صفحة الكاتب : ابو فاطمة العذاري

وقفة مع ذكرى منقذ العالم الموعود ( ع )
ابو فاطمة العذاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

 

 من اهم الافكار التي يجب ان تناقش حينما نتطرق عن الحديث حول القائد المهدي ( ع ) انما يجب علينا ان نتناول فكرة المهدي( ع ) من زاوية مهمة باعتبارها قضية عالمية تمتد الى أفاق الحضارة الإنسانية في عموم الأرض وعليه فقضية المهدي ( ع ) ليست قضية الشيعة او المسلمين فقط .

كل انسان من حيث يشعر او لا يشعر انما هو اليوم بحاجة الى حكومة عادلة شاملة لكل البشر تتمحور فيها كافة الحضارات والشعوب.

 

ومن جانبهم الباحثون في المجال التاريخي و الاجتماعي و السياسي يؤكدون بشكل معلن وغير معلن أن فكرة وجود حكومة عالمية من خلال منقذ للبشرية هي فكرة عامة تظهر بشكل أو بآخر في الحضارات الإنسانية، رغم اختلاف تحديد مصداقها تبعا للثقافة والقومية والدين ومنه نعلم خطأ الفهم القائل أن فكرة المنقذ (( المهدوية )) هي فكرة دينية غيبية بالمعنى الأخص .

 

تبتنى الفكرة على ظهور قيادة عالمية تحكم العالم بالعدل وتخلص البشرية من ويلاتها ومشاكلها ومن أبرزها الحروب والمجاعات المسيطرة على أجواء مجتمعات بأسرها و هذا الهدف كان ولا يزال من أهداف المصلحين والحكماء والفلاسفة عبر العصور .

 

اختلفت الأديان بل الفرق والمذاهب في تحديد هوية المنقذ العالمي من يكون وسبب هذا الاختلاف يرجع إلىسوء  تفسيرهم النصوص والبشارات السماوية وتأويلها استناداً إلى عوامل متنوعة و كذلك التأثر العاطفي برموز معروفة لأتباع كل دين أو فرقة وتطبيق النصوص عليها بالتأويل فضلا ان كل قوم يتعصبون لمنهجهم ورموزهم وما ينتمون إليه ويميلون.

 

ثم  الملاحظ ان القضية بمضمونها العام ذات منحى غيبي باعتبار ان المنقذ العالمي (( المهدي )) شخصية مستقبلية ويقوم بدور تأريخي – مستقبلي -  كبير يحقق أعظم إنجاز للبشرية على مدى تأريخها في اليوم الموعود.

 

إن المقذ العالمي (( المهدي )) يظهر في الديانة اليهودية من خلال التبشير ( بالمسيح اليهودي ) وفي الفكر المسيحي بالـ ( مسيح عيسى بن مريم (ع) ) وعند المسلمين بالمهدي المنتظر (ع) .

وتظهر فكرة المنقذ (( المهدي )) في الديانات والبوذية الهندوسية وغيرها وكذلك عند الحكماء والفلاسفة القدامى ،مثل أفلاطون في الجمهورية والفارابي في المدينة الفاضلة والفيلسوف الإنجليزي توماس مور في يوتوبيا .

 

نعم في الفكر البشري الموروث تجد ان هذه المدن الفاضلة والجمهوريات المثالية لا حصر لها فهناك (( المدينة المسيحية )) ليوهان و(( مدينة الشمس )) لتوماز كامبلا و (( إتلانتا الجديدة )) لفرنسيس بيكون ، و(( جزيرة كونفيسشيوس )) لحكيم الصين وغيرها وغيرها مما يطفح بها الدين و العلم والآثار .

 

والحقيقة انك قليلا ما تجد أحداً من الحكماء على عبر التاريخ لم يحاول تخيل المجتمع المثالي الذي يقوده رجل منقذ (( مهدي )) عظيم وحكيم.

 

بل حتى المفكرين المعاصرين سيطر عليهم هذا التفكير  فمثلا احد الأطباء من فرنسا اقترح أخذ نخبة من التلاميذ الأذكياء جداً لتعليمهم أنواع مختلفة من العلوم وإبعادهم عن اللهو والعبث ليظهر منهم مجموعة او في الأقل شخص واحد يتقن جميع العلوم قادر على قيادة العالم.

 

بل حتى أعداء الديانات الماديين يتفقون على ضرورة الحكومة العالمية، فمثلا ماركس أعلن أن الطور الاشتراكي أمر مؤقت زائل تحل محله الشيوعية بفضل قيادة واعية .

 

ولا يفوتنا ان نؤكد ان دعوات الغربيين لا تدعوا للحكومة العالمية العادلة وإنما تدعو دعوة سياسية واقتصادية لترسيخ هيمنتها مستغلة هذا الحلم الشعور الإنساني المتدفق .

 

وقد التفت السيد الشهيد الى هذا الامر حين قال في احدى خطب الجمعة (( ان هذا الوضع العالمي القائم على انقاض ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي والذي سمته امريكا في حينه بالنظام العالمي الجديد انما هو نظام استعماري مشؤوم قائم على تفرد امريكا بالعالم وهيمنتها عليه وفرض ارادتها على كل جهاته من دول وشعوب واحزاب ومنظمات. وكل من يخالفها فانهخا تكيل له الصاع صاعين كما يعبرون. هذا النظام يجعل منها الطاغوت الاول والشيطان الاكبر ويخرجها عن الانسانية وحسن التصرف الى الظلم الكاملو الطغيان المحض ))

 

ثم قال في موضع اخر :

((  ان امريكا تحاول تسخير اكبر مقدار من عدد الدول تحت ارادتها وسيطرتها وربما كل الدول على الاطلاق وكل من وافق على ذلك وتعاون معها فهو لعبة في يديها وتحت استعمارها بكل تاكيد حتى الدول الاوربية التي تود الاستقلال عن النظام الامريكي فانها تبدو في كثير من الاحيان لعبة بيد هذا النظام المشؤوم فمثلا بريطانيا التي كانت لها الزعامة في العالم حتى كانت تسمي نفسها بريطانيا العظمى اصبحت الان مستعمرة بسيطة بيد امريكا تستخدمها متى تشاء لانجاز مصالحها الخاصة وفي اعتقادي ان هذا منها تنازل مقيت وذلة لا موجب لها. ))

 

المهم اننا نعلم إن رغبة البشرية قوية في الوصول الى مرحلة قيام حكومة عالمية وتبرز هذه الرغبة في عالمنا المعاصر بتشكيل المؤسسات الدولية (( رغم فشلها )) مثل منظمة الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية ومحكمة العدل الدولية وصندوق النقد الدولي و التنمية.

 

هناك لدى الشعوب وبعض الحكومات شك كبير في التزام المترفين والمتحكمين بهذه النظم بأي التزام قانوني وأخلاقي.

 

تعيش الشعوب أحلامها في أن يتمكن منقذ (( المهدي )) بالفوز بالسلطة العالمية فيكون هو القائد العالمي الذي انتظرته البشرية كثيرا لتنعم بالرخاء.

 

فلا غرابة ان فكرة المنقذ العالمي (( المهدي )) بمفهومها العام تمثل مطالب واقعية يتمنى المضطهدون تحقيقها يوما ومن هنا يكون رفضها إنما هو ومحاربة لآمال البشرية في حصول مجتمع عالمي يسوده العدل.

 

والصحيح هو ان مشكلة البشرية التي يبحث الجميع عن حلها يكمن في قيادة المنقذ العالمي (( المهدي )) الذي يتمتع بالعقيدة المحقة والفكر المبدع والتوجه الأخلاقي الذي لا يفرق بين الأمم والشعوب إلا بمقدار إيمانهم بالله تعالى.

 

ومن خلال المنقذ العالمي (( المهدي )) تتحقق الحكومة العالمية التي هي مطلب إنساني ترجوه جميع الشعوب والأمم في المعمورة على مر التاريخ القديم والحديث.

 

ومن هنا نعلم أن (( المهدي )) قضية عقلية لا تحتاج في الحقيقة إلى برهان وهي قضية سيطرة الدين والعدل على الأرض- بل الكون بأسره - .

 

قال السيد الصدر :

(( اننا نعتقد ان هذا النظام الظالم غير دائم بل هو الى زوال مهما كانت نتائجه وذلك من عدة جهات منها:

اولا : انه يقول في الحكمة: (ان الظلم لا يدوم).

ثانيا : ان الله تعالى يهلك ملوكا ويستخلف آخرين.

ثالثا : انها الان وبكل وضوح موكولة الى نفسها وملتفتة الى جبروتها فتكون مصداقا واضحا من قوله تعالى : ((حتى اذا اتخذت الارض زخرفها وازينت وظن اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا نهارا او بياتا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس)). اذا فهذا الوعد آت من الله سبحانه وتعالى لا محال لوكن الجدل في كونه قريبا او بعيدا.

رابعا : انن انعتقد ان مستقبل البشرية الى خير وصلاح وعدالة حينما يظهر القائد المنتظر فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ولن يقوم اي ظلم ولا الى اي قسوة بعدها قائمة ولا امريكا ولا غيرها وفي الروايات ما يدل على ان اليهود سيعانون من الذلة والقسوة بيد المؤمنين قبل ذلك حتى ان الحجر ينادي المؤمن ويقول هذا يهودي خلفه فاقتله ))

 

 

 

الكوفة \"\" عاصمة حكومة المنقذ العالمية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو فاطمة العذاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/08/04



كتابة تعليق لموضوع : وقفة مع ذكرى منقذ العالم الموعود ( ع )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net