صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تاملات في القران الكريم ح52سورة النساء
حيدر الحد راوي
بسم الله الرحمن الرحيم 
 
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً{1}
سورة كاملة للنساء , ولا توجد سورة للرجال , قد يحتمل هذا عدة اسباب , نذكر منها : 
1- الاحكام الشرعية الواجبة على المرأة اكثر منها على الرجل , كالحيض والنفاس وستر العورة وغير ذلك ! . 
2- المرأة في نظر بعض الحضارات وبعض الشخصيات تمثل مصدرا للشر , و الذنوب والمعاصي , لما لها وفيها من تأثير على الرجل من حيث الشهوات والافتتان وغير ذلك . 
3- غالبا ما تتغلب عوطف المرأة على تحكيم عقلها , فتكون بذلك منفذا ومرتعا لدخول الشيطان اليها , ومن ثم استغلالها لصالحه . 
                      **************************** 
كما ان في القرآن الكريم سورة كاملة تحمل اسم امرأة ( مريم ) , بينما هناك عدة سور تحمل اسماء رجال ( يونس , هود , يوسف , ابراهيم , الانبياء , لقمان , محمد ) , ولذلك عدة معاني واسباب نذكر منها : 
1- تعويضا للرجل لعدم تسمية سورة باسمه . 
2- كثرة السور التي تحمل اسماء رجال , تعني قيمومة الرجل على المرأة , واهمية دوره في الحياة .   
                   *********************************  
الملاحظ في هذه السورة المباركة قد ورد ذكر الشيطان (لع) فيها اكثر مما في غيرها , حيث ورد سبع مرات . 
                     ***********************************  
ورد في فضل سورة النساء المبارك , عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) انه قال : من قرأ سورة النساء في كل جمعة امن ضغطة القبر ( ثواب الاعمال ص 95 ) 
                     ************************************  
الملفت للنظر في الاية الكريمة انها ابتدأت خطابا عاما (  يَا أَيُّهَا النَّاسُ )  يأمر بعدة اوامر : 
1- (  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ ) : وتبين : 
أ‌) (  الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ) . 
ب‌) (  وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) . 
ت‌) (  وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء ) .    
2- (  وَاتَّقُواْ اللّهَ ) : وتوضح : 
أ‌) (  الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ ) . 
ب‌) (  وَالأَرْحَامَ ) .            
لتختتم الخطاب بــ (  إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) ! .      
 
وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً{2}
يستمر الخطاب في الاية الكريمة متضمنا عدة محاذير : 
1- (  وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ) . 
2- (  وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ) : الخبيث المال الحرام , والطيب المال الحلال . 
3- (  وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ ) .         
وتشير الى ان ذلك (  إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً ) ! .   
يروى في سبب نزول الاية الكريمة ( 2 ) ان رجلا من بني غطفان كان معه مال لابن اخيه اليتيم , فلما بلغ اليتيم طلب ماله , فمنعه عنه . ( الدر المنثور ج2 ص117 , مجمع البيان ج3 ص  5 و 6 ) .
    
 
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ{3}
هذه الاية الكريمة من ايات الاحكام الشرعية , واجمل ما يتأمل فيها , ما احتوت عليه من تنسيق وتنظيم للمجتمع . 
 
وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً{4}
هذه الاية الكريمة في طور تنظيم العلاقة الرئيسية في المجتمع , والتي تمثل اللبنة الاولى فيه , وتبين ضرورة بناء المجتمع على اسس متينة ! .
 
وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً{5}
تضع الاية الكريمة حقوقا للسفهاء , في ثلاث نقاط ( حدود ) رئيسية : 
1- (  وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا ) . 
2- (  وَاكْسُوهُمْ ) . 
3- (  وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ) : وهذا مما يجب وينبغي .         
 
وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً{6}
تضع الاية الكريمة جملة من حقوق اليتيم , وتوصي وليه به خيرا , وتحذره من التعدي على حقوقه بأي شكلا من الاشكال , وفي نفس الوقت , تضمن الاية الكريمة حقوق ولي اليتيم , (  فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ ) , فطلبت الشهادة عند اعادة مال اليتيم اليه في حال بلوغه . 
تختتم الاية الكريمة بــ (  وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً ) , ومعنى ذلك ميسرا في كتب الفقهاء والمفسرين .      
 
لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً{7}
لم تكن المرأة ترث في زمن الجاهلية , جاءت هذه الاية الكريمة لتضع للمرأة نصيبا من الميراث , لكن من غير ان تحدد مقداره . 
كان من اعتقادات العرب في الجاهلية انه لا يرث من لا يطاعن بالرمح ولا يقدر على حمل السلاح , ولا يذود عن الحريم والمال , ولهذا السبب كانوا يحرمون النساء والاطفال من الارث , بينما يورثون الرجال الذين تنطبق عليهم المواصفات المطلوبة , ولو كانوا بعيدي القربة بالمتوفى . 
 
وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً{8}
الاية الكريمة في محل لفت النظر الى الحاضرين في ذلك المكان , وتوعز بالتصرف بما يطيب الخاطر , مما يبعد قساوة القلب ويجليه , ويذهب عنه الغلظة .  
 
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً{9}
تكليف لطيف , وتوجيه جميل , ضمن نظرة مستقبلية ! . 
 
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً{10}
تصف وتبين الاية الكريمة ان من يأكل اموال اليتامى بغير حق , سيتعرض لنوعين من العذاب : 
1- الاول في الدنيا : (  إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً ) , بدلالة الفعل المضارع (  يَأْكُلُونَ ) والذي يدل على حدث يجري في الوقت الحالي ( الحاضر ) . 
2- الثاني في الاخرة : (  وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) , يدل الفعل (  سَيَصْلَوْنَ ) على حدث سوف يجري في المستقبل ( الاخرة ) ! 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/14



كتابة تعليق لموضوع : تاملات في القران الكريم ح52سورة النساء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net