صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

محمد ؛ الرسالة والرسول الجزء الرابع
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بقلم ؛ الدكتور نظمي لوقا / مفكر وفيلسوف مسيحي مصري
أعده وعلق عليه وكتب له الملاحظات ؛ مير عقراوي / كاتب بالشؤون الاسلامية والكوردستانية
[                     الله
لا يدع القرآن شائبة من ريب في مسألة وحدانية الله ، فجاء في ( سورة الإخلاص ) :
{ قل هو الله أحد * الله الصمد }
ولا في تنزيهه عن الشرك والتعدد :
{ لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كُفُواً أحد } (1)
وفي ذلك نقض لعقائد الشرك ، وتصحيح لعقائد أهل الكتاب أيضا ... فقد صار أتباع المسيح الى القول بألوهيته . وأنه آبن الله . وأن الإله الواحد ، جوهر واحد ، له ثلاثة أقانيم هي ؛ الله الأب ، والله الإبن – وهو المسيح - ، والروح القدس . وشبهوا ذلك السر الإيماني المسيحي بالشمس ، وكيف أنها حقيقة واحدة ، تقع على الحواس قرصا ، ونورا وحرارة .. (2)
ولم يرد على لسان المسيح في أقواله الواردة في بشارات حوارييه ( الأناجيل ) إشارة الى شيء من ذلك . بل كان يدعو نفسه على الدوام ب{ إبن الإنسان } . (3)
وأما البنوة لله عزوجل ، فما ورد لها ذكر إلاّ على سبيل المجاز المطلق ، وبمعني يشمل البشر كافة ، حين أوصى أن تكون صلاة الناس الى الله بادءة بقولهم { يا أبانا الذي في السماء } .. (4) وحين طالب أتباعه وجميع الناس أن يسلكوا طريق البِرِّ ، كي يكونوا جديرين بنسبتهم الى الله . فالمسيح رفع خصوصية البِرِّ عن اليهود الذين قالوا : { إن أبناء إبراهيم وحدهم هم الناجون الظافرون برضوان الله } ، لأن الناس كافة أبناء الله ما سلكوا طريق البِرِّ ، وأحبوا الله ، وأحبوا إخوانهم في الله ، حتى أعداءهم .
بل إن المسيح وعظ الناس فضرب لهم المثل في رعاية الله وعنايته ، بما يتيحه من الرزق لطيور السماء ووحش الفلاة . وما يتيحه من الزينة لزنابق الحقل ، فلا ينبغي أن يكون حرصهم كله على مال الدنيا وقوتها وجاهها وزخرفها .. وما أقرب هذا أن يجعل رعاية الأبوة مطلقة شاملة لجميع الكائنات ، وما أبعد هذا أن يكون ذلك ( السر ) ، أو ( اللغز ) المُعَقَّدْ الذي آختلفت فيه أقوال المفسرين من أساطين الكهان وعلماء اللاهوت . (5)
وقد أدى هذا اللبس الى فتنة ، بل فتن بين صفوف أتباع المسيح والمنتسبين اليه ، وجمعت المجامع ، ووقعت المذابح وصار الإيمان سبيلا الى اللدد والفرقة ، لا الى الأفة وآجتماع العقول والقلوب على عقيدة يطمئن الجميع اليها . (6)
وناهيك بعقيدة لبابها المحبة حتى للأعداء . تكون مثار ذلك كله . وناهيك بعقول السواد ممن غبرت لهم في الوثنية جذور عقلية وحسية منذ أولف السنين ، كيف لا تنزلق الى الشرك من باب هذا ( السر ) الذي يجعل من الواحد الفرد ثلاثة أقانيم ! . (7)
لا بد من رد الناس الى بساطة الإعتقاد ، ولا بد من نفي اللبس وشوائب الريب عن جوهر هذه العقيدة ، وهو التوحيد مطلق التوحيد .
إذن تعيّن أن يأتي الدين الجديد بحسم هذا الإختلاف الوبيل : { قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد } ...
{ لم يلد ولم يولد } . فأقرب الى العقل أن من يلد أخرى بأن يولد .. وما كان سبحانه فردا في جنس ولا واحدا في سُلالة من نوعه . حاشا (!) ، بل جَلّ عن النظراء والأكفاء . فمن ذا الكفءُ لله ؟ . وكان لا بد للدين أن يثبت قلوب الناس بالطمأنينة الى عناية الله بالخلق ، والى قدرته ، والى سلطانه المطلق على الكون كله . فقرر القرآن في عزم وحسم أن الله { خالق كل شيء } . { وكان الله على كل شيء قديرا } .
هو الخالق ، وهو المُدَبِّرُ القادر . لم يخلق الكون ثم نفض منه يده { ألا إنه بكل شيء محيط } ...
ولا يدع القرآن في ذلك شكاً ، فهو يقرر ويكرر في أكثر من موضع تلك الحقيقة الجوهرية ، التي تقر سلطان الله على الخلق ، وتدعوهم الى الطمأنينة الى عنايته ، والحرص على رضوانه . فجاء في سورة الحديد :
{ هو الأول والآخر * والظاهر والباطن * وهو بكل شيء عليم } . وجاء في سورة الأعراف :
{ وَسِعَ ربنا كل شيء علما } ، وجاء أيضا : { ألاَ له الخلق والأمر } ؟ . وجاء في سورة يونس : { وما يَعْزُبُ عن ربك من مثقال ذرة } . وجاء في سورة يس~ : { وهو بكل خلق عليم } . وجاء في سورة فاطر أنه سبحانه : { عليم بذات الصدور } ، وجاء في سورة المؤمنون : { وما كنا عن الخلق غافلين } ، وجاء في سورة غافر : { يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور } .
وهكذا بدت العقيدة الإلهية في الاسلام ناصعة الصفاء في تجردها من الشرك وشبهاته ، ومن النقص وشوائبه على نحو حاسم كانت البشرية قد بانت في حاجة ماسة اليه بعد الذي آنتاب المؤمنين بالأديان من آختلاف وبلبلة . (8)
وأما والمسألة مسألة إيمان ، فمن آمن بعقيدة تنزه اله عن كل مشابهة بالخلق ، وعن كل تعدد تجسم أو إستدق ، يكون أقرب الى طمأنينة العقل والنفس ممن يروضها على الإيمان بإله واحد ، ولكنه يحتال على تصور وحدانيته رغم أقانيمه المتعددة . ويحار في وجه حاجته سبحانه الى تعدد الأقانيم ، وقد كانت لعباده غنية عن تلك الحبرة بتمام التوحيد ، فيغلق الباب دون كل تساؤل وكل إبهام ...
أما صفاته سبحانه فلا يدركها الحصر ، وإنما يتجلّى للناس منها ما يعنيهم وما يكون على قدر إدراكهم . وأوا ما يجبه الناس أمر المحيا والممات ، فالله هو :
-    { الحي الذي لا يموت } سورة الفرقان .
-    { وهو الذي يحيي ويميت } سورة المؤمنون .
-    { كُلُ شيء هالك إلاّ وَجْهَهُ } سورة القصص . (9)
وتتواكب آلاء الله على عباده . فهو الرزاق الوهاب خالق ما في الأرحام . العليم الحكيم البصير المنتقم ذو الجلال ...
وقد كانت لبني إسرائيل تصورات مفزعة عن آلاء الله ، تكاد تنفي الطمأنينة وتبعث الهول . وما دين بغير طمأنينة يستقيم بها أمر الناس في حقهم من الدنيا والآخرة ؟
إن كل سورة يفتتحها القرآن بإسم الله { الرحمن الرحيم } .. لا يكتفي من هاتين الصفتين بواحدة دون الأخرى .. ويقول في ( سورة فُصِّلَتْ ) :
{ وما ربُك بِظَلاّم للعبيد } .
ولا يجري ذكر العذاب إلاّ ويطمئن الناس الى العدل ، والى الإعذار مع الإنذار ، فهو إذ يقول في سورة البروج :
{ إن بطش ربك لشديد } ، يُردفها بقوله : { وهو الغفور الودود } . وجاء في سورة الإسراء : { وما كنا مُعَذٍّبينَ حتى نبعث رسولا } .
ولئن كان أقوام يؤمنون بأن الله ينتقم من الأحفاد لآِثام أجدادهم الغابرين ، وأنّ حصرم الآباء يضرس به البنون ... فالقرآن قاطع في نفي هذا الجور المستعصي على الفهم ، فيقول في ( سورة فاطر ) :
{ ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أخرى } .
ويقول في البقرة :
{ تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسْألون عما كانوا يعملون } . (10)
وهو توضيح أو تصحيح كان لا محيص عنه ، وإلاّ وجد العقل البشري في سنن الله ثلمات تزعجه وتصده عن الإيمان والتسليم . وكأنما بقيت تلك الصفات وقفة قد يقفها عقل البشر الذين درجوا ألوف السنين على التجسيم وهو تصوير كل شيء في صورة الجسم الذي له موضع محدد وأينٌ معين .
ويأتي القرآن بالجواب ، حاسما قاطعا لكل شك :
{ ولله المشرق والمغرب ، فأينما تُوَلّوا فَثَمّ وجهُ الله } البقرة . { لا تُدْرِكُهُ الأبصار وهو يُدْرِكُ الأبصار * وهو اللطيف الخبير } الأنعام .
{ واذا سألك عبادي عني * فإنّي قريب أجيبُ دعوة الداع ِ اذا دعانِ : فليستجيبوا لي ولْيُؤمنوا بي لَعَلّهُم يَرْشُدون } البقرة . (11)
{ ولقد خلقنا الإنسان ونعلمُ ما تُوسوسُ به نفسه * ونحن أقرب اليه من حبل الوريد } سورة ق .
ويحار البشر ، فيقضي على تلك الحيرة بذلك القول الفصل :
{ ليس كمثله شيء } الشورى .
عقيدة واحدة بسيطة يقطع الإيمان بها الطريق على كل حيرة وخوف ، ويبعث الطمأنينة في كل نفس .
وباب هذه العقيدة مفتوح لكل إنسان ، لا يصد عنها أحد بسبب جنسه أو لونه :
{ قل ياأيها الناس ؛ إني رسول الله اليكم جميعا اْلذي له ملك السماوات والأرض } الأعراف .
{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا * إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم * إنّ الله عليم خبير } الحجرات .
وهكذا يجد كل إنسان له مكانا في ظِلِّ هذه العقيدة الإلهية ، على أساس من المساواة العادلة ، التي لا تفاضل معها إلاّ بالتقوى ، تقوى الله رب { العالمين } ... ] . (12)
المصدر : كتاب ( محمد ؛ الرسالة والرسول ) لمؤلفه الدكتور نظمي لوقا ، بمقدمة وزير التربية والتعليم المصري الأسبق كمال الدين حسين ، مطابع ؛ دار الكتاب العربي بمصر / القاهرة ، ط 2 أغسطس 1959 ، طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم ، ص 63 – 73 .
التعليقات والملاحظات لمير عقراوي :
1-/ لقد أجاد المرحوم الدكتور نظمي لوقا في إثبات التوحيد الرباني الخالص بالسورة التوحيدية الإخلاصية الخالصة التوحيد ، حيث هذه السورة ، كما تبدو بوضوح هي خطاب إلهي كريم لنبيه العظيم محمد – عليه وآله الصلاة والسلام – بأن يقول للمشركين ويُبَلِّغهم بأنَّ الله تعالى هو واحد وأحد وأوحد ، وهو الفرد الصمد ؛ أي إنه سبحانه هو المآل والمقصود والسيد الأعظم الذي تنتهي اليه جميع السؤددات .
وهو سبحانه واحد أحد في ذاته العَلِيَّة الأعلى ، وفي صفاته وأفعاله ، وهو عزوجل لا شريك ولا نِدَّ ولا مِثْلّ ولا مّثِيْلَ ولا مِثالَ ولا نظير له . وهو تبارك آسمه مُنَزَّهٌ عن الأبناء والبنات ، كما إنه سبحانه لم يُولد من أب وأم كما كان المعتقد لدى العرب وغيرهم في العالم .
ذلك أن هذه الصفات هي صفات مَخلوقية ومحدوثة وحادثة تليق فقط وتَطْرَأ فقط على المخلوقين ، وهو سبحانه منزه عن كل ذلك تنزيها كاملا ، وهو سبحانه لا ند ولا كُفْؤَ له بالمطلق المطلق ، لأنه لا يكون المخلوق المحدوث المحدود الفاني بالنهاية ندّا وكُفْأ للخالق الأزلِيِّ السرمدي اللامتناهي ! .
2-/ التثليث ، أو الثالوث ؛ جاء في كتاب ( قاموس الكتاب المقدس ) التعريف التالي عن الثالوث ؛ [ الثالوث الأقدس ؛ ,, تثليث ,,  : عَرَّفَ قانون الايمان هذه العقيدة بالقول ,, نؤمنُ بإله واحد الآب والإبن والروح القدس إله واحد وجوهر واحد متساوين في القدرة والمجد ,, .
في طبيعة هذا الإله الواحد تظهر ثلاثة خِواص أزلية ، يُعلنها الكتاب في صورة شخصيات ( أقانيم ) متساوية . ومعرفتنا بهذه الشخصية المثلثة الأقانيم ليست إلاّ حقا سماويا أعلنه لنا الكتاب في العهد القديم بصورة غير واضحة المعالم ، لكنه قدّمه في العهد الجديد واضحا ، ويمكن أن نلخص العقيدة في هذه النقاط الست التالية :
1- الكتاب المقدس يقدم لنا ثلاث شخصيات يعتبرهم شخص الله .
2- هؤلاء الثلاثة يصفهم الكتاب بطريقة تجعلهم شخصيات متميزة الواحدة عن الأخرى .
3-هذا التثليث في طبيعة الله ليس مؤقتا أو ظاهريا بل أبدي وحقيقي .
4- هذا التثليث لا يعني ثلاثة آلهة بل ان هذه الشخصيات الثلاث جوهر واحد .
5- الشخصيات الثلاث الآب والإبن والروح القدس متساوون .
6- ولا يوجد تناقض في هذه العقيدة ، بل بالأحرى انها تقدم لنا المفتاح لفهم باقي العقائد المسيحية . ] ينظر كتاب ( قاموس الكتاب المقدس ) تأليف : نخبة من الأساتذة ذوي الإختصاص ومن اللاّهوتيين ، هيئة التحرير : الدكتور بطرس عبدالملك ، الدكتور جون الكساندر طمسن ، الأستاذ ابراهيم مطر ، دار مكتب العائلة بالقاهرة ، بالتعاون مع جمعية الكتاب المقدس في لبنان وبالاتفاق مع رابطة الانجيليين بالشرق الأوسط ، طبع بمطبعة الحرية ، بيروت / لبنان ، 2000  ، ط 13 ، ص 232
وبعدها يوقع كتاب ( قاموس الكتاب المقدس ) نفسه في تناقض كبير وواضح ، فيقول معترفا بالحرف الواحد ؛ [ ولقد كان يقين الكنيسة وإيمانها بلاهوت المسيح هو الدافع الحتمي لِتَصُوغَ حقيقة التثليث في قالب يجعلها المحور الذي تدور حوله كل معرفة المسيحيين بالله في تلك البيئة اليهودية أو الوثنية وتقوم عليه .] ! ينظر نفس المصدر السابق والمؤلفين وهيئة التحرير والدار والمكتب والرابطة والمطبعة والطبعة والمكان والسنة والصفحة .
ثم بعدها يضيف في إعترافه المتناقض مع تعريف الثالوث الذي نقلناه حرفيا قبل قليل ، فيقول ؛ [ والكلمة نفسها ,, التثليث أو الثالوث ,, لم ترد في الكتاب المقدس ، ويُظَنُّ ان أول من صاغها وآخترعها وآستعملها هو ترتليان في القرن الثاني للميلاد . ] ! ينظر نفس المصدر المذكور والمؤلفين وهيئة التحرير والدار والمكتب والرابطة والمطبعة والطبعة والمكان والسنة والصفحة  . ان العبارة الأولى والثانية الأخيرتان تدلاّن على أن الثالوث قد أضيف ، وقد تمت صياغته ودَسّه في ديانة نبي الله وعبده الصالح عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام ، في القرن الثاني الميلادي وما بعده ! .  

مناقشة هذا التعريف وبيان تناقضاته ودحضه :
يظهر بوضوح من التعريف أعلاه لقانون الايمان للعقيدة المسيحية حول الايمان المسيحي بالإله الواحد فيه تناقض بَيِّنٌ ومباشر مع التوحيد الخالص لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لاشريك ولا نِدَّ ولا نظير ولا شبيه ولا مثيل له ، ولا نسبة لأحد معه ، سبحانه وتعالى عن ذلك ، حيث أنه سبحانه مُنَزَّهٌ بالمطلق المطلق عن الشبيه والكُفْؤِ والشريك والبنوة والنسبة .
ثم بحسب التعريف المذكور أنَّ قدرة ومجد الإله الواحد [ أي الآب بحسب الايمان المسيحي ] تقف تماما بالتساوي مع قدرة ومجد الإله الإبن [ أي عيسى المسيح عليه السلام ] والروح القدس حيث الإله الثالث . ووفقا لهذا التعريف فإن قدرة الإله الأولي الآب ومجده لا يزيد مثقال ذرّة عن قدرة ومجد الإله الثاني الإبن والإله الثالث الروح القدس ! .
وفي ماهية الإله الواحد الأولي الآب وطبيعته تظهر ثلاثة خاصيّات أزلية في صورة شخصيات متساوية . وذلك بحسب التعريف أعلاه . هنا لسنا أمام إنشطار وآنقسام إلهي على ذاته وحسب ، بل نحن بالحقيقة أمام ثلاثة آلهة متعددة ، في صورة ثلاث شخصيات ثالوثية تثليثية مثلثة مستقلة في الألوهية ومتساوية في القدرة والمجد ! .
وما ذكره التعريف السابق الذكر من أن ( الكتاب في العهد القديم ) قد أعلنه ( بصورة غير واضحة المعالم ) غير صحيح بالمرة ، فالعهد القديم ، أي التوراة واليهود لايؤمنون أبدا بهذه التقسيمات والإنشطارات في الإله ، وإنهم لايؤمنون بالثالوث ولا بالتثليث أبدا . لهذا فإن مسألة التثليث هي مسألة محدودة ومنحصرة بالعقيدة والديانة المسيحية فقط  . هنا نتساءل : لماذا لم يذكر العهد القديم قضية العقيدة الهامة والمركزية الأولى هذه بالصراحة والمباشرة والعلنية ، ولماذا أعلنه ( بصورة غير واضحة المعالم ) كما قال التعريف للقانون الايماني المسيحي ، حيث من المفترض أن تكون العقيدة التي هي حجر الأساس والمحور والمركز في كل ديانة سماوية كانت ، أو أرضية وضعية أن يكون إعلانها وذِكْرها علنيا وواضحا وبَيِّنَا لا لَبْسَ فيه ولا غموض ولا رمزية ولا إشارة ولا كناية ولا لُغْزَ . وذلك كي لا يقع الأتباع والمؤمنون في حيص وبيص ، وفي حيرانية وحيرة من أمرهم الايماني حول أول وأهم قضية وهي قضية الايمان بالإله الواحد ! .
ثم ذكر التعريف أعلاه في النقطة الأولى بأن ( الكتاب المقدس ) قد قدّم لهم ( ثلاث شخصيات يعتبرهم شخص الله ) ، وفي مُدّعاهم هذا لم يُقَدِّم المؤلِّفين لكتاب [ قاموس الكتاب المقدي ] وأعضاء هيئة تحريره كلهم إثباتا ودليلا واحدا فقط ، بل إنهم كتبوا النقطة لأولى وتركوها عائمة مُرْسَلة بدون أيَّ دليل أو برهان من التوراة التي آستندوا عليها في كتابة مُدَّعاهم التعريفي ، حيث من حق المؤمن المسيحي والقاريء بشكل عام أن يتساءل : أين الإثبات والدليل من العهد القديم ، أي التوراة !؟ . من ناحية أخرى إن اليهود لم يؤمنوا قط بني الله عيسى – عليه السلام - ، ولو كان المُدَّعى التعريفي المذكور صحيحا فلماذا الى اليوم يستنكر اليهود الثليث ولا يؤمنون ولا يعترفون به على الإطلاق ؟
ثم يضيف التعريف في النقطة الثانية بأن [ هؤلاء الثلاثة ] ، أي الإله الآب والإله الإبن والإله الروح القدس تصفهم التوراة [ بطريقة تجعلهم شخصيات مُتَمَيِّزَةٌ الواحدة عن الأخرى ] بإدِّعاء التعريف أعلاه بطبيعة الحال . هنا أيضا المؤلفون وهيئة تحرير كتاب ( قاموس الكتاب المقدس ) لم يبرزوا الإثبات والدليل أولا ، وثانيا اذا كان ( هؤلاء الثلاثة ) هم ( شخصيات متميزة الواحدة عن الأخرى ) . وهذا أكبر إعتراف علني وصريح بنفي الإله الواحد الأحد والتأكيد على ثلاث آلهة مستقلة و( متميزة الواحدة عن الأخرى ) كما ينص التعريف ، مضافا إنه ، أي التعريف أضاف في النقطة الثالثة بأن التثليث المذكور هو ( ليس مؤقتا أو ظاهريا بل هو أبدي وحقيقي ) ، ثم يقع التعريف في تناقض صارخ ، في النقطة الرابعة فيدّعي بأن هذا التعريف الذي قدمه ( لا يعني ثلاث آلهة بل إن هذه الشخصيات الثلاث جوهر واحد ) ، وإن الثلاثة هم ( متساوون ) في الألوهية مثلما جاء في النقطة الخامسة   . وقالت النقطة السادسة والأخيرة من التعريف بأنه – كما لاحظ القاريء – ( لا يوجد تناقض في هذه العقيدة ) ، لأنها تقدم لهم ( المفتاح لفهم باقي العقائد المسيحية ) ! .
إن كل هذه النقاط الستة التي نقلناها حرفيا ونقطة فنقطة من كتاب ( قاموس الكتاب المقدس ) ، هي بالحقيقة في تعارض بَيِّن وتناقض واضح فيما بينها ، إذ لايجمعها رابط متين وراسخ واحد على الأقل ، لأن التعريف يؤكد على وجود ( ثلاث شخصيات ) ، وهي ( متميزة الواحدة عن الأخرى )  ، وهذا يعني بداهة الإستقلال التام لكل شخصية من الشخصيات المتميزة الثلاثة بحسب التعريف المذكور ، لكنه ينقلب على نفسه في النقطة الرابعة سريعا ليقول نقيضا لما ورد في النقاط السابقة ؛ إن التثليث ليس معناه ( ثلاثة آلهة ) ، ( بل إن هذه الشخصيات الثلاث جوهر واحد ) إذن ، أين ذهبت الثلاث شخصيات في النقطة الأولى ، وأين صارت ال( شخصيات ) ال( متميزة الواحدة عن الأخرى ) كما جاء نصا في النقطة الثانية !؟
وبحسب المنطق المذكور ، حيث هو منطق متناقض جدا وخاطيء جدا ومتهافت جدا فإن [ المميز 1 + المميز 1 + المميز 1 = 1 ] . وهذا كما هو معلوم بخلاف المنطق والحقيقة والعقل والرياضيات والبدهِيّات من القضايا المُسَلَّمِ بها ، لكن بالرغم من ذلك فإنهم يتغافلون عن هذه الحقائق والمسلّمات ، بل ويضربونها عرض الحائط . وفي هذا الصدد أيضا يقول موقع [ الكلمة ] المسيحي ما يلي من الإضطراب والتناقض : ( الحقائق الايمانية ليست ضد العقل ولكنها فوق مستوى العقل ، فمثلا لو قلنا أن الثالوث القدّوس عبارة عن [ 1 + 1 + 1 = 1 ] فهذا ضد العقل ، ولكن عندما نقول أن الثالوث القدوس في المسيحية هو عبارة عن [ 1 * 1 * 1 = 1 ] هذا يتماشى مع العقل ) !!! . ينظر الموقع الإلكتروني المسيحي ( www.alkalima.net ) . قد يستغرب القاريء ويتساءل إذن ، ما الفرق بين عمليتي الحساب أعلاه ؟ ، لكني نقلت تلكم العبارات والعمليتان الحسابيتان المذكورتان المتناقضتان والخاطئتان كما وردتا في الموقع المذكور . وهذا بالحقيقة أمر في غاية الغرابة والدهشة ، وهو : كيف أن [ 1 + 1 + 1 = 1 ] هو ضد العقل ، لكن إضافة النجمة مكان الزائد على كل رقم يصبح الأمر عقليا ، وإنه يتماشى مع العقل ، وما الفرق بين الحالتان الحسابيتان ، وبخاصة إنهما في حالة تزايدية لثلاث شخصيات متميزة الواحدة عن الأخرى كما جاء في التعريف الكنسي المذكور ؟ .
في علم الرياضيات والحساب إن الزائد ، أو العِلاوة ، أو الإضافة للشيء ، أو على الشيء تنتج الزيادة والعِلاوة والإضافة العددية ، ولا تنتج أبدا نفس القيمة أو نفس الشيء أو نفس العدد ، لأنها في حالة إضطراد تزايدي وإضافي وتصاعدي نحو الأكثر كمَّا ونوعا وعددا وشخصية متميزة ومستقلة الواحدة عن الأخرى ، فكيف إذن ، يصبح حاصل الجمع في [ 1 + 1 + 1 = 1 ] بدلا من أنْ يصبح [ 3 ] ، حيث هذا هو الصواب والصح عند جميع أهل الأرض قاطبة في العصر الحالي والعصور السابقة الغابرة على آمتداد التاريخ .
الكاتب المقدس ، أي التوراة والتثليث ! :
ولو أن العهد القديم فيه الكثير من الغبش والإنحراف والضبابية حول التوحيد الرباني الخالص ، لأن بين دَفَّتيه الكثير من العبارات التي تقول بأن الله تعالى هو رب بني إسرائيل . وبذلك فهوا حصروا الذات العليّة لله رب العالمين ببني إسرائيل وحدهم ، مثلما نقرأ في التوراة : [ والرب إله إسرائيل ] ! ينظر كتاب ( الكتاب المقدس ) ، دار المشرق ش . م . م . بيروت / لبنان ، التوزيع : المكتبة الشرقية ، بيروت / لبنان ، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق ، بيروت / لبنان ، ط 6 ، 2000 ، ص 559 ، و ؛ [ تبارك الربُّ إلَهُ إسرائيل من الأزل وللأبد ] ! ينظر نفس المصدر المذكور والدار والمكتبة والجمعيات والتوزيع والطبعة والسنة والمكان ، ص 1262
لكن بالرغم من ذلك ففي التوراة الكثير من العبارات التي تدحض التعريف المسيحي المذكور حول وجود التثليث فيها . فالعبارات التوراتية حول الله تعالى الواحد الأحد تنسف التثليث من جذوره نسفا كاملا ، منها :
1-/ إنّ أول ما يبتديء التوراة به هو هذا القول : { في البدء خَلَقَ اللهُ السماوات والأرض } ينظر نفس المصدر السابق والدار والمكتبة والتوزيع والجمعيات والطبعة والسنة والمكان ، ص 68 .
2-/ { ملعون الرجل الذي يصنع تمثالا أو صورة مسبوكة – قبيحة لدى الربِّ - } ينظر نفس المصدر السابق والمكتبة والدار والتوزيع والجمعيات والطبعة والمكان والسنة ، ص 398
3-/ { الربُّ هو الله وقد أنارَنا } ينظر نفس المصدر السابق والمكتبو والجمعيات والتوزيع والطبعة والسنة والمكان ، ص 1277
4-/ { إن الله فريد ولا نظير له على الإطلاق ، ولا وجود لإله الى جانبه  . ولا وجود لإيِّ إله قبله أو بعده ، لأنه أزلِيّ. إنه قبل كل شيء وهو مصدر كل شيء ، يخلق وحده كل شيء } ينظر نفس المصدر السابق والمكتبة والدار والجمعيات والتوزيع والطبعة والمكان والسنة ، ص 1521 .
5-/ { الرب هو الإله الأوحد } ينظر نفس المصدر السابق والمكتبة والدار والتوزيع والجمعيات والطبعة والسنة والمكان ، ص 1596
6-{ لا إله إلاّ الله ، أنا الأول وأنا الآخر ، ولا إله غيري } ينظر نفس المصدر السابق والدار والمكتبة والتوزيع والجمعيات والطبعة والمكان والسنة ، ص 1598 ، وفي الصفحة ( 1601 ) نقرأ ؛ { إنّي أنا الربُّ وليس من ربِّ آخر } ، وفي الصفحة ( 1602 نقرأ ؛ { الله سَيِّدُ الكون بأسره } ، وفي نفس الصفحة نقرأ أيضا ؛ { فإني أنا الله وليس من إله آخر } !!! . بهذه العبارات فإن التوراة  - العهد القديم – قد نسف التثليث ، أو الثالوث من قواعده وجذوره نسفا كاملا ! .
الجذور التاريخية للتثليث ! :
لقد بحث وحقق الكثير من العلماء والمفكرين والمحققين والمؤرخين الغربيين في قضية الثالوث ، أو التثليث المسيحية على الصعيد التاريخي فثبت لديهم إن الثالوث لم يكن بالأصل عقيدة في الدين المسيحي ، بل إنه أضيف اليه فيما بعد ، وإنه قد تم إقتباسه من الأديان والمعتقدات الدينية والوثنية الأخرى في الهند ومصر واليونان وبلاد فارس وبلاد الرافدين القديمة قبل أن يرى المسيح – ع – النور بعشرات القرون . لا بل يذهب هؤلاء المؤرخون والعلماء إن المسيحية بعد عيسى المسيح – ع – في القرن الثاني وما بعده قد طرأ عليها تطورات كثيرة وأضيف عليها إضافات كثيرة . وقد تم إستعارة هذه الإضافات كالطقوس والشعائر والعادات من معتقدات ونِحَلِ أخرى .
في هذا الصدد يقول ( أندريه نايتون ) ؛ [ لم تعترف الكنيسة الكاثوليكية حتى يومنا هذا بجذورها وأصولها الوثنية ، فهي كما يظهر لا تريد أن تحاور الموتى أو أن تناظرهم ، ذلك لأن هذه الأديان الوثنية التي آستقت منها الكنيسة عقائدها قد آنطفأت وزالت من الوجود . أما مؤرخ الأديان فإنه بحاجة لازمة الى العودة الى الوثنية اذا أراد أن يدرس مسيحية اليوم .
كان الكاتب المؤرخ الفرنسي إرنست رينان أول من درس الجذور الوثنية للمسيحية . وقد واجهت أعماله يومها في القرن التاسع عشر معرضة شديدة ، فقد كان علم تاريخ الأديان في نشوئه ، ولم يكن التصدِّي للمتعصّبين بأمر يسير . ] ينظر كتاب ( الأصول الوثنية للمسيحية ) لمؤلفيه : إدغار ويند وكارل غوستاف يونغ ، مقدمة ؛ أندريه نايتون ، ترجمة : سميرة عزمي الزين ، منشورات المعهد الدولي للدراسات الانسانية ، النسخة الإلكترونية ، ص 15 .
وفي هذا الشأن ينقل المؤلفان المذكوران قول علامة الأديان الفرنسي الشهير إرنست رينان عن تأثُّر المسيحية بالوثنية قائلا ؛ [ إن الدراسات التاريخية للمسيحية وأصولها تثبت أن كل ما ليس له أصل في الإنجيل مقتبس من أسرار الوثنية ] ينظر المصدر المذكور للمؤلفان والمترجمة ، ص 20 ، ثم يضيف المؤلفان ؛ [ ونحن لا نبالغ أن ما يُعرف بالأسرار الدينية في المسيحية مستوحى من الأديان الوثنية القديمة ] ينظر نفس المصدر السابق والمؤلفان والمترجمة والنسخة والمنشورات والصفحة .
يقول المؤلفان المذكوران عن عبارة ( إبن الله ) ومصدرها ؛ [ لم يكن مستغربا في بلدان الشرق القديم أن يقوم من يزعم نفسه < إبن الله > . في مصر القديمة نجد الكثيرين ممن يزعمون أنفسهم أبناء الله ، كأبناء توت وبتاح ورع ، ويقال إن الفاتح الأسكندر الكبير حين دخل معبد سيوه سمع صنم الإله آمون يناديه : يا إبني . بل إننا نجد على إحدى حفريات الأسرة الفرعونية التاسعة عشرة في ممفيس وعلى ورق البردي هذه العبارة التي تصف آمون : < هذا الله الذي عمل إلها وصار مزدوجا > ، كما نجد في نصوص الفيلسوف اليوناني هرمس ؛ < أن الانسان حين يَتَطَهّرَ بالتصوّف يصبح إبن الله > .
أما في فلسطين أيام المسيح فقد كان الواقع متشابكا معقدا ، وكانت الوثنية منتشرة الى جانب اليهودية ، ففي رسالة المطران ماروتا الى مجمع نيقية عن ( شمعون الساحر ) الذي تقول الأناجيل السرية أنه هو الذي صُلِبَ مكان المسيح  ، يقول ماروتا ؛ < إن هذا الرجل – شمعون – كان يُلَقِّبُ نفسه أيضا بإبن الله وأن له قوة الخالق > . وفي نهاية القرن الثاني الميلادي كانت عبارة إبن الله شائعة جدا في فينيق وفلسطين . ] ينظر نفس المصدر السابق والمؤلفان والمترجمة والنسخة والمنشورات ، ص 39
يقول المؤلفان المذكوران عن مصدرية التثليث المسيحي ؛ [ وهناك ثلاثية إلهية هَيّأت الطريق للتثليث المسيحي اللاحق ، وهي الإله الخالق بتاح ، وكلمته توت ، وروحه القدس حورس ، وهذا التثليث المصري القديم جدا هو الذي عَبَّدَ الطريق للهرمسية السكندرية المؤلفة من العقل الأكبر أولا ، ثم الكلمة الخلاقة ثانيا ، ثم الروح القدس ] ينظر المصدر السابق والمؤلفان والمترجمة والنسخة والمنشورات ، ص 45
وعن مصدرية الثالوث المسيحي يقول المفكر المصري المعروف المسيحي سابقا والمسلم حاليا الدكتور محمد مجدي مرجان ؛ [ تدل الرموز التي آكتشفت عن الثالوث المقدس عند قدماء المصريين على مشابهته تماما للثالوث المسيحي سواء في عدد الأقانيم ، أو في خاصيّة كل أقنوم منها .
ويتكوّن الثالوث الفرعوني من ثلاثة آلهة ، أو ثلاثة أقانيم إلهية وهي :
( 1 ) الإله أوسيري ( ويسمى الآب أو الوالد ) .
( 2 ) الإله هور ( ويمسى الإبن أو النطق أو الكلمة ) .
( 3 ) الإله إيس ( وتمسمى الأم أو الوالدة ) ] ينظر كتاب ( الله واحد أم ثالوث ) لمؤلفه المستشار الدكتور محمد مجدي مرجان ، الناشر : مكتبة النافذة ، مصر ، ط 2 ، ص 66
ثم يتحدث الدكتور محمد مجدي مرجان عن الثالوث الهندي المقدس ، فيقول ؛ [ يقرر الأستاذ مالفير وجود تشابه كبير بين الثالوث الهندي والثالوث المسيحي ، ويضيف أنه ذُكِرَ في الكتب الهندية القديمة التي تُرْجِمت الى الإنجليزية شارحة عقيد الهنود القدماء ما نصه ؛ ( نؤمن بسافتري أي الشمس إله واحد ، ضابط الكل ، خالق السماوات والأرض ، وبإبنه الوحيد آني أي النار ، نور من نور مولود غير مخلوق ، تَجَسّدَ من فايو ، أي الروح في بطن مايا العذراء ، ونؤمن بفايو الروح المحيي المنبثق من الآب والإبن الذي هو مع الآب والإبن يسجد له ويمجده ] ينظر نفس المصدر السابق والمؤلف والناشر والسنة والمكان ، ص 68 .
والآن أورد النص المسيحي التالي لدستور الايمان المسيحي الذي أقرّته كنيسة روما العامة ، وذلك بناء على قرار مجمع نيقيّة المسكوني للأساقفة عام ( 325 م ) كي يتأكّد لنا التطابق التام بين النص التثليثي الهندي المقدس الذي سبق ولادة المسيح بقرون طويلة ، وبين النص التثليثي المسيحي :
[ يسوع المسيح ( هو ) إبن الله الوحيد ، المولود من الآب قبل كل الدهور ، نور من نور ، إله حق من إله حق ، مولود غير مخلوق ، مساوِ للآب في الجوهر الذي كان به كل شيء ، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا ، نزل من السماء وتَجَسّدَ من الروح القدس ومن مريم العذراء < علما إن إنجيل متّى يقول بأن السيدة مريم كانت متزوجة إذن ، كيف تكون المرأة المتزوجة عذراء . وهذا يدل على مدى إضطراب وتناقض النصوص المسيحية بعضها ببعض ! . م عقراوي > وتأنّسَ وصُلِبَ عَنّا على عهد بيطالس البنطي وتألّمَ وقُبِرَ وقام في اليوم الثالث ] ! ينظر كتاب ( سُوسنة سليمان في أصول العقائد والأديان ) لمؤلفه الكاتب المسيحي نوفل أفندي نوفل ، طبع المطبعة الأمريكية ، بيروت / لبنان ، عام 1922 ، ص 137
على هذا الأساس قال كارل غوستاف يونغ ؛ [ لا شك في أن هذا النموذج الديني القديم قد كان وراء عقيدة التثليث في الديانة المسيحية . وغالبا ما كنا نجد أن هذه الآلهة المثلثة ليست آلهة ثلاثة مختلفة أو مستقلة عن بعضها ، بل كانت هناك علاقة وثيقة بينها .
وأذكر هنا مثلا الآلهة البابلية المثلثة : أنو ، بل ، أيا ، كان ( أيا ) رمزا للمعرفة ، وكان والد بل ( الآب ) الذي كان يُمثّل النشاط العملي  . وعناك ثلاثة آلهة بابلية أخرى هي سن ( القمر ) ، وأداد ( العاصفة ) ، وهنا نجد أن ( أداد ) هو إبن الآب ( أنو ) .
وفي حكم نبوخذ نصّر صار ( أداد ) ربُّ السماء والأرض ، ثم آتّضحت العلاقة بين الآب والإبن في أيام حمورابي حيث نجد ( مردوك بن أيا ) يأخذ القوة من الإله ( بل ) ويبعده الى الظِلِّ . وكان ( أيا ) والدا عامرا بالمحبة لإبنه الذي يعطيه قوته وحقوقه . أما ( مردوك ) فهو أصلا إله الشمس وكانت له مرتبة ( الآب ) ، بينما كان ( أيا ) وسيطا بين الآب وبين البشر .
وقد قال ( أيا ) أن كل ما يعرفه هو يعرفه إبنه أيضا . ثم يبرز مردوك في صراعه مع ( تيامات ) إلها مُخَلِّصا ، فهو الربُّ الذي يحب إيقاظ الموتى ، والمُخَلِّص الحقيقي للبشرية . وكانت هذه الأفكار عن المُخَلِّص قد آنتشرت في أرجاء البلاد البابلية كلها وما تزال منتشرة الى الآن عند ورثة هذه الديانات . كذلك فإن هناك آلهة بابلية مثلثة مثل : سن ( القمر وشمش ( الشمس ) ثم عشتار التي تحتل مكان الإله أداد . ولقد ثبت أن الآله المثلثة كانت عقيدة لاهوتية أكثر مما كانت قوة حية . والواقع أن التثليث أقدم المعتقدات الدينية الوثنية وأعرقها ... ] ينظر كتاب ( الأصول الوثنية للمسيحية ) لمؤلفيه إدغار ويند وكارل غوستاف يونغ ، ترجمة سميرة عزمي الزين ، منشورات المعهد الدولي للدراسات الانسانية ، النسخة الالكترونية ، 82
3-/ إبن الإنسان : على رغم ما في الأناجيل الرسمية المتداولة اليوم من عِلَلِ وإشكاليات ، لكن مع هذا ورد فيها خطابات كثيرة لعيسى المسيح – ع – قائلا إنه < إبن الانسان > ، أي إنه عرّفَ نفسه كما هو حقيقتها البشرية ، بمعنى إنه مخلوق وبشر كسائر الناس تماما . على هذا فإن هذه الكلمات والخطابات لعيسى تنسف بالكامل قضية التثليث من أساسها .
4-/ كان عيسى المسيح يُصلِّي لله وحده ، ويَتَضَرّعُ ويبسط اليه يداه بالدعوات . لذا لو كان المسيح [ إلها ! ] لَمَا آحتاج الى العبادة والصلوات والدعوات إطلاقا . حتى الأناجيل المتداولة اليوم يوجد في أطرافها وأكنافها صحة ما ذهبنا اليه . روى متّى في إنجيله عن صلاة نبي الله وعبده عيسى ؛ [ ثم جاء يسوع معهم الى ضَيْعة يُقال لها جتسمانية ، فقال للتلاميذ : ( أمكثوا هنا ، ريثما أمضي وأصَلِّيَ هناك ] ينظر كتاب ( الكتاب المقدس ) ، دار المشرق ش . م . م ، بيروت / لبنان ، التوزيع : المكتبة الشرقية ، بيروت / لبنان ، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق ، بيروت / لبنان ، ط 6 ، عام 2000 ، إنجيل مَتّى ، ص 111 . عليه كيف يذهب [ الإله ] أو [ إبن الإله ] ليصلي ويدعو ، لأن المعلوم والقطعي إن الإله لايحتاج الى الدعوات والصلوات ، بل غيره من البشر يحتاجها  ! .
5-/ الثالوث : بالحقيقة يُعتبر الثالوث أعقد مشكلة في المعتقد الكنسي المسيحي ، بحيث انه لم يتمكن مخترعوها من تقديم الإجابات المُقنعة والكافية والمنطقية والعقلانية لها . وذلك لِمَا تنطوي على الثالوث من التناقضات والإشكاليات الكبرى ، لذا أصبح الثالوث لُغزا مُحَيِّرَاً لا بالنسبة الى الكنيسة فقط ، بل لأتباعها أيضا !!! .
6-/ وما ذكره الدكتور نظمي لوقا – رحمه الله تعالى – من وقوع المقاتل الدموية والمجازر الرهيبة بسبب الثالوث هو أمر صحيح ، حيث جرى ذلك كثيرا بين الكاثوليك من جهة ، وبين غيرهم من المسيحيين المخالفين من جهة ثانية !ّ .
7-/ ثلاثة أقانيم  ، أو الثالوث الأقانيمي : الأقانيم هي جمع أقنوم ، وهو بمعنى الشخصية باللغة اليونانية . والمراد بثلاثة أقانيم هو هو التالي :
إن الله سبحانه ( الآب ) بالتعبير المسيحي شخصية إلهية ، ثم المسيح ( الإبن ) هو شخصية إلهية ، وإن الروح القدس هو شخصية إلهية كذلك . وهذه الشخصيات هي واحدة ، والواحد ينشطر وينقسم بدوره الى ثلاثة ، والثلاثة هم آلهة ، وسبحان الله تعالى عما يصفون ! .
8-/ التوحيد في الاسلام واضح كل الوضوح ، وهو ان الله سبحانه فقط لاغيره بالمطلق هو الخالق والمبدع للأكوان والمخلوقات ، وهو سبحانه واحد أحد وأوحد وفرد لاشريك ولامثيل ولا مثال ولا كُفْؤَ له .
9-/ في الاسلام ان كل شيء ، وكل مخلوق بغض النظر عَمَّنْ هو في شخصه وشخصيته هو هالك ومَيِّتٌ ، أو انه سوف يموت ويطرأ عليه حالة الفناء والتغيير . وإن الحي الأزلي السرمدي الذي لا يطرأُ عليه أيَّ تغيير على الإطلاق هو الله تعالى الخالق الباريء . لذا ما المسيح – ع – إلاّ عبد من عباد الله تعالى أرسله كأيِّ نبي آخر من أنبياءه ، فهو قد أدّى عليه الصلاة والسلام ما كانت عليه من الرسالة والتبليغ والابلاغ ، وأدّى كذلك ما كان عليه من الأمانة الرسالية الى بني إسرائيل . وهو – أي عيسى عليه السلام – مات كأيِّ نبي آخر ، بل كأيِّ إنسان مخلوق آخر ؛ فسلام على المسيح آبن مريم الانسان ( والأنبياء كافة ) يوم وُلِدَ ويوم مات وتوفي ويوم يُبْعَثُ كغيره من البشر يوم القيامة حيّا .
10-/ في الاسلام لا يُؤخذ الأبناء والأحفاد بجريرة وذنوب وأخطاء آبائهم وأجدادهم ، لأنه { كلُّ نفس بما كسبت رهينة } بتعبير القرآن الكريم . وهكذا في الاسلام فإن كل إنسان يتحمّلُ مسؤولية أعماله في هذه الدنيا ، وفي الآخرة أيضا إن كانت إيجابا أو سلبا ! .
وفي الاسلام إن آدم – عليه الصلاة والسلام – هو فقط يتحمّل خطأه لا ذُرّيّتهُ إطلاقا ، وهذا التفسير الاسلامي يتفق تماما مع العقل الانساني ، ومع القانون الوضعي العصري ، أما المسيحية فإنها تقول بعكس ذلك ! .
11-/ في الاسلام ليس بالضرورة أن يدعو أو يصلي الانسان في مكان معين ، إذ يجوز له الدعاء والصلاة في أيِّ مكان كان في المعمورة . ذلك أن إرادة الله سبحانه ومشيئته ورحمته هي المحيطة بالبشر والكون وغيره . وفي الاسلام ان الانسان يستطيع أن يتوب ويعترف أمام الله تعالى فقط لا أمام أيَّ إنسان آخر ، لأنه هو سبحانه الذي بيده فقط العفو والمغفرة والغفران وقبول التوبة ! .
12- /  إن الاسلام قد كَرَّمَ الانسان بغض النظر عن لونه وجنسه وأرومته ولسانه ، وقد ورد في ذلك الكثير من الآيات القرآنية الحكيمة، وإنه آعتبر كل الاختلافات والألوان البشرية المذكورة من آيات الله تعالى في الكون ! .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/11/22



كتابة تعليق لموضوع : محمد ؛ الرسالة والرسول الجزء الرابع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net