صفحة الكاتب : د . يوسف السعيدي

الكلمه الحره...والصوت المدوي...الهادر
د . يوسف السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يقف الواحد منا أحيانا مُحتارا من أمر الكلمة التي تجول بخاطره طويلا دون أن يجد لها طُعما مُحددا ، كما لا يجد طعما في كتابتها ،رغم إمكانية صياغتها بلسان القلم بأكثر من معنى ضمن تصنيفاتٍ تتعدد مابين الحلو والمُر ، لكن المانع أنه ليس هناك ما يُغري لخوض مُغامرة الغوص في أعماقٍ شبه جافة وشبه خالية من الحياة.
فالسراب والقحط يحيطان بالباحثين عن قطرة ماء ، وعن الظلال في كل جانب ، والصحراء تفتح فمها لابتلاع كل الداخلين إليها.......
الأشياء تغيرت والوجوه تبدَّلت والطبيعة مسكونة بالرعب وبالوحوش الضاريّة والآمال تبددت والأحلام تبخّرت.
إنه السير المضني من فراغ إلى فراغ ، في فضاءٍ موحش لا صوت فيه إلا أصوات الذئاب وهي تعوي في ضوء النهار وفي جوف الليل.......
لقد كُتِب على من يحمل قلما وبعض أوراق - وهو سلاحه في هذه الحياة - مواجهة الإعصار لوحده من غير أن يحس بالوجع ويتألم.
إنه الصراع الأبدي مع الضمير ومع الذات ولا مفر من مواجهة الحقيقة•
لمن تكتب، ولماذا تكتب، وعن أي المشاهد ستتحدث، وهي كلها متشابهة وتتكرر وتلاحقك في كل مكان، وفي كل زمان ولا سبيل لتغييرها.
كيف يمكن لك أن تبعث الحياة في نفوس مغلفة بالسواد، ويروقها أن تظل داخل الصناديق المغلقة وقد أصابها الصدأ ؟!
الكتابة هي إحداث فعل التغيير ولكن في محيط إنساني له القابلية في أن يتحرر ويتخلص من الأغلال، وينطلق في فضاء خال من القيود.
الكتابة هي الدافع على النهوض وعلى التحرر من عُقدِ الخوف، وإخراج الإنسان التائه من الأنفاق إلى عالم ينعم فيه بالضياء ليبصر ذاته، ويرى نفسه، ويكتشف قدراته ويحقق وجوده ولا يبقى رهينة وإنسانا ضعيفا تلاحقه لعنة الظلام......
الإنسان الذي يعيش بلا حاضر، هو إنسان بلا مستقبل، ولا يستحق الحياة، وليس من حقه - وهو العاجز المستكين القابع الراضي بواقعه المزري، وبوضعه المفزع - أن يطلب النجدة طالما أن صوته مازال أسير حُنجرةٍ معطلة.
الكتابة لا توجّه إلى المحبطين والغارقين في هزائمهم، ولا إلى الألسنة التي إستعبدها الشيطان واستدرج أصحابها إلى عالم الشعوذة ودوائر الرذيلة والخيانة والجريمة•
الكتابة لا تتعامل مع نفوس مريضة فاقدة لإرادة الحياة، ومجبولة على الخنوع والمُنبطحة في انتظار الموت.
الكتابة هي بمثابة الشعلة المقدسة والنور القادم من خلف الغيوم، وإطلالة الفجر على التلال الندية، والمروج الخضراء ينبغي ألا تتدنس بأفعال وسلوكيات المعتوهين الفاقدين للذاكرة الإرادية ، والجاحدين المتنكرين لأصولهم وجذورهم ، والصيادين اللاشرعيين الذين يصطادون من البرك والمياه العكرة.......
الكتابة لا تتصالح إلا مع نفسها في لحظات الشدة والمخاض ، وأزمنة الإعصار، وتأبى أن تكون سوطا في يد الجلاد ، وأداة ووسيلة للتزييف والغدر بالعباد......
الكتابة التي لا تأخذ بأيدي المظلومين المطعونين المخدوعين المنبوذين التائهين في أروقة النفاق والرياء ، هي نفخ في الرماد وفي الهشيم، وهي أخطر من الوباء.......
الكتابة هي تجديد للحياة وتطهير للروح وتخليص للنفس من الشرور ومن الأذى، ولا تقبل المهادنة والمساومة ، ولاتتستر على ما تحت الغطاء من خيانات وفضائح تبيح سفك دماء الأبرياء والشرفاء........
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . يوسف السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/22



كتابة تعليق لموضوع : الكلمه الحره...والصوت المدوي...الهادر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net