ضرر الفساد في أمثلة (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) (ح 31)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

مواطن يعتقد أن الحصول على مال حكومي بدون حق حلال وحصل مليون دولار، وأعتقد 100 ألف آخرون بنفس الاعتقاد وحصل كل واحد منهم مليون دولار. وأن دولة نفوسها 40 مليون نسمة يتطلب الانفاق عليهم سنويا 50 مليار دولار فكم سنة لم تستطع الحكومة انفاق أي دولار على شعبها بسبب تفكير هؤلاء المواطنين بأن الحصول على المال الحكومي حلال بدون حق؟
الجواب: المبلغ المتحصل عليه لهؤلاء 100 ألف = 1 مليون دولار ضرب 100 ألف شخص = 100 مليار دولار. يصبح عدد السنوات التي يجوع فيها الشعب بدون طعام ويمرض بدون علاج وغير ذلك من الخدمات بسبب هؤلاء الذين يحللون ويحرمون كما يعتقدون تقريبا = 100 مليار/ 50 مليار = 2 سنة.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى عن الفساد "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" (الروم 41) ذكر سبحانه ما أصاب الخلق بسبب ترك التوحيد فقال "ظهر الفساد في البر والبحر" ومعناه ظهر قحط المطر وقلة النبات في البر حيث لا يجري نهر وهو البوادي والبحر وهو كل قرية على شاطئ نهر عظيم "بما كسبت أيدي الناس" يعني كفار مكة عن ابن عباس وليس المراد بالبر والبحر في الآية كل بر وبحر في الدنيا وإنما المراد به حيث ظهر القحط بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فعلى هذا يكون التقدير ظهر عقوبة الفساد في البر والبحر قال الفراء أجدب البر وانقطعت مادة البحر بذنوبهم وكان ذلك ليذوقوا الشدة في العاجل ويجوز أيضا أن يسمى الهلاك والخراب فسادا كما يسمى العذاب سوءا وإن كان ذلك حكمة وعدلا وقيل البر ظهر الأرض والبحر المعروف والفساد ارتكاب المعاصي عن أبي العالية وقيل فساد البر قتل قابيل بن آدم أخاه وفساد البحر أخذ السفينة غصبا عن مجاهد وقيل ولاة السوء في البر والبحر. وقيل فساد البر ما يحصل فيه من المخاوف المانعة من سلوكه ويكون ذلك بخذلان الله تعالى لأهله والعقاب به وفساد البحر اضطراب أمره حتى لا يكون للعباد متصرف فيه وكل ذلك ليرتدع الخلق عن معاصيه وقيل البر البرية والبحر: الريف والمواضع الخطبة وأصل البر من البر لأنه يبر بصلاح المقام فيه وكذلك البر لأنه يبر بصلاحه في الغذاء أتم صلاح وأصل البحر الشق لأنه شق في الأرض ثم كثر فسمي الماء الملح بحرا أنشد ثعلب: وقد عاد عذب الماء بحرا فزادني * على مرضي أن أبحر المشرب العذب. "بما كسبت أيدي الناس" أي جزاء بما عمله الناس من الكفر والفسوق. وقيل معناه بسوء أفعالهم وشؤم معاصيهم "ليذيقهم بعض الذي عملوا" أي ليصيبهم الله بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوها من المعاصي "لعلهم يرجعون" أي ليرجعوا عنها في المستقبل وقيل معناه ليرجع من يأتي بعدهم عن المعاصي.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن الفساد "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" (الروم 41) كان الكلام في الآيات السابقة عن الشرك، ونعلم أنّ أساس جميع المفاسد هو الغفلة عن أصل التوحيد والتوجه نحو الشرك، لذلك فإنّ القرآن ـ في هذه الآيات محل البحث ـ يتحدث عن ظهور الفساد في الأرض بسبب أعمال الناس أنفسهم، فيقول: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس". والله يريد أن يريهم ما قدموه و "ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون". والآية الآنفة الذكر تبيّن المعنى الواسع حول ارتباط الفساد بالذنب، الذي لا يختصّ بأرض (مكّة) والحجاز، ولا بعصر النّبي صلى الله عليه وآله، بل هومن قبيل القضية الحقيقية التي تبيّن العلاقة بين الموضوع والمحمول. وبعبارة أُخرى: حيثما ظهر الفساد فهو انعكاس لأعمال الناس وفيه ـ ضمناً ـ هدف تربوي، ليذوق الناس (طعم العلقم) نتيجة أعمالهم، لعلهم ينتهون ويثوبون إلى رشدهم. ويقول بعضهم: إنّ هذه الآية ناظرة إلى القحط و(الجدب) الذي أصاب المشركين بسبب دعاء النّبي صلى الله عليه وآله على مشركي مكّة. فانقطعت المُزن ويبست الصحاري، وصار من الصعب عليهم الصيد من البحر الأحمر أيضاً. وعلى فرض أن يكون هذا الكلام صحيحاً تاريخياً، إلاّ أنّه بيان لأحد المصاديق ولا يحدد معنى الآية في مسألة ارتباط الفساد بالذنب، فهي ليست محدّدة بذلك الزمان والمكان، ولا بالجدب وانقطاع (الغيث). وممّا ذكرناه آنفاً يتّضح جيداً أنّ كثيراً من التّفاسير المحدودة والضيقة التي نقلها بعض المفسّرين في ذيل الآية غير مقبولة بأي وجه. كما فسّروا الفساد في الأرض بأنّه قتل (هابيل) على يد (قابيل)، أو أن المراد بالفساد في البحر هو غصب السفن في عصر موسى، والخضر عليهم السلام. أو أنّ المراد من الفساد في البر والبحر هو ظهور الحكّام المتسلطين الفاسدين الذين يشيعون الفساد في جميع هذه المناطق. وبالطبع فإنّ الممكن أن تكون مصاديق الآية مثل هؤلاء الأفراد الذين يتسلطون على الناس نتيجة الدنيا والمجاملة وجرّ الناس للذل، ولكن من المسلّم به أن هذا المصداق لا يعني تخصيص مفهوم الآية. كما أنّ جماعة من المفسّرين بحثوا في معنى الفساد في البحر أيضاً، فقال بعضهم: المراد بالبحر هو المدن التي إلى جانب البحر، وقال بعضهم: إنّ المراد بالبحر هو (المناطق المخصبة ذات البساتين والأثمار).
ورد ان الفساد هو الخروج بالشيء عن حدّ اعتداله، وهو ضدّ الصلاح، ويقال أصلح الشيء بعد إفساده. ومن معاني الفساد الجدب في البرّ والقحط في البحر، وعلى هذا المعنى فسّر الفساد في قوله تعالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر" (الروم 41). والفساد لفظة عامة تشمل الفساد الإداري والأخلاقي والاجتماعي والبيئي والفكري. وجاء في موقع الألوكة الشرعية عن آية الإنسان والبيئة في القرآن للدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامة: الإسلام والحفاظ على البيئة: وأرجى آية في كتاب الله تعبر عن حال البيئة اليوم وهي قوله تعالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" (الروم 41)، حيث يتضح من التدبر في الآية أربعة ملامح رئيسة: أولاً: ظهور الفساد في البر والبحر: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر" (الروم 41). ثانيًا: سبب ظهور الفساد: الناس بما كسبت أيديهم: "بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" (الروم 41). ثالثًا: انعكاس آثار الفساد سلبا على الناس: "لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا" (الروم 41).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat