوه ، فلم يتح لها ذلك ،وامريكا اليوم مع حلفائها من دول الاقليم العربي ،مع بعض الدول الاوربية حليفة امريكا ، تريد ان تلعب نفس اللعبة مع الشعب التونسي ، عليه ننبه ونحذر الشعب التونسي المضحي من محاولات الالتفاف على ثورته ومحاولة مصادرتها لصالح رجال امريكا وفرنسا وغيرهم في تونس ، لان الشعب العراقي مرّ بهذه التجربة ، وعلى الشعب التونسي المضحي ان يستفيد من تجربة الشعب العراقي في ذلك .واليوم نرى امريكا تقيم أحسن العلاقات مع حكومات متخلفة ظالمة تحكم شعوبها بالقوة والقهر والدم فلا تحرك ساكنا بل تكم أفواه من ينتقد هذه الحكومات المتهرئة ، بل وتحاول ان تحّسن صورة هذه الحكومات أمام العالم .أمريكا تتخيل ان هذه الشعوب غافلة عما يجري حولها وغير واعية لما تخطط وتعمل، بل هي تعرف لكنها تتجاهل معاناة هذه الشعوب وارداتها في التحرر والتوق الى الديمقراطية الحقيقية لا الشكلية التي يمارسها حلفاء امريكا في المنطقة  . هذه السياسة الأمريكية المشخصة من قبل الشعوب والمبنية على المصلحة بغض النظر عن الثمن الذي تدفعه الشعوب جراء هذه السياسة الظالمة وغير العادلة يصفها الكاتب المصري الدكتور نصر حامد ابو زيد في كتابه (( الخطاب والتأويل )) :(( السياسة الأمريكية لاتهتم كثيرا بطبيعة الانظمة التي تتعامل معها وتساندها مهما كانت راديكاليتها الاسلامية ، مادامت لاتهدد مصالحها ، ولاباس في هذه السياسة من التعاون مع  ( عمر عبد الرحمن )او (أسامه بن لادن ) او غيرهما من القيادات في لحظة معينة ، ثم طلب الرقاب ـ حيا او ميتا ـ في لحظة أخرى .وفي جميع اللحظات يبقى خط الاتصال مفتوحا مع بعض القيادات والتنظيمات تحسبا لاحتمالات مفاجئة ، مهما كانت مستبعدة هذا من جهة ، ومن جهة أخرى يقوم خط الاتصال المفتوح هذا ـ بين دوائر صنع القرار في امريكا وبين القيادات الاسلامية الراديكالية ، بل والإرهابية ـ بدور \"الفزاعة \" لتهديد الانظمة السياسية في العالمين العربي والاسلامي لضمان سيرها على النظام الأمريكي المستقيم . انه نفس الدور الذي يقوم به (( في إبقاء الوضع الحالي في الخليج )) ولو كان الثمن هو القضاء على العراق بأكمله شعبا وتاريخ وتراثا وحضارة ))وهذه الحقيقة التي أشار أليها الكاتب المصري نحن أبناء الشعب العراقي نعرفها جيدا حيث أصبحنا اهل التجربة والخبرة في معرفة السياسة الامريكية ابتداء من تسلط الطاغية صدام على رقاب الشعب العراقي حتى أزاحته في 9/4/2003، لكن نحن أبناء الشعب العراقي المكتوون بنار صدام الطاغية منذ عام 1968 وحتى إزاحة الصنم في 9/4/2003 ومن سقوط الطاغية صدام حتى هذا اليوم وجميع أعمال الارهاب التي تمت في العراق منذ السقوط في 2003 وحتى اليوم تمت بحواضن وتخطيط ودعم لوجستي من حزب البعث المجرم وبدعم من دول عديدة مجاورة للعراق ، بالتعاون مع منظمة القاعدة وميليشيات محلية مدعومة خارجيا . وخلال هذه الفترة من 2003 حتى اليوم تحاول القيادات البعثية الاتصال بالأمريكان للإيحاء لهم أنهم مظلومون ويريدون الدخول بالعمل السياسي لكن هناك قوى تمنعهم من ذلك وقد ايّدهم الأمريكان وبدفع وضغط من الدول المجاورة للعراق والصديقة لأمريكا والنتيجة ظهرت بارزة بأن الإدارة الامريكية تعمل علنا لإرجاعهم للعملية السياسية بالتعاون مع الدول الصديقة للولايات المتحدة الامريكية ، والسياسة الامريكية واضحة بأنها تتعامل مع أي جهة تؤمّن مصالحها بغض النظر عن آلام الشعب العراقي ومعاناته وبغض النظر عن الجرائم التي اقترفها حزب البعث بحق الشعب العراقي ، وخلال فترة تسلط البعث على الشعب العراقي منذ 1968 لم تتوقف السياسة الامريكية عن دعم حزب البعث فالبرغم من الجرائم البشعة الكثيرة التي اقترفها صدام بحق الشعب العراقي والابادات الجماعية ابتداء من ضرب حلبجة بالكيماوي الى المقابر الجماعية في الوسط والجنوب والأنفال الى تجفيف الاهوار الى مصادرة الحريات الى القتل من دون محاكمة وعلى الشبهة وأمريكا تقيم أحسن العلاقات مع صدام لان مصلحتها فوق كل شي حتى لوكان الثمن ابادة الشعب العراقي تاريخا وتراثا وحضارة على حد وصف الدكتور نصر ابو زيد . وأثناء غزو صدام للجارة الكويت لم تتحرك امريكا ضد صدام اذ اكتفت بأخراجه من الكويت وتعاونت معه للقضاء على انتفاضة الشعب العراقي عام 1991 ، وبذلك ثبتت دعائم حكمه من جديد وسمحت له بأقتراف المجازر الجماعية بحق أبناء الشعب العراقي وبدفع من أصدقاء امريكا في المنطقة فالسياسة الامريكية لا يهمها ان يكون الحاكم في العراق صدام او( رّدام) المهم تامين مصالحها وان كان الحاكم من ساهم في ذبح الشعب العراقي ،  المهم تأمين المصالح ، فعندما نرى اليوم دفاع بايدن والساسة الاخرون عن البعثيين أصحاب الجرائم والمدافعين عن فكر البعث لان السياسة الاميركية لا مشكلة عندها مع حزب البعث لكنها اختلفت مع صدام حين بدأ بالخروج عن أطار الدور المحدد له ، وتجاوز حدود الدائرة المسموح له بالتحرك داخلها ، حينئذ اتخذت قرار تغييره في عام 2003 ، فجاء قرار التغيير لصالح الشعب العراقي اذ تخلص من هذا الكابوس ، فلم يكن التغيير لأجل عيون الشعب العراقي ، لكن جاء لأجل المصلحة الامريكية فكان نتيجة هذا التغيير ان تحرر الشعب العراقي من هذا النظام الجائر، وان كان الناتج عرضيا كما في اصطلاح أهل الكيمياء ،ونتمنى ان يحترم الامريكان أرادة الشعب العراقي ويقدرون مشاعره تجاه موقف الشعب من حزب البعث المجرم ونشكر كل الذين يقفون مع الشعب العراقي في هذا الموقف ، وأننا المظلومون من أبناء الشعب العراقي والمكتوون بنار البعث المجرم اذ نرى اليوم السياسة الامريكية وهي تتعامل مع أعضاء حزب البعث وتحاول إشراكهم في العملية السياسية متجاوزة عن جرائمهم بحق هذا الشعب ومتناسية ان هناك دستورا وقانونا يمنع المجرمين من البعثيين ويمنع الترويج لأفكار حزب البعث ، ومتناسية الشروط الواجب توفرها في كل سياسي يشترك في العملية السياسية الجديدة ومنها عدم انتمائه لحزب البعث والبراءة منه ،وأخيرا ننصح أمريكا ان تترك تعاملها مع البعثيين لانهم قتلة الشعب العراقي ، وهي تعلم ان هذا الحزب حزبا شموليا لا يؤمن بالعملية السياسية الجديدة التي تؤمن بتداول السلطة سلميا وعبر الديمقراطية . وان تعاملها مع هذا الحزب الدموي سيضعها في خانة أعداء الشعب العراقي وستكون هي في واد والشعب العراقي في واد آخر وعلى أمريكا أن تدعم الشعب العراقي  في مواجهة الإرهاب ومنع التدخل الخارجي في شؤون العراق من أي دولة كان ،  على أمريكا ان تعرف ان مصلحتها في احترام الشعب العراقي ، واحترام إرادته ، وعليها ان تعرف ان حزب البعث هو عدو للديمقراطية وليس نصيرا لها .وبمناسبة الثورة الشعبية في تونس ، ننصح امريكا ايضا وفرنسا ودول الاقليم الخائفة من الثورة الشعبية في تونس ، ان تترك الشعب التونسي ان يختار طريقه ، ويختار حكامه ، وان تترك دعمها لرجال حزب السلطة التونسي ، وان تترك محاولات الالتفاف على الثورة التونسية ، واننا على ثقة ان قادة الثورة في تونس لن يضيعوا دماء الشهداء ، في محاولات الالتفاف من قبل رجال بن علي المدعومين من قبل دول الاقليم العربي ودول الاستكبار الدولي ، وخاصة فرنسا وامريكا، ونحن مطمئنون الى ان الشعب التونسي سيفوت فرصة الالتفاف على نتائج الثورة ، وسيجني ثمار ثورته عاجلا ، ويتمتع الشعب التونسي البطل بالحرية والديمقراطية الحقيقية ، ويطوي صفحة الظلم الى الابد . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/18



كتابة تعليق لموضوع : أمريكا واحزاب السلطة في الشرق الاوسط
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net