هل يمكن القول أنّنا دخلنا مجال مفاجآت قُدُرات إيران؟
محمد الرصافي المقداد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الرصافي المقداد

تفاجأ العالم باسره ما اذاعته السلطات الايرانية من خبر هامّ، افادته مصادر مطلعة، ان جهاز الاستخبارات الإيراني حصل على كمية هائلة من المعلومات والوثائق الاستراتيجية والحساسة للكيان الصهيوني، بما في ذلك آلاف الوثائق المتعلقة بمشاريعه ومنشآته النووية، ورغم أن عملية الحصول على هذه الوثائق نُفذت منذ مدة، إلا أن الكم الهائل من الوثائق، والحاجة إلى نقلها بأمان إلى داخل البلاد، تطلبا تأخير الإعلان عنها حتى تامين وصولها جميعاً إلى المواقع المحمية المنشودة.
وقال المصدر المطلع: "لقد تم تنفيذ هذه العملية الأمنية الكبرى بشكل ميداني مباشر، حيث قام العناصر البشرية التابعة لجهاز الاستخبارات الإيراني، وبطريقة أمنية دقيقة، بالحصول على هذه الوثائق من داخل مراكز حساسة تابعة للكيان الصهيوني، وتسليمها إلى جهاز الاستخبارات الإيراني." وأضاف: "إيران تقوم حاليا بعملية تصنيف وتبويب لهذه الوثائق، وسيتم في القريب العاجل نشر المزيد من المعلومات والتفاصيل المتعلقة بهذه الوثائق الاستخباراتية. لكن ما هو واضح وجليّ هو أن جهاز الموساد لم يتمكن على الإطلاق من اكتشاف أو تعقّب هذا الاختراق الأمني من قبل الاستخبارات الإيرانية."
وبحسب هذا المصدر المطلع: "إيران باتت تمتلك الآن كامل البيانات الأمنية الخاصة بكبار القادة العسكريين والضباط الأمنيين في جهاز الموساد." كما نوه المصدر الى ان "كثافة الوثائق على درجة من الضخامة، بحيث إن مجرد مراجعتها ومشاهدة الصور والفيديوهات المصاحبة لها يستغرق وقتًا طويلًا جدًا."(1)
خبر بهذه الأهمية تقوم إيران بنشره، وبهذا الأسلوب اللافت للنظر، هو قطعا ليس مجرّد دعاية إعلامية - كما يحتملها من لا يعرف إيران - من شأنها أن تنافس الدعايات الإعلامية الكاذبة، والتحريض السياسي المقصود ضدها من طرف القوى الغربية، وأذنابهم من عملاء المنطقة العربية يسوّقونه للعالم، والهدف شيطنة إيران في أعينهم،
للتذكير فإنّ ايران دخلت منذ انتصار ثورتها، وقيام نظامها الإسلامي، على منهاج أئمة أهل البيت عليهم السلام، في مواجهات متواصلة مع أعداء مشروعها الإنساني، وهم فريقين اثنين: فريق غربي حاقد على الإسلام، وإن أبدى نفاقا في سياساته الخارجية، أظهرت فيه دوله احتراما كاذبا لإسلام لا يمثل حقيقة الإسلام المحمدي، يستبطن عداوة لا يمكن أن تخفى على أحد، من خلال ممارساتها العدوانية، بشأن قضايا الأمّة الاسلامية الإستحقاقية كقضية فلسطين، فما عبّرت به دول الغرب بزعامة أمريكا تجاه هذه القضية، برهن على استهانتهم بها وعملهم المتواصل من أجل انهائها فلا يبقى لها ذكر بعد ذلك، فموقفهم المناصر للكيان الصهيوني لم يخفوا منه شيئا ويؤكّدون كل يوم أنّهم قد ربطوا مصيرهم بمصيره، دون خجل من شعوبهم التي بدأت تعي، وتكتشف تواطؤ حكامها مع هذا الكيان العنصري المجرم، الفاقد لأبسط القيم الإنسانية، من أجل أن يبقى الكيان الغاصب سيفا مسلطا على رقاب الشعب الفلسطيني المقاوم، يحول بينه وبين حقوقه المشروعة في تحرير ارضه كاملة.
خلال أربعة عقود ونصف من الصراع القائم بين ايران والحلف الغربي الصهيوني، بما فيه من حكام عملاء، محسوبين على الأمة الإسلامية كذبا وزورا وبهتانا، ولّد قناعة لدى الإيرانيين، بأنّه يجب عليهم أن يحصلوا على القوة الشاملة لجميع الاختصاصات، العلمية والعسكرية والاقتصادية، والاولوية القصوى التي أعطوها لنموّهم العاجل، هي تخصيص جانب هام من ميزانياتهم، لإنجاح مخططاتهم في الصناعات العسكرية، وهو ما تمّ لهم فيه تقدّم كبير فاجأ الأعداء، ودفع بهم الى محاولات متكررة لأجل عرقلته، فلم تفد العقوبات والحصار والتحريضات بشيء، وكانت التكنولوجيا النووية السلمية، هدف أمريكا والغرب من أجل السيطرة على تقدمها السريع، فحيكت المؤامرات باغتيال علماء الذرة الإيرانيين(2)، والدعايات المغرضة التي ما فتئت بين الفينة والأخرى، تتهم البرنامج النووي الإيراني على أنّ فيه ما يُسْتراب من خفايا يجب التحقق منها بشأنه، والغاية معروفة وهي كشف المزيد من المواقع الحساسة داخل ايران، عبر جواسيس (مفتشي) الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل تحديدها، وجعلها هدفا لضربات محتملة في المستقبل.
دول الغرب مدركة أن إيران لا تسعى لتحويل برنامجها النووي عسكريا، بسبب معروف متعلّق بأدبيات دينها، الذي يمنع امتلاك هذا السلاح المدمّر للحياة بصفة عامة، والنظام الإيراني مؤمن بأن أي توجّه عسكري للبرنامج النووي، يعتبر مخالفة لأحكام الدين الإسلامي، وفتوى الولي الفقيه الخامنئي واضحة في هذا الصدد، وليست مجرّد كلام للتغطية أو التمويه، والقوى الغربية بما فيها مدير وكالة الطاقة النووية رافايل غروسي مدركون لسلمية برنامج إيران النووي، ومع ذلك فهم لم ييأسوا من محاولات بلوغ أهدافهم الخبيثة تجاه إيران.
ومن أجل قطع طرق إيذاء ايران من طرف اعدائها، ما فتئت الأجهزة الاستخبارية الإيرانية الأمنية والعسكرية تتحرّك، وفق آليات وبرامج معدة سلفا، هدفها استباق معلومات ما يحضّره لها أعداؤها من مخططات، من شأنها أن تلحق ضررا ببرامجها العسكرية والاقتصادية، فلم يعجز ايران اختراق الكيان الصهيوني من الداخل، وقد ثبت ذلك من خلال اعترافات مسؤولي الكيان نفسه بتلك العمليات الاستخبارية، لكن في هذه المرّة الأمر مختلف تماما، فما أعلنت عنه ايران، صيد ثمين جدّا لا يُقَدّر بثمن، وهو بذلك الحجم المذكور على لسان مسؤولين إيرانيين، سابقة خطيرة ستؤدي حتما إلى زوال هذا الكيان الغاصب، هذا الكم الهائل سيكون له تداعيات خطيرة على كل من شملته المعلومات سواء أكان داخل الكيان أو خارجه.
عدّاد طهران المنصوب في احدى ساحاتها مؤشرا على زوال إسرائيل يعمل دون توقف، ويمضي بتؤدة نحو تاريخه المحدد، لكن هل يستبق الكيان حتفه بسوء تقديره، إيران حبلى بالمفاجآت، واستعداداتها للقيام بتحرير فلسطين يدركه الغرب تماما، وتبذل دوله جهودا جبارة وماكرة من أجل استبعاده وافشاله، بشتى السبل والأساليب منها الادعاءات والاكاذيب الإعلامية، لكنّ هيهات ان يفشلوا وعدا قطعه الله لأمّة نبيه الاكرم صلى الله عليه وآله.
المراجع
1 – ايران تكشف إحدى أكبر الضربات الاستخباراتية في التاريخ ضد الكيان الصهيوني
https://www.alalam.ir/news/7253663/
2 – بينهم علماء ذرّة ..تعرف أبرز اغتيالات العلماء والمسؤولين في ايران منذ 2010
https://www.trtarabi.com/now/B0-2010-8997148
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat