صفحة الكاتب : جعفر المهاجر

أن هذا أول الغيث
جعفر المهاجر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
استفاقت مدن الصمت 
وعرّت أوجه الغرقى
بقيعان السقوط
هذه هي ثورات الشعوب وانتفاضتها أنها تصنع المعجزات وتحيل قلاع الطغاة ألي هباء خلال ساعات . ودماء أبنائها البررة لن تذهب هدرا أبدا. فهي صيحات حق هادرة ترعب الطاغوت وأجهزته القمعية وسجونه المظلمة الرهيبة. بعد أن اعتقد هؤلاء الطغاة وصدقوا  مارددته لهم أجهزتهم القمعية المخابراتية المتعددة الأشكال بأنهم في مأمن  وأن الشعب برمته يهتف بحياتهم ويقيم لهم التماثيل والجداريات في كل مكان من مدن الصمت  التي تفور وتغلي لتعلن ساعة الخلاص من ربقة الأستبداد والعبوديه . ويعتقد الدكتاتور الذي  أعمى بصيرته الغرور المطلق بأن الجميع يلهج باسمه ويدعو له بطول العمر.  وأن أعوانه على أهبة الأستعداد لخنق أي صوت يتجاوز على نصف الأله المقدس فصدق الدكتاتور ذلك  واستهان بأرادة شعبه وتمادى في ظلمه وجبروته. وأخذ يعد نفسه ليبقى مدى الحياة وألى آخر نفس متربعا على جماجم الفقراء والمسحوقين ويمتص دمائهم ويسرق قوتهم وقوت أطفالهم بكل غرور وصلف واستهتار.
ويأتي هذا الدكتاتور بحفنة من المطبلين والمزمرين والراقصين  ليسميهم ب (نواب الشعب ) ويجلسون على مقاعدهم كالدمى التي تنتظر الأشارة من (الرئيس المفدى) لتصفق وتهتف وتسبح بحمد هذاالرئيس من شروق الشمس وحتى غروبها كل يوم ويزيف كل شيئ في الوطن  وتقلب الحقائق ليصبح الحق باطلا والباطل حقا بأمر الرئيس ثم توقع الدمى  (الوثيقة) التي يريدها الدكتاتورلتقول هذه الدمى بالأجماع بأنها قررت أبقاء الرئيس في السلطة مدى الحياة لأنهم (ممثلون ) للشعب و (أمناء ) على طموحاته ورغباته ولابد من تنفيذ رغبته خير تمثيل. وتلك هي (الأمانة المقدسة) التي أوكلها الشعب لنا!!!ثم يحضر الرئيس لمجلس (نواب الشعب *) بكامل أناقته وهو يحييهم ويبتسم لهم أبتسامات عريضة تكشف عن أسنانه الناصعة وشعره الفاحم المصبوغ بالصبغة الفرنسية الشديدة اللمعان  وسط التصفيق الحاد والهتاف بحياته الغالية المقدسة التي هي أغلى من الوطن لابل هي التأريخ والجغرافيا والحاضر والمستقبل والكتاب والخبز والماء والهواء كما قال أحدهم  لدكتاتور العراق يوما (أنته النجم وانته الكمر.. وانته الهوه وانته الشجر.. وانته الخبز وانته المطر.. حتى الطيور البلسمه تغني باسمك  سيدي.. ياسيد  الفجر الأغر. !!!)  وتخرج الصحافة  في اليوم الثاني  بمانشيتات عريضة وطويلة وملونة بمختلف الألوان وهي   تعبر عن (وجدان الشعب وضميره الحي)( أن نواب الشعب  نفذوا أرادة شعبهم بكل أمانة وأخلاص وتفان ) و(هنيئا للشعب والقائد بهذا التشريع التأريخي) و(لتفرح الأجيال وتحتفي برئيسها  الحكيم الفذ الذي هو أنقى من الماء الزلال وأطيب من أريج  أحلى الأزهار)وتدبج المقالات بالآلاف في سباق مع الزمن  وهي تتحدث عن  جوانب  من (عظمة) الرئيس و(عبقريته ) و(شمائله الكريمة) التي لاتعد ولا تحصى حتى أن مياه البحار تنفذ وخصائص الرئيس (العظيمة) لاتنفذ ف(هنيئا لهذا الحب المتبادل بين القائد والرعية ولتباركه السماء!!!). ويتبع تلك الجوقة وعاظ السلاطين في المساجد في خطب الجمعة ويدعون له بطول البقاء  ويرد عنه كيد (الأعداء) ليكملوا تلك المسرحية الهزلية الباهتة التي تتجنى على كل القيم الأخلاقية والأعراف الإنسانية بأدنى مستوياتها لكي يبقى طاغية سفاح عريق في الأجرام يذيق شعبه الذل والهوان ويغرس مخالبه في لحوم الفقراء ويسجن ويعدم  وتسفك أجهزته القمعية دماء الأبرياء المنتفضين في الشوارع ويطارد الأحرار الشرفاء ويتهمهم بأنهم (عصابات ) و(قتله ) و(أرهابيين ) و(غوغاء )  وأنهم يمثلون  (صفحة الغدر والخيانه ) لالذنب ألا أنهم طالبوا بحقوقهم الإنسانية التي أقرتها لهم كل الشرائع السماوية وقوانين حقوق الأنسان والتي أقرتها وثيقة حقوق الإنسان الصادرة في جنيف عام 1948 وهتفوا من أعماقهم بعد عشرات السنين من القهر لاللقهر لاللظلم  لاللجوع لا لسلب الحريات لالتزييف أرادة الجماهير نعم للعدالة نعم للحرية نعم للأنتخابات الحرة الديمقراطية النزيهة نعم لحق الشعب في الحياة الحرة الكريمة وهذا ماقاله الشعب التونسي المجاهد والمناضل والبطل الذي تحدى قيود السجان بكل شجاعة وعنفوان بعد أن بلغ السيل الزبى وجاوز الظالمون المدى . لقد هب هذا الشعب العريق والأبي والشجاع بعد أن سقى شجرة الحرية بدماء أبنائه البررة ليقول لأعتى نظام دكتاتوري بغيض قف عند حدك لقد ظلمت وقتلت واستكبرت وطغيت  واستهترت بمقدرات الملايين الذين سحقتهم آلة ظلمك وحولتهم ألى جياع يائسون فاقدون لأي أمل في المستقبل حتى بات الشباب  الجامعيون يحرقون أنفسهم  احتجاجا  على ظلم النظام وسلبه لقمة الخبز من أفواههم وحرمانهم من كل حقوقهم الإنسانية  فزرعت طغمة زين العابدين بن علي  اليأس القاتل  بين الشباب في أرض تونس العراقة والثورة والإباء وقد حلت ساعة الحساب وهذا ماقاله أبناء تونس البررة الأحرار فكان  لهذا الشعب ماأراد  وأرادة الشعب لن تقف في وجهها أعتى الجيوش الجرارة وأحدث الأسلحة الفتاكة  التي سخرها الدكتاتور لحماية عرشه  لأن أرادة الشعب نابعة من أرادة الله. لقد انتفض  شعب تونس العظيم اليوم وحطم قلاع الدكتاتورية الغاشمة السوداء وهو يردد ماقاله شاعره الخالد أبو القاسم الشابي :
أذا الشعب يوما أراد الحياة 
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر
نعم أنه البركان الذي  أعب الطاغية  فارتعدت فرائصه  منه  وأصبح أمامه كالجرذ  الهائم  على وجوهه   وهو يبحث عن  جحر  يختفي  فيه أودكتاتور آخر لم يدرك الحقيقة بعد ليؤويه ويعيش في كنفه ذليلا محتقرا مطرودا يندب أحلامه الخضراء التي حولها الشعب ألى هشيم محترق وألى رماد تذروه الرياح  خلال ساعات بعد أن كان قبل أيام قليلة غارقا في جبروته وطغيانه وغطرسته وظلمه ولسان حاله يقول:
أيها الناس
لقد أصبحت سلطانا عليكم 
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال 
واعبدوني
أنني لاأتجلى دائما
واجلسوا فوق رصيف الصبر
حتى تبصروني
أتركوا أطفالكم من غير خبز
واتبعوني
أحمدوا الله على نعمته
فلقد أرسلني كي أكتب التأريخ
والتأريخ لايكتب دوني
لقد سقط السياف العربي الثاني بعد طاغية العراق  والسياف الأول صدام القتل والأجرام . هرب الدكتاتور مذعورا مدحورا  بمساعدة رفيقه في الأجرام السياف مجنون ليبيا وطاغيته معمر القذافي هذا السياف المعتوه الذي أرتكب من الجرائم والحماقات والغدر ومارس كل الأساليب القذرة بحق الشعب الليبي وبحق  الشعب العراقي حين وصف رفيقه السياف الأول  الطاغية المقبور صدام ب(القديس ) وأمر بأن يقام له تمثال قرب تمثال الثائر العظيم عمر المختار وشتان بين الثرى والثريا لقد جمع هذا الطاغية المعتوه معمر القذافي بين ضدين بين طاغية مجرم قاتل مثله قفز ألى السلطة في ليلة ظلماء بالقوه والبطش والغدر والوقيعة ولم يسلم من أجرامه حتى رفاقه في الحزب و ملأ أرض العراق بالمقابر  والمآسي والجراح وأهدر ثروة العراق وحطم كل شيء  وقبع في حفرة مظلمة بعد تلك الجيوش الجرارة التي هيأها وصرف عليها مئات المليارات من الدولارات طيلة ثلاثين عاما  وتركها وراءه بعد أن تحولت ألى خرده وطائرات طمرت في رمال الصحراء سرق أثمانها من دم الشعب العراقي ولقمة عيشه وحول الوطن ألى كومة  خراب ودمار  وترك آثاره السيئة التي لايمكن أن تزول لعشرات من السنين . وبين بطل ثائر ثار من أجل تخليص شعبه من الأستعمار                 فخلده التأريخ بحروف من نورفيالبؤسك وعارك وشنارك وضحالة تفكيرك أيها القذافي المتسلط على رقاب أبناء ليبيا بالحديد والناروأنت تعد لأن يتسلم أبنط السلطة من بعدك بعد أن تلفظ أنفاسك  ولابد أن تسقط في مزابل التأريخ ولو بعد حين ويرد   الشعب الليبي كيدك ألى نحرك ويسقط أحلامك أن شاء الله.ولم تكتف بكل مافعلته من أفعال منكرة بحق الشعب الليبي   ولكنك نصبت نفسك دون أي خجل أو حياء ممثلا للشعب العراقي وكأن العراق العريق بتراثه وحضارته والغني برجاله  الأفذاذ قد أصبح عقيما ليمثله أرعن أحمق سفاح  يشعر بجنون العظمة مثلك.فيالسخرية القدر ويالمهازل التأريخ في الوطن العربي المنكوب بك وبأمثالك من العتاة الطغاة المارقين . ولكن دقت ساعة الخلاص الكبرى وانطلق بركان الشعوب المظلومة المقهورة لتدك قلاع الطغاة .أنه طوفان الحرية الهادر العظيم الذي سيسقط كل الرؤوس الخاوية  العفنة التي أذاقت شعوبها الويل والثبور وعظائم الأمور وصادرت الوطن  وحولته ألى ملك عضوض للأولاد والأحفاد . لقد سقط طاغية تونس وسيافها ألى الأبد فهنيئا للشعب التونسي البطل وأحزابه  ومنظماته الوطنية ومناضليه الأحرار الذين عمدوا طريق الحرية بالدم وستكون أيها السياف الديناصور القذافي تحت أقدام الشعب الليبي قريبا أن شاء الله ليفرح كل الشرفاء والأحرار في الوطن العربي بسقوط الطاغية والسياف الثالث بأذن الله وما أكثر السيافين في هذا الوطن العربي المنكوب أن هذا أول الغيث للشعوب المقهورة .وليس لي ككاتب ألا أن أنحني أجلالا لأرادة الشعب التونسي العظيم الذي حصل على حريته بدماء   أبنائه البررة.
جعفر المهاجر/السويد
15/1/2011 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جعفر المهاجر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/15



كتابة تعليق لموضوع : أن هذا أول الغيث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net