صفحة الكاتب : حمزة علي البدري

أضواء مكثفة على الوزارة المرتقبة
حمزة علي البدري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد انتظار مر وعسير وممض , وعبر مخاض صعب وعصيب ,  تم انتخاب السيد نوري المالكي رئيسا للوزراء ,  وتخلص الشعب من معضلة مريرة ومعقدة ومن أزمة خطيرة وشائكة .. ولقد برزت الآن مشكلة عويصة , وحالة مقلقة مشحونة بالمخاوف المزعجة , والتوقعات الرهيبة , والمفاجآت العجيبة والتساؤلات الرتيبة ,  ولعل أهم تساؤل يفرض نفسه :   هل إن السيد المالكي قادر على تشكيل الوزارة المرتقبة ..؟؟ وهل أن المكونات السياسية تقتنع بما يسند إليها من وزارات ..؟؟ وهل أن احتساب النقاط المعلنة يرضي الأطراف كافة ..؟؟ وهل بمقدور السيد رئيس الوزراء أن يحقق تأليف الوزارة خلال المدة المحددة له دستوريا , أو المدة التي حددها هو لنفسه تفاؤلياً ..؟؟ وإذا لا سامح الله أن السيد المالكي يخفق في تشكيل الوزارة فماذا سيكون الآمر والحال .. وما هو المتوقع يا ترى ..؟؟ .
حقا إن الرأي العام قد طرح وما يزال يطرح سيلا من الاستفسارات والتكهنات عن ( العقدة الأم ) تشكيل الوزارة المتوقعة والمنقذة ,  فقد غرق العراق في طوفان كبير من الهواجس والظنون والتصورات والنبوءات ,  والكل يقول هل تشرق علينا شمس الوزارة خلال المدة المعلنة ..؟؟ ... إن الإجابة اليقينية والصائبة عن كل الأسئلة المطروحة والمتوقعة تؤكد أن نجاح تشكيل الوزارة يتوقف على أساسيات رئيسية تضمن بالتأكيد النجاح المنشود بالإسراع بتأليف الحكومة إذا التزمت كل المكونات بنكران الذات والصدق والنقاء والابتعاد عن التصيد والإيقاع ,  وإذا تعانقت النوايا الصادقة وإذا تم الائتلاف الناطق ,  والتالف الصادق ,  والوفاق والاتفاق الحقيقي والمؤكد . اجل إن التعجيل في تشكيل الوزارة المنسجمة والناجحة يعتمد على فتح الصدور وعلى تنقية القلوب وصفاء النفوس والنأي عن المواقف المتصلبة والمتشنجة والتخلص من عقد الماضي وادخار لحظات الغدر ,  وسوء الظن والالتزام التام بالتصالح الحقيقي ,   والتكيف الواقعي والتجرد عن النوازع الذاتية الضيقة ,  والمآرب الشخصية والحزبية الخاصة ,  والابتعاد عن المزايدة والابتزاز, والتقيد بالبرنامج الحكومي الوطني ... نعم بهذه الاشراقات الايجابية نشكل وزارة حصينة ورصينة وبسهولة واضحة . أما أذا سادت لغة التعنت والتعصب والمطالبة والمشراطة بمنح أكثر عدد من الوزارات , وتصعيد الطلب إلى سقوف الوزرات الأمنية والسيادية , وأما إذا طفحت على المسرح عناصر معاندة وطامعة بالمزيد من المكاسب فان ذلك ينبئُ بالخراب والتخريب وتصعيد وتيرة الخلافات والاختلافات, واحتداب سوء الظن والنيات الغادرة, فهذه العتلات المعاكسة تكون مصدا وحاجزا يعيق تشكيل الوزارة المنتظرة  .
إن أماطة اللثام عن المخبأ والمستور وإعلان الحقائق بمصداقية يمنح تشكيل الوزارة دماء جديدة حارة,  ويشيد علاقات وطنية خالية من أورام الأنانية والذاتية والإيقاع , فشعبنا الذي يعيش في أزمات حادة ومتوالدة يتطلع إلى انبثاق وزارة موحدة ومخلصة تضع الله جلت قدرته والشعب والوطن أمام عيونها وتحقق المكاسب والمنجزات الملحة للمواطنين المتعبين والمهمشين .. وهذه الآمال والأحلام نعلقها على عاتق السيد رئيس الوزراء الذي يعيش في دوامة من المتاعب الجمة , والإحراج القاسي, والترضيات المطلوبة والموازنات الملحة ,ونقولها للتاريخ بان الرجل محرج ومتضايق ومثقل من بعض مطاليب بعض المكونات, وانه قد وافق على قرارات قد لم يكن مقتنعا بها ولكن واقع الحال فرض وحقق ذلك وليس بالإمكان أبدع مما كان .
إن الواقع المقلق يفرض على السيد المالكي أن يتحمل مسؤولياته الجسيمة بمزيد من الصراحة والمواجهة أمام عيون الشعب ويسرد الحقائق والسلبيات والايجابيات بكل واقعية ليطلع عليها المواطنون كي يُبريُ ذمته, وليعرف الشعب موقفه إزاء كل قضية أو قرار, وهذه هي لب ولباب وجوهر الديمقراطية .
 وان السيد رئيس الوزراء يظل تحت المجهر ومسلطة عليه أضواء مكثفة , وان الإبصار والأفكار شاخصة نحوه , وترصده بدقة هو وحزبه وان أي همسة او لمسة او حركة تصدر منه فإنها تضخم وتكبر بعدسات مكبرة, ويبقى في موقع الرصد والمراقبة والمتابعة والتقولات مادام في هذا المنصب المسحور , وان أولى مهماته الملحة أن يحصن نفسه من كل التيارات المتضاربة, ومن كل التهويشات المقصودة, لأنه مادام رئيسا للوزراء فسيظل دائما تحت المجهر .
إن اختيار الوزراء يكلفه ثقلا متزايدا ومسؤوليات ثقيلة, لان المعاير المعتمدة قد لا تتوفر بالكامل بالوزير المرشح  لأنه أضحى رقما صعبا في المعادلة السياسية , والتي تحتاج إلى وزراء مؤهلين وأكفاء ومنتجين ,وهنا أجد أن السيد رئيس الوزراء يجب أن يمنح هامشا من الحرية والتصرف في انتخاب الوزراء الذي يعتقد بأنهم يؤدون واجباتهم بكل مهارة وإخلاص واقتدار.
وان الذي نريد التأكيد عليه إن السيد المالكي لا ولم ولن يكن مملوكا لحزب الدعوة فحسب , إنما هو ملك ومملوك للشعب والوطن وهذا وسام يفتخر به لان الرجل يمتلك رؤى وأفكارا ودراية وتراكم خبرات ورأيا حصيفا يفرضه في الساعات الحرجة والمواقف الصعبة والعصيبة, ونحن على قناعة تامة بان الرجل يتصفد ويتحدد بمنظومة من القيم والالتزامات الدينية والسياسية . وينبغي ان يثبت ويبرهن للعراقيين وللعالم اجمع انه الآن ليس رئيس حزب الدعوة المجاهد بل هو رئيس جمهورية العراق العظيم, وهذا هو الشرف الاسنى والافتخار الأعلى ,فانه قد أنعتق من الحزب إلى الشعب, وانطلق من قيادة محددة الى قيادة رحبة وواسعة , ويجب أن لا يجعل مصلحة حزبه فوق مصلحة شعبه,  ولا يكدس أعضاء حزبه في مفاصل الحكومة وينسى أولئك الذين ناصروه وأيدوه وبايعوه من غير حزبه, وانه على دراية دقيقية بتعليقات وتعقيبات العراقيين على كل حالة او ظاهرة .
ان الذي أود طرحه أمام السيد رئيس الوزراء بكل الصدق والموضوعية نقطتين مهمتين بل معضلتين مدمرتين تهشم وتحطم الشعب والوطن, أولهما الرواتب وامتيازات الرئاسات الثلاث,  ورواتب الوزراء والبرلمان.  وثانيهما تضخم وترهل جهاز الدولة الذي يحتاج في هذا الظرف الصعب الى الترشيق , وان كل العراقيين يدينون بشدة ويشجبون بقوة هذا التزايد الا معقول والا مقبول بتأليف بل باصطناع واختلاق وزارات من اجل ترضية بعض القوى ( وسد احلوكهم ) وارضاء طموحاتهم , وترس جيوبهم بالدولار والدينار على حساب الشعب الصابر المنكود , فبربكم ألهذه الامتيازات انتخبناكم وبايعناكم , فوالله والله كل ما تتقاضون هو السحت الحرام .. فبالله عليك يا سيدي هل ترتضي هذه الحالات الشاذة والمستغربة وأنت المسؤول الأول عن الشعب الذي منحك ثقته وأصواته , ومنتظرا منك ان تقف موقف الرجل الرافض لكل الاشكاليات والاجراءات التي يمجها ويرفضها كل ابناء العراق , وانك تمتلك الدور الأعظم والأكبر في تصحيح كل اعوجاج وفي ردم كل هوة وفي تحقيق كل انجاز يتسق مع ارادة شعبك الجسور .
 انك يا سيدي قادر على أن تضع حدا وسدا لكل ظاهرة تتقاطع مع رغبات المواطنين , فمسؤوليتك كبيرة ومؤثرة وخلاقة وتحتاج منك إلى تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية , وردع كل عراقي يخرج عن القانون والدستور, ويتنكر لهذا الشعب الذي عانى وما يزال يعاني الويلات والمنغصات .
إن عراقنا الجريح المبتلى بمسيس الحاجة إلى وزارة تنجز مالا تنجزه الوزرات السابقة , وتحقق رغبات وطلبات المواطنين الذين يؤكدون على أن الوزير المختار يجب أن يتمتع بصفات وموصفات سامية ومطلوبة,  فينبغي بل يجب أن يكون الوزير ذا تاريخ مشرف ونظيف وذو استقامة ومواقف وطنية وسياسية واجتماعية عالية , وان يكون متميزا بمزايا سامية وشمائلا عالية, ويشهد له بالنزاهة والكفاءة والدراية والعناية والثقة والإخلاص , ويمتاز بحضور اجتماعي مرموق وبسمعة شخصية وعائلية عالية . ويمتاز بنظافة اليد والضمير وان يلتزم ويتقيد وينفذ بدقة وإخلاص البرنامج الحكومي, ويقدم الخدمات المطلوبة من وزراته ويكون شعاره الحقيقي ( اعمل لشعبي وليس لحزبي وطائفتي ) .
إن بناء الدولة المثلى والتي تنشد الأمن والتقدم والبناء والازدهار, تحتاج إلى حكومة همها شعبها ووطنها ومنجزاتها,  ولا ترتكب أي قصور او تقصير في إعمالها الأساسية , وتجابه بقوة وفاعلية كل التحديات الشرسة والإرهاب المستعر وتصنع وحدة العراق المنشودة, وتخضع للمراقبة والمتابعة والمحاسبة, فالتستر على السلبيات واعتماد سياسة الترضيات والمجاملة والمساومات والنفاق السياسي والترقيع والترهل فإنها مسامير تدق في نعش العملية السياسية .. وإننا نتضرع للباري القدير ان يسدد خطى الوزارة الجديدة ويأخذ بيدها الى مرافئ النقاء والبناء والنهوض فالسعي لعلياء مقياس لها  وبه مكانات الرجال تقاس .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حمزة علي البدري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/26



كتابة تعليق لموضوع : أضواء مكثفة على الوزارة المرتقبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net