كلمة امة في القرآن الكريم (أمة وسطا) (ح 2)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الوسط بين الغلو المتعصب والانحلال الالحادي وهذا ما جاء به رسول البشرية والإنسانية محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحارب الامام علي عليه السلام الغلو الخارجي وحارب الامام الحسين عليه السلام الانحلال الظالم وكلاهما عليهما السلام استشهدا من قبل هؤلاء البعيدين عن الوسطية. قوله تعالى "جعلناكم أمة وسطا" التي ابتعد عنها اتباع هذه الأمة فأصبحوا أما مغالين يصلون ليل نهار ويصومون أيامهم ولكنهم يحكمون على الاخرين بما تشتهيه أنفسهم وتم تسميتهم بالخوارج فقتلوا الخلفاء نتيجة غلوهم وبعدهم جاء المجاهرون بالفسق شاربي الخمر امام الناس والمفطرون خلال نهار رمضان وقتلوا الصلحاء ورجال الدين فخرج كل هؤلاء عن الأمة الوسط الى يومنا الحالي فتخلفت الأمة يقتل بعضها البعض
عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله عز من قائل "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ" (البقرة 143) "وكذلك" كما هديناكم إليه "جعلناكم" يا أمة محمد "أمة وسطا" خيارا عدولا "لتكونوا شهداء على الناس" يوم القيامة أنَّ رسلهم بلَّغتهم "ويكون الرسول عليكم شهيدا" أنه بلغكم، "وما جعلنا" صيرنا "القبلة" لك الآن الجهة "التي كنت عليها" أولا وهي الكعبة وكان يصلى إليها فلما هاجر أمر باستقبال بيت المقدس تألُّفا لليهود فصلى إليه ستة أو سبعة عشر شهرا ثم حول "إلا لنعلم" علم ظهور "من يتبع الرسول" فيصدقه "ممن ينقلب على عقبيه" أي يرجع إلى الكفر شكا في الدين وظنا أن النبي في حيرة من أمره وقد ارتد لذلك جماعة، "وإن" مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي وإنها "كانت" أي التولية إليها "لكبيرة" شاقة على الناس "إلا على الذين هدى الله" منهم، "وما كان الله ليضيع إيمانكم" أي صلاتكم إلى بيت المقدس بل يثيبكم عليه لأن سبب نزولها السؤال عمن مات قبل التحويل، "إن الله بالناس" المؤمنين "لرؤوف رحيم" في عدم إضاعة أعمالهم، والرأفةُ شدة الرحمة وقدَّم الأبلغ للفاصلة.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله عز من قائل "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ" ﴿البقرة 143﴾ الاُمّة الوسط: هذه الآية تشير إلى جانب من أسباب تغيير القبلة، تقول أوّلا: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً" أي كما جعلنا القبلة وسطا، كذلك جعلناكم أُمّة في حالة اعتدال، لا يشوبها إفراط ولا تفريط في كل جوانب حياتها. أما سبب كون قبلة المسلمين قبلة وسطاً، فلأن النصارى الذين يعيش معظمهم في غرب الكرة الأرضية يولون وجوههم صوب الشرق تقريباً حين يتجهون إلى قبلتهم في بيت المقدس حيث مسقط رأس السيد المسيح. واليهود الذين يتواجدون غالباً في الشامات وبابل ـ يتجهون نحو الغرب تقريباً حين يقفون تجاه بيت المقدس. أما (الكعبة) فكانت بالنسبة للمسلمين في المدينة تجاه الجنوب، وبين المشرق والمغرب، وفي خط وسط. وهذا ما يُفهم من عبارة "وَكَذلِك"، وإن كان للمفسرين آراء اُخرى في هذه العبارة لا تخلو من مناقشة. القرآن يؤكد أن المنهج الإِسلامي في كل أبعاده ـ لا في بعد القبلة فقط ـ يقوم على أساس التوازن والإعتدال. والهدف من ذلك "لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهيِداً". و(شهادة) الاُمّة المسلمة على النّاس، و(شهادة) النّبي على المسلمين، قد تكون إشارة إلى الأُسوة والقُدْوَةِ، لأن الشاهد يُنتخب من بين أزكى النّاس و أمثلهم. فيكون معنى هذا التعبير القرآني أن الاُمّة المسلمة نموذجيّة بما عندها من عقيدة ومنهج، كما أن النّبيصلى الله عليه وآله وسلم فرد نموذجيّ بين أبناء الاُمّة. الاُمّة المسلمة بعملها و بتطبيقها المنهج الإسلامي تشهد أن الإنسان بمقدوره أن يكون رجل دين ورجل دنيا أن يكون إنساناً يعيش في خضم الأحداث الإِجتماعية وفق معايير روحية ومعنوية. الاُمّة المسلمة بمعتقداتها ومناهجها تشهد بعدم وجود أي تناقض بين الدين والعلم، بل إن كلا منهما يخدم الآخر. ثم تشير الآية إلى واحد آخر من أسرار تغيير القبلة فتقول: "وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ". الآية لم تقل: يتبعك، بل قالت: "يَتَّبعُ الرَّسُولَ" إشارة إلى أن هذا الإِتباع إنما هو تسليم لأمر الله، وكل اعتراض إنما هو عصيان وتمرد على الله، ولا يصدر ذلك إلاّ عن مشرك جاهلي. وعبارة "مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ" تعني في الأصل الرجوع على مؤخر الرجل، وتعني هنا الإنتكاس والتراجع. ثم تضيف الآية: "وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى الله". لولا الهداية الإلهية، لما وجدت في نفس الإنسان روح التسليم المطلق أمام أوامر الله. المهم أن يكون الإنسان المسلم مستسلماً إلى درجة لا يحسّ معها بثقل مثل هذه الأوامر، بل يشعر بلذتها وحلاوتها. وأمام وسوسة الأعداء المضللين والأصدقاء الجاهلين، الذين راحوا يشككون في صحة ما سبق من العبادات قبل تغيير القبلة، تقول الآية: "وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ". فأوامر الله مثل وصفات الطبيب لكل مرحلة من مراحل العلاج نسخة خاصة، وكلها شافية وافية تضمن سعادة الإنسان وسلامته، والعمل بأجمعها صحيح لا غبار عليه.
جاء في صفحة ملتقى الخطباء عن فضل العلم والمعلم للدكتور ماهر بن حمد المعيقلي: أيها المُعلِّم الفاضِل: مهما كان اختِصاصُك، ومهما كان عطاؤُك في العلُوم الشرعيَّة أو التجريبيَّة، فأنت تعمَلُ عملًا جليلًا، وتقومُ مقامًا نبِيلًا، إذ تتأسَّى برسولِ الله صلى الله عليه وسلم في هِدآيةِ الخلقِ إلى الحقِّ، فمِهنتُك مِن أشرَفِ المِهَن، وأجرُها مِن أعظَم الأجُور. فهنِيئًا لك بهذا الأجرِ العظيمِ، وهنِيئًا لك بذِكرِ الله لك، وثنائِهِ عليك في الملأ الأعلَى، فكلُّ علمٍ نافِعٍ للبشريَّة فصاحِبُه مِن مُعلِّمي الناسِ الخَير، وهو مما حثَّ الإسلامُ على تعلُّمِه والعملِ به. فمسؤوليَّتُكم أيها المُعلِّمُون والمُعلِّمات عظيمة، والأمانةُ المُلقاةُ عليكُم جلِيلَة. فكُونُوا مصابِيحَ هُدى تستَنِيرُ بها عُقُولُ تلامِيذِكم، وازرَعُوا فِيهم حُبَّ دينِهم وأوطانِهم ووُلاةِ أمرِهم وعلمائِهم، وكُونُوا سدًّا مَنِيعًا أمامَ أسبابِ التطرُّف والغُلُوِّ، والمُرُونةِ والرُّعُونة، "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" (البقرة 143).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat