صفحة الكاتب : د . ناهدة التميمي

دولة ملوك الطوائف في العراق
د . ناهدة التميمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما رشحت لنيابة برلمان العراق تأتت لي الفرصة لادخل اماكن لم اكن اتخيلها .. دخلت قصورا وفيللاً وقاعاتًا ومكاتب كنت اشاهد بعضها او مثلها فقط في الخيال او قصص الاساطير او الافلام على اقل تقدير ..

 شاهدت كيف تقام الولائم الفارهة وشاي الزعفران ولاسراف والغدق على اجتماعات لاتغني ولاتسمن وشاهدت كيف يكب باقي الطعام وهو على حاله من سمك وخبز ورز وكباب ومحاشي ودجاج وبط وغيرها الى الاسماك في البحيرات والانهار المحيطة بقصور بعضهم .. فقد كان الحرس يقومون برمي هذه الاطعمة الفاخرة بكل برودة قلب في تلك البحيرات وكان السمك وكأنه ادمن على التوقيت والطعام الفاخر ياتي مقتربا من الحرس ويرفع رأسه بانتظار ذلك .. 

كنت اقول كم جائع يتلوى ويتلظى بحثاعن لقمة خبز يابسة في هذه اللحظة ليسد بها جوعه .. المهم  اني كنت كلما دخلت مكتب احدهم او قصره او قاعة اجتماعه ورأيت الهيلمان الذي يعيشه والحرس والقصور والسيارات التي تتكدس امام بيته او مكتبه او قاعة اجتماعه او مواكب الحراسة والراجمات والمصفحات والمدرعات التي تسير معه لحمايته  حين يحضر اجتماعا او يلقي خطابا او يعمل لقاءا او مقابلة تلفزيونية  او صحفية .. قلت كما قال ابراهيم عليه السلام ( هذا هو ربي ) بمعنى هذا هو الملك الفعلي للبلاد حتى ادخل مكتب مهم اخر او احضر اجتماعا لاخر لاجده اكثر من الاول سطوة وقوة ونفوذا وحكما وتحكما فاقول بل هذا هو ربي .. طبعا مع الاعتذار للاية الكريمة ومن ان يكون هؤلاء ارباب حتى لحراسهم 

ذات يوم دخلت مقر صحيفة لاحد الاحزاب فهالني مارايت من خدم وحشم وارائك فاخرة ومناضد صاجية وعاجية وحتى النادل الذي امره رئيس التحرير بجلب الشاي فقد جاء متوجسا خفيض الصوت يعد الخطى وهو يتقدم اليه ليساله ماذا يطلب .. لوهلة خلت نفسي في مكاتب احد القياصرة او امراء اوربا في العصور الوسطى او في دولة ملوك الطوائف في الاندلس  .. لان امراء اوربا الحاليون بسطاء ويتعاملون مع الناس وكانهم منهم .. وفكتوريا ابنة ملك السويد خير مثال على البساطة اذ اختارت ابن عامل بسيط ليكون زوجا لها 

مشكلتنا في العراق انه ليس هنالك مركز قرار واحد يمكن ان يقود البلد وبالتالي يتحمل مسؤولية النجاح والفشل .. امَا والحال مهلهلا هكذا وهنالك اماكن قرار متعددة ومتشعبة وكثيرة ,, فهناك البرلمان الذي وفي احيان كثيرة يضع العصي في الدولايب لايقاف قرارات يمكن ان تفيد المواطن ويسرع بتشريع قوانين نفعية ومصلحية لصالحه وهناك مجلس الرئاسة وله من الصلاحيات مايمكن ان يعطل بها الاخر وهناك مجلس الوزراء وله من الصلاحيات مثل نظرائه وهنالك حكومة ( اقليم كردستان ) وهي تأمر وتنهي وتصدَر وتزمجر وتعمل ماتشتهي دون رادع او وازع 

 وهناك رؤساء الاحزاب والكتل ورجال الدين المتنفذين فهم يصرحون كما يشتهون ويلتقون بمن يرغبون ويسافرون بطائرات خاصة وعامة ويستقبلون مسؤولي الدول ويعقدون الصفقات ويصرحون للاعلام بما يطيب له خاطرهم دون ان تكون عليهم رقابة او يسالهم احد باية صفة تقابلون مسؤولين امريكان او اجانب وهل الحكومة لديها علم بذلك وبما تمخض عنه الاجتماع 

ثم انه من المعروف في اية دولة ذات سيادة في العالم , اذا ادين احد اعضائها فانه اما ان يستقيل او يقال فورا ولم تعد له منافع او امتيازات او رواتب او اية صفة رسمية .. اما الهاشمي فرغم ادانته بالجرم المشهود واعتراف حمايته عليه لكننا لانزال نسمع ونقرا في الاخبار انه سافر الى الى البلد الفلاني واتفق مع البلد العلاني وهو يتكلم باسم العراق ويعقد الصفقات ويتم التعامل معه بطريقة رسمية في البلدان التي يرد عليها .. كيف ذاك .. الا يحق لنا ان نقول ان هذه هي دولة الفالتو العراقية 

 انها فوضى السفريات واللقاءات والتصريحات والارادات والتحديات من قبل رؤساء الكتل والاحزاب والنواب ورجال الدين والمسؤولين باختلاف مشاربهم ومللهم ومذاهبهم ,, وقد آن الاوان ان يكون للعراق مركز قرار واحد مثلنا مثل كل دول العالم حيث هنالك حكومة تدير شؤون البلد وهي المسؤولة عن كل شيء فيه 

 يجب الحد وبشكل قاطع وقوي من هذه الفوضى وتنظيم امور البلاد بحيث لايكون هنالك مكان تحت قبة البرلمان او الحكومة او الرئاسة لاي فاسد او مرتشي او خائن او ارهابي .. ويجب الضرب بيد من حديد على يد كل من يعرقل سير امور العباد والبلاد .. وتحجيم مراكز تعدد القرار والتصريحات  والسفريات واللقاءات الجانبية التي لاتعلم بها الحكومة 

 نريد بلدا منظما منضبطا .. لدينا الامكانيات والثروات ولاينقصنا سوى التنظيم والادارة القوية التي تمسك بكل الخيوط بيدها لصالح الناس وليس لصالح نفسها

لانريد ان يقال كان هنالك مركز قرار واحد في العراق والان اصبح لدينا الف ملك ومليون مركز قرار


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ناهدة التميمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/09



كتابة تعليق لموضوع : دولة ملوك الطوائف في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : uvhrdi ، في 2012/07/14 .

هل نسى العراقيون سرقة السوداني 100مليار دولار وعدم اعادتها للشعب ام كريم عبدالواحد او صفقة الاجهزه الكشف الباطله ووووووووووووووووو اكعد اعوج واحجي عدل




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net