صفحة الكاتب : كريم السيد

مطرب الحي يطرب, ولكن!
كريم السيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مقال الاستاذ حمزة مصطفى المنشور بجريدة المشرق بعنوان "مغني الحي وزعيم الحارة" يذكرني بعبارة لازلت اتذكرها جيدا سمعتها من الكاتب وجيه عباس من البرنامج الصباحي تحت نصب الحرية "يمعودين, ليش احنه واحد ياكل الثاني ومصر تصدر شعبان عبد الرحيم فنان بروسنا!!" كونه قارن واقعنا العراقي بالواقع المصري والذي وصفه بالواقع الغير متكلف "لانهم لا يملكون اي عقدة من اي نوع حيال بعضهم البعض" وهو بذلك وضع يده على الجرح وها انا ذا اسهب بأسباب ذلك الجرح الذي جعل مطرب الحي لا يُسمع فضلا عن كونه يُطرب!

خواطر ابا العلييّن - حمزة مصطفى و ووجيه عباس- حقيقة مهمه لها اسبابها وهي عجينة طحنت بأسباب اجتماعية وتاريخيه و اقتصادية وسياسيه احيانا,
من محاسن الصدف ان يكون حظ مصر الاستعماري "استعمارا تنمويا" يطمح لان يجعل من مصر بلدا متحضرا يباهي به الخصوم مثل حكومة محمد علي باشا "المتمردة" وحكومة نابليون المجددة, ففرنسا مثلا معروف عنها ان هي احتلت ارضا تسعى لان تجعلها جزء منها مهما بعُد او قَرُب جغرافيا ولهذا وجدنا ان نابليون كان محررا لا فاتحا ربما انكر البعض صدق مقولته من جانب الا ان مدلولها الحضاري كان واقعا صنعة نابليون من جانب اخر, هذه الحملة نقلت المجتمع المصري نقلة تأريخيه وحضارية بعد ان حضر الخبراء والعلماء ودخلت المطابع والصحافة وبرزت اهمية ذلك البلد العربي من النواحي الجغرافية والسياحية, وان قارنا هذا الواقع بتجربتنا مع الدولة العثمانية والبريطانية لاحقا لوجدنا انهم ضمنوا بقائهم واستمرارهم على حساب بقاء هذا الشعب متخلفا ومتقاتلا ومتشنجا وحتما ان لهذا السبب التاريخي تغير مهم بصناعة الوعي الاجتماعي لدى الشعب المصري وحري بنا ان لا ننسى علاقة العراق بالحروب والدكتاتوريات المتواصلة وتنوعه الاجتماعي,
من جانب اخر وكنتيجة لذلك الانفتاح الذي عرفته مصر قبل العراق بهذه المجالات جعل منها تخلق بيئة صالحة لتصدير ثقافتها المصرية الخالصة وان تملك ريادة الكتابة الابداع, اعلاميا على الاقل!, فشكلت مصر اول حلقات السلسلة الثقافية كونها تكتب ولبنان تطبع فالعراق يقرأ, ثم ان للسينما والفن المصري طابع مهم وكبير جعل من اللهجة المصرية اللهجة الاوسع عربيا والاكثر فهما بين اللهجات الاخرى وجعل بعض الكلمات والامثال تدخل ضمن الدارج في اللهجات الاخرى,
ولهذه الاسباب كانت مصر قادرة على انتاج الابداع والمبدعين كما العراق; ولكن الفرق هو الماكنة الإعلامية النشطة التي تلتفت لكل ابداع وتملك "جرأة الدعم" التي نفتقرها في العراق للأسف, ولهذا نجد ان الطاقات الابداعية العراقية غالبا ما تكتشف خارجيا بعد ان هاجرت الطوق الذي فرضه واقعنا المتخم بالأبداع  الكمي, والأمثلة عديدة لا يسع المجال لذكرها, ومن ادوات صناعة "مطرب الحي" الة التقويم تلك  التي نفتقدها, وصناعة انسان اخر بعيد كل البعد عن التشنج العصبي وبيئة تخلو من الاختلاف في كل شيء, وغالبا ما يكون مطربنا مطربا ولكن بعد موته او حين يكون خارج الوطن!
والواقع ان العراق يمثل الجناح الاخر لهوية الثقافة العربية, لكن مثقفنا وفناننا ورياضينا ومبدعنا سُحِق بأرجل السياسه التي وضفت الابداع لخدمتها واستكبرت عليه اي لقب, لتكون هذه الصفة طابعا نتمسك به حتى بعد زوال مصائبنا وحروبنا ونصحى من نومنا الفكري فنجد اميرا للشعراء وكوكبا للشرق وزعيما وبرنسا ووحشا للشاشة وغيرها من الالقاب الفنية, ولهذا بات علينا ان نقبل ما يُصدر علينا لنضطر ان نكون معترفين,
اشد على يدي الكاتب حمزه مصطفى على مقاله المهم جدا وهي دعوة لنعيد حساباتنا بما نملك من ثروة الابداع البشري يمكننا من خلالها انتاج وتصدر الثقافة العراقية بما تستحقه وتملكه, فمطرب الحي يطرب ولكن الحي لا يثمن طربه, يحتاج ان ننظر لما قيل وليس لمن قال!
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم السيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/11/21



كتابة تعليق لموضوع : مطرب الحي يطرب, ولكن!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net