قراءة في تحولات ماجد الكعبي
حمزه الدفان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كلما اردنا تذكير الساسة في البلد بأن هناك اعلاميين يجب احترامهم ، ضحكوا علينا ، احد النواب متخلف شبه امي قالوا له الكاتب الفلاني يريد مقابلتك فضحك ثم غضب ثم قال لرجال حمايته : لست محتاجا لعريضة فمن هذا الكاتب الذي يريد مقابلتي ؟ لانه يتصور ان كلمة كاتب ، تطلق على كاتب وصولات البلدية او كاتب الصادر والوارد ، ولا يعرف سيادة النائب ان الكاتب هو المفكر والمحلل والمحاور والمؤلف ، المسافة بين الحياة السياسية في العراق الراهن والحياة الثقافية هي كالمسافة التي تفصل بين كاتب وصولات البلدية والكاتب المفكر ، ماجد الكعبي كاتب واعلامي وصحفي عراقي ابن عراقي وليس كاتبا في البلدية ، تمتد حياته الجهادية الى ثلاثين سنة مضت ويبدو ان ثلاثين سنة لاتكفي لجعل الانسان يحصل على لقب مناضل او مجاهد ، الالقاب قليلة وتم توزيعها كمفردات الحصة المسروقة على عدد من رجال الفنادق المبردة بغضا لرجال الخنادق الملطخة ضفافها بدم المقاتلين ، لذا سقطت الكثير من الالقاب التي كانت راقية لانها اطلقت على غير اهلها ، ثم دخلت البورصة لكي تترجم الالقاب الى اموال وامتيازات وعمولات ، كان ماجد الكعبي صحفيا مخضرما ، وليس المقصود انه كان من لاعقي صحون الطاغية ثم تحول الى ثوري في ليلة وضحاها كما نرى في دورة حياة صحفي يفقس فجأة بعد السقوط ، السقوط الشامل ، بل نقصد بالمخضرم رجال مثل ماجد الكعبي وعشرات سواه ، الصحفي الثائر في خنادق المعارضة المجاهدة وقد دفع زهرة شبابه لاجل موقفه ورؤيته وقناعاته وتصرف كاي رجل اراد انقاذ شعبه ، ثم دفع مجموعة من ابناء اسرته ثمنا لموقفه ، رعيل ذهبي من الرجال الذين لا تصلح كل لغات العالم لوصفهم سوى قول خالقهم جل وعلا (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) هؤلاء من حملة سلاح واقتحاميين واعلاميين ومتعاونين ومفكرين وممولين اعتقدوا لاول وهلة انهم هم الذين وضعوا صدام ونظامه على حافة الهوة بتضحياتهم وعطائهم الدموي المتواصل ثم جاءت اميركا والقوى الدولية لتسرق تلك الفرصة ، فلا غرابة ان يجري دفع هؤلاء المضحين رويدا الى الصفوف الخلفية ليتقدم رجال الفنادق والطاولات الخضراء ليحتلوا الواجهة استكمالا لعهد الصداقات القديمة الدافئة ، التأريخ يعيد نفسه ، نظام صدام بكوارثه كان نتاجا لهذه الحركة البهلوانية التي قام بها ابو ناجي منذ قرن مضى في هذا البلد نفسه ، حين يغطي الاسد بستار ابيض والجمهور يراقب بشغف ثم يرفع الستار بحركة سحرية ليخرج من تحته فوجا من الارانب الملونة ، اين ذهب الاسد ومن اين جاءت تشكيلة الارانب هذا سؤال خلدوني كبير اطول عمرا من الدول الكارتونية نفسها ، لم يسأله الجمهور عن تحولات اللعبة بل يسأله المفكرون الذين يصبحون خطرا يجب تلافيه بسرعة قبل ان تشتعل بقية الاسئلة وقبل ان يتعلم النائمون فن طرح الاسئلة الخطيرة ، الكتاب هم الذين يسألون فينفخون الحياة في جسد ثقافة ميتة تم تكفينها ولم يبق سوى الدفن بلا تشييع ، تحولات ماجد الكعبي ومكابداته ، اثارت مخيلتي لانها تشكل تحولات جيل مسحوق من مثقفي المقاومة العراقيين ، المثقف المقاوم وليد الخنادق وليس الفنادق ، ينتقد ، وينتفض ، ويثور ، ويرى نفسه معنيا بما يجري ، لان القصة صنعها بدمه وكرامته ، وتطوراتها تهمه ، يكافح الاخطاء ، ويغضب ويعاتب ويحرض ، فاذا سمع الانتهازيون صوته اعتبروه مغردا خارج السرب ، خارج مسرح الارانب ، وقد صدمته حركة الساحر والاسد المفقود ، البلدان التي تحررت من الطواغيت تحترم مثقفي المقاومة وكتابها لانهم صناع الثورة ، وليسوا كتاب وصولات في البلدية ، والحكمة العالمية التي قالها كاتب لا اعرفه تتكرر كل يوم : الثورة يخطط لها العباقرة ويصنعها الابطال ويستولي عليها ... الساسة . لا بأس دعهم يستولون عليها ، ولكن لماذا يذلون اخوانهم الذين قدموا لهم هذه الغنائم النفيسة على طبق من ذهب ؟ سيقولون (يمعود دروح لو ما امريكا ما يسقط صدام بعد ميت سنة) والجواب الطبيعي (لو ما تضحيات الابطال امريكا ما تسقط صدام ميت سنة وما تشوفون السلطة انتم ولا غيركم) اذلال المقاومين القدامى ليس عملية بريئة ولا ناتجة من اهمال وقصور بل وراءها اهداف ومعادلات ، ماجد الكعبي واخوانه دفعوا ثمن مواقفهم القديمة والجديدة الرافضة للفساد والجبن والتهاون والأنانية والتفرج السلبي ، يختلف قلبلا عن إخوانه المذبوحبن بنعومة لانه صرخ مرات عديدة فيما فضل رفاق خندقه الموت بصمت ، ما زالت كاسحة التطهير تجرفهم ، وهم صامتون ، تركهم اخوانهم وتنكر لهم الأقرب وفرط بهم الابعد فهم لحم على وضم ، واني لاشمت بنفسي وبهم ونحن نواجه الكاسحة ، وطوفان الأرانب المدللة ، اشمت لان منطق هذه الايام منطق القوة وليس منطق العتاب ، منطق الحق الذي يؤخذ ولا يعطى ، ليس منطق القلم الذي يكتب ويختنق ويموت في مواجهة عاصفة ترابية لا تقرأ ولا تكتب ، واحزن لأن المثقف في بلدي يقزم ويعزل ويهمل ويقتل ومعه يستشهد بلد كامل ، بلد يموت ببطئ مع مثقفيه والموت سوية ظاهرة تثير الجدل ، احتفال برزخي بتشييع بلد تتقدمه صور مثقفيه والمأتم مستمر ...

بقلم حمزة الدفان 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حمزه الدفان

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/19



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في تحولات ماجد الكعبي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net