صفحة الكاتب : ابو فاطمة العذاري

التوجه المعاكس للقران الكريم عند إسلاميي العراق
ابو فاطمة العذاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ليس من الغريب أن نجد تعمدا واضحا عند من لا يؤمن بالقران الكريم إلى العمل بخلاف مضامينه وانتهاج أسلوب المعاكسة لان التضاد مع القران سيكون نتيجة طبيعية للبعد العقائدي الذي ينتهجه هؤلاء, ولكن الغرابة تبرز عندما نجد أن التوجه هذا ـ وهو مفاد مطالب القران ـ عند المسلمين نفسهم بل تشتد الغرابة عندما تكون هذه الظاهرة متجذرة في عمل النخبة الواعية ومن لديهم حظ وفير من الثقافة الإسلامية, هذا ما نلمسه بوضوح في عراقنا الجديد عند الخطوط الإسلامية التي برزت بقوة على المسرح السياسي والاجتماعي في العراق فإننا نجد إن سلوكيات هذه الكيانات وأنماط تعاملها في أدائها العام والخاص تتحرك باتجاه واضح لمخالفة صريحة للنصوص القرآنية الجلية وقد برز ذلك في طبيعة التعاطي السياسي والاجتماعي بصورة واسعة وواضحة خصوصا في محطات الاحتكاك المفهومي مع الخط الصدري المجاهد الذي يسعى أبناءه رغم بعض الثغرات إلى الوصول لمستوى جيد من العمل بما يريد الله تعالى في القران الكريم.

وهنا نورد للقارئ اللبيب بعض تلك السلوكيات الواضحة للحركات والكيانات الإسلامية في العراق التي تخالف وبكل صراحة وشدة بديهيات القران الكريم تاركين الاستغراق في أسباب نشؤ هذه الخلفية المقلوبة إلى مدى وعي وتشخيص القارئ العزيز:
 
أولا: الشدة مع المؤمنين والرحمة مع الكافرين :
نجد القران وبصورة واضحة يبين لنا صفة من أهم صفات الذين مع محمد(ص) من إتباعه والمؤمنين برسالته حيث يقول تعالى ((محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فظلا من الله ورضوانا سيمائهم في وجوههم من اثر السجود )) الفتح -29- |إذن المطلوب التعامل باتجاهين (الشدة مع الكفار) و(الرحمة مع المؤمنين) وهذه صفة النبي محمد (ص) ومن معه من المسلمين, بينما أخذت بعض الحركات والأحزاب الإسلامية في العراق على عاتقها أن تخالف هذه الآية بصورة كاملة ومعكوسة تماما فأصبحوا (رحماء على الكفار) و(أشداء مع المومنين - وخصوصا أبناء الخط الصدري- )
فاغلبهم يتعامل بمنتهى الألفة والمودة مع الاحتلال العسكري والسياسي والثقافي للعراق, بينما تشتد القسوة والاضطهاد مع أبناء الخط الصدري, وهذا الأمر من والضوح والعيان لايحتاج الى أمثلة وبرهان.
ثانيا: التحاكم للطاغوت
حقيقة خطيرة يثيرها القران الكريم هنا في سورة النساء ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا {النساء/60}))
من مسلمات القران الكريم رفض الطاغوت والكفر به والنهي بشدة عن تولية وإتباعه فقد قال تعالى ((اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة/257})) البقرة- 257-
((الم ترى إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت)) النساء -50-
((ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من اهتدى ومنهم من حقت عليه الضلالة)) النحل- 36-
والطاغوت على مستويين (فرد- منهج) بحيث يكون الإنسان الظالم والكافر هو مصداق للطاغوت تماما وكذلك المنهج الذي يحوي المبادئ والقيم والمفاهيم المنحرفة والضالة يكون طاغوتا, ومن الأكيد أن الاحتلال طاغوت من الطراز الأول وعلى كلا المستويين فأما الطاغوت الفردي فقادة الاحتلال مجموعة من طواغيت العالم الغربي, وإما المنهج والمبادئ فهي تمثل ألان قمة الانحراف والضلال والبعد عن النهج الإلهي القويم, وفي هذا المجال يخالف بل يعاكس بعض الإسلاميون بأحزابهم وحركاتهم وكياناتهم القران الكريم ويسيرون بكل وضوح بالاتجاه المعاكس ويتعمدون ضرب هذا المبدأ القرآني عرض الجدار حيث تتزاحم القيادات الإسلامية على أبواب طواغيت الاحتلال وتقديم الود والطاعة والانسجام بكل الاتجاهات والأساليب فليس بالخفي على احد مدى الانسجام والترابط بين الاحتلال والأحزاب الإسلامية وكيف ان الإسلاميين في العراق دخلو بثقلهم تحت عباءة المشروع الأمريكي في العراق بل أصبحوا من دعاته ومنضريه, ولعل من اللطيف في هذا المجال ما ينطبق على صراع بعض الأحزاب الإسلامية مع الخط الصدري هذه الآية الشريفة ((ان الذين امنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلو أولياء الشيطان ان كيد الشيطان كان ضعيفا )) النساء- 76- فعملية الصراع بين الخط الصدري وأولياء الطاغوت المحتل تستبطن رؤيا مبدئية متعاكسة تكشف لنا الآية عن محور مهم من محاورها وهذا الأمر من الجلاء والوضوح لا يحتاج إلى استغراق بالمصاديق.
ثالثا: الخوف من أعداء الله
المنطوق الصحيح للعقيدة الإسلامية يؤكد أن الضار والنافع هو الله تعالى فقط وان الخوف والخشية تكون من الخطر الحقيقي فقط والخطر الحقيقي هو معصية الله والسير بخلاف ما يريد، أما الخوف والخشية من الظالمين بل من جميع الناس خطا واضح فقد قال الله تعالى ((الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالو حسبنا الله ونعم الوكيل))العمران- 173- هذه معادلة قرآنية أكيدة سار عليها أنبياء الله وأولياءه في جميع مقاطع حياتهم حيث كانت النتيجة في الآية التالية ((فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ))آل عمران- 174- بينما نجد بعض إسلاميي العراق رفضوا – عمليا – هذا المنطق القرآني حيث أنهم عندما تسأل – أمثلهم طبعا – عن سبب سكوته أو مهادنته للاحتلال سيكون جوابه متركز على الفرق في معادلة القوة والضعف وان الإمكانيات العسكرية والاقتصادية وغيرها عند المحتلين متقدمة بحيث تجعل الوقوف بوجهه ضرب من الجنون حتى ان بعض الفقهاء نضروا فقها على أساس هذه الرؤية المعاكسة للقران فصار قتال الاحتلال عندهم محل إشكال وانه من موارد التهلكة المنهي عنها.
طبعا هذا الاتجاه في التحليل والتفكير ينبغي أن يحذف الآية المذكورة سلفا من القران الكريم لأنه يعاكس مضمونها الجليل الذي ينهى عن الاهتمام لمقولة الناس المخوفة والمثبطة ((الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم)) فيكون التخويف من الجمع العسكري منطقا منسجما مع ((فاخشوهم)) ولا يمكن إن نفهم هذه الظاهرة الخطيرة المنتشرة عند الكثير من الأحزاب والحركات والكيانات الإسلامية إلا كونها معادلة معاكسة فهما وتطبيقا لما أكد علية القران في هذه الآية الكريمة والأخطر من هذا إن ثقافة التخويف والتجبين يعمل المنظرون من الإسلاميين في العراق على نشرها بين الجمهور وطرحا كمبدأ ذا صبغة شرعية في الشارع وفعلا استطاعوا زرعها بين الناس وإقناع العديدين بها كما هو واضح عند مناقشة بسيطة لأي حديث حول جدوى المقاومة مع البسطاء من جمهور هذه الأحزاب أو من أتباع بعض الفقهاء الساكتين, بينما بالجهة الأخرى حاول أن يكرس الخط الصدري في طول خط المواجهة العسكرية والفكرية مع الاحتلال بل استطاع إن يكرس مفهوم الآية الكريمة بأجلى واشد مصداق حيث كان لسان حال أبناء المنهج الصدري ((حسبنا الله ونعم الوكيل )) مقابل أبواق التخويف والتثبيط والترهيب التي تنطلق عليهم من هنا وهناك.
رابعا: التواجد والسكن في أماكن الظالمين ومخالطتهم:
بعد سقوط النظام الصدامي برز اسم المدينة الخضراء في الشارع والإعلام باعتبارها مقر الحكومة العراقية وقيادات الاحتلال وتكدست كثير من قيادات الأحزاب والحركات الإسلامية هناك للسكن والتواجد والاقتراب المكاني من قيادة الاحتلال ونحن نجد هذا مخالفة – في حالة عدم وجود ضرورة – واضحة للقران الكريم حين يقول تعالى: ((الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا)) النساء -75- إذن فالمؤمنون بالله يطلبون القدرة على الخروج من الأماكن التي يحكمها ويسيطر عليها الظالم بل يبحثون عن (ولي صالح) خلاف من يوالي الظالم والمحتل ويبحثون عن (نصير صالح)خلاف من يناصر الظالم والمحتل, وأيضا عزم بعض قيادات و أتباع الأحزاب والحركات الإسلامية على مخالفة الآية ولسان حالهم (أدخلنا في هذه القرية الظالم أهلها ) بدلا من(أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها) إذن مخالفة صريحة أخرى بل تضاد واضح مع القران الكريم في أية واضحة تؤكد إن المؤمن يطلب الابتعاد المكاني عن مراكز الظالمين ولكن حكامنا وقياداتنا الإسلامية أصبحت المنطقة الخضراء مأوى لهم وأصبح مجاورة المحتل والسكن والتواجد معه في مكان واحد من أهم أمورهم التي يمارسوها بكل انسيابية وطلاقه في حياتهم السياسية والاعتيادية, والأشر من ذلك أنهم يهتمون بمدينة المحتل الخضراء ويحموها ويعززوها وبالمقابل يكيلون الترهيب والقسوة لمدينة الصدر المجاهدة الصابرة وطبعا هذه من المفارقات المضحكات المبكيات في عراقنا الجديد من قبل الإسلاميين الجدد.
 
ابو فاطمة العذاري
 
 
 
 
hareth1980@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو فاطمة العذاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/08/06



كتابة تعليق لموضوع : التوجه المعاكس للقران الكريم عند إسلاميي العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : عباس علي من : العراق ، بعنوان : هل طبق الصدريون ؟؟ في 2010/08/06 .

الاخ الفاضل ابو فاطمة العذاري
هل طبق الصدريون التعاليم القرآنية ؟؟ لنعطي نسبة هل طبق 50 % من تعاليم الدين السمح ....
دعوة لك ايها الاخ الفاضل لتراجع بعض ماكتبت ولاتكن متعصبا فقد مللنا من حمل الاسلحة وجر الجثث في الشوارع ورميها في المزابل ولاتقل لي انهم ليسوا من التيار الصدري فقد راينا ما راينا في مدن الجنوب .........




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net