صفحة الكاتب : محمد جواد سنبه

هِلالٌ واحِدٌ وَ أعيَادٌ ثَلاثَة.
محمد جواد سنبه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 تنويه من الكاتب: هذا الموضوع كتبته ونشرته بتاريخ 7/10/2008، ونظراً لتكرار موضوع المقال ذاته على أرض الواقع، في كل عام دون أيّ تغيير، وجدت من المناسب أنْ أعيد نشر المقال ثانية كما هو، للتذكير بمحنة المسلمين في عصر الحداثة.
   
عندما يوظف المقدس الديني، كوسيلة داعمة لموقف سياسي، عملاً بمبدأ (مكيافيلي) (الغاية تبرر الوسيلة)، تسقط السياسة فقط في نظر العارفين (النخبة) من الناس. لكن الامر مختلف تماماً في نظر عامّة الناس (وهو الأمر المحزن على الدوام) حيث يسقط في نظرهم، السياسي والمقدس الديني معاً، وهذه كارثة تاريخية سنبقى نعاني منها الآن ومستقبلاً، وستبقى تعاني منها الأجيال اللاحقة أيضاً. وخير مصداق لتحويل الدين وسيلة لخدمة السياسة، موضوع رؤية هلال شهر رمضان المبارك، وشهر شوال، وشهر ذي الحجة.
 فهذه القضية تحظى باهتمام كبير عند المسلمين، لأنَّها ترتبط بمسألة تشريعيّة مهمّة، وهي فرض التكاليف العباديّة كالصيام والحج، التي يرتبط تنفيذها برؤية هلال الشهر، الذي يختص باحدى تلك العبادات. فالرؤيّة الشرعيّة لهلال تلك الشهور، تعيّن الوظيفة العباديّة للمكلفين بها.
 والاختلاف في تحديد بداية هذه الشهور سارٍ، على مدار سنين طويلة جداً، و إهمال المسؤولين (المرجعيات الشيعيّة والسنيّة) حالة الاتفاق أصلاً، لحسم هذه القضية أمر واضح وبيّن !!. (سواءاً كان عدم الاتفاق بدون قصد، أو جرّاء حالة ترك الامور على ماهي عليه)، أو ربمّا عدم الاتفاق بينهم ناشئ بسبب تأثير الحاكم المستبدّ على البعض منهم بشكل مباشر لارتباطهم ببلاط السياسي أو حاشيته، او بشكل غير مباشر(بصورة إيحاء، تستلهمه النفوس الميّالة إلى عدم المماحكة مع الحاكم، واثارة المشاكل معه).
هذه الاسباب جعلت الأمّة الاسلاميّة تشهد هذا العام ثلاثة اعياد، وكان الاختلاف في تحديد موعدها (سنياً ـ سنياً و شيعياً ـ شيعياً و سنياً ـ شيعياً). فيوم الثلاثاء 30 أيلول  2008 حفل باعظم حالة خلاف في تحديد غرة شهر شوال. فاعلنت السعودية وتسع دول اخرى بان يوم الثلاثاء 30 أيلول  2008 هو اول يوم من شهر شوال وهو اول ايام عيد الفطر، بينما اعلنت دول اخرى ان يوم الاربعاء 1 تشرين الثاني 2008 هو اليوم الاول من شهر شوال، بينما اعلنت مرجعيات دينية ان يوم الاربعاء 1 تشرين الثاني سيكون اكمالا لعدة شهر رمضان فيصبح يوم الخميس 2 تشرين الاول اول يوم من شهر شوال. وبذلك اصبح للامّة الاسلاميّة ثلاثة اعياد فطر في شهر واحد. يحدث ذلك في زمن تبوّء فيه علم الفلك ذروة تطوره، من حيث التقنيات والمادة العلميّة ايضاً. وطالما دارت النقاشات بين الناس، حول أسباب الإختلاف في موضوع رؤية الأهلّة، والتي تنتهي دائماً بعدم اتفاق أطراف النقاش لأسباب أهمّها:
1. عدم وجود النيّة الصادقة عند بعض المكلفين برعاية هذه القضية لاتخاذ موقف واحد يحسم اصل هذا الخلاف، بسبب ارتباطهم بسياسات دول معيّنة لها مصلحة في إبقاء هذا الخلاف، بالرغم من توفر الاموال و العلماء في بلدان العالم الاسلامي (وخصوصاً الخليجيّة منها)، للتوصل لحسم هذا الخلاف.
2. نزعة بعض الدول الاسلاميّة في استثمار السبق في اعلان اول ايام العيد لاغراض سياسية، يقع في مقدمتها ارسال اشارة من دولة معيّنة الى دول العالم الاسلامي الأخرى، باعلان مرجعيّتها الدينيّة على الجميع. وبالنتيجة ستوظف هذه المرجعيّة اضافة لمصادر قوة اخرى (راس المال الضخم، الموقع الجغرافي، علاقات قوية مع طرف او اطراف القوة في العالم) لفرض سيطرة القرار السياسي لهذه المرجعيّة على باقي الدول الاخرى. اذن هذه العملية اشبه ما تكون بعملية سباق التسلح الجارية بين دول العالم، لكن هذه المرة الدين هو السلاح المتسابَق عليه.
3. الاختلاف في  الفهم الدقيق بالتفسير الموضوعي للنص الديني بخصوص هذا الموضوع.
4. إحجام الناس عن القيام بمسؤوليتهم الشخصية، معتمدين على الغير (المرجعيات الشيعيّة والسنيّة)، في اتخاذ القرار نيابة عنهم.
هذه الفراغات في المناطق المذكورة، أصبحت بؤرة تستبطن في خفاياها، النيّة السياسيّة المبيتة بالسوء، التي تستغل المقدس الديني بصورة متعمدة من قبل طرف معين، فتحشر القضية الدينية في الموقف السياسي، أو بالأصح يحمّل الموقف الفقهي الذي يخص شأناً دينياً بعداً سياسياً.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد سنبه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/20



كتابة تعليق لموضوع : هِلالٌ واحِدٌ وَ أعيَادٌ ثَلاثَة.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net