درّة لبنان الساطعة / 1
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أن المعنى الآخر لمقولة ( التاريخ يعيد نفسه ) هو أن ( حاضر التاريخ يصدّق ماضيه ) ، والتصديق هذا يشمل صفحات الماضي المشرقة منها والمعتمة ، بأحداثها وشخصياتها وسائر الحيثيات الأخرى .
وسيّد المقاومة وبطلها ودرّة لبنان الساطعة وشهيدها الأكبر هو آية من آيات التاريخ وشاهد عظيم على المسيرة الالهية التي رسمتها السماء ومشت خطاها جحافل الأنبياء والأولياء والمصلحين وأعطوا من أجلها كل وجودهم لكي لا تقف أو تتقهقرحتى تبلغ مرامها وتقطف ثمارها ..
ولكي لا نمرّ على هذه الآية مرور الغافلين ونكون مصداقاً لقوله تعالى [ وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ ] يوسف ١٠٥ . سنحاول في هذه السلسلة أن نقتبس شعاعاً من أشعة هذه الدرّة الساطعة عسى أن تفتح بعض أقفال قلوبنا ونتدبر ونتتبع ما ننفع به أنفسنا .. ومن الله العون والتوفيق ..
+++++
الثورات التي قضاياها حقّة ودواعيها حيّة والتي يكون على رأسها قادة عظام .. لا يمكن أن يحصرها مكان أو يطوي صفحتها زمان خاصة اذا انتهت بنجاح باهر وكانت قريبة العهد وأنها ابنة عصرها وحسناء جيلها ..
فهكذا كانت ثورة الإمام الخميني قدس سره في ايران قبل أربعة عقود ونصف .. فلشخصية الإمام ووحشية نظام الشاه وحقانية القضية ونجاحها المبهر ، أصبح لهذه الثورة صدى واسع وخاصة في العالم الإسلامي ، فحصلت صحوة إسلامية بروح ثورية على الكثير من قضايا الأمّة وتطلعات شعوبها . فهي ثورة ملهمة بحق .
وهنا لا بد من إستيعاب فارق دقيق ومهمّ ، بين أن تكون متأثراً بثورة وبقائد وبقضية حقة تعيش نفس أسباب وجودها وتتطلع لتحقيق نفس نجاحاتها وأن الارتباط بها هو ارتباط روحي وعقائدي وضروري للمحافظة على زخمها المعنوي .. وبين أن تكون تابعاً لها ومستهلَكاً في تفصيلاتها وملفاتها الخاصة .
فالتأثر بثورة الإمام الخميني وجعله قدوةً في معالجة قضايا بعض شعوبنا الإسلامية لا يعني هذا إعلان المواطنة الإيرانية والولاء السياسي لها .. يقول راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية في تونس في كتابه [ من تجربة الحركة الإسلامية في تونس ] : "جاءت الثورة الإيرانية لتعطينا بعض المقولات الإسلامية التي مكنتنا من أسلمت بعض المفاهيم الاجتماعية اليسارية... ورأينا في الثورة الإيرانية شيخاً معمماً استطاع أن يقود ثورة المستضعفين ضد نظام مستبد عميل للإمبريالية وضد طبقة رأسمالية متعفنة أهم ما قدمته الثورة الإيرانية لنا كان مقولة الصراع بين المستضعفين والمستكبرين، وهي ترجمة أخرى للصراع بين الفقراء والأغنياء للصراع الطبقي ، ولكن في إطار إسلامي أشمل وبمصطلحات إسلامية .. " .
ويقول اسماعيل الشطي وهو أحد رموز الإخوان المسلمين في الكويت في مقالة له في مجلة المجتمع الكويتية عدد 455 : "... إن محاولة تأسيس مؤسسات إسلامية في إيران تجربة تستحق الرصد كما تستحق التأييد لأنها ستكون رصيداً لأي دولة إسلامية تقوم في المنطقة إن شاء الله .. وما ذلك على الله ببعيد " .
وليس بعيداً ، فإن ما يصطلح عليه بالربيع العربي كانت شرارته من تونس ، واحترقت على إثرها ليبيا ومصر .. فهل أن ثوار هاتين الدولتين يدينون بالولاء لتونس مثلا ..!
واستطيع أن أعطي ثلاثة محاور رئيسية لثورة الإمام الخميني قابلة للتصدير وكانت وراء الإنعكاسات التي حصلت على إثرها هنا وهناك ولا زالت تستلهم روحها وتستمدّ طاقتها منها وهي :
١. العودة الى الإسلام وتحكيمه في حياتنا وقضايانا كبديل موضوعي عن الغرب الكافر .
٢. الوقوف ضد طغاة الشعوب والتصدي للأنظمة الدكتاتورية فيها .
٣. مواجهة الاستكبار العالمي ( أمريكا وحلفاءها خاصة ) .
وكل جماعة تأثرت بمحور من هذه المحاور الثلاثة ، فالصحوات الإسلامية التي ضربت أكثر الدول العربية والاسلامية وقتها أخذت المحور الأول ، وانتفاضة السيد محمد باقر الصدر قدس سره في العراق مثلاً أخذت المحور الثاني لأن العراق كان يعيش تحت وطأة نظام دموي ، وكان نصيب لبنان هو المحور الثالث حيث كان يعاني جنوبه من عدوان اسرائيلي غاشم ، فنهض بعض رجالها بمهمة مواجهة الكيان الصهيوني وكذلك مساندة فلسطين وتبنّي مسؤولية محو اسرائيل من الخارطة ، هذه البذرة الخبيثة التي زرعتها بريطانيا في منطقتنا وسقتها وأقامت عودها أمريكا .. فكان حzب الله رأس سهم هذه المواجهة وهذا المحور المقدس .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat