صفحة الكاتب : علي حسين الدهلكي

ماذا يفعل غلام أردوغان في كردستان ؟
علي حسين الدهلكي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 لا يمكن اعتبار زيارة وزير خارجية تركيا احمد داوود اوغلو إلى كردستان إلا استهتاراً بالأعراف والتقاليد الدبلوماسية وطغيانا تركياً يكشف عن قبح أخلاقيات الدولة العثمانية ، كما تعد استخفافا بالسيادة العراقية .
 
وهذه الزيارة ما كان لها أن تتم لولا الاستهتار والطغيان الذي وصل إليه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في التعامل مع الحكومة الاتحادية وافتعال الأزمات رغبة منه لتحقيق أضغاث أحلامه .
 
إن اوغلو لم يكن ليجرؤ على دخول الأراضي العراقية لولا تشجيع رئيس الإقليم الذي بات يتصور نفسه فوق الجميع عائدا بنا إلى أيام المقبور صدام .
كما إن اوغلو ما كان ليصل إلى الإقليم ما لم يكن يحمل في أجندته خطط للتآمر على العراق حكومة وشعباً ليعرضها أمام من ارتضى لنفسه أن يكون أداة طيعة للأتراك لتنفيذ مخططاتهم وتسليمهم كركوك .
إن البارزاني بسماحه لوزير خارجية تركيا  وعبر أراضي كردستان بزيارة كركوك ولقاء قادتها ومسؤوليها إنما أراد أن يمارس لعبة قذرة تتمثل بالضغط على الحكومة وبعث رسالة استقواء بالأتراك بخصوص حسم قضية كركوك .
 كما إن البارزاني يفضل وانطلاقا من كرهه للعرب وتحامله عليهم  أن يمنح كركوك لتركيا أو حتى إسرائيل المهم أن لا تكون لغير الأكراد  ، متوهما إنها من  ممتلكات أل بارزان ، يساعده في ذلك حالة الخلل النفسي وعقد الماضي التي ترسخت في عقليته وذهنيته.
 
إن زيارة اوغلو لكردستان وكركوك شكلت سابقة خطيرة يجب التصدي لها والوقوف ضدها بكل حزم وقوة لأنها أعطت عدة انطباعات للموقف التركي والكردي في نفس الوقت فهي :
أولا : أكدت زيف الادعاءات التركية المتمثلة بالوقوف على مسافة واحدة من جميع أبناء الشعب العراقي.
ثانيا : إن تركيا أعطت انطباعا بعملها هذا إنها كانت وما زالت تتدخل وبشكل سافر بالشأن العراقي منطلقة من عقدتها الأزلية بان العراق ضيعة تركية .
ثالثاً : إن زيارة اوغلو بطريقة لصوصية لكردستان العراق أوضح حجم التآمر الذي تقوم به تركيا ودورها القذر بعرقلة العملية السياسية ، كما كشفت عن تطرفها الداعي للفتنة الطائفية .
رابعا : إن لقاء اوغلو بالمسؤوليين والقادة في كركوك كشف حجم الخيانة التي يتمتع بها البعض ممن تبوء مناصب لا يستحقها ويجب إعادة النظر في مسؤولي تلك المواقع .
خامسا : إن زيارة أوغلو كشفت عورة البارزاني وأسقطت أخر ورقة توت يتستر بها بعد أن أصدعنا بالوطنية والحرص واتهام كل من يقف بوجه تصرفاته بالدكتاتورية .
سادسا : إن زيارة اوغلو جعلت أنصار البارزاني من باقي الكتل السياسية في موقف محرج خاصة وإنهم وضعوا بين ناريين فهم لا يستطيعوا الكلام على تركيا لأسباب معروفة ولا يستطيعوا الكلام على بارزاني وهم شركائه في الكثير من طروحاته
سابعا : إن زيارة اوغلو أحرجت عملاء تركيا من السياسيين العراقيين وهنا قد يعمد البعض للإدلاء بتصريحات خجولة لذر الرماد في العيون .
ولكن الأمر المستغرب إننا لم نشاهد إبطال الفضائيات من بعض البرلمانيين والسياسيين الذين يطلون علينا بصورة شبه دائمة لكيل التهم للحكومة لأتفه الأسباب ولكننا نجدهم يختبئون اليوم كالجرذان ولم ينبسوا بكلمة عندما يكون الأمر خطيراً ويمس شرف وكرامة الوطن .
والأشد غرابة أن نجد هنالك من يدافع عن هذه الزيارة اللصوصية والمشبوهة ويحاول مقارنتها بزيارة وزير داخلية إيران الإسلامية ناسيا عن قصد إن زيارة وزير الداخلية الإيرانية كانت بصورة رسمية ووفق الأعراف الدبلوماسية وإنها كانت موجهة لحكومة بغداد وليس حكومة الإقليم ،ولو كانت لغير ذلك لجوبهت بحملة اشد سعيرا من زيارة أوغلوا .
 ولكن مازال البعض من سياسينا لا يرتضي أن يعيش بدون النفس الطائفي والالتزام بوصايا القائد المقبور ضد إيران التي مرغت انفه بالوحل.
 
لقد سأم المواطن العراقي من تصرفات وعنجهية وغطرسة البارزاني الذي يتوهم كثيرا إذا ما ظن انه يمكن أن يصبح صداماً ثانيا لان ارض العراق لا يمكن أن يعيش فيها ثعبانا أخر اسمه صدام أو بارزان أو غير ذلك من الأسماء .
ولكن يبدو إن حراك تركيا عبر زيارة وزير خارجيتها لكردستان قد يكون ردا على زيارة وزير خارجية سوريا وليد المعلم للعراق في رسالة تحمل في فحواها معان كثيرة خاصة وان تركيا هي اللاعب رقم واحد في قضية سوريا .
وهنا العتب لا يكون على تركيا فقط بل على البارزاني نفسه الذي تصور انه أصبح قائدا له تأثيره ويستطيع أن يلعب دورا إقليميا في الساحة  الدولية وهذا احد أوهامه الكبيرة .
إن برلمانينا  لم يكونوا للأسف بمستوى الحدث في حين نرى برلمان الإقليم يحث حكومته على احتلال الأراضي المتنازع عليها  وهذه سابقة خطيرة تحمل في طياتها تأزيم الوضع وتعقيده أكثر مما هو عليه ، وهو احد إفرازات زيارة اوغلو والدعم التركي .
إننا نرى  انه بات من الواجب على البرلمان والحكومة اتخاذ إجراءات استباقية وحازمة للحد من تجاوزات واستخفاف رئيس الإقليم وبرلمانه  بشعب وحكومة العراق وتماديهم المستمر للإضرار بهما وبثروات الشعب ومقدساته وكبريائه
كما يجب أن يتخذ البرلمان والحكومة إجراءات رادعة بحق تركيا تتمثل بما يلي:
أولا: سحب السفير العراقي من تركيا وطرد القنصل التركي 
ثانيا :إيقاف كافة التعاملات التجارية مع تركيا
ثالثا : طرد الشركات التركية العاملة في العراق أو المساهمة مع شركات أخرى
رابعا : عدم منح الشركات التركية أي فرصة للاستثمار في المستقبل .
خامسا: رفع شكوى بانتهاك السيادة والأعراف الدبلوماسية ضد تركيا في الأمم المتحدة والجامعة العربية وباقي المنظمات الفاعلة .
أما بالنسبة للبارزاني فيتم التعامل معه وفق الأسس التالية :
أولا: توجيه تحذير شديد اللهجة إلى حكومة إقليم كردستان بتهمة الخيانة
ثانيا : تحذير دول العالم من مغبة التعامل مع البارزاني وبدون علم الحكومة الاتحادية
ثالثا : استقطاع كافة الأضرار التي لحقت بالعراق وشعبه جراء تصرفات البارزاني من الموازنة المقررة .
رابعا : ضرورة أن تقوم الحكومة الاتحادية بالتعامل مع البيشمركة على أساس إنها عصابات ومليشيات خارجة عن القانون وان لا يتم إعطائهم أي تخصيصات مالية تحت أي مسوغ .
خامسا : قيام سفاراتنا في الخارج من تنيه الدول المتواجدة فيها بعدم التعامل مع أي قنصلية تدعي عائديتها للإقليم وحصر التعامل مع بالسفارات العراقية التابعة للحكومة الاتحادية .
سادسا : اتخاذ إجراءات صارمة ضد الإقليم بخصوص الثروة النفطية فيه وعدم السماح بالتصرف بتلك الثروات وفق مزاج حكامها . 
سابعاً : من الضروري أن تفرض الحكومة الاتحادية سيطرتها التامة على كركوك وعدم السماح لأي جهة بالتدخل في تلك المنطقة الحساسة وخصوصا البيشمركة والأكراد لحين الانتهاء من تقرير مصيرها .
ثامنا : اعتقال أي  مسؤول من خارج العراق يقوم بالدخول إليها  أو زيارتها وبدون علم الحكومة الاتحادية واعتباره متسللا بصورة غير شرعية ويجب إخضاعه للقوانين العراقية مهما تكن الجهة التي وجهت الدعوة إليه .
 
كما يجب على الحكومة والبرلمان استدعاء وزير الخارجية والاستيضاح منه عن زيارة اوغلو والطريقة التي تمت بها  ليتم معرفة  طريقة عمل الوزارة وبأي أوامر تقتدي في تنفيذ سياسة العراق الخارجية  .
ولكننا لا نريد التسرع بالحكم على الخارجية التي لم تكلف نفسها حتى بإصدار بيان توضيحي عن ملابسات زيارة اوغلو.
كما يجب أن تقوم الحكومة  بالتصدي لكل من دافع عن هذه الزيارة تملقا وعمالة لتركيا وحكامها واستخفافا بالعراق وكرامته .
لقد آن الأوان لتوضع النقاط على الحروف والقيام بتطهير العملية السياسية من الشوائب التي علقت بها حتى لا نترك فرصة لكل من هب ودب ممن هم على شاكلة الصعلوك أوغلوا للاستهتار بأراضينا وبكرامتنا وعلينا أن نبدأ من السياسيين المتملقين لتركيا وكذلك المهرجين الذين يتصيدون الأخطاء ضد الحكومة ولكنهم بالمواقف الوطنية تراهم أما جبناء أو عملاء .
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الدهلكي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/05



كتابة تعليق لموضوع : ماذا يفعل غلام أردوغان في كردستان ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net