صفحة الكاتب : جمعة عبد الله

شيوعي في البطاقة التموينية
جمعة عبد الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

دخلت البطاقة التموينية حياة المواطن العراقي بعد الحصار الاقتصادي الدولي لعام ( 1991 ) وظلت تعيش بين المد والجزر منذ ذلك الحين ولحد الآن , لكن تدهورت حالتها وأسأت نوعيتها في السنوات الاخيرة , حين دخلت عنوة في سراديب الفساد , واحتلت عمليات النهب والسلب والابتزاز والاحتيال مكانأ بارزأ , وصارت طوع ارادة الفساد والمفسدين في التحكم بها دون خجل او ضمير رادع , وفشلت الدولة والحكومة والبرلمان في تحصينها من شرور الفساد, رغم الوعود المعسولة بضمان وتأمين ايصالها الى المواطن دون تلاعب اونقصان , وتأمينها وتوفيرها بالوقت المناسب للعوائل الفقيرة, وتوفير مفرداتها وتحسين نوعيتها وزيادة كميتها , لكن هذه الوعود المعسولة ظلت حبر على ورق وماتت  بسم الفساد , وتناستها وتجاهلتها النخب السياسية التي فازت بمقاعد البرلمان بفعل الدجل والنفاق والمكر السياسي وخدعت الشعب بالعهود الاصلاح التي تحولت بقدرة  القادر الى نجاحات باهرة لفرسان الفساد , وحرمت الملايين ( خمسة ملايين تحت خط الفقر ) من نعمتها , لقد وقعت الكتل السياسية المتنفذة في شرنقة الفساد , ولم تستطع التخلص او الخروج من شرنقتها إلا اذا تخلت عن نزعتها واسلوب تفكيرها المنصب من اجل السلطة والنفوذ وبريق المال والاستيلاء على الغنائم والكعكة العراقية . فقد زادت شراسة الفساد في ظل غياب الدولة والحكومة والبرلمان في المراقبة والمحاسبة القانونية , ووصل بها الحال ان تزاحم خبز الفقير . لذا ياتي القرار الاخير لمجلس الوزراء , الذي ينص على الغاء البطاقة التموينية , مقابل مبلغ زهيد , والذي اشعل المناخ السياسي بالرفض والغضب والشجب من كل الاطياف السياسية والدينية , ومن قطاعات واسعة من الشعب , التي عبرت عن تذمرها واستهجانها من هذا الاجحاف الجديد , والذي استغل من التجار الجشعين والذين يلهثون وراء الربح الفاحش , بتصعيد الاسعار  بقفزات عالية الحقت اشد الاضرار بالعوائل الفقيرة وذوي الدخل المحدود . لقد كان هذا القرار القاسي بمثابة الضربة التي قصمت ظهر البعير , فقد تدهورت سمعة ومكانة النخب السياسية المتنفذة الى الحضيض , ويعتبر تصرفها تنكر فاضح للمسؤولية الوطنية والشعور الذي يعبر عن تطلعات الشعب المشروعة , في الحرية والكرامة وتوفير الخبز للفقير , وامام المد المتصاعد بموجة الغليان ومشاعر الاحتجاج الشعبي , الذي اخذ يتوسع  يوما بعد اخر بعد هذا الانحدار الخطير , بتبذير ثروات الشعب دون شعور بالمسؤولية الاخلاقية والوطنية وبتشريع سنة الفساد وفتح الابواب مشرعة للابتزاز والاحتيال لتضخيم ارصدة افاعي الفساد على حساب حقوق المحرومين والمظلومين الذين يعانون العوز وضنك الحياة وقسوة الازمات الحياتية , لقد وقعت هذه الاطراف السياسية في ورطة عويصة , وفقدت الحكمة والتفكير السليم بمعالجة ازمات الشعب والوطن , حتى وصل بها الحال بان تعجز في توفير البطاقة التموينية بشكل سليم يرضي الشعب , وامام هذا الطريق المسدود , رغم مرور مايقارب عقد من الزمان . وامام هذه المعضلة , فلابد ان نرجع ونستفيد من التجارب الناجحة من تراث العراق السياسي بالاستفادة واستخلاص العبر والدروس في حل ازمة البطاقة التموينية . لان مجلس الوزراء في قراره الاخير وقع في ورطة كبيرة بين بقى الحصة التموينية او الغاءها مقابل تعويض مالي زهيد , وفي كلا الحالتين يكون الرابح الاكبر هو الفساد وحيتانه . لذا لابد من الرجوع الى التجارب الماضية التي اعطت ثمارها , وهي في الاربعينات من القرن الماضي , حين فشلت وعجزت كل المحاولات في الحد من عمليات الاحتيال والابتزاز في البطاقة التموينية في العهد الملكي , وخيرا وجد الحل على يد الرجل الاول ( نوري السعيد ) العدو اللدود للشيوعيين , بان اخرج من السجن بعض الشيوعيين وكلفهم بمهة ادارة البطاقة التموينية , استغرب الكثير من هذا القرار العجيب والغريب من لدى شخص عدو لا يهظم الشيوعيين واضاقهم مرارة السجن والعذاب , لكنه اجاب على هذا الاستغراب بقوله .. انا اكره الشيوعيين , لكن صفة النزاهة وحب الوطن هي من خصال الشيوعيين . ومثال اخر من رئيس هيئة النزاهة السابق الاستاذ ( موسى فرج ) الشخصية الوطنية السامية والنزيهة , حين صرح .. بان كل النخب السياسية ينخرها الفساد إلا اعضاء الحزب الشيوعي .. لهذا اتوجه الى السيد رئيس الوزراء . من اجل المصلحة الوطنية بان يكلف من الشخصيات الشيوعية التي تملك الخبرة والكفاءة بما يخص السوق والاقتصاد  بمهمة مسؤولية البطاقة التموينية , ولو على سبيل التجربة والاختبار
جمعة عبدالله   


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمعة عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/11/16



كتابة تعليق لموضوع : شيوعي في البطاقة التموينية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net