صفحة الكاتب : حمزة علي البدري

شيخ العشيرة والخيار الديمقراطي
حمزة علي البدري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لعل من بداهة القول , إن شيخ العشيرة يجب إن يتسم بمنظومة من القيم , والأعراف السامية , والمثل الراقية , ويمتلك حضورا متميزا في منطقه السليم , وأفكاره الناضجة , وقدرته العالية في فض المشاكل والنزاعات والخصومات , بتعقل وعدالة ودراية , وان يكون سباقا للخير والعطاء والمعروف , ولا يؤثر نفسه على عشيرته والآخرين , ولا يفضل عشيرته على العشائر الأخرى , فهذا هو الإيثار الحقيقي ,  الذي يجب أن يتحلى به كل شيخ باعتباره رمزا وعنوانا لعشيرته , و وجها وجيها في مجتمعه الذي يؤكد بان رأس القوم من الواجب ان يتصف بالعقل والتعقل , وبالكرم والإكرام وحسن الضيافة والصدق , والترفع عن الدنايا والموبقات , وان يكون متحدثا لبقا يدعم أقوله وأطروحاته بآيات من القران الكريم , والأحاديث النبوية , والحكم والأمثال والأقوال , وهذه من أساسيات الشيخ المتمكن الذي يفرض حضوره واحترامه . ويظل في دائرة الضوء والإعجاب .
من الملفت للانتباه والمثير للتساؤل والاستغراب , إن ظاهرة الوراثة تسلط سلطانها على المجتمع العشائري , حيث نجد أن شيخ العشيرة عندما يرحل إلى جوار ربه , فان ابنه الأكبر أو من تختاره العائلة من أبنائه يحل أوتوماتيكيا محل أبيه الراحل . وهذه الحالة تحتاج إلى وقفة نقدية صريحة وشجاعة ,  فقد يجوز أن الوالد الراحل كان بحق أهلا للشيوخية بما يتمتع به من شروط ومواصفات وامتيازات تجعله مقبولا ومعتبرا عند ( حمولته ) ومجتمعه . ولكن هذه الصفات المثلى , والمواصفات العليا قد لا تكون متوفرة عند ابن الشيخ الذي رحل من الدنيا . فهل يشترط أن يكون الابن بديلا لأبيه الفذ وهو يفتقر إلى أدنى المميزات التي تؤهله لملء الفراغ وسد الشاغر . 
إن الشيوخية ليست عقارا مسجلا في سجلات الطابو, وليست تمثالا لا يغادر موقعه , لاسيما وأننا نعيش في عصر التفتح والانفتاح , عصر الديمقراطية التي تشيع قيم احترام الرأي والرأي الأخر , وتؤكد على الانتخابات الحرة في كل مؤسسة ومنظمة وجمعية ,  فالعشيرة وهي مصغرة للدولة , وطالما أن الانتخابات هي المعيار والحكم الفيصل التي تعكس أرادة الشعب وكل الاتحادات والجمعيات والمنظمات ... فهذا ينسحب على العشائر أيضا , والتي يجب أن تتمسك بعروة الديمقراطية وتجري انتخابات لشيوخها كي يكونوا المعبرين الحقيقيين عن هموم وتطلعات وإرادة عشائرهم , وبذا نغادر قبو التخلف والوراثة المفروضة وسلطة التسلط المتوارثة ,  التي قد تفرض  شيوخا أميين ومتخلفين وعاجزين عن إدارة العشيرة . وارى أن الواقع يفرض عندما يرحل شيخ العشيرة أن يجتمع الوجهاء المتميزون فيها وان يرشح نخبة منهم ,  ثم يجري الاقتراع السري فينتخبون منهم الشيخ المتميز,  الذي نال ثقة وإعجاب واختيار العشيرة . فهذا هو الأسلوب الديمقراطي الأمثل الذي يفرز شيخا منتخبا ضمن قناعات وجدانية وثقة أكيدة بعيدة عن العواطف والمجاملات . وان ضمان مستقبل العشيرة وتميزها يكون بوحدتها وتوحدها على الشخص المؤهل الذي لا تتسرب له الطعون والاستخفافات والتهكمات , ويكون قدوة ونموذجا يقتدى , وان الشيخ الحقيقي الرائع المهاب , وحتى أذا كان منتخبا فعليه أن يتنحى ويتنازل عن موقعه أذا يجد في نفسه قصورا أو تقصيرا أو يعاني من أزمات ومشاكل صحية أو نفسية تعيق عمله العشائري والاجتماعي , فالخيار الديمقراطي لشيخ العشيرة القادر ميدانيا على قيادة العشيرة هو الأسلوب الأفضل الذي يضمن القناعة والرضا بين أفراد العشيرة , ويضمن للشيخ المنتخب الطاعة والاحترام والإعجاب , فيظل متميزا ويحتفظ بوثيقة الاعتراف والتأييد والإجماع من عشيرته التي نصبته لتوفر السمات والصفات الموجبة فيه , ولا يحق لأي فرد من أفراد عشيرته أن يعترض عليه أو يستخف به أو يتهكم ضده لأنه ( شيخ منتخب ) وهذا هو الخيار المشروع الذي ينقذ العشيرة من التسلط بالوراثة . 
 وقد أجريت حديثا مع شيخ عشيرتنا قبل أسبوع عن مواصفات الشيخ المنشود , فوافق على كل أفكاري وقناعتي , ولكنه أكد لي بان الشيخ ( حظ وبخت ) فقلت له هل الحظ والبخت مخصص لعائلة الشيخ دون سواه .    وهل أن حظكم وبختكم صادر لكم بأية ربانية .  وهل سلالتكم معصومة من الذنوب والعيوب , ومنزهة من الخطأ والسهو والزلل , وهل أن العشيرة لم يبرز بها شخص غيركم وهو صاحب حظ وبخت ؟ . 
وما هو الحظ والبخت .ز ؟ انه مجرد كلمات لم تعطي عطاءات ومنجزات , وهل له جذور عقلية أو علمية أو ثقافية ..  ؟ وهل يفرز إفرازات عملية ويقينية .. ؟ .
من لم يقتنع بهذه الأطروحات فليطرح أفكاره وآراءه والحوار والردود يجب أن تكون حضارية ومتطورة وبعيدة عن التشنج والتعصب والاستبداد . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حمزة علي البدري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/27



كتابة تعليق لموضوع : شيخ العشيرة والخيار الديمقراطي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : خليل البدري من : العراق ، بعنوان : حظ وبخت في 2011/04/05 .

ان اغلب الشيوخ العشائر الريسين هم قدوة في المجتمع العراقي اما ان تقول ان رئيس العشيرة يجب ان ينتخب فلتكن الانتخابات حرة في العراق للتتكلم بهذا ياديمقراطي اما ان تكون انتخابات ملوثة بالدنائة فقرا علا العشيرة السلام كما قرانا علا العراق السلام






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net