صفحة الكاتب : د . محمد تقي جون

رمضان والليالي المخبولة
د . محمد تقي جون

    يحلّ رمضان كريماً على العالم الإسلامي وليس ثمة من يتصرف فيه، إلا في العراق الذي حُطم أمنا واقتصاداً، ويخطط لتحطيم إنسانه بأساليب عدة. وللأسف كان رمضان الكريم فرصة لتحطيم إيمانه ومن ثمَّ تحطيمه وحرفه عن مسار الأخلاق التي تسير مع الإسلام بخطى متوازية.

    لم يعد من شك أن موضوع قطع الكهرباء فذلكة سياسية الغرض منها تحطيم اقتصاد البلد وقتل الإنسان العراقي وحمله على الإحساس بعدم احترام نفسه، وقد ردد هذا الأمر رجال الدين والوعاظ على المنابر، وسطره بتفاصيل وتحاليل رجال الفكر والسياسة، بل إن العراقي البسيط صار  يعي هذا ويصرخ به أحيان ضجره و يردده ويهمس به في جلساته غير السامرة (المتعرقة) غالباً.

وجاء رمضان، إن ربع ساعة يهدر فيها الصائم عرقاً تعادل نصف أو أكثر مدخراته وطاقته من مائه المخزون، فكيف اذا هو  يتعرق طول يومه في نهاره وليله؟ اذاً العراقيون أمام تحدٍّ: ترك الصيام والتراخي بفرض مهم جداً وبالتالي التدرج في الخروج من الإسلام، أو الثبات وصيام رمضان مضاعفٍ بالحر والعرق والألم.

    بل يجب الصبر عملاً بالواجب الديني وعملا بالواجب الوطني؛ إذ أن تحدي أعداء العراق هو واجب مقدس كالواجب الديني تماماً، ويجب الوعي وعدم العيش على السليقة الغرّة، والاستفادة من مخاضات الألم واجهاضاته والوصول سريعا إلى بلورة التجربة القاسية التي صرنا فيها بعد سقوط صنم تمنينا أن نرى بعد إزاحته وجه الله والحياة ونعيش كالناس في هذا الكوكب السعداء عدانا.

    ياه... إنها ليلة مجنونة مخبولة ملعونة تلك التي عشناها قبل أيام، إنها لا تطاق ولا يرضاها عزيز ذو كرامة في بلد الخير وموزع الخير على العالم او مسروق الخير من العالم ومن أبنائه (أبناء السوء منهم). وهكذا وأنا أعيش تداعيات تلك الليلة انطلقت كلمات فائرة متعرقة مثلي لتري العالم حجم مآسينا وما علينا تمثيله من حجم تحدٍّ لصيام شهر رمضان الكريم وطلب وجه الله الكريم ونيل رضاه..

    ودونكم هذه الليلة المخبولة:

وليلة مسَّها (قطعٌ) فخبَّلها            فطار من عينها، غضبانةً، شررُ

بدا الجنون عليها فهي حيث ترى       مشقوقة الثوب منفوش بها الشعرُ

قامت إلينا وفي أعياننا سِنَةٌ         فخنَّقتنا؛ فزاغ النوم والبصرُ

وأبدل الحال من صوت الشخير إلى      صوتِ العويلِ، فطال النوح والضجرُ

وبرهةً وإذا حجْرات منزلنا            أفران صهرٍ، وفيها نحنُ ننصهِرُ

وأنزل الماءُ، عيني وهي غارقةٌ        ظنتهُ دمعاً، ولكن ردَّها ظَهَرُ

مبلَّلين فمن رأسٍ إلى قدمٍ             عجبتُ: هل كلّ هذا الماء ندَّخرُ

وفجأةً ومهفَّات الهوا ظهرت            وهم يهزُونها هزَّاً وتعتذرُ

تقولُ قد هزَّني المرحوم جدَّكمُ      فليس هذا زماني أيها البقرُ

إني قبرت وأيامي بها انقرضتْ     وكلُّ أهلي بكلِّ الأرض قد قبروا

أنّى رضيتم بمأساةٍ ومخزية        وحمَّة الحرِّ لا تبقي ولا تذرُ

فيا أبانا عراق الخير هُمَّ  بنا       فليس في يدنا نفع ولا ضررُ

لقد غزينا بقطع الكهرباء بعقـــرِ  دارنا، إنَّه للذلُّ والصِغَرُ


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد تقي جون
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/20



كتابة تعليق لموضوع : رمضان والليالي المخبولة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net