صفحة الكاتب : امال ابراهيم

العقول المهاجرة...خزين إحياء العراق
امال ابراهيم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا يخفى على المتلقي والمتابع لنبض الساحة العراقية وما يعتريها من تحولات وتداعيات إن من ابرز الخسائر التي أخذت تتآكل لفقدانها الثقافة الاجتماعية العامة والتي كانت نقطة التداعي الرئيسية لأعمدة البنيان الفكري والمعرفي في العراق هو سياسة أل(brain drain  ) التي تضافرت الكثير من الظروف لتعزيزها, هذه السياسة التي اعتمدت إفراغ العراق من عقوله المفكرة وقابلياته المبدعة وشخصياته الناجحة في كل مجالات الحياة ...سياسة ضاربة بالقدم ولكنها اليوم أخذت هذا المسمى لتوهم المتلقي أنها سياسة جديدة تلاءم إفرازات العولمة ومصطلحاتها الرنانة. 
نحن لا ننكر أبدا إن هذه السياسة قد انقلبت على مؤيديها من حيث لم يخططوا..فقد حافظت على هذه الجواهر وفتحت الأبواب لهذه الطاقات الخلاقة التي ما زالت تضج بالحنين إلى هذا الوطن الموجوع بآثام السياسات الباغية.
اخترنا أن نكون العين الراصدة لبعض من هذه النشاطات التي تبعث على الفخر والاعتزاز وبنفس الوقت نتمنى إن تكون جرعة تستفز وتنشط الجهات البحثية والعلمية والثقافية لأن تضطلع بدور اكبر وأكثر فاعلية لاسترداد كنزنا البشري الأثمن. وأيضا ومن خلال بيان بعض التفاصيل..من الممكن أن نغتنم النقاط الممكنة التطبيق والاستفادة من التوجه العام لخدمة المجتمع العراقي وكما يستحق.
 في كندا...أكثر من (36,000 ) مغترب عراقي, بعض منهم اختار أن يهاجر طوعا.. أما السواد الأعظم منهم فلم تترك له قساوة ظرفه خيارا آخر..الجالية العراقية في مونتريال و تورنتو وأوتاوا ومناطق أخرى متفرقة من كندا , نقلنا لنتعايش أجوائها الأستاذ موفق عبود آل مباركة, أستاذ في علم الغابات والأخشاب..هذا الاختصاص الذي قد يبدو غير مألوف اليوم, حصل على شهادة الدبلوم العالي فيه من العراق / جامعة بغداد/ معهد الغابات العالي التابع لكلية الزراعة في 1963 وبدأت هجرته خوفا على حياته حيث اعدم النظام الباغي إخوته واتى على بقية عقول العائلة وبصماتها المميزة..بدأ المشوار بجرح عميق وعقل متفتح وإرادة عراقية تتملك صاحبها تحديا للبقاء..
من خلال حديث شخصي مع الأستاذ موفق وبعد أن سألناه عن أحب الألقاب إليه قال وبشكل عفوي مبتسما..أبو سميرة!..فاستدركت قائلة ..اقصد من الناحية المهنية! فبيّن لي أن التفاعل مع الشباب والناس هي أحب المجالات إلى نفسه من خلال الإرشاد والتعليم..فكانت (أستاذ) هي الأقرب.
- من أي باب ندخل أستاذ؟ وحياتك أبوابها متعددة ولكل منها جمالية خاصة..
- من معهد أبحاث الأخشاب في أوتاوا , ففي عام 1992 وعندما كنت في نادي القسم الداخلي لجامعة أوتاوا جذب انتباهي إعلان يقول "الجالية العراقية تدعوكم لإحياء الذكرى السنوية الأولى للانتفاضة الشعبانية". وبعد عدة اتصالات قابلت الأخ عادل حسن لنجتمع بعدها مع ما يقارب 30-40 شابا عراقيا وكانوا في شوق لإحياء هذه الأمسية فسألوني عن أمكانية مشاركتي فعرضت أبياتا باللغة العامية اذكر منها:
عرسوا إخوتي بالسجن 
والتفك ترمي و ترن
ربنا لصبرنا يمتحن
والظالم للكل يمتهن
....
بالغبشة دكّوا عالباب 
رادَو بهاء الحباب
....
أبو حسن سمع صياح
الصوت غريب ونيّاح
طلع يستفسر يرتاح
شافة عريف شرطة أمن
...
ليش تعذّبني يسجّان
مالي عداوة وية فلان
تب لله.. إليه راجعون
...
ياناس لله توبوا 
ولدعوته استجيبوا
اصحوا من البنج لاتهابوا
ربنه يحمينه ويمنّ
...
عرسوا أحبابي بالجنان
الملائكة تسبح الرحمن
زوجاتهم حور العين
نعم النسيب والقرين
***
فنالت استحسان الحاضرين وتلتها قراءات أخرى..
كانت من ابرز معالم تلك الفترة تعرفي على الشيخ محمد مهدي الناصري رئيس مؤسسة (أهل البيت) في مونتريال ومنها كانت المشاركات أوسع في الأمسيات العراقية التي حرصت الجالية على إقامتها هناك وكانت من أجمل العروض المسرحية التي قدمناها هي..(رياضة العسكري ) وكانت تمثل موقف شواريسكوف في حرب الخليج وتناولنا الموضوع بشكل تعليق على لعبة كرة الطائرة! وتوالت الأعمال.. اذكر منها (خيمة صفوان) و( القلب النابض) التي تناولت شخص المفكر الفذ محمد باقر الصدر رحمه الله. وتناولت أخرى موضوع تجفيف الأهوار.
- هل كنتَ مؤلفا لهذه الأعمال؟
- فقط بعض الأجزاء..كنت المخرج المسرحي والمدرب للممثلين.
- لاحظت من خلال الحديث أن معظم المؤسسات تتشح بطابع ديني من حيث التسمية والتأسيس بالرغم من أنهم يتمتعون بقدر عالي من التمازج مع الثقافات والانفتاح على العقائد الأخرى, فلمَ هذا التأكيد على التسميات الدينية ؟
 - هذا صحيح لكن  أحب أن أوضح أن هذه المؤسسات معتدلة وتخضع مناهجها الأكاديمية في المدارس التابعة لها إلى قوانين المحافظة المتواجدين فيها وأيضا هنالك الكثير من المؤسسات الثقافية العراقية العامة التي تؤكد على إظهار الثقافة والتراث العراقي بشكل شمولي ولكل الأطياف, والمؤسسون لا ينحصرون ضمن الإطار الديني ولكن شاءت الصدفة أن يكون تعاملي معهم بشكل موسع.. وكنت دائما أركز على إضفاء مسحة المرح والاعتدال لتكون السبيل الأضمن لإيصال قضيتنا ولتكون لها وقع طيب في نفس المتلقي..
- أليس للفن التشكيلي والأزياء والمقام العراقي نصيب في نشاطات الجالية العراقية؟ 
- بالتأكيد فهنالك المهرجان السنوي للتراث العراقي الذي تقيمه جمعية الصداقة العراقية الكندية في أونتاريو –The Iraqi Canadian Society of Ontario-, وهذه شملت الفلكلور العراقي لكافة الأطياف ومعارض للفن التشكيلي لفنانين عراقيين وأمسية شعرية شاركتُ أنا شخصيا فيها في 2007 ..واذكر أن مؤسسيها عراقيون أيضا.
 ولنا وقفة لاحقة مع الجانب الآخر للأستاذ موفق عبود آل مباركة ولكن في المرة القادمة سنفتح ملف براءات الاختراع العراقية في الخارج ...ونبدأها ببراءة اختراعه في مجال مكافحة الأدغال..ما الجديد في ذلك؟...تابعونا
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امال ابراهيم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/22



كتابة تعليق لموضوع : العقول المهاجرة...خزين إحياء العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net