تلتقيه في العمل. رفيق يومكَ المهنيّ. يجمعكَ به دوام الوظيفة التي تقضي فيها الوقت الأطول من نهارك. تتشارك معه همومًا قد تكون نفسها أو مختلفة بعض الشيء، لكنّها طبعًا تصبّ في نفس الاتجاه.
إنّه ليس صديقًا. ولكنّه قد يكون، أو قد يصير. فقد تلتقي الشخصيّتان، وتجتمع الأهداف حول قيم ٍ مشتركة ربّما ربيَ كلاهما عليها. وفي هذا خير الزملاء وقوّة العمل. وهذا ما يخلق تضامنًا بين الجميع ووحدة ً في مواجهة الصعوبات الناجمة عن ظروف العمل الضاغطة. وربّما لا تتمّ الصداقة ولو تشاركا العمل العمرَ كلّه.
إنّه ليس منافسًا، ولكنّه قد يكون. أو قد يتطوّر شعور واحدهما بالآخر إلى منافسة، الأفضل أن تكون شريفة وفي سبيل خير العمل والأشخاص. كأن يتنافسا في إعطاء نتيجة ٍأفضل في إنتاج ٍما، أو في كسب رضى المسؤولين على اندفاعهما في تقديم كامل قدراتهما المهنيّة والعلميّة. وإلاّ انقلبت المنافسة بينهما غيرة ً وعداوة. ويحطّم الزميل في هذه الحالة زميله في حال جنح في نيّاته، فيسوء جوّ العمل ويتأثّر الإنتاج المهنيّ، وينقطع الاتّصال الإنسانيّ بينهما.
كثيرةٌ هي الأحوال التي تقتصر فيها العلاقة بين الموظّفين على مستوى الزمالة. يحترم الموظّف شخص زميله وخصوصيّته، ويبقى التعاطي بينهما من خلال الاحترام المتبادل والتعاون على تأدية الواجب المهنيّ. وفي هذا خيرٌ لجوّ العمل في حال كان الزملاء كلّ من عقليّة ويصعب الاتّفاق بينهما.
هم في مركز عملهم يعتاشون، يهمّهم ما يجنون لضرورات العيش وكرامته. لذلك يركّز كلّ منهم على تأدية واجبه المهنيّ على أكمل وجه، مع الحفاظ على الحدّ الأدنى من العلاقة الطيّبة مع الزملاء خصوصًا في ما يرتبط بالعمل. فيكون الاتصال الأساسيّ بينهم هو ما يخصّ ضرورات العمل. وقد قيل في هذا المجال في الحضارات الغربيّة إنّ العمل هو العمل، والصداقات توضع جانبًا. وقد أدّت خبرة الكثيرين إلى الاقتناع بعدم إقامة صداقات بين الزملاء أو في مكان العمل، وذلك حفاظًا على سلامة الوظيفة وعلى علاقة الزملاء بعضهم ببعض. فالصداقة في هذا الإطار قد لا تكون صادقة، إذ تشوبها غالبًا المنافسة والغيرة، واقتناص المراكز العالية إلى ما هنالك.
حريٌّ بالإنسان أن يكون إنسانيًّا. ولكنّ الضعفَ البشريّ إنسانيّ هو الآخر. والطموح أو السعي إلى العلى من الصـفات الإنسانيّة. ولكنّ إلغاء الآخر في سبيل الوصول غير مقبول. لذلك وُضعت القواعد الاجتماعيّة في سبيل الاحترام المتبادل بين الناس.
ليعمل كلّ زميل ٍ في العمل على ترك صيت ٍحسن له في قلوب زملائه. فالذكر الطيّب يخدم الإنسان، ويبقى فخرًا له ولعائلته، ويجعل منه مثالاً يُحتذى عند أرباب العمل لمن يأتي بعده.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat