إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام
محسن الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الكلام عن الانتماء القومي ليس عيبا يعاب لكن بشرط أن لا يكون داخل أطار الدين الإسلامي الحنيف لأنهما ضدان لا يجتمعان ..
كن قوميا عربيا أو عنصريا كرواتيا أو ابيضا أمريكيا أو نازيا متطرفا أو يهوديا متعصبا وأقصي من تريد أن تقصيه من أبناء جنسك ,وضع من تريد أن تضعه من أبناء دينك في سلم درجات الإنسانية الدنيا .. لكن لا تختبئ تحت رسالة الإسلام لأنها واضحة كل الوضوح في رفض أي تميز عنصري وعرقي. وكيف لها أن تميز بين بني الإنسان وهي رسالة كل إنسان على وجه هذه البسيطة.. أنها رسالة العدل والمساواة ,رسالة شعارها الأول هو أن ..كل إنسان أما أن يكون أخ لك في الدين آو نظير لك في الخلق كأسنان المشط . كما جاء في الحديث الشريف ,.ليتكلم من يريد أن يتكلم عن الفرس والروم وليرشقهم بأشد عبارات الشتم والتشهير وليدعي بدمه النبيل المقدس المختلف عن باقي دماء خلق الله . لكن عليه أن لا يقول بأن هذا من الإسلام .. تصنيف الدماء هذا خيم قرون طويلة على أوربا إلى أن تخلصت منه بدرجة ما ,لكنه في امة العرب المتخلفة فكريا وصناعيا وحضاريا ما زال مخيم عليها ..
حينما كنت طالبا صغيرا في المدرسة الابتدائية كان معلمي في التربية الدينية يقول أن العرب خير امة أخرجت للناس بنص القران الكريم, ولم اعلم بحقيقة هذه الكذبة الكبيرة آلا حين انكشف لي زيف البعث وحينها أدركت أن خير امة أخرجت للناس هي امة الإسلام وانه رسالة عالمية من يضع أمامها العنصرية العرقية فانه يمنعها عن عالميتها ويقف حجر عثرة في سبيلها ..والبعث الكافر ودعاة القومية كانوا ومازالوا من يضع العراقيل في طريق الإسلام المحمدي الأصيل..أن الدين عند الله الإسلام ..لكننا اليوم نرى تيارات مرجعية تظهر في العراق تتعلق بالعرق والعروبة مع الأسف الشديد.
عبر حجج واهية لا تصمد إمام أدنى دليل من أدلة القران والشريعة ..فالقاعدة الإلهية تقول أن أكرمكم عند الله اتقاكم ,وإذا ما أرادوا دعاة المرجعية العربية أن يستدلوا بقاعدة أفضلية العربي على غيره فعليهم أن يبطلوا دلالة الآية الكريمة أولا. ومن ثم يؤتون بقاعدة تدل إلى ما يذهبون أليه .. أو لنتنزل عن ذلك ولا نطالبهم بأكثر من استدلال فقهي أي كان قوة استدلاله يدل على أن العرق العربي شرط من شروط مرجع التقليد ..وبطبيعة الحال هم عاجزون عن ذلك لان كل الذي يقدمونه لا يصلح أن يكون دليل بأي حال من الأحوال ,لان الدين الإسلامي واضح في تعين عناصر الأفضلية أولا, ولأنه لا يتكلم بحس قومي وعرقي ؟ولان دعاة المرجعية العربية أنفسهم لا يمكنهم أن يقولوا أن العرق العربي شرط من شروط مرجع التقليد !!!ولان كل الذي يقدمونه من دلائل هو من قبيل .. أن الرسول عربي والقران عربي والأئمة عرب ولا يستطيعون أن يقدموا دليل واحد على أن الأئمة اثنوا على العرب بنحو الأفضلية بل أن الدلائل التاريخية تدل على عكس ما يذهبون أليه ,لان الاتجاه المخالف لائمة أهل البيت صلوات الله عليهم لم يجد حين التف العجم حول أئمة أهل البيت وبالأخص حول الإمام علي صلوات الله عليه غير اتجاه أثارت النعرة القومية لسحب البساط من تحت إقدام أمير المؤمنين ..هذه حقيقة تاريخية وعلى هذا النمط سار اغلب دعاة القومية العربية إلى حزب البعث المجرم .. قال لي صديق ممن يطالع مواقع دعاة المرجعية العربية .أن احدهم كتب مقالا جاء فيه لماذا يلام المرجع العربي العراقي حين يصدح بعروبته وعراقيته. لكن الجميع يسكت عن المراجع العجم ..واخذ يعدد كما يحلوا له قائمة طويلة بأسماء المراجع العجم الذين افتخروا بمدنهم ومحل ولادتهم. ثم استدل ببعض المراجع الذي صرحوا بانتمائهم العربي كضياء الدين العراقي والذي لم يلمه احد على هذا الانتماء ,هذا هو استدلالهم !!!! أن انتساب المراجع لقراهم أو مدنهم لا يعني وعلى الإطلاق بان هذا الانتساب ألمناطقي من باب الاستعلاء على الغير أو من باب التميز والانفراد لان الانتساب إلى المدينة أو البلد شيء طبيعي من اجل التميز عن الغير لتشابه في الأسماء أو العناوين وليس شيء آخر ..فهل يمكن أن يدعي أحدا أن علماء قم أفضل من علماء مشهد أو علماء النجف أفضل من علماء البصرة أو بغداد لمجرد أن هذا من قم وذاك من مشهد أو النجف أو البصرة ؟؟؟ وأتحدى الجميع أن يستدلوا بدليل واحد فقط ومن عالم أو مرجع ذيل اسمه بمدينة أو قرية أو عشيرة من اجل الاستعلاء والتمييز على الغير.. أتحدى الجميع ...أقول لماذا تحرف حتى المفاهيم العرفية والمناطقية لغايات غير جيدة ولا أقول أكثر من ذلك ..ثم أن ضياء الدين العراقي صاحب كتاب نهاية الأصول رجل من مدينة أراك الإيرانية والتي تعرف بعراق العجم جاء إلى النجف واستقر فيها ..فكيف نسبة الأخ الكاتب إلى العراق !!!
يقول السيد محمد باقر الصدر في مقدمة كتاب اقتصادنا ..أنّ القومية ليست إلاّ رابطة تاريخية ولغوية وليست فلسفة ذات مبادئ ولا عقيدة ذات أسس حيادية تجاه مختلف الفلسفات والمذاهب الاجتماعية والعقائدية والدينية. وهي لذلك بحاجة إلى الأخذ بوجهة نظر معينة تجاه الكون والحياة، وفلسفة خاصة تصوغ على أساسها معالم حضارتها ونهضتها وتنظيمها الاجتماعي...... بعبارة أخرى القومية وعاء فارغ ولا تملك شيء يجعل منها شيء ذو قيمة آلا حين تمتزج بقيم واقعية. والعرق العربي كأي قومية أخرى في هذا العالم الكبير يحتاج إلى حضارة وعلم وإبداع حتى يكون امة محترمة وعلى هذا أذا كان للعرب فخرا فان فخرهم من حلول الإسلام في أرضهم أما أذا قلبت هذه المعادلة كما يريد دعاة القومية ذلك فان الإسلام سيفتخر بالعرب !!!..
الإسلام حين حل بأرض الجزيرة العربية لم يقل للعرب انتم شعب الله المختار كما تقول اليهود عن نفسها بل قال عنهم. مَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) آل عمران..ودعاة المرجعية العربية يعرفون قبل غيرهم أن أعجميا واحد لم يكن مع رؤوس الانقلاب..ولتوضيح الفكرة أكثر أن الأمة في القران والإسلام ليست تجميع عددي لأفراد تترابط فيما بينهم وشائج تاريخية ونسبية وحضارية ..الأمة في القران هي التي تقوم على أساس أن لا اله آلا الله وتقام على أركان ومباني الدين الحنيف ولذلك وصف القران الكريم إبراهيم عليه السلام بأنه امة.. ومن هنا فان دعاة القومية هم بالواقع يخالفون الإسلام جملة وتفصيل
أن أول من أراد أن يمزق الصف المرجعي بذريعة القومية العربية هو نظام المجرم صدام التكريتي حين أوفد إلى السيد محمد باقر الصدر قدس سره عارضا عليه الدعم والمساندة من اجل مرجعية عربية عوضا عن المرجعية الإيرانية ..لكن سماحته عليه رضوان الله تعالى كان يعلم أن القبول بهذا الأمر لا يعني تحوله إلى أداة بيد النظام البعثي المجرم فقط بل يعني دق إسفين بين الشعب الإيراني والشعب العراقي وفي ذلك تحقيق لطموحات البعث المجرم. ومن هنا رفض سماحته هذا العرض رفضا قاطعا وكرر النظام البائد ذات الأمر مع السيد محمد صادق الصدر وفشل كذلك ..فكيف لمرجع يعي دوره في الحياة أن يتمسك بوسائل ما انزل الله من سلطان !!!..نعم أن أكرمكم عند الله اتقاكم ..ولم نجد في إي مصدر من مصادر الحديث وتشريعات الإسلام أن أكرمكم عند الله من كان عراقيا أو إيرانيا أو غير ذلك وليس هذا فحسب ودعونا نقدم أللغلة العربية عبر روادها ونستطلع بعض أصولهم العرقية ا ..العلامة الجواهري كان تركيا .. أبو الفتح، عثمان بن جِنّي الموصلي النحوي اللغوي وكتب التراجم نسبًا له بعد جني؛ إذ إن أباه (جني) كان عبدًا روميًّا مملوكًا.. سيبويه فارسي من أكبر النحاة الذين ظهروا في تاريخ الثقافة العربية ومن أكثر الأسماء شهرة في التاريخ العربي.. والقائمة تطول أذا ما أردنا أن نحصي الأسماء الغير عربية التي كانت خلف تطوير أللغلة العربية ..وبعد كيف تجتمع القومية العربية مع عالمية الإسلام ؟؟..أليست العنصرية العربية تصنيفا يمزق المسلمين إلى أعجمي وعربي وبالتالي لا يمكن لدين أن يكون عالميا أذا ما قسم أتباعه على أساس العرق مع أن حالة الاختلاف في اللون واللسان شيء طبيعي في الخلق ..(يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلنكم شعوبا وقبائل أن أكرمكم عند الله اتقاكم أن الله عليم خبير ) .كيف يمكن أن يدعي دعاة المرجعية العربية بعالمية الظهور المهدوي المقدس وهم متقوقعين في أطار أضيق من خرم الإبرة ؟؟..كيف يمكنهم أن يدعوا المجتمع الإنساني إلى قضية الأمام الموعود وهم يدعون التميز عن غيرهم, أليس هذا تناقضا صارخا .!!!!.وبعد أقول أن التفاخر قد يحصل ولكل قوم ما يفتخرون به فلان افتخرت العرب بأحاديث فان للفرس ما يفتخرون..
روى عن أبي جعفر عليه السلام وروى عنه الحكم بن مسكين، قال: ذكر عنده سلمان الفارسي، فقال أبو جعفر عليه السلام: لا تقولوا سلمان الفارسي، ولكن قولوا سلمان المحمدي ذلك رجل منا أهل البيت، ذكره الكشي في ترجمة سلمان
عن ثور عن أبي الغيث عن أبي هريرة قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ
وآخرين منهم لما يلحقوا بهم قال رجل من هؤلاء يا رسول الله فلم يراجع
النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا قال وفينا سلمان
الفارسي قال فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال لو كان
الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء.. كنز العمال - المتقي الهندي - ج 12 - ص 93
..وقال صلى الله عليه واله ..ألا تسألون يمم ضحكت ؟ رأيت فارسا من أمتي يساقون
إلى الجنة بالسلاسل كرها ، قيل : يا رسول الله! من هم ؟ قال : قوم من العجم يسبيهم المهاجرون فيدخلونهم الإسلام
ورد في أيضاء
رأيت غنما كثيرة سودا دخلت فيها غنم كثيرة بيض
قالوا : فما أولته يا رسول الله؟ قال : العجم يشركونكم في دينكم وأنسابكم ، ...المصدر السابق
وورد أيضا في نفس المصدر عن رسول الله ..إن لله تعالى خيرتين من خلقه: فخيرته من خلقه من العرب قريش ، ومن العجم فارس
وفي مصدر أخر جاء .. إذا أقبلت الرايات السود فأكرموا الفرس ، فان دولتكم منهم
..وفي حديث آخر .إذا أراد الله أمرا فيه لين أوحى به إلى الملائكة
المقربين بالفارسية الدرية ، وإذا أراد أمرا فيه شدة أوحى إليه
بالعربية الجهيرة يعني المبينة.. كنز العمال - المتقي الهندي- ج 10 - ص 372
هذا غيض من فيض. لكن كل هذا لا يعني أن الفرس أفضل من العرب بأي حال من الأحوال لكنه يعني ومن خلال دلالة الأحاديث والآيات القرآنية أن المعيار الإلهي هو التقوى والأيمان.ولا اعتبار للعرق والقومية ..أما أن يهيمن الفرس على المرجعية آو شيء آخر فان ذلك لا يناقش ضمن اطر العرق والقومية بل يناقش ويقوم في أطار أخر ..قد يكون اجتماعي وشرعي أو علمي وحتى سياسي. ولا يمكن أن يكون عرقي وقومي .. آما من يريد أن يتهمني بلا وطنية فأقول له أن الوطن فقهيا هو كل ارض الإسلام في شرق العالم وغربه وهذا شيء يفهمه كل مسلم . ومع ذلك ليس حراما أن يحب الإنسان وطنه الجغرافي ويدافع عنه ويواليه ويضحى من اجله, ليس هذا عيبا. العيب حين أكون مسلما وأحاول أن ابتدع مفهوما للوطن يخالف مفهوم الإسلام ..العيب أن يمزج وبصورة متعمدة بين مفاهيم أسلامية مقدسة كمفهوم المرجعية وبين مفهوم القومية التي يقف منها الإسلام موقف الرافض المستنكر ..وقبل الختام أقول يعلم الله أني كنت لأتكلم عن أي أعجمي مسلم حاول أن يرتقي بعرقه على الأعراق الأخرى إيرانيا كان أو روميا لكن الذي دعاني إلى كتابة هذه السطور هو شعارات القومية المنتشرة في عراقنا بشكل يهدد كيان الإسلام المحمدي الأصيل ولا أريد أن أتكلم عن مؤامرات وأجندات خارجية تعمل من اجل ذلك لأنه سيخرجنا عن سياق ما تقدم ..
والله من وراء القصد
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
محسن الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat