صفحة الكاتب : محمد حسن الساعدي

الطفولة في العراق....الامل المفقود
محمد حسن الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المبادرة الاخيرة التي اطلقها السيد عمار الحكيم  في ضرورة الاهتمام بالطفولة العراقية ، جاءت لقرأته الواضحة لواقع هذه الشريحة المهمة والمهمشة والتي تعتبر الركيزة الاساسية في بناء وتقدم الشعوب ،فإذا اردت ان تقيم شعبا او تبني امة فيجب ان تبدأ من الطفولة ، لانك ببنائهم سوف تبني المستقبل.

البحوث والدراسات الحديثة وقفت على ان مرحلة الطفولة هي المرحلة الاهم في حياة الإنسان وإذا كان الانسان قد نشأ وامضى طفولته في بيئة لا انسانية مجردة من المشاعر والأحاسيس منبوذاً ومحتقراً ومستغلاً ومحروماً ليس من الالعاب والطمأنينة والعطف الابوي فقط بل من لقمة خبز نظيفة تسد رمقه، فأي تصرف عقلاني او عمل خيري او كلام مؤدب ينتظر من مثل هذا الشخص؟ اليس اساس الجريمة وجود طفولة تعيسة وغير سعيدة؟ اضافة الى كل هذا التعاليم والمنهج التربوي الخاطيء الذي يعتمد عليه لتعليم وتثقيف الأطفال ليس في العراق فحسب بل في الشرق الاوسط عامة، حيث تكدس اطنان من الحقد والكراهية والتعاليم السوداء مكان البراءة والأفكار البيضاء والأحلام الوردية التي يحملها الطفل ويأمل بتحقيقها يوماً، فأي مستقبل نأمله من شباب تربوا على الحقد والانتقام؟

تشير احصاءات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي الى ان عدد الاطفال الأيتام في العراق بلغ نحو اربعة ملايين ونصف المليون طفل بينهم 500 الف طفل مشرد في الشوارع، فيما تضم دور الدولة للأيتام 459 يتيما فقط!!؟، وفي ظل هذه الأوضاع الكارثية تبقى حياة الاطفال في العراق على مهب الريح دون اية ضمانات مستقبلية،الجريمة الأكبر التي حصلت في العراق على رؤوس الإشهاد، وأمام مرأى ومسمع العالم المتحضر المدافع عن حقوق الإنسان، هي اغتيال الطفولة في العراق، والتي لم يستطع أحد لحد الآن تقييم أضرارها، ومحاولة النهوض بها. فالحكومة العراقية أبت أن تتولى المسؤولية الأخلاقية والشرعية والقانونية المترتبة عليها وهي تتصدر المشهد السياسي، وانكفأت إلى نحرها تلتهم ميزات المنصب،

اليوم الطفولة في العراق تعاني من أمراض كثيرة ، لابد من إيجاد العلاج الناجع لها ، قبل فوات الأوان ، من يتم وفقدان الحنان الأبوي ، والرعاية الامومية ، على تلبية الحاجات الأساسية ، ومن تدهور الصحة النفسية ، والجسدية نظرا لمعاناة طويلة ، وحرمان من مصادر الدخل والأمان النفسي ، و عدم القدرة على إيجاد العلاج ، بسبب إجبار الأطباء على الهجرة ، او الاغتيال برصاصات طائشة ، لا تريد للعراق أن ينهض من جديد ، من رقاده المفروض عليه.

فماذا يمكننا ان نفعل لإيقاف ذلك التدهور ؟ وكيف يمكن للقلوب المخلصة للعراق ومستقبله ، أن تساهم ولو بأضعف الإيمان ، للتصدي لذلك الإصرار العجيب ، على اقتلاع أي أمل في نهوض العراق ،والعودة إلى ينابيع الخضرة من جديد ؟ أليس واقعنا الأليم هذا ، يدفعنا إلى التفكير بسبل للخلاص ؟ وكيف يمكننا إنقاذ أرواحنا ،مما يراد لها ، من يتم وتدهور ، وحرمان من الحب والحنان والأمان ، أليس من واجبنا أن نفكر ، بطرق إنقاذ طفولتنا البائسة ، من واقع شديد التعاسة ؟

في يوم الطفل العالمي وبدلا من الاحتفالات التقليدية وتوزيع الهدايا على اطفال المسؤولين على الحكومة العراقية ، ان تفكر بجدية بمستقبل الاطفال الذي هو مستقبل بلدنا، فالنظام القائم على أساس اللامبالاة لواقع الطفولة لن يستقيم يوماً إلا اذا اجتهد القائمين على السلطة في نبذ التعاليم والممارسات الخاطئة وتقديس الطفولة وإعطائها حقها المشروع لبناء مجتمع انساني ينبذ الاجرام ولا يعترف بالانتماءات القومية والدينية والسياسية وهذا لن يحدث إلا بمعاقبة المتاجرين بالأطفال مستغلين ضعفهم واحتياجهم ، ورعاية الايتام وذوي الاحتياجات الخاصة وتمويل دورهم مع مراقبة دورية لكشف المواهب الدفينة لهؤلاء الاطفال ومعاقبة المقصرين بأدائهم من المدراء والمشرفين وكشف المواهب، وتغيير النظام التربوي والتعليمي وما يتلائم والفكر الانساني متجاهلا الأحقاد مبنيا على اساس زرع الانتماء الحقيقي للطفولة في بلد الخيرات والثروات .

اقول كما قال السيد الحكيم ،،،على جميع الجهات المعنية الى تبنى هذه المبادرة والاهتمام بها ، وان  يكون لمجلس النواب العراقي موقفاً في هذا الامر من خلال تشريع قانون يحمي فيه هذه الطاقات المستقبلية المهدورة بعيداً عن الحسابات السياسية او الجهوية لانها مبادرة لكل أطفال العراق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/13



كتابة تعليق لموضوع : الطفولة في العراق....الامل المفقود
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net