صفحة الكاتب : جواد كاظم الخالصي

الدبلوماسيون السوريون: لماذا البداية من العراق؟
جواد كاظم الخالصي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 تفاقمت الازمة السورية ووصلت الى مراحل متقدمة بفعل التدخلات الخارجية من بعض الدول العربية ويساندها في ذلك  العديد من الدول العالمية مبدية تلك الدول الحرص الكامل على ان تخوض عملية التغيير وفقا للمنهج الذي استخدمته تلك التحالفات مع دول اخرى مثل مصر وتونس وليبيا وان كانت تختلف الاستراتيجية واسلوب التعامل وفقا للمناطق الجغرافية التي تتحرك عليها الثورات العربية او ما يسمى بالربيع العربي ولا بد من الاشارة هنا الى أن تلك الدول سواء كانت العربية منها ام الاجنبية لم تستنفر دبلوماسيتها او تحريك أساطيلها العسكرية لعيون الشعب السوري ولكنها من اجل مصالحها الاقتصادية والتأثير السياسي على مستوى المنطقة ومحيطها بشكل كامل لما تمتلكه من ثروات كبيرة وغير متناهية تعمل على ادامة سير العجلة الاقتصادية لدولهم .
اما الدول العربية الممولة لتلك التغييرات والمساهمة ماديا ولوجستيا فإن أهدافها قد تكون قريبة من تلك الاهداف في الجانب الاقتصادي عبر محاولة السيطرة على القرار العربي واحتكاره وابعاد الدول الاخرى التي يمكن ان تكون صاحبة قرار في المنظومة العربية وهي آلية لاحتواء الدول الضعيفة اقتصاديا من اجل تمرير القرارات التي يريدونها وفقا لما يرسم لهم في دوائر القرار الغربية.
في نظرة سريعة فيها الكثير من العناية والدقة عندما نمر على سيرة الثورات العربية التي انطلقت في وطننا العربي فإننا نجد ان أغلب جوانب الثورات تلك سُيّست وجُيّرت لصالح توجهات في داخل كل بلد مدعومة من دول محددة امتلكت المال والاعلام وورقة الضغط الدولي من اسقاط الانظمة العجوز في كل بلد حصل فيه التغيير ليقولوا كذبا وبهتانا ان شمس الحرية لا بد ان تشرق على تلك البلدان رأفة بأبناء شعوبهم المقهورين لكن تلك الانظمة الممولة لثورات الربيع العربي لم تسأل نفسها يوما أنها ربما تكون هي أهرم وأعجز سنا من تلك التي سقطت وتهاوت تحت تأثير صيحات شعوبها التي فقدت دفة القيادة فيما بعد وجاءهم من كان بعيدا عن تلك الثورات وتربع على رؤوس تلك الاجساد المهرولة في ساحات وميادين التحرير والغريب أن أغلب اماكن التحركات الجماهيرية تلك تسمى بالتحرير وهي الانطلاقة الى تحرير القيد وفكه لينطلق الى الحرية.
وصل الطوفان اليوم الى الدولة السورية وهي أيضا ترهلت بنظام البعث طيلة العقود الماضية لتؤول الاوضاع فيها الى ما هي عليه اليوم من تناحر وتقاتل بين الحكومة والثوار مع تواجد اللاعب الاخر وهو الاهم في المعادلة السورية تنظيم القاعدة الذي يمتلك زمام المبادرة على الارض من حيث قوة التفجيرات وعمليات القتل التي تمارسها في المناطق السورية الساخنة وهذه القوة التي تمتلكها الجماعات المسلحة على الارض لم تكن من فراغ او بشكل لا ارادي وانما جاءت بتغطية وتخطيط خارجي مرتبط بمصالح دول في المنطقة وبالذات دول خليجية تريد فرض اجندتها على الواقع العربي بأجمعه ولذلك هي تنتهج ما انتهجته في دول سابقة لها مثل تونس ومصر وليبيا لكنها وجدت هناك بعض الدول الممانعة لتلك السياسة واكثر بلد اصطدمت به العراق الذي اخذ موقفا محايدا او موقفا يراعي الاستراتيجية الامنية التي يخلفها سقوط نظام الاسد وهذا ما كان واضحا من خلال الموقف القطري والسعودي خلال مشاركتهم في القمة العربية الاخيرة في بغداد ولذلك من هنا بدأ التحدي للموقف العراقي ومحاولات سحب البساط من تحت اقدامه الثابتة في الموقف من الازمة السورية المشتعلة ولذلك لم تتوقف المحاولات وخصوصا من قبل دولة قطر التي اعلنت بشكل واضح دعمها الثورة والجماهير وحتى الجهات المسلحة مثل الجيش السوري الحر وهو ما يتيح ضمنيا الوقوف كذلك مع الجماعات المسلحة المتطرفة التي تقوم على تغير المعادلة بشكل كامل في الاراضي السورية باتجاه اخر ومنحى خطير قد يصيب المنطقة برمتها بدمار غير معروف العواقب .
عملية انشقاق اول دبلوماسي سوري في هذه الازمة يشير الى ان التحرك الدولي بات واضحا بإضعاف الاسد لأن النهاية لأي نظام سياسي من هنا تبدأ، لكون الجهات الامنية والعسكرية سهلة الانصياع وانشقاقها في متناول اليد كلما تم تقديم المحفزات لهم خصوصا اذا كان الولاء ضعيف لأي قيادة سياسية ، ولكن ما يهمنا من كل تلك الانشقاقات هو الانشقاق الدبلوماسي الاول ومن العراق تحديدا فهو يعطي بعدا سياسيا واثبات قوة الطرف المتدخل في الشأن السوري وهما الدولتين الخليجيتين ليقولا للعالم ان النظام الحاكم في العراق الذي يحاول ابقاء الاسد ونظامه لم يستطع مواجهة ما تخطط له هاتين الدولتين وان زوال النظام السوري آتي لا محالة وإلا لماذا لم نشهد انشقاق الدبلوماسيين السوريين الموجودين في الدول الخليجية وهم أولى بذلك فلا حاجة لهم الى يتم تهريبهم عبر الحدود الصحراوية ليصلوا الى دوحة قطر لاجئين سياسيين مع التأكيد على ان السفير السوري في بغداد لم يذهب الى هناك من دون تنسيق مسبق مع الدولة المضيفة له من اجل الاعلان عن بداية موت وزوال نظام الحكم في سورية وقد تكون في ذات الوقت لكمة سياسية للدولة العراقية على موقفها من تلك الازمة ، كنت اتمنى ان لا تخطوا الدولة السعودية على الاقل تلك الخطوة وتكون بذلك وللأسف تابعة في ملفاتها السياسية لدولة صغيرة جغرافيا وسياسيا بالنسبة لها والى أمد قريب كانت الند الحقيقي لها في خفايا الملفات العالمية عامة والعربية على وجه التحديد ، فالسعودية دولة جارة للعراق وكان لا بد لها من التنسيق معها فأي تأثّر بأوضاع سوريا على الساحة العراقية لا بد ان يمتد تأثيره على الساحة السعودية خصوصا مع تأزم الوضع في المنطقة الشرقية وفوهات البركان التي تجتاح مناطقها في الدمام والقطيف ، لابد من الحكمة ان كانت هناك حكمة بعيدة عن التأزيم الطائفي في المنطقة لان الكل معرّض للنار التي تلتهب على حدود الدول المحيطة ببعضها البعض.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جواد كاظم الخالصي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/19



كتابة تعليق لموضوع : الدبلوماسيون السوريون: لماذا البداية من العراق؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net