صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

الشهامة وصحة الأقوال هي الرجولة ! الحلقة الثانية والأخيرة
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى)  الأنبياء/7.)
(وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)  القصص/20 .
/20. وقال تعالى: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)  يس
(وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ) غافر/28 .
(لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ.. فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا)التوبة/
وإذا كانت معظم الإجابات (ج)... والمجموع أكبر من (20)... فابنك "رجل" بمعنى الكلمة... إنه يتصف بمعظم صفات الرجولة.. أو كلها.. أهنئك... لديك ابن أو ابنة "رجل صغير"... اهتم بالأمر.. فأنت تصنع مستقبل أمتك .
كيف تربي أبناءك على الرجولة؟
ونأتي الآن إلى السؤال المهم، الذي لابد وأنه قفز إلى أذهاننا جميعا... كيف يمكننا أن ننمي عوامل الرجولة في شخصيات أطفالنا؟ إنها مشكلة تربوية حقيقية، كبيرة وصعبة، خاصة في عصرنا هذا الذي انتشرت فيه الميوعة، وقلَّ فيه الرجال.. دعونا إذا نتشارك ببعض النصائح...
أولا: درب طفلك على قوة الإرادة وضبط النفس :
أول واجباتك نحو ابنك أو ابنتك لتعلم "الرجولة" هو أن تدربه منذ صغره على أن ينتصر على نفسه... إن هذا لن يكون بين ليلة وضحاها.. فهو يحتاج إلى التدرج والصبر ...
ـ أحذر أن تلبي له كل طلباته.. علِّمه أن يترفع عن بعض حاجات نفسه... حين يطلب منك أمرا بإلحاح فاغتنم الفرصة لتتحدث معه في هذه الفضيلة وتتفقا على خطوات عملية للتدرب عليها ..
ـ نمِّ في نفسه وازع (المراقبة لله).. فتدعوه نفسه للمعصية فيخالفها.. راقبه وهو يفعل ذلك.. تدخل عند الحاجة.. وكافئه على نجاحه .
ـ علمه الصبر على رغبات النفس... بالتدريج.. ومن الأصغر إلى الأكبر... حين يجوع أو يشتد عليه الحر فيتأفف ابدأ معه فورا.. علمه أن يزيد من صبره على رغباته يوما بعد يوم .
ـ دربه على العفو عند المقدرة... منذ صغره وبالتدرج المناسب... فيعفوا عن زلات إخوانه وأخواته، ونكافئه على ذلك... كن قدوة له فاعف عن بعض زلاته .
ثانيا: ارفع مستوى همته وسمو أهدافه :
خطوتك التالية في زرع "الرجولة" في نفوس أبنائك هو أن ترفع من هممهم، وتسمو بأهدافهم إلى معالي الأمور، وتبتعد بها عن سفاسفها.. هيا لنبدأ معا :
ـ لا ترض من أبنائك إلا بالنتائج القصوى التي تناسب قدراتهم... إن كان في مقدور ابنك أو ابنتك أن يكون الأول على صفه في المدرسة، فلا ترض أن يكون الثاني... وإن كان يستطيع حفظ حزب من القرآن في الشهر، فلا تسمح أن يحفظ أقل .
ـ شجعه دائما للوصول إلى القمة... اجعل كلماتك إيجابية.. "أن تستطيع" "إن قدراتك كبيرة" "أنت أذكى طالب في مدرستك"... كافئ عند النجاح، وساند عند الإخفاق.. افتخر به أمام الآخرين في مجالات تميزه .
ـ شجعه على المشاركة في المسابقات والمنافسات في المجالات المختلفة... ساعده ليفوز في البداية، ثم اتركه واستمتع بشعور السعادة والفخر حين يجتهد وحده ويفوز .
ـ تدارس معه قصص أصحاب الهمم، وعلمه من الآيات والأحاديث ما يرفع همته، وحفظه من الأشعار ما يسمو بأهدافه (ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر ).
ـ احمه من سفاسف الأمور... كن قدوة له في ذلك.. وردد عليه دائما أننا نترفع عن التفاهات، حتى وإن رأيناها من حولنا.. لا بأس باللهو واللعب والمرح.. في وقته وبقدره... لكن "الرجال" لا يعيشون للمتعة، ولا يفنون أعمارهم في اللهو واللعب .
ثالثا: علم ابنك الشجاعة و الجرأة :
لا تكتمل التربية على "الرجولة" دون أن ننمي في أبنائنا - ذكورا وإناثا- خلق الشجاعة والجرأة في مواضعها؛ إذ ليس هناك "رجل" يجبن عند المواجهة، ويفر عند النزال ..
ـ كن قدوة له.. إن موقفا واحدا يراك فيه طفلك تتحلى بالشجاعة في أدب، وتتسم بالجرأة في مواضعها، أبلغ من ملئ الأرض نصائح وتوجيهات...أحذر أن تتخاذل أمام أبنائك عن نصرة مظلوم أو دفع جور.. إن ذلك يقضي على معاني الرجولة فيهم .
ـ علمه مواطن الشجاعة التي عليه الإقدام فيها... وعرفه كيف يفرق بينها وبين مواطن الحكمة التي عليه السكوت فيها.. اجعل هذا واضحا جدا في نفسه .
 علمه آداب الشجاعة.. كيف يقول الحق بأدب، وكيف يدفع الظلم دون تعدي أو إيذاء .
ـ قص عليه قصص الشجعان.. وحفظه من القرآن والسنة والشعر ما يشوقه إلى الشجاعة... تدارس معه سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -أشجع الخلق- وأصحابه الفرسان .
ـ لا تقبل منه مواقف الجبن.. ارفض بشدة.. ادفعه إلى التصرف الشجاع دائما.. حين يتعدى عليه طفل آخر فيضربه، شجعه على الدفاع عن نفسه، حين يظلمه مدرسه، شجعه على الدفاع عن حقه.. لا تقبل أن يكون ابنك جبانا مهما كلفك الأمر .
ـ اصنع معه مواقف التحدي.. شجعه على خوض غمار المنافسات.. سانده في تحديه لمن يفوقه سنا ومقدرة... واستمتع بعلامات الفخر على وجهه حين ينجح .
رابعا: نمِّ في نفسه العزة والإباء :
لتجعل من ابنك أو ابنتك "رجالا" لابد أن تنمي فيهم عزة النفس، وإباء الظلم والإهانة... فوضيع النفس الذي يقبل الإهانة ويستمرئ الظلم والهوان، لا يصلح أن يكون "رجلا ".
ـ كن عزيز النفس... ارفض الظلم ورده.. لا تقبل الإهانة أبدا.. إنك إن فعلت ذلك كنت قدوة لأبنائك.. وتلك هي أولى خطواتك لصنع "الرجال ".
ـ أحذر أن تذل ولدك... إن طفلا تعود أن يذله أبواه لن يكون أبدا عزيز النفس أبيا... لا تلجئ ولدك لأفعال ذليلة خشية العقاب أو الضرب، أو طمعا في الثواب أو المدح.. لا تدفعه إلى الاعتذار عن أخطاء لم يرتكبها.. أحذر ثم أحذر ثم أحذر .
ـ لا تقبل منه مواقف الذل... شجعه على رفضها ودربه على التعامل معها... إن أهانه أحد فسكت، فشجعه على رفض الإهانة من أي أحد مهما كان.. علمه كيف يفعل ذلك بأدب دون تعدي.. سانده ودافع عنه وكن معه عند الحاجة .
خامسا: ساعده ليكون صادقا.. وفيا :
وهما صفتان لازمتان لمن يريد أن يكون "رجلا"... قدم لأبنائك كل مساعدة ممكنة ليصبح كل واحد منهم صدوق اللسان، صادق الوعد... ابدأ الآن :
ـ كن صادقا وفيا... فأنت قدوة لأبنائك يترسمون خطاك ويتبعون سبيلك... حين يكذب الأب أو الأم، وحين يعد أحدهما فلا يوفي بوعده... فهذا أول خطوة للأبناء في طريق الكذب والغدر.. فأحذر .
ـ حدث أبناءك عن الصدق والوفاء.. بيِّن منزلة هذه الأخلاق في الإسلام.. وضح عاقبة الكذب والغدر والخيانة في الدنيا والآخرة.. قصص عليهم من القصص ما يرغبهم في الصدق والوفاء .
ـ لا تقبل أبدا الكذب من أي أحد مهما كانت الظروف.. كافئ عند الإحسان وعاقب عند الإساءة.. كن حازما وأكد دائما أن لا مكان لكذوب عندك .
ـ درب أبناءك على الوفاء بالوعد.. قدم لهم يد المساعدة ليوفوا بوعودهم لك ولأمهم وللآخرين.. احرص على مكافأة من ينجح ومدحه أمام الآخرين .
سادسا: علِّمه الشهامة.. وبذل العون :
هذا الخلق العملي من أخلاق "الرجال" لا يمكن أن يكتسب إلا بالتدريب.. ولا يتقن إلا بالصبر والمصابرة... احرص أن تدرب أبناءك عليه لتصنع منهم "رجالا ".
ـ حدثهم دائما عن فضيلة معونة الآخرين... احك لهم قصصا حول هذه الفضيلة.. اسرد من سيرة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- وأصحابه، ومن الواقع من حولك .
ـ كن قدوة لهم... اغتنم الفرص وقدم أمامهم المعونة للآخرين.. لا تتخاذل أمام أبنائك عن مساعدة الآخرين... قدم لهم هم المساعدة لاسيما عند الحاجة .
ـ أشركهم معك في مساعدة الآخرين.. اجعل ابنك يساعدك في بذل بعض الوقت والجهد لتقديم المعونة للمحتاجين... صمم مشروعا لعون المحتاج تتشارك فيه الأسرة كلها .
ـ كافئ من يقوم ببذل النفس والمال والجهد في معونة الآخرين ومساعدتهم وقضاء حوائجهم.. زد في المكافأة إذا كان ذلك بغير مسألة من الآخرين .
سابعا: أعطه قدره.. واحترامه :
أحذر أن تمتهن أبناءك أو تحط من أقدارهم... لاسيما أمام بعضهم البعض وأمام الآخرين... أعطهم قدرهم واحترم ذواتهم... فهي خطوة مهمة لصنع "الرجال"... عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم والأشياخ عن يساره فقال: يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ؟.. قال: ما كنت لأوثر بفضلي منك أحدا يا رسول الله.. فأعطاه إياه" (رواه البخاري 218 ).
ـ أكثر من مدح أبنائك وقلل من ذمهم... امدحهم أمام بعضهم على كل حسن، وإن أردت التأنيب واللوم فليكن على انفراد.. أكثر من مدحهم أمام الأغراب .
ـ احرص على إلقاء السلام علي أبنائك... فقد جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر على غلمان فسلم عليهم" (رواه مسلم 4031).. إن هذا يعزز في نفوسهم معاني "الرجولة".. ويعودهم على سنة إلقاء السلام، وهي فضيلة .
ـ استشر أبناءك دائما... خاصة في الأمور المتعلقة بهم... واستشر الجميع أيضا في أمور الأسرة... احرص على استشارة أبنائك الكبار في بعض أمورك الخاصة.. فالتدرب على الاستشارة والمشورة واحد من أهم عناصر "الرجولة ".
ـ كلف أبناءك ببعض المهام وتابعهم وساعدهم... كافئ عند الإنجاز وبشكل فوري... احرص أن تكون المهمة تناسب سنه وقدراته... عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: كنت غلاما أسعى مع الغلمان فالتفت فإذا أنا بنبي الله - صلى الله عليه وآله وسلم- خلفي مقبلا فقلت: ما جاء نبي الله - صلى الله عليه  وآله وسلم - إلا إليَّ... قال: فسعيت حتى أختبئ وراء باب دار، قال: فلم أشعر حتى تناولني فأخذ بقفاي فحطأني حطأة (ضربه بكفه ضربة ملاطفة ومداعبة) .
ـ استكتم أبناءك بعض أسرارك.. إن هذا يشعرهم بقدرهم عندك وينمي في نفوسهم الشعور بالرجولة... فعن أنس رضي الله عنه قال: أتى علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، قال: فسلم علينا فبعثني إلى حاجة.. فأبطأت على أمي، فلما جئت قالت: ما حبسك؟.. قلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحاجة.. قالت: ما حاجته؟.. قلت: إنها سرٌ.. قالت: لا تحدثن بسر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحدا" (رواه مسلم 4533 ).
ثامنا: وفر له القدوة... بالقصص والمشاهدة :
يبحث الطفل دائما عن قدوة... ويتعاظم هذا البحث مع بداية المراهقة... فإذا لم نقدم لهم قدوات صالحات وسيتخذ قدوات غير ذلك... والقصص من أهم ما يخلق القدوة في نفوس الأبناء .
ـ قص عليهم قصص "الرجال" من السيرة والتاريخ.. أكثر من القصص من الواقع من حولهم.. إن ذلك يعظم الشجاعة في نفوسهم، ويخلق صفة الرجولة فيهم .
 كن أنت قدوة لهم.. كوني أنتِ قدوة لأبنائك... تحذروا أن يخالف قولكم فعلكم .
ـ احرص أن يكون من حولهم قدوات لهم في الرجولة وغيرها من الأخلاق... لاسيما القريب منهم كالجد والجدة والأقارب والأصدقاء .
ـ أحذر القدوات السيئة خاصة من المشاهير في المجتمع... نبه دائما أن قدوتنا جميعا هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أصحابه التابعين.
تاسعا: تعامل مع أبنائك مثل "الرجال".
كما تعامل ابنك سيكون.. وكما تتعاملين مع ابنتك ستصبح.. هذه قاعدة عامة ومهمة في التربية... حين نتعامل مع أبنائنا على أنهم "أطفال" حتى بعد أن يصبح عمر أحدهم فوق العشرين، فإننا نقتل فيهم معاني "الرجولة".. إن المربي الحاذق يتعامل مع أبنائه "كرجال" منذ نعومة أظافرهم.. كيف؟.. دعنا نرى .
امنح طفلك "كنية": ناده منذ صغره (أبو فلان).. وناد ابنتك منذ نعومة أظافرها (أم فلان)... إن هذا ينمي الإحساس بالمسئولية، ويشعر الطفل أنه أكبر من سنة فيزداد نضجه، ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولة المعتاد.. وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكني الصغار... فعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له أبو عمير... قال: أحسبه فطيما... وكان إذا جاء قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟!" (رواه البخاري 5735)... وعن أم خالد بنت خالد قالت: أتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بثيابٍ فيها خميصة سوداء صغيرة (الخميصة ثوب من حرير) فقال: ائتوني بأم خالد... فُأتي بها تُحمل (وفيه إشارة إلى صغر سنها)... فأخذ الخميصة بيده فألبسها وقال: "أبلي وأخلقي"... وكان فيها علم أخضر أو أصفر، فقال: "يا أم خالد.. هذا سناه"... وسناه بالحبشية حسنٌ" (رواه البخاري 5375 ).
ـ أجلسه معك في مجالس "الرجال": اصحب ابنك مع في بعض مجالسك مع الرجال... خذي ابنتك معكِ إلى بعض مجالس النساء... إن هذا مما يلقح الفهم ويزيد في العقل، وهذا أيضا يحملهم على محاكاة الكبار، ويرفعهم عن الاستغراق في اللهو واللعب...وقد كان الصحابة يصحبون أولادهم إلى مجلس النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- فعن معاوية بن قرة عن أبيه قال: كان نبي الله - صلى الله عليه  وآله وسلم- إذا جلس يجلس إليه نفرٌ من أصحابه وفيهم رجلٌ له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره، فيقعده بين يديه.. الحديث (رواه النسائي في أحكام الجنائز ).
ـ علمه آداب التعامل مع "الكبار": دربه على ذلك جيدا ليكون عضوا أصيلا في مجالس الكبار وملتقياتهم... إن هذا التدريب مهم جدا حتى يتجنب ابنك الإحراج في مثل هذه المواقف .
ـ دربه على رياضة "الرجال": كالرماية والسباحة وركوب الخيل، وجاء عن أمامه بن سهل قال: كتب عمر - رضي الله عنه- إلى أبي عبيدة بن الجراح أن علموا غلمانكم العوم (رواه الإمام أحمد في أول مسند عمر بن الخطاب ).
ـ أشهدهم معك مشاهد "الرجال": كان للزبير بن العوام رضي الله عنه طفلان.. أشهد أحدهما بعض المعارك، وكان الآخر يلعب بآثار الجروح القديمة في كتف أبيه...فعن عروة بن الزبير رضي الله عنه: أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله  وسلم- قالوا للزبير يوم اليرموك : ألا تشد فنشد معك؟.. فقال: إني إن شددت كذبتم... فقالوا: لا نفعل... فحمل عليهم (أي على الروم) حتى شق صفوفهم فجاوزهم وما معه أحدٌ.. ثم رجع مقبلا فأخذوا (أي الروم) بلجامه (أي لجام الفرس) فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضُربها يوم بدر... قال عروة: كنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير.... قال عروة: وكان معه عبد الله بن الزبير يومئذٍ وهو ابن عشر سنين فحمله على فرس ووكّل به رجلا" (رواه البخاري رقم 3678 ).
عاشرا: جنِّب أبناءك الميوعة.. والدلال الزائد.. والترف :
بعض الدلال واجب -لاسيما للبنات- وبعضه مستحب.. وأكثره خطيئة... إن أعدى أعداء "الرجولة" هو الميوعة والدلال الزائد والترف... هيا لنتعرف على طريق "الرجولة" الحقة ....
ـ دلل أبناءك -لاسيما البنات والصغار- من آن لآخر.. أحذر الدلال الزائد.. ولا تدلل أبدا في مواطن الجد أو عند العتاب أو العقاب .
ـ عود أبناءك الاخشوشان في المعيشة... وجنبهم حياة الدعة والكسل والراحة والبطالة...فقد قال عمر - رضي الله عنه -: "اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم"... دربهم على ذلك كل حين .
ـ امنع أبناءك -لاسيما الذكور- من كل ما يزيد الميوعة... كالرقص والتمايل، وتسريحات الشعر، ولبس الحرير والذهب، وارتداء الملابس الشبيهة بالنساء.. وغيرها... قال مالك -رحمه الله-: "وأنا أكره أن يُلبس الغلمان شيئا من الذهب.. لأنه بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن تختم الذهب؛ فأنا أكرهه للرجال الكبير منهم والصغير" (موطأ مالك ).
ـ الاهتمام بالحشمة في الملبس منذ الصغر.. خاصة للبنات الكبيرات.. مع عدم فرض الحجاب قبل البلوغ على البنات حتى لا تمل البنت منه وتتركه حين يجب عليها .
ـ جنب أبناءك مجالس اللهو والغناء والموسيقى، فإنها منافية للرجولة ومناقضة لصفة الجد .
حاصر خالد بن الوليد كان خالد من الذين حاربوا الإسلام وكسر جيش رسول الله في غزوة أحد وكسر خالد سباعية رسول الله صلى الله عليه وآله المهم أسلم خالد وتقلد الجيش الإسلامي في زمن الخلفاء الراشدين -(الحيرة).. فاستعصت عليه... فأرسل يطلب من أبي بكر - رضي الله عنه- مددا، فما أمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمرو التميمي -رضي الله عنه-...!!.. وقال: لا يهزم جيش فيه مثله... وكان يقول: لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف مقاتل !!.
ولما طلب عمرو بن العاص  المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في فتح مصر كتب إليه: "أما بعد: فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل... على كل ألف رجلٌ منهم مقام الألف... الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد ".
ليست هذه "رجولة "
"الرجولة" وصف يمس الروح والنفس والخلق؛ فهي مضمون قبل أن تكون مظهرا؛ فابحث عن الجوهر ودع عنك المظهر؛ فإن أكثر الناس تأسرهم المظاهر ويسحرهم بريقها ...
كثيرون هم من يحبون أن يمتدحوا بوصف "الرجولة" ولكن لا يسعفهم رصيدهم منها، فيلجئون إلى أساليب ترقع لهم النقص، وتسد لهم الخلل... ويحسبون أنها الرجولة... فلنتعرف على بعض هذه "المظاهر" التي يحسبها الناس هي الرجولة... وهي ليست كذلك :
1 ـ الفتوة والقوة الجسدية: فيظهرون عضلاتهم المفتولة، ويستعرضون قوة أبدانهم أمام الناس، وكأنهم يقولون لهم "نحن رجال"... وما يدرون أنه مفهوم خاطئ للرجولة .
2 ـ محاولات إثبات الذات: التي غالبا ما يلجأ إليها الشباب المراهق، فيصر على رأيه ويتمسك به بشدة حتى تغدو مخالفة الآخرين مطلبا بحد ذاته، ظنا منه أن هذه هي الرجولة .
3 ـ المظهر الخارجي: فتجد أحدهم ينمي شاربه، ويلبس لباس الرجال، وهو يظن أن الرجولة بالمظهر، وأنه إن بدا رجلا حسبه الناس كذلك.. وهو وهم لا شك .
4 ـ التصلب في غير موطنه:والتمسك بالرأي وإن كان خطئا، والتشبث بالمواقف والإصرار عليها وإن كانت على الباطل ظنا أن الرجولة ألا يعود الرجل في كلامه وألا يتخلى عن مواقفه وألا يتراجع عن قرار اتخذه وإن ظهر خطؤه أو عدم صحته .
5 ـ القسوة على الأهل: اعتقادا أن الرفق ليس من صفات الرجولة وأن الرجل ينبغي أن
يكون صليب العود شديدا لا يراجع في قول ولا يناقش في قرار، فتجد قسوة الزوج على زوجته والوالد على أولاده والرجل على كل من حوله، مع أن أكمل الناس رجولة كان أحلم الناس وأرفق الناس بالناس مع هيبة وجلال لم يبلغه غيره صلى الله عليه وآله وسلم .
6 ـ ظلم الناس وسلب حقوقهم: اعتقادا أن الرجولة هي أن لا يملك أحد دفع ظلمك، وأنك كلما كنت رجلا كنت لغيرك أظلم .
7 ـ الممارسات الخاطئة: وهو ما يعتنقه بعض الشباب المراهق ويعتقده، فتراه يقوم ببعض الأفعال الخاطئة وهو غير مقتنع بها، لا لشيء إلا ليثبت للجميع أنه صار "رجلا"، ومن أهم هذه الممارسات :
ظاهرة التدخين لدى الناشئة والصغار .
مشي بعض الشباب مع الفتيات أو معاكستهن ومغازلتهن .
التغيب عن البيوت لأوقات طويلة .
إظهار القوة والرجولة من خلال المشاجرات والعراك مع الآخرين .
ويقول الإمام زين العابدين بن الحسين عليه السلام  بحق الأولاد :
وحق الصغير رحمته في تعليمه والعفو عنه والتسر عليه والرفق به والمعونة له .
وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره، وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه .
وأما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه، والنصيحة له فان أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه ولا قوة إلا بالله .
وحق الناصح أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك، فان أتى بالصواب حمدت الله عز وجل وإن لم وافق رجمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة، فلا تعبأ بشيء من أمره على حال ولا قوة إلا بالله .
وحق الكبير توقيره لسنه، وإجلاله لتقدمه في الإسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق، ولا تتقدمه، ولا تستجهله وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الإسلام وحرمته.وبعد أن عرفنا كيف نتعامل مع الأولاد ونربيهم ونضع فيه الحكمة والموعظة الحسنة ليكون رجال  الغد وأملنا في الكبر والجيل الذي يخدم الأمة والوطن فيما بعد فيداً بيد لتعاون ونتآخى ونشد بعضنا البعض للحفاظ على صلة الأرحام التعلق  فيما بيننا ..وكما أرجو من كل القراء ذكور وإناث أن يقروا ثواب سورة الفاتحة لمن مات على الإيمان وعلى روح أمي وأبي ومقرونة بالصلات على محمد وآل والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين .
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/15



كتابة تعليق لموضوع : الشهامة وصحة الأقوال هي الرجولة ! الحلقة الثانية والأخيرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net