صفحة الكاتب : جمال الهنداوي

هل هناك من مؤامرة؟؟
جمال الهنداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 نظرية المؤامرة ككشك الجرائد,لا بد ان نمر عليه كل يوم لنطالع العناوين حتى لو كنا نعرف الاخبار,فهي العادة,او التطبع الذي يجعلنا نتحمل الترحيب المبالغ به من بائع الصحف عندما تكون صورنا في الجريدة,ولكننا قد نجد لأنفسنا عذرا هذه المرة بعدم الاكتفاء بالنظرة العجلى المعتادة بسبب الوفرة -الزائدة عن الحد- للمعطيات التي تزدحم وتتشكل منذرة بالمزيد من الوقائع والمآلات التي قد تفضي اليها الامور مع انتشار الفلم المسيء لمقام الرسول الكريم (ص), والتي هناك العديد منها-او جلها- يصلح لكي نمارس معه هوايتنا الاثيرة في سوء الظن.
 
فمن الصعب مقاومة النفس الامارة بالبحث عن المؤامرة وسط كل تلك الشواهد التي تطل علينا برأسها في خضم هذا التسارع اللاهث الحثيث والتي قد يكون اولها الانباء التي تحدثت عن طريقة انتاج تلك اللقطات التي عرضت على انها جزء من الشريط المسيء والسرية المطلقة التي تم تصويرها من خلالها واستخدام التدليس مع الممثلين وغموض شخصية الجهة المفترضة بالانتاج والتي بدت كأنها اقرب الى تقنيات العمل الاستخباري منها الى عمل الهواة الذي يدل عليه هزال الشريط وضعفه الانتاجي وسطحيته واسفافه , وكذلك التوقيت الذي وائم بغرابة مفرطة ما بين ذكرى احداث الحادي عشر من ايلول وبين شريط بقي مرميا على قارعة الشبكة العنكبوتية لاكثر من شهرين, وهنا قد تكون الصدفة, وقد يكون تزامنه مع الانتخابات الرئاسية الامريكية صدفة ايضا, ولكن ما يثير الاهتمام-او قد تكون الريبة- حقا هو اقتصار الغضب الجماهيري –بصورته الصدامية المنفلتة –على دول الربيع العربي او تلك التي على قائمة الربيع,والاهم ,وما يجب ان نضع تحته الكثير من الخطوط, هوالتسابق الواضح للتيار السلفي في تصعيد الموقف نحو التأزيم الكامل الحارق لجميع الخطوط في الدول التي يحكم فيها الاخوان او ينشط فيها "التأخون" , مقابل سكون نفس التيار و"حضاريته"في الدول المتأسلفة او الممولة والباثة للفكر السلفي, ونحن لا نحتاج الى نظرية المؤامرة لنعرف ان حركات الاسلام السياسي لا تغضب الا بأمر ولا ترضى الا بأمر ,ولا تصعّد ولا تهادن الا بأمر..
 
هذا قد يكون بالتحديد مافهمته حركة النهضة التونسية ودفعها لاصدار" تعليمات لأنصارها بعدم تنظيم احتجاجات على الفيلم الأميركي المسيء للرسول",وهو نفس ما دفع "الجماعة"في مصر الى التراجع عن "مليونيتها"التي دعت الى تنظيمها في جميع انحاء مصر,وهو ما كانت تقصده بـ" تطور الأحداث في اليومين الماضيين",وما جعلها تأخذ التقارير التي اشارت الى وجود مؤشرات-خارج نظرية المؤامرة- الى ان الهجوم الذي استهدف القنصلية الامريكية كان مدبرا و" مخطط له مسبقًا، وأن المنفذين استغلوا بدهاء ومكر التظاهرة التي كانت محتشدة أمام مبنى القنصلية"و"أن المنفذين قاموا بما هو أشبه بالمناورات العسكرية".
 
وهنا قد يكون السؤال الاصعب حول ان كان هذا الشريط وكل تلك البراكين التي اثارها مجرد محاولة لارسال رسائل معينة الى الولايات المتحدة تتعلق برهانها السياسي والامني في دول الربيع العربي, وخطل الاعتماد على الحركات السياسية "التي كانت مكبوحة الجماح بفعل الانظمة الديكتاتورية التي اطاحت بها ثورات العام الماضي",أم هو فقرة من التسابق نحو حجز المساحات السياسية المحتدم بين الاخوان والسلفيين ,وان كان كذلك, هل سيكون هذا السجال مقدمة لحرب اسلاموية"ساخنة" للسيطرة على مساحات اكبر من الارض والرضا الامريكي المنشود.
 
والاهم,هو هل هناك"مؤامرة"مسبقة تجلت في "صناعة" الشريط او انه انتهاز لفرصة سفحتها الهدهدة المتقادمة للاحقاد والكراهية التي تعتمل في نفوس الجهات القائمة على انتاجه وترويجه.ولماذا لم يتم التعتيم عليه مثل الرسوم المسيئة بل تولت العديد من المواقع العربية مهمة تيسير الحصول عليه بيسر وسهولة تثير الظنون..
 
قد نتفق ان هذه التساؤلات قد تعتمد كثيرا على الهواجس في مقاربتها ولكنه مما لا ينكر ان هناك الكثير من المعطيات التي قد ترفعها الى مستوى الاستقراء المنطقي وان بعضها قد نصل بها الى امكانية التحقق استنادا الى تجاربنا الطويلة مع قوى الاسلام السياسي وتقنيات الانظمة الديكتاتورية المستبدة..
 
لا نملك اجابات واضحة, وقد لا نتحصل عليها قريبا, ولهذا فاننا لا نملك امام هذه التداعيات سوى ادانة اي محاولة للأساءة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وان نتمنى ان لا يؤسس على هذه الممارسة البشعة ما تستثمره القوى المعادية لحرية الشعوب في جهدها اللجوج في اختزال الاوطان واحلام الشعوب في معركتها الطويلة ضد الحرية والعدالة والمساواة.ونرجو ان لا يكون هناك من مؤامرة حقيقية وراء ما يجري.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمال الهنداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/16



كتابة تعليق لموضوع : هل هناك من مؤامرة؟؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net